شاهد بالصور.. الفنانة مروة الدولية تكتسح "الترند" بلقطات رومانسية مع زوجها الضابط الشاب وساخرون: (دي اسمها لمن القطر يفوتك وتشتري القطر بقروشك)    شاهد بالفيديو.. بشريات عودة الحياة لطبيعتها في أم درمان.. افتتاح مسجد جديد بأحد أحياء أم در العريقة والمئات من المواطنين يصلون فيه صلاة الجمعة    شاهد بالصورة.. زواج الفنانة الشهيرة مروة الدولية من ضابط شاب يقيم بالقاهرة يشعل مواقع التواصل السودانية    شاهد بالصورة.. زواج الفنانة الشهيرة مروة الدولية من ضابط شاب يقيم بالقاهرة يشعل مواقع التواصل السودانية    القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح: بدأت قواتكم المشتركة الباسلة لحركات الكفاح المسلح بجانب القوات المسلحة معركة حاسمة لتحرير مصفاة الجيلي    مصطفى بكري يكشف مفاجآت التعديل الوزاري الجديد 2024.. هؤلاء مرشحون للرحيل!    شاهد مجندات بالحركات المسلحة الداعمة للجيش في الخطوط الأمامية للدفاع عن مدينة الفاشر    إجتماع مهم للإتحاد السوداني مع الكاف بخصوص إيقاف الرخص الإفريقية للمدربين السودانيين    وزير الصحة: فرق التحصين استطاعت ايصال ادوية لدارفور تكفى لشهرين    وكيل الحكم الاتحادى يشيد بتجربةمحلية بحرى في خدمة المواطنين    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    ضربة موجعة لمليشيا التمرد داخل معسكر كشلنقو جنوب مدينة نيالا    مدير مستشفي الشرطة دنقلا يلتقي وزير الصحة المكلف بالولاية الشمالية        ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رؤية الحملة الشعبية للحقوق والواجبات في مسودة قانون الأمن الداخلي
نشر في الراكوبة يوم 17 - 05 - 2021

تناقلت الوسائط الإعلامية الرسمية والاجتماعية مسودة مشروع قانون الأمن الداخلي ضمن برامج الفترة الانتقالية لإعادة ترتيب أجهزة الدولة المدنية والأمنية بكافة مكوناتها النظامية وأكد إعلام وزارة العدل حقيقة وجود مسودة المشروع ولم تنكرها وحددت جهات ما بتقديمها للمسودة. ولأهمية البرنامج والقوانين المصاحبة له وانطلاقا من تمسكنا بمواثيقنا الثورية وإعلان مبادي الحرية والتغيير والاعلان السياسي الموقع في 6 ديسمبر 2020 والاعلان السياسي الموقع في 13 فبراير2021 دار المهندس نرى أنه من واجبنا كمواطنين سودانيين ومن المفجرين لثورة ديسمبر 2018 أن ندلي برأينا، كما هو نهجنا منذ تأسيس الحملة الشعبية في يونيو 2018 وذلك انطلاقاً من الحقوق والواجبات المستمدة من حق المواطنة الأصيل.
أنظمة الحكم:
لمناقشة مسودة مشروع قانون الأمن الداخلي وغيره من القوانين لا بد من التعرف ابتداء على نظام الحكم القائم في البلاد وطبيعته واختصاص كل من مؤسساته وأجهزته المدنية والنظامية.
على مستوى العالم توجد العديد من أنظمة الحكم، على سبيل المثال: نظام الحكم الرئاسي، نظام الحكم شبه الرئاسي ونظام الحكم البرلماني.
نظام الحكم الرئاسي:
تكون كافة الصلاحيات الرمزية والتنفيذية بيد رئيس الدولة. هذا الرئيس يجمع ما بين رمزية الدولة وسيادتها وما بين الادارة التنفيذية بوصفه رئيسها وحتى الوزراء يعتبرون سكرتارية للرئيس، وأوضح مثال للنظام الرئاسي هي الولايات المتحدة الامريكية.
نظام الحكم شبه الرئاسي:
فالسلطة التنفيذية فيه موزعة او مشتركة بين رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء الذي يعينه رئيس الدولة نفسه وغالبا ما يكون من الحزب صاحب الأغلبية الانتخابية وكمثال لذلك النظام الفرنسي.
نظام الحكم البرلماني:
وفيه يكون رئيس الدولة أو مجلسها سيادي وتشريفي كما هو الملكيات الدستورية التي لا يتمتع فيها الملوك باي سلطات غير المنصب التشريفي.
الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية لسنة 2019 تمت مناقشتها وهدفها تحقيق أن يكون مجلس السيادة منصباً تشريفياً رمزياً، وليست لديه اي صلاحيات او سلطات تنفيذية. مجلس السيادة ليس له حق تعيين رئيس الوزراء أو أي من وزرائه. كما ليس له حق التدخل في أداء الوزراء، إذ هذه السلطات حصرياً مكفولة للبرلمان بوصفه الجهة التشريعية والرقابية على أداء الحكومة ومؤسساتها المدنية والأجهزة النظامية.
