عند الحديث عن قوات الدعم السريع يجب علينا التفكير بعقلانية . هنالك سؤال مطروح : هل تتحمل قوات الدعم السريع كل ماحدث في السودان من قتل ؟ اذا كان الجواب نعم . فلماذا تركت لها القوات النظامية الاخرى اسباب التغول والتمادي ؟ وإذا كان الجواب لا وإنما هي مشتركة مع المؤسسات العسكرية والمدنية القائمة فلماذا تتحمل قوات الدعم السريع عبء المسؤولية وحدها ولا تشيطن معها ؟ هنالك مداخل كثيرة لطرح الموضوع ولكن أهمها مدخل هو الوطن . يجب أن تكون الحفاظ على أمن الوطن والمواطن من أهم ركائز الحديث . قد لايخفى على الناس ان قوات الدعم السريع انما هي قوات ذات ولاء عشائري وتكوينها له ابعاد اخرى بعيدة عما يحدث ويجري على الساحة . فتكوين قوات الدعم السريع ووجودها كقوة يحتم الولاء العشائري لقبائل عريقة في السودان الغربي كله . ولا تكاد تذكر هذه القوات الا وذكرت معها المكونات العشائرية حتى ان هنالك لقاء تلفزيوني موجود علي اليوتيوب أجراه طاهر التوم مع قائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو وفي هذا اللقاء الح الطاهر التوم لمعرفة المكون الأساسي للقوات ولم يترك ضيفه حتى ذكر قبيلته. وهذه ليست مصادفة وإنما أتى اجابة لسؤال موجود على الساحة . وهو من خلف هذه القوات القبلية ؟ موازين القوة فالحديث عن تجريم قوات الدعم السريع كلها يؤدي بالتالي إلى تجريم المجموعات القبلية المكونة للقوات . لذا يجب النظر بعقلانية وتروي عند البحث عن الحلول لهذه المعضلة . قوات الدعم السريع في غرب وجنوب غرب السودان لديها مايوازيها من المجموعات القتالية بإسم حركات تحرر او حركات مطلبية أخرى. القبائل والعشائر المكونة لقوات الدعم السريع ترى في وجود القوات ودعمها لها انما هي مسألة وجود بغض النظر عن رؤية الغير فيها أو فكرتهم عنها . ففي تلك المناطق لا يوجد جيش له القدرة الحقيقية لبسط السلطة الحكومية في تلك المنطقة، وهذا من أهم أسباب تكوين هذه القوات . ومع أن هذا التهديد وتجريم قوات الدعم السريع قد يجد صدى جميل لدي المتضررين في الخرطوم وغيرها ولكنه يمثل تهديدا كارثيا للمكونات العشائرية للقوات . المال المال المال وايضا هنالك عامل آخر أن هذه القوات ما زالت منذ نشأتها تصرف على جنودها بإمتياز وتنفق عليهم بجود وكرم لضمان ولائهم للقائد وليس للعشيرة . والمكون الاساسي لهذه القوات هم شباب قد لا يتجاوز اكبرهم الثلاثين عاما ، اذا استبعدنا بعض مئات من قدامي الضباط . فقد وجد هؤلاء الشباب الحماية والقوة والانتماء لمجموعة معينة لها هيبتها ومكانتها في مجتمعهم والآن امتدت إلى العاصمة والي دول اقليمية ، فقد رأينا استقبال السعودية والامارات للفريق محمد حمدان . فإن تهديد كل هذا الفاقد التربوي بالتفكيك وارسالهم من حيث أتوا صفر اليدين أو حتي كمجرمي حرب سابقين وتجريدهم من كل ماوجدوه من امتيازات حصلوا عليها من وجودهم ضمن هذا الكيان قد لايعجب الكثيرين منهم وهم يعدون بعشرات الالاف وقد تتكون مليشيات ليس لها أي دافع غير الحقد ويكون هدفهم هو الترويع ولا تكون لديهم أي ولاءات . لا عشائرية ولا قيادية ويبدأ الوطن في الصراع مع أبنائه وقتلهم وقد تتحول إلى قوات مرتزقة تعمل لمن يدفع اكثر وهم كثر . والحقيقة أن تفكيك هذه القوات لن يكون نزهة . وإنما ستكون أصعب مشكلة ستواجه السودان الجديد . فهل يجب تفكيكها بدون أي قيد أو شرط ودون النظر إلى العواقب وخلق عراق او صومال جديد ؟ اين الحل؟ الحل ليس في البل مفتاح الحل قد يكون في المكون العشائري لهذه القوات فعلى القوات المسلحة السودانية والإدارات الاهلية والطرق الصوفية في السودان العمل مع المكونات العشائرية وإداراتها الاهلية والقبلية والدينية لوضع حلول مناسبة تضمن لهذه المكونات عدم شيطنتها وتجريم ابنائها في حال تم تفكيك او تسريح القوات. والبحث عن حلول مثل دمجهم للقوات المسلحة السودانية بحيث يتم توزيعهم للجيش او الشرطة . ووجود الضمان المالي السخي للتسريح في حالة الموافقة وتأهيل الشباب للانخراط في الحياة العادية التي سوف تنتظرهم . فما هو حل القيادات الموجودة حاليا ؟ القوات المسلحة لديها خيارات كثيرة للقيادات . منها انهاء الخدمة مع الاحتفاظ بمميزات الرتب الحالية . ومع هذا الطرح كله فإن التحقيق ومعاقبة الجناة علي ما فعلوه من جرائم أو تعديات لا يجب ان يتهاون فيه مهما كان . ال دقلو والمعلوم الآن أن هنالك امبراطورية تقارب ثروتها ربع ناتج السودان يتربع عليها ال دقلو . فما هو الحل الامثل لمناقشة فكرة تفكيك هذه الامبراطورية او حتى التفكير في ذلك ؟ لا أظن أن هذا قد يحدث مطلقا إلا في نظام مدني قوي مكتمل الأركان . هل توجد حلول ؟ بالتأكيد ولكن كل هذه الحلول ترتبط ارتباط ىثيق بتحييد قوات الدعم السريع بطريقة عادلة ومرضية للجميع . قد يظن القارئ أن هذه الحلول إنما هي في صالح قوات الدعم السريع وليست في مصلحة الوطن . ولكن الحقيقة ان مصلحة الوطن يجب أن تأخذ بعين الاعتبار كل التحديات وكل المواطنين في كل الوطن . وان شيطنة وتجريم جزء من عشائر السودان قد لا يكون هو السبيل المناسب لحل قضايا الوطن وإنما قد يكون هو الطريق السريع الأمثل الفتنة والهلاك . تنويه لقد كتبت هذا المقال عام 2019 – 6-8 ولازال مطابقا للواقع بدون اي تغيير