على نحو مثير للدهشة والإحباط .. تتداعى علينا أزمات شتى تحكم قبضتها تماماً على رقاب المواطنين البؤساء القابضين على الجمر .. !! الباحثون عن قوت يومهم من تحت (الركام) ..تساؤلات شتى تطرح على الفضاء عن (أصل الحكاية) التي أوردتنا موارد الهلاك ..ولكن لا أحد لديه القدرة والجرأة والشجاعة لقول الحقيقة (البيضاء) لأولئك المنتظرين (فجر الخلاص) لأوجاعهم وانتكاساتهم وفقرهم وبؤسهم ..!! بالأمس حاولت رصد ومتابعة كل ما تطرحه وتتناقله (الميديا) المحلية من قضايا وموضوعات لنتحسس ونتبين ..هل فعلاً يقف الإعلام مع المواطن ..أم هو أيضاً تائه مع التائهين؟!! بالتأكيد الإجابة هنا لا تحتاج إلى عبقرية حتى نفهم ..هل نحن فعلاً من أولئك الذين هم (على دين إعلامهم) ..!! فالحكومة تتحدث عن كل شيئ ما عدا قضايا المواطن ..كنت أتابع في الرصد الإعلامي اليومي حول مضمون واتجاهات المادة الإعلامية بكل أنماطها عسى ولعل نجد فيها ما يفرح (القلب) ويرسم الابتسامات، أو علامات الرضا في الوجوه أو يبعث فيناً أملاً ورجاءً من جديد .. ولكننا وبكل أسف لم نجد شيئاً سوى أخبار الفواجع والأزمات والنزاعات والاغتيالات والمشاكسات السياسية (وثرثرة) المجالس واجتماعات الغرف المغلقة ..موضوعات شتى لا تثمن ولا تغني من جوع تحتفي بها صحافتنا وفضائياتنا أكثر ما تقدمه لنا أنها تلهينا عن قضايانا (المصيرية) وهي لا تبالي ..!! فالخطر أوشك أن يداهم أكثر من عشر ولايات سودانية مهددة بالجوع والفقر والانهيار الاقتصادي !! تلك هي الحقيقة الكارثية التي قالتها منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، بأن هناك أكثر من (10) ملايين سوداني يواجهون خطر الموت ..ويجلسون على حافة الهاوية ينتظرون مصيرهم المحتوم ..!! وإلى هذه اللحظة فإن حكومتنا (الرشيدة) وبكل مكوناتها كأنها تخاطب شعباً آخر في بلاد ما وراء البحار ..!! يبدو أننا بتنا شعباً بلا أفراح وبلا ابتسام يصارع أحزانه حد الموت والضياع .. فالسوق (غول) يبتلع كل (مدخرات) الأسر ويقسو عليها في كل معاركه ..!! كنا نظن أن حكامنا وولاة أمرنا سينتشلون هذه البلد من القاع ويضعونها في مصاف البلدان ذات الرفاه والمعاش الآمن والحقوق المصانة، لكن يبدو أن هذا (العشم) قد سقط تماماً حينما سقط (المهرولون) صوب الكيكة، وتناسوا تماماً أن للثورة (أشواقاً) ومطالبَ وتحدياتٍ يحرسها الشارع .. وليس كما يتوهمون بأن هذه الثورة (منح وعطايا) ومحاصصات وعزل وإقصاء بلا مبررات منطقية ..نحن نؤمن بأن للثورة شرعيتها وإرادتها لتصحيح مسار الدولة ومعالجة كل أعطاب الماضي، وردع مفاسد حقبة النظام البائد ولكن بأسس ومنطق وقانون ورشد غايته إصلاح الدولة لا تمكين الآخرين حتى لا نسير في سكة النظام القديم (وقع الحافر بالحافر) ..!! نحن الآن أمام مشهد سياسي بالغ التعقيد ..واقتصاد طريح الفراش ينتظر من يبعث فيه روحاً وقوة وحركة حتى يقف على رجليه ..!! [email protected]