مما سبق فقد نصت الوثيقة الدستورية في الفصل الأول على الأحكام العامة، والتي جاءت على الوجه الآتي نصه:
طبيعة الدولة الفترة الإنتقالية:
المادة 4 (1) "جمهورية السودان دولة مستقلة ذات سيادة ديمقراطية برلمانية تعددية فدرالية تقوم فيها الحقوق والواجبات على أساس المواطنة دون تمييز بسبب العرق أو الدين أو الثقافة أو اللون أو النوع أو الوضع الاجتماعي أو الاقتصادي أو الراي السياسي أو الاعاقة أو الانتماء الجهوي أو غيرها من الأسباب".
بعبارة أكثر وضوحاً، الوثيقة الدستورية حسمت الجدل حول طبيعة نظام الحكم في السودان ووصفته بأنه برلماني وليس مركزي بل فيدرالي. في ذات الوقت ألغت الوثيقة الدستورية في مقدمتها العمل بدستور 2005 اتفاقية نيفاشا ذو النظام الرئاسي وفصلت فيما سنستعرضه من بنود صلاحيات وسلطات أجهزة الحكم ومؤسساته الدستورية (مجلس السيادة، مجلس الوزراء والمجلس التشريعي او البرلمان). من العيوب وأوجه القصور في هذه الوثيقة أنها اغفلت النص على السلطة القضائية بوصفها جهاز من اجهزته وحارسة لمبدأ الفصل بين السلطات الثلاثة (التشريعية، التنفيذية والقضائية). بأي حال واضح ان الوثيقة الدستورية على علاتها حددت صلاحيات كل من أجهزة الحكم التي نصت عليها كما اوضحت مهامها واختصاصاتها على سبيل الحصر. هذه الصلاحيات مهمة لأن فقرات عديدة من مشروع قانون جهاز الأمن الداخلي (موضوع النقد) تضمن خلطاً مقصوداً يعكس طبيعة الصراع والمد والجذب داخل مؤسسات الفترة الانتقالية. لذلك كان من المهم استعراض ومناقشة صلاحيات المؤسسات الدستورية حسب ما نصت عليه الوثيقة الدستورية سنة 2019 تعديل 2020 المدرجة بموقع وزارة العدل الجريدة الرسمية للدولة.
المفاهيم العلمية لأجهزة الاستخبارات:
قبل استعراض فصول وبنود فقرات مسودة مشروع قانون الأمن الداخلي مقارنة مع بنود الوثيقة الدستورية، من المناسب ان نلقي بعض الضوء على أهمية الجهاز المقصود ودوره ما قبل الثورة وبعدها.
وجود أجهزة الأمن والمخابرات ليست بفكرة جديدة او حديثة وقد رأت الشعوب اهميتها رداً للعدوان حماية الامن واستقرار المجتمعات. من ذلك المنطلق تتعدد وتختلف صلاحيات واختصاصات أجهزة الأمن طبقاً لنوع المهددات سواء كانت منطلقة من عدوان عسكري مباشر او غير مباشر يهدد سلامة اقتصادها او امنها المائي او اي نوع من انواع التهديد المعلوماتي أو الإشعاعي أو البيولوجي وذلك حسبما تقدره كل دولة من أخطار وطريقة مواجهتها. من ذلك يمكن تقرير ان الدول متفقة حول ضرورة وجود هذا جهاز مخابرات يستشعر المهددات وينصح الاجهزة المختصة لتتخذ الضمانات الكافية لحماية مصالح الدولة داخلياً وخارجياً خاصة في عالم تدور أغلب مصالحه وصراعاته في الخفاء مما يتطلب وجود أجهزة تعمل على منع تضارب المصالح الداخلية والإقليمية والدولية مع المصالح العليا. إذاً من حيث المبدأ والأهمية تحتاج الدول لهذا الجهاز (جهاز المخابرات) وبالضرورة وجود قوانين ولوائح تنظم عمله ومنسوبيه مع تحديد الصلاحيات والاختصاصات.
