مستنقعات وبرك مياه مغطاة بأكياس البلاستك، وقوارير المياه الفارغة وأشياء أخرى لا يمكن التحقق من ماهيتها لاختلاطها بالوحل والمياه الآسنة، هذا ما تبدو عليه معظم شوارع العاصمة الخرطوم، وخصوصاً الأسواق والمتنزهات داخل الأحياء باستثناء أحياء ومناطق بعينها نتيجة الأمطار التي تضرب عدداً من ولايات البلاد هذه الأيام. وتتكرر ذات المشاهد مع حلول كل خريف بالعاصمة الخرطوم، ليكون القاسم المشترك بيئة متردية وأمراض متعددة بفعل توالد النواقل، وضعف التدخلات الحكومية، والوعي المجتمعي بأهمية الحد من انتشار الأمراض، وخلق بيئة آمنة ونظيفة. يأتي ذلك في ظل تحذيرات متكررة من كارثة بيئية نتيجة مخلفات الأضاحي واختلاطها بمياه الأمطار والسيول وانفجارات أنابيب الصرف الصحي. وكان الخبير في الصحة العامة وطب المجتمع، محمد حسين، قد حذر في تصريح سابق، من كارثة بيئية خطيرة قد تحدث بالخرطوم بسبب تكدس النفايات ومخلفات الذبيح، مؤكداً أن تكدس النفايات الآن في معظم شوارع وأحياء الخرطوم ستضاف إليه مخلفات الذبيح، مما يتسبب في كارثة حقيقية تنذز بخطر كبير يهدد صحة الإنسان في العاصمة. وأشار إلى أن تصريحات والي الخرطوم، أيمن نمر، التي تناقلتها العديد من المواقع الإخبارية وأكدت فشل حكومة الخرطوم في إدارة ملف النظافة، تعني أن الولاية أصبحت لا تملك المقدرات البشرية والمادية واللوجيستية للمحافظة على مستوى النظافة العامة وإصحاح البيئة خلال عطلة عيد الأضحى، موضحاً أنه يجب أن تبذل ولاية الخرطوم جهوداً حقيقية للