هل سنعبر للضفة (الأخرى) ..؟!! بالأمس قلنا إن (رهان الشارع) قد سقط, بمعنى أن الذين كانوا ولا زالوا يعولون كثيراً على أن الشارع سيتعبأ ويثور من جديد ضد هذه الحكومة لإسقاطها أو لإعطاء أملاً جديداً لعودة النظام القديم، فهذا في تقديرات الثورة وأنصارها حلم بعيد المنال ..!! صحيح أن الشارع (غاضب) وفاقد الأمل والرجاء من هذه الحكومة، وضاقت به المعيشة، وأحكمت الأزمة الاقتصادية وتداعياتها قبضتها تماماً على رقاب المواطنين.. بل إن الحكومة نفسها وباعتراف رموزها فشلت فشلاً ذريعاً في إيجاد الحلول والمعالجات، حتى لو كانت (وقتية) لهذه الأزمات، ولكنها في واقع الحال والتجربة.. تاهت بين مسارات عدة (وراح لها الدرب) كما يقول العامة, فباتت تتخبط كالأعمى والأبكم داخل (غرفة مظلمة) بحثاً عن مخارج آمنة ..!! وعلى أية حال هى ما زالت غارقة في (الأوحال) تحتاج إلى من يغيثها ويأخذ بيدها ويخرجها من (اللجة) والنفق المظلم إلى (الضفة الآمنة) غير أن السودانيين ينتظرون (بصيص أمل) مما تنتجه لهم مبادرة حمدوك وبشرياته، علها تكون وعداً وبشارة..!! وكثيرون أولئك الذين استنكروا علينا فرضية محاولة الربط بين أزمات الحكومة وانتكاساتها وعجزها بما اصطلح عليه (بالدولة العميقة)، فتلك هي حقيقة لا مفر منها بأن موروثات وبقايا النظام القديم كانت جزءاً أصيلاً في رسم وتشكيل هذا الواقع (المأزوم) وإنتاج الفشل..!! ولكن هناك أيضاً من يعتقدون أنه ليس هناك (فلول) ولا يحزنون، وإنما هي مجرد فزاعة أو شماعة تعلق فيها كل مبررات الفشل والعجز الحكومي ربما تصدق هذه الرؤية في بعضها ولكنها بالتأكيد ليست على حد الإطلاق ..!! نحن هنا مطالبون بالمهنية والاحترافية والحياد حينما نكتب عن قضايا الثورة والحكومة الانتقالية وتحدياتها وعن الصراع بين مكوناتها ما بين مدنيين وعسكريين وسنكتب بالتأكيد عن بقايا النظام القديم.. ما حجمهم ؟ وأين هم الآن؟.. وكيف يفكرون.. وماذا يريدون .. وما هي مخططاتهم.. وكيف تعبث أياديهم بمفاصل الحكومة الانتقالية في محاولة لإجهاضها ..؟!! فهذه هي المسؤولية المباشرة التي نسأل الله أن يقوينا على أدائها ليس طمعاً أو حباً في سلطان أو خشية من سيوف (بني قريظة) ..!! ولهذا فإنه من غير المنطق الاعتقاد بأن ما تواجهه حكومة (حمدوك) من عنت ومتاريس وحروب إعلامية مصدره فقط أولئك (الفلول).. ولكن هذه الحكومة وباعتراف حمدوك نفسه ليست على قلب رجل واحد، بل إن بعض مكوناتها (على طرفي نقيض) تعمل في تشاكس (كمستعمرات صغيرة)، كل منها يسعى الى حشد أكبر قدر من المكاسب والمنافع، مع أن الدولة نفسها (معطوبة ومنكوبة) وليس في خزينتها ما يسيل له (لعاب الطامعين)..ومن بين المتشاكسين من قفز خارج (السور) وأصبح يرشق حلفاءه القدامى بالحجارة، ويرجمهك بالحصى كالحزب الشيوعي الذي أصبح الآن يراهن على الشارع، واستخدم كل مخططاته لإنجاح موكب 30 يونيو لإسقاط حكومة حمدوك ..!! [email protected]