نظرة تاريخية:
نشأ أول جهاز مخابرات رسمي للدولة السودانية في عهد الاحتلال الإنجليزي وذلك لمتابعة ما تمت تسميته بالأنشطة الهدامة، وكان تحت إشراف وإدارة السكرتير الإداري واستمر هذا القسم تحت وزارة الداخلية السودانية. بعد انقلاب 1971 تم فصل الأمن الداخلي عن وزارة الداخلية تحت مسمى الأمن العام، مدير الأمن العام كان بدرجة وزير وتم تخصيص هذا الجهاز ليصبح اسمه لاحقاً بالأمن القومي ليختص بالأمن الداخلي والعام. في 1978 تم تغيير المسمى ليصبح جهاز أمن الدولة مع تقسيمه عدة أقسام سياسية، خارجية واقتصادية وفنية ومراقبة وتحري الخ. طوال تلك الحقب كان الغرض من جهاز الأمن حماية النظام القائم وذلك لارتباطه وعناصره بالفساد والإفساد المالي والإداري خاصة بعد دخول جبهة الميثاق الاسلامي الجبهة الاسلامية لاحقا في 1977م الأمر الذي أدى بمطالبة ثوار انتفاضة ابريل 1985 إلى حله، و مصادرة جميع أصوله وممتلكاته لصالح القوات المسلحة وكان هذا خطأً فادحا ادى لقصور اداء جهاز أمن العهد الديمقراطي الجديد والذي حددت مهامه وصلاحيته في جمع المعلومات وتحليلها وتقديمها لمجلس وزراء السلطة التنفيذية بدون معينات تذكر، نعم الحل صحيح والمهام والصلاحيات الجديدة صحيحة ولكن مصادرة الأصول والممتلكات خاطئة، مما جعل الجهاز الجديد بدون أي فاعليه تذكر.
واضح أن حسن الترابي وحركته كانت تتجهز للإعداد لانقلاب مخطط ومدروس منذ المصالحة الوطنية 1977م ودخولهم في مايو حينها باسم جبهة الميثاق الاسلامي. لذلك بمجرد نجاح انقلاب 1989 ظهرت ملامح جهاز الأمن على طريقة أمن تنظيم الجبهة الإسلامية المسمى الجديد لجبهة الميثاق الاسلامي القائم على تقسيمات طلابية، سياسية، وحدات عسكرية، اقتصادية، معلوماتية لتشمل ولا تقتصر على الشباب والمرأة وغيرهم من قطاعات المجتمع. كان واضحاً أن فكرة جهاز الأمن لدى الجبهة الإسلامية القومية مخططا ليستوعب جهاز امن التنظيم وجهاز الدولة القائم على أن تكون السيادة لأمن التنظيم في حالة التعارض. بهذه الطريقة تم اختراق القوات المسلحة والشرطة وكافة مؤسسات الدولة وسيطرة تامة على الاعلام والاقتصاد، وذلك للتأكد من نجاح الانقلاب وبعد ذلك، حماية النظام الجديد مع العمل الحثيث على تغيير عقيدة جهاز الأمن لتكون ذات طابع أيدلوجي سواء في عمله الداخلي أو الخارجي وذلك للتبشير ونشر وحماية مشروع النظام الاسلاموي. من هذه العقيدة استمد نظام جهاز أمن البشير أسوأ ما عند أجهزة الأمن السابقة وزاد عليها فلسفة ما عرف ببيوت الأشباح لتكون عمليات اعتقال وتعذيب كل من يشك في انتمائه ومعارضته للنظام ومشروعه. امتدت أنشطة جهاز أمن البشير لتشمل عمليات تصفيات داخلية وأخرى خارجية، منها على سبيل المثال محاولة اغتيال حسني مبارك. على طريقة جهاز الأمن الإيراني، تم ارسال العديد من قيادات الجبهة الإسلامية للتدريب على العمل الاستخباراتي فتوسعت عمليات استضافة وتدريب المنظمات الإرهابية العالمية لدرجة أصبح السودان حينها قبلة لكل المغضوب عليهم بدولهم والمطاردين دوليا مثال تنظيم القاعدة وكارلوس وغيرهم. ومع استمرار عزلة السودان دولياً خاصة بعد محاولة اغتيال الرئيس المصري حسني مبارك بأديس أبابا، بدأ النظام في تغيير منهجه الاستخباراتي وتسليم بعض المطاردين دولياً وتسليم ملفات بعض المنظمات الإرهابية للمخابرات الأمريكية والغربية كبادرة للتخلص من العزلة والعقوبات الدولية خاصة بعد توقيع اتفاق ميشاكوس الاطاري وارتفاع حدة النقد الداخلي والخارجي للنظام واجهزته الأمنية المتعددة.
في العام 2004 تم تأسيس قانون جهاز الأمن والمخابرات الوطني ليجمع ما بين العمل الداخلي والخارجي. لم يكتف الجهاز الجديد بالعمل الامني السياسي والمخابرات الخارجية ليتحول لأكبر مؤسسة اقتصادية وعسكرية، كما أصبحت له ميلشياته الشعبية والعسكرية والإعلامية ليوازي كافة مؤسسات الدولة النظامية والعسكرية والاقتصادية والمدنية والدستورية.
ثم جاءت ثورة ديسمبر 2018 التي مارس فيها جهاز الأمن والمخابرات أبشع أنواع التنكيل والقتل بالثوار وكانت محاكمة قتلة الشهيد أحمد الخير أول إدانة رسمية للجهاز ووصمة عار استحق معها الجهاز حله إلا أن اللجنة الأمنية للنظام المخلوع فضلت التخلص من ذراعه العسكري المتمثل في هيئة العمليات والإبقاء على كافة مؤسساته الأخرى المدنية والأمنية كما هي، مع تقييد محدود لطبيعة عمله الأمنية في جمع المعلومات دون الاعتقال والتحفظ رغما عن المطالب الثورية بحل الجهاز وإعادة هيكلته بما يتوافق مع الطبيعة المدنية للدولة.
مما تقدم يظل السؤال: هل يحقق مشروع قانون الأمن الداخلي المطلب الثوري؟ هذا ما سنبحث عنه من خلال هذه الدراسة النقدية من خلال نصوص وبنود مشروع قانون جهاز الأمن الداخلي المطروح. قبل ذلك هناك سؤال غاية بالأهمية: هل تم سعي من تبنوا مشروع القانون استيعاب اهمية دور أجهزة الأمن والمخابرات وطرحوا الفكرة بالمفهوم الاستخباراتي العلمي والمنهجي للأمن الداخلي والخارجي للجهاز ام تم الاكتفاء بإعادة استنساخ نظام جهاز أمن البشير لقمع مستقبل الثورة السودانية التي بدأت المؤامرات ضدها منذ اليوم الاول للاعتصام وظلت تتكشف ملامح المؤامرة بمجزرة 8 رمضان ثم اتضحت الملامح بفض الاعتصام والمماطلة في تكوين المجلس التشريعي وحتى المحكمة الدستورية؟
ملامح القانون:
واضح أن مشروع قانون جهاز الأمن الداخلي أنه أغفل الوثيقة الدستورية التي تعتبر الاطار القانوني لاي تشريع. ليس هذا وحسب، فمن الجلي أن مشروع القانون أغفل حتى هياكل وإدارات وأقسام جهاز الأمن الداخلي حتى يستحق دراسته والقول بانه اشتمل على رؤية كاملة تتضمن الأمن الخارجي. هذه النظرة السريعة تعكس مدى نوايا من اقترحوا المشروع ليكون استنساخاً لتجربة نظام المخلوع في الملاحقات السياسية والفكرية المضمرة والواضحة من خلال التسرع في طرح مسودة القانون بليل في خطوة استباقية لتكوين المجلس التشريعي إذا ما كتب له ينشأ برغبة أو بما لا تشتهي وتضمر نوايا المتربصين بالثورة ومطالبها. في السياق، ورغما عن اختلاف الآراء حول مضار أو محاسن حل الجهاز السابق ومكوناته تظل الحاجة قائمة لاستراتيجية جديدة كلياً لجهاز استخبارات محترف لحماية البلاد عموما والفترة الانتقالية خصوصا من مؤامرات فلول النظام المخلوع الذي يشكل جهاز الأمن الحالي سيئ السمعة أحد مكوناتها ومطابخها الرئيسية بكل ترسانته القديمة وتوغله في مؤسسات الدولة وقطاعاتها الإعلامية والاقتصادية والمدنية الأخرى فضلا عن الشعبية والعدلية والنظامية العسكرية.
إضافة إلى المهددات الخارجية والإقليمية تحديداً، وفي ظل وجود محاور متحاربة وواقع سياسي واجتماعي واقتصادي هش وملغم محليا وكافة دول الجوار إقليميا، فإن جهاز الاستخبارات الوطني يظل من أولويات الثورة. أمام هذه الحقائق الداخلية والخارجية يحق لكل مواطن سوداني ومواطنة من خلال المنظمات المدنية والرسمية والشعبية مناقشة خطورة مشروع القانون الجديد إذ إن حماية الثورة مسئولية جماعية لمساسها المباشر بأمن البلاد واستقرارها اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً سواء إقليمياً أو دولياً.
مناقشة بنود مشروع القانون
أولاً: من الناحية الدستورية:
جاءت مقدمة مشروع الامن الداخلي كالتالي: عملا بأحكام الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية لسنة 2019 أصدر مجلسا السيادة والوزراء في الاجتماع المشترك ووقع مجلس السيادة القانون الاتي نصه نكتفي بما ورد أعلاه من النص (مجلسا السيادة و لوزراء في الاجتماع المشترك) لأنه موضع النقد.
لأغراض مناقشة هذا البند علينا استعراض بنود الوثيقة الدستورية التي تحدد جهة اصدار القوانين والتشريعات باعتبارها المرجعية الدستورية لكافة القوانين والتشريعات لمؤسسات الدولة الدستورية. جاء في الفصل السابع اختصاصات المجلس التشريعي الانتقالي المادة (25) البند 1 الفقرة (أ) (والتي لم تطالها أيدي اتفاق جوبا بحمد الله) تكون للمجلس التشريعي الانتقالي الاختصاصات والسلطات الاتية: (أ) سن القوانين والتشريعات.
