منذ نجاح ثورة ديسمبر في الإطاحة بحكم الطاغية الفاسد عمر البشير، و المؤامرات و الدسائس تتري بمتواليات هندسية.. جلها من أعوان الطاغية الذين حز في أنفسهم المعطوبة أن يتم إقتلاعهم عنوة و إقتدارا بأيدي شابات و شباب هذا الوطن.. ثوار آمنوا بربهم و وطنهم، و خرجوا يزودون عنه و يفدونه بأرواحهم.. فمنهم من قضى نحبه شهيدا في الدنيا، حيآ طاهرآ عند مليك مقتدر.. و منهم من لا يزال يضمد جراحة في صمود و إباء وشمم… و منهم من لا يزال مفقودآ يحلق أهله نحو المجهول بقلوب وجلة و أرواح مشرئبة عله يعود إليهم و ما ذلك علي الله بكثير. المرء يستطيع أن يفهم لماذا يولول و يصرخ و يتآمر المخلوع و أعوانه و من لف لفهم من سقط متاع المجتمع السوداني و ارازله، من المنحطين و السفلة و اللصوص الذين آذوا الوطن و أهله خلال ثلاثين حكمهم القمئ.. فقد اغلقت ثورة ديسمبر أبواب فسادهم، و انتزعت ضرع الوطن من أفواههم النتنة.. و تعمل الثورة و قواها علي تجريدهم من كل مال سحت سرقوه من قوت الشعب، يتم ذلك بالقانون و من خلال لجنة تفكيك " عفنهم "، الموقرة.. كما تتم مساءلتهم علي ما إقترفت ايديهم من جرائم و أولها إنقلابهم المشؤوم. لهؤلاء العاجزين عن الفهم بأن الشعب قد لفظهم الي يوم يبعثون.. و ان عودتهم الي سدة الحكم مرة اخري دونها بحور من الدم لا قبل لهم بها… و ان كان تعويلهم علي من إدخروا ليوم كريهة من العسكر، فلن يتجرأ أحدهم علي إذاعة البيان الأول، هذا باب أغلقه الله و امن علي إغلاقه أحرار هذه الأمة … و إن خلقهم للأزمات و إشاعة الفوضى و المضاربة في العملة الصعبة لخلق تذمر يؤدي الي كفر الناس بالثورة سيرتد عليهم وبالآ و حسرة.. و سيستمرون في العض علي أصابع الندم و الإختباء في جحورهم و البقاء في منافيهم نكرات كما كانوا دائمآ.. ما لا يستطيع أن يفهمه عاقل و لا يخطر علي قلب سليم، أن يشارك بعض ممن كانوا جزءآ من نضال الشعب و قوي الثورة الحية مع الفلول في الدعوة لإسقاط حكومة هم جزء من مكونها.. هذا بعينه العبث " الخبيث " الذي لا يليق بأي مواطن حر او سياسي فطن يحمل هم هذا الوطن في قلبه، أو يهتم بمستقبل هذه الأمة… و أن يهتم فصيل بأجندته السياسية و الحزبية علي حساب المصلحة الوطنية العليا لهو خيانة للعهد و إفشال للأمة و تنكر لشهداء الثورة. إن الإختلاف في الرؤى و الرأي أمر حميد و مطلوب، و مدعاة لتجويد الأداء و إقالة العثرات.. و ينبغي أن يتم ذلك بفهم و حنكة، بوطنية و تجرد.. و وفق الإتفاق علي آلية و وعاء يجتمع فيه الجميع و المصلحة الوطنية العليا نصب أعينهم.. و يجب ان توضع خطوط حمراء لا يجوز و لا يسمح بتجاوزها لكائن من كان.. و اول هذه الخطوط هو عدم السماح بالدعوة لإسقاط حكومة الفترة الإنتقالية، لأن في ذلك قفزة في الهواء و سباحة في يم المجهول و تفريط لا يجوز في حق الوطن و الثورة و الشهداء.. أقول إن الإنجازات التي حققتها الحكومة المدنية رغم كل العوائق و المطبات الطبيعية و المفتعلة تعتبر قياسية و خارقة بكل المقاييس.. و لا يستطيع منصف أن ينكر ذلك.. و آخرها ما أعلنه السيد رئيس الوزراء من الوصول الي مرحلة القرار بإعفاء جزء مقدر من ديون السودان بواسطة صندوق النقد الدولي. و كل من يدعوا لإسقاط هذه الحكومة المدنية فإنه يقدم البلد في طبق من فضة او من ذهب إن شئت لعسكر مؤدلج يتحين الفرصة للإنقضاض علي الثورة و الثوار، و إن حدث ذلك لا قدر الله فإن إنتقامهم سيكون مهولآ سوف تستجير منه الأجنة في بطون أمهاتها.