البند (3) "إلى حين تشكيل المجلس التشريعي الانتقالي تؤول سلطات المجلس لأعضاء مجلسي السيادة والوزراء يمارسونها في اجتماع مشترك وتتخذ قراراته بالتوافق او بأغلبية ثلثي الاعضاء". من خلال المادة (25) البند1 يتضح أن صلاحيات سن القوانين والتشريعات وإجازتها حصرياً من اختصاص المجلس التشريعي الانتقالي. ولا يجوز لأي جهة أخرى مصادرة هذا الحق أو التحايل عليه ولكن من الواضح أن مجلسي السيادة والوزراء احتميا بالبند (3) لتؤول سلطات المجلس التشريعي الانتقالي بما فيها سن القوانين والتشريعات واجازتها الى الاجتماع المشترك الذي سمي مؤخرا (بالمجلس التشريعي المؤقت) رغم عدم وجود هذه التسمية في الوثيقة الدستورية مما يعني الرغبة الصريحة في مصادرة المجلس التشريعي والالغاء العملي للفقرة (4) من المادة (24). جدير بالذكر ان البند (4) ينص على: "يشكل المجلس التشريعي ويباشر مهامه في فترة لا *تتجاوز* تسعين يوما من تاريخ التوقيع على هذه الوثيقة" ومن محاسن الصدف ان أعين المتربصين بتعديل الوثيقة لم تفطن إلى هذا البند لتعمل على تأجيله او إلغاءها كما فعلت مع بنود أخرى رغم انها الغت في المادة (7) البند1 واستعاضت عنه بالبند الجديد "تبدأ الفترة الانتقالية من تاريخ التوقيع على الوثيقة الدستورية وتمدد ليبدأ حساب التسعة وثلاثون شهراً من تاريخ التوقيع على اتفاق جوبا لسلام السودان" وأبقت على المادة (24) البند4 كما هو علما بأن توقيع اتفاقية جوبا ذات السلام المفقود وقعت بتاريخ 3 اكتوبر 2020 فجاءت بالجبهة الثورية إلى المركز وتركت الحروب مشتعلة في الهامش حتى كتابة هذه السطور!!!
بالرجوع الى تاريخ توقيع الوثيقة في 17 اغسطس 2019 يتضح أن مدة التسعين يوما انتهت منذ 17 نوفمبر 2019 وبما أن نص الوثيقة الدستورية واضحا ولا يقبل التأويل في تحديد المدة بما نصه "في فترة لا تتجاوز 90 يوما من تاريخ التوقيع على هذه الوثيقة" وبما أن تعديلات اتفاق السلام المزعوم لم تطال المادة والبند الخاصين بفترة ال(90) يوما عليه فإن كافة القرارات والقوانين التي تلي فترة التجاوز من تاريخ توقيع الوثيقة الأصل في 17 اغسطس 2019 غير
شرعية لأن نص ايلولة سلطات المجلس التشريعي الانتقالي المنصوص عليها في المادة (25) 3 مقرون بالمادة (24 ) 4 وليس ناسخاً.
بالرجوع للتجارب الدولية في الأنظمة المدنية الديمقراطية لا يوجد جمع ما بين المؤسسات التشريعية والتنفيذية والسيادية على الاطلاق بل أن تكوين البرلمانات ومباشرتها لمهامها وصلاحياتها مقدم على تكوين الحكومات، خاصة في الأنظمة البرلمانية التي تشكل الحكومات فيها من الأغلبية البرلمانية وحتى في الأنظمة الرئاسية لا يوجد تكوين حكومات سابق للبرلمانات فوجود البرلمان شرط أساسي وركن من أركان الدولة الديمقراطية المدنية وبغيابه تنتفي شرعية الدولة وأجهزتها الدستورية الأخرى. المدهش أن تنص الوثيقة قبل تعديلها باتفاق جوبا في 3 اكتوبر 2020 على حصرية تعيين عضوية المجلس السيادي المدنية في حال خلوها على المجلس التشريعي كما جاء في الفصل الرابع المادة (14) 2 "في حالة خلو منصب عضو مجلس السيادة يرشح المجلس التشريعي الانتقالي العضو البديل إذا كان العضو الذي خلا منصبه مدنيا" بينما يُغيِب اعضاء مجلس السيادة الآن مع مجلس الوزراء ومن خلفهم مختطفي إعلان الحرية والتغيير والجبهة الثورية المجلس التشريعي الانتقالي صاحب الحق في ترشيحهم!!!
بل ويتعمدون استبداله بما يسمى بمجلس شركاء الفترة الانتقالية الذي اصطلح الثوار على تسميته بمجلس شركاء الدم ثم أضافوا تسمية للاجتماع المشترك لمجلسي السيادة والوزراء كنية (المجلس التشريعي المؤقت) تأبطا لشر استدامة تعطيل المجلس التشريعي الذي نصت عليه الوثيقة الدستورية مستغلين في ذلك تغييب المحكمة الدستورية التي من شأنها أن تفصل في النزاعات ذات الطابع الدستوري سواء بين المؤسسات الدستورية أو بين المواطن والمؤسسات. وعليه فان الوضع القائم الآن ليس دولة مدنية دولة انقلابية بامتياز!!! غيبت فيه اهم مؤسسة تشريعية رقابية وأهم مؤسسة عدلية ممثلة في المحكمة الدستورية. الشاهد أن حلفاء الفترة الانتقالية اختطفوا لأنفسهم الحقوق الدستورية حصرياً وجعلوا من المرجعية الدستورية حكراً لهم بدلاً عن الوثيقة الدستورية ومؤسساتها الدستورية!!
إذاً وبناء على بنود الوثيقة الدستورية لسنة 2019 تعديل 2020 فلا يحق للاجتماع المشترك لمجلسي السيادة والوزراء سن التشريعات والقوانين أو اتخاذ صفة المجلس التشريعي لممارسة صلاحيته واستخدام اختصاصاته عنوة اللهم إلا إذا كان استمرارا لوسائل النظام المخلوع في الغش والخداع وفرض الراي والقرار توطئة لميلاد حكم شمولي جديد بلمسات تعددية ديكورية.
ثانيا: أمثلة لوحشية وقمعية بنود مشروع قانون جهاز الأمن الداخلي:
كما سبق الإشارة، فوفقاً للوثيقة الدستورية 2019 وبالتحديد الفصل الحادي عشر في مادته (37) ورد تعريف جهاز المخابرات العامة واختصاصاته ومهامه كالآتي:
"جهاز المخابرات العامة جهاز نظامي يختص بالأمن الوطني وتقتصر مهامه على جمع المعلومات وتحليلها وتقديمها للجهات المختصة ويحدد القانون واجباته ومهامه ويخضع للسلطتين السيادية والتنفيذية وفق القانون". بالنظر لبعض بنود القانون المزعوم ووفق النص الدستوري، غير المعدل، والمشار إليه أعلاه: فواجبات الأعضاء الفصل الاول المادة (4) الفقرة (أ) "العمل بمهنية والحفاظ على كرامة وظيفته وأن يسلك في تصرفاته مسلكاً يتفق والاحترام الواجب للمواطنين وكافة الفئات التي يتعامل معها مع مراعاة حقوق الإنسان ووثيقة الحقوق الواردة وفقاً لأحكام الوثيقة الدستورية للفترة
الانتقالية لسنة 2019 في أداء واجباته". من المعلوم أن كافة دساتير العالم بما فيها الدول الديكتاتورية الشمولية مثل النظام المخلوع تنص دساتيرها ولوائح وقوانين أجهزتها كما في الدستور الانتقالي لسنة 2005 على وثيقة حقوق الانسان والعبرة ليست في النصوص بل في تطبيقها عملياً. وبالنظر إلى ممارسات جهاز الأمن والمخابرات الوطني للنظام المخلوع والموجود حتى الآن فعليا ولم يحل كما مطالب ثورة ديسمبر فإن كافة أعماله وجرائم ضباطه وأفراده المحكوم على بعضهم وثبتت إدانتهم في جريمة مقتل الشهيد أحمد الخير وممارساتهم طوال فترة ال(30) عاماً الماضية لا تثبت التزامهم بحقوق وكرامة المواطن. فهل تم تغيير ضباط وأفراد هذا الجهاز المجرم أم لا يزال كما هو بكل إداراته ومؤسساته التي استعرضناها سابقا؟ هل تحول موظفيه فجأة إلى مواطنين صالحين يؤمنون بوثيقة الحقوق وكرامة المواطن أم طالت أياديهم سراً وعلانية أجهزة الدولة ومؤسساتها ومواطنيها؟
واجبات الأعضاء الفصل الأول المادة (4) الفقرة (ن) "عدم الانتماء إلى أي حزب من الأحزاب السياسية أو أن يتشيع له أو أن يشترك في أي مظاهرات أو اضرابات أو أي اجتماعات حزبية أو نقابية أو أي دعايات انتخابية او ان يعقد اجتماعات أو يشارك في انتقاد الحكومة السياسية أو أن يشترك بأي صورة من الصور في إجراءات تهدف إلى الغايات المذكورة".
جهاز المخابرات العامة المعني بالمادة أعلاه من الوثيقة الدستورية هو نفسه جهاز الأمن والمخابرات الوطني للنظام المخلوع فقط تم تغيير الاسم وتحديد الصلاحيات والاختصاص ومن المعلوم كما تم استعراضه سابقا فإن جهاز المخابرات العامة الجديد المتحول اسما هو ذات الجهاز سيء السمعة والمدان كثير من عضويته وإداراته بموجب الحكم الصادر من القضاة السوداني. كذلك لم نسمع بهيكلة جديدة استبعدت مهارات افراده المدانين فعلاً مثل اختصاصي الاغتصاب!!! جهاز أفراده لا يزالون يؤمنون بقاعدة (تعذيب الطابور عبادة). لذا حسنا ان تستعرض القناة الرسمية للدولة حلقات تكشف فيها عن وحشية الممارسات الأمنية. كما تتناول المحاكم السودانية العديد من قضايا انتهاكات قياداته ومؤسسية الذين ينتمي إليهم أفراد الجهاز وضباطه عقائدياً بولاء مطلق لم تزلزله الأيام ولا الأديان ولا الأخلاق، فهل ستغيرهم كلمات نص عليها مشروع القانون الذي لم يتحدث ولو من باب التطمين عن اية نية لحله او إعادة هيكلته وتسريح أفراده وضباطه واستبدالهم وفق هيكل جديد وطاقم جديد!!
إن شرط الالتحاق بجهاز الأمن والمخابرات الأول هو الانتماء والولاء للنظام المخلوع وقياداته فكيف سيقوم من أدى القسم، إن كان له قسم، بالولاء للقانون المزعوم سوى أنه قانون للتخدير والتغبيش بإضافة مساحيق تجميل منتهية الصلاحية ومضرة بالوطن ومواطنيه؟؟!!!
الفقرة (س) تتحدث عن عدم قيام عضو الجهاز بتحرير أي مطبوعات دورية ثم منحته الحق بموجب إذن لم يحدد القانون طبيعته ولا الجهة المصدرة له!! علماً بأن الجهاز وأفراده يمتلكون وسائط إعلامية يخترقون بها مؤسسات الدولة ومجتمعها.
الفقرة (ع) تمنع عضو الجهاز من العمل في النشاط التجاري أو الصناعي أو المقاولة بالبيع أو الشراء أو الاشتراك في صفقات تجارية باسمه أو بأسماء أخرى إلى غيرها من الممارسات والأعمال المالية بصورة فضفاضة مضحكة علماُ بأن الجهاز لا يزال يمتلك الشركات الضخمة والمصانع المتخصصة والتي لم تؤول ملكيتها لوزارة المالية أو يتم حلها.
الفصل السابع المادة (5) البند1 (ينشأ جهاز يسمى جهاز الأمن الداخلي الخ).
معلوم أن الدساتير هي التي تحدد مسميات أجهزة الدولة النظامية مثل الشرطة القوات المسلحة المخابرات والأمن. منعاً للبس هذه القوات حددتها الوثيقة الدستورية وتولت تعريفها وتحديد اختصاصاتها خاصة جهاز المخابرات العامة كما تم استعراض بنودها أعلاه، فيبقى السؤال عن ماهية جهاز الأمن الداخلي الذي نص عليه مشروع القانون هل هو ذاته جهاز المخابرات العامة أم جهاز أمني جديد لم تنص عليه الوثيقة الدستورية؟؟ يجدر بالذكر بأن أي تعديل في أي أجهزة مما نصت عليه الوثيقة يتطلب تعديلاً صادراً عن المجلس التشريعي الانتقالي وهو ما لم يتم. غني عن البيان أن الوثيقة الدستورية لأعراض تعديلها اشترطت نصاباً خاصاً لا يقل عن ثلاثة أرباع العضوية. فإذا كان الهدف من القانون هو تأسيس جهاز جديد وفق المسمى المنصوص بمشروع القانون أعلاه فإن القوانين تفصّل ما جاء بالدستور وليس ما هو مخالفاً له، وذلك باعتبار أن الدستور هو أب القوانين ومنه تستمد شرعيتها وليس العكس. إن التلاعب بالدستور هو ثقافة قادة المكون العسكري رغم أداء القسم بالحفاظ عليه ولعل حجتهم وإرضاءهم لأنفسهم هو أنه لم يوجد دستور دائم حتى الآن لحكم البلاد يستوجب الوفاء لقسمه!!
في واحدة من تصريحات قائد الدعم السريع خلال فترة حكم الطاغية البشير صرح بأن الدستور ليس منزّل من السماء وبإمكاننا تغييره وتبديله. فإذا كان هذا هو مستوى وعي قادة المكون العسكري، أو بالأصح اللجنة الأمنية للنظام المخلوع، فمن الطبيعي أن يستمر انتهاك نصوص الوثيقة الدستورية والفصل الثاني وتحديداً المادة (7) البند 2 خير شاهد على ذلك وفق النص "يجوز لرئيس مجلس السيادة بناء على توصية الوزير تكوين قوة تأسيس الجهاز الخ".
لاحظ أن المادة تحدثت عن أحقية رئيس مجلس السيادة وليس مجلس السيادة. جاء في الفصل الثالث المادة (10) أجهزة الحكم الانتقالي البند 1 تعريف مجلس السيادة بانه "مجلس السيادة وهو راس الدولة ورمز سيادتها ووحدتها". وجاء في الفصل الرابع مجلس السيادة. وتشكيل مجلس السيادة المادة (11) البند 1 "مجلس السيادة هو راس الدولة ورمز سيادتها ووحدتها وهو القائد الأعلى لقوات المسلحة وقوات الدعم السريع والقوات النظامية الأخرى". النص الدستوري في المادة (10) البند 1 واضح وصريح وهي أن الرئاسة للدولة ورمزيتها ووحدتها للمجلس ككل بشكل جماعي ولم تتحدث عن رئيس المجلس أو تخصيص لأحدهم بالسيادة والرمزية وأكدت ذلك المادة (11) وكذلك السيادة في قيادة القوات المسلحة والدعم السريع وبقية القوات النظامية الأخرى بما فيها المخابرات العامة موضع مشروع القانون، فإذا كان جهاز الأمن الداخلي هو نفسه المخابرات العامة، فليس من حق رئيس مجلس السيادة منفرداً اتخاذ القرارات وتأسيس قوة عمليات الجهاز كما نص مشروع القانون وفق مادته (7) المشار إليها. بالتالي فإن كان من تأسيس لقوة جهاز جديد أم قديم فهي صلاحية للمجلس عندما ينعقد بنصابه الكامل وليس لفرد أو حتى مجموعة من أفراده.
جاء في الفصل الثالث أجهزة الحكم الانتقالي المادة (10) البند 2 "مجلس الوزراء وهو السلطة التنفيذية العليا للدولة" يتضح من نص المادة الدستورية أن السلطات التنفيذية هي تنحصر في مجلس الوزراء، وليس من صلاحيات مجلس السيادة سواء أكان فردا او جماعيا. يترتب على ذلك، أن سلطة تأسيس القوة وإدارة شؤون عضويتها هي أمر تنفيذي خالص وليس أمراً رمزياً أو سيادياً وذلك طبقاً للنظام البرلماني المعمول به ووفقاً للوثيقة الدستورية. من نافلة القول، أي مواد بمشروع القانون تعطي الحق لغير أهله وتنزع صلاحيات مجلس الوزراء التنفيذية نزعا وتمنحها (لرئيس) وليس لأعضاء مجلس السيادة بكامل عضويته تعتبر تغول سافر على مشروع الدولة المدنية.
وأياً كانت بنود مشروع القانون فإن الحق الدستوري في سن التشريعات وإجازتها هو حق أصيل للمجلس التشريعي بوصفه المؤسسة الدستورية الحقيقية الغائبة وليس المؤسسة المختلقة التي سميت مؤخراً بالمجلس التشريعي المؤقت.
يتضح من كل ما ذكر، ورجوعاً للوثيقة الدستورية أن مشروع القانون باطل شكلاً وموضوعاً. يجدر بالذكر، أن التغييب المقصود للمؤسسات الرقابية الشعبية (المجلس التشريعي) والرسمية (المحكمة الدستورية) هي التي أغرت شركاء الدم وشركاء اختطاف ثورة ديسمبر المجيدة على التلاعب بدماء الشهداء ونصوص الوثيقة الدستورية اللذان لهما الفضل في ظهور المختطفين الذين لام يحفظوا عهداً ولا ذمة.
الخلاصة:
بناء على كل ما ذكر أعلاه فإننا في الحملة الشعبية للحقوق والواجبات "الحملة الشعبية لإسقاط البشير ونظامه سابقاً" نرفض رفضاً قاطعاً وصريحاً الآتي:
أولا: كل الانتهاكات التي تمت وتتم للوثيقة الدستورية بما فيها كافة التعديلات والتجاوزات.
ثانيا: كما نرفض بشكل مطلق، كافة مشروعات القوانين التي تمت إجازتها سواء تعديلا او إلغاء او تلك التي سيتم عرضها حاليا او مستقبلا أو تم إصدارها أو اعتمادها أو تعديلها من قبل ما يسمى بالاجتماع المشترك لمجلسي السيادة والوزراء بعد نهاية فترة صلاحيته المنصوص عليها دستوريا بالتسعين يوما.
ثالثا: ونؤكد على حق الشعب السوداني في تعديل وثيقته وقوانينها عبر المجلس التشريعي الحقيقي وليس مجلساً مؤقتاً أو مولوداً لمحاصصات حزبية سياسية أو جهوية أو عسكرية أياً كانت طبيعتها.
رابعا: نؤيد ضرورة وجود جهاز للأمن الداخلي وجهاز للمخابرات وفق قانون جديد يبنى ويؤسس على عقيدة الانتماء للوطن وتحقيق أهداف ومطالب ثورة ديسمبر العظيمة وليس لفرد او حزب سياسي او حكومة شمولية عقائدية، مع ضرورة الابقاء على كافة أصول وممتلكات الجهاز المحلول للاستفادة منها في اداء عمل الجهاز الجديد مع التشديد على عدم قبول عضوية اي من انتسب للنظام المخلوع سياسيا او امنيا او لاي من تنظيماته الأخرى.
الحملة الشعبية لإسقاط البشير ونظامه سابقا
30 أبريل 2021
الخرطوم – السودان
مرجعيات الرؤية:
ميثاق اديس ابابا 1990
مؤتمر نيروبي 1993
ميثاق التجمع الوطني الديمقراطي اسمرا 94
اعلان مبادي الحرية والتغيير يناير 2019
الوثيقة الدستورية اغسطس 2019
الاعلان السياسي 6 ديسمبر 2020
الاعلان السياسي 13 فبراير 2021
الحملة الشعبية للحقوق والواجبات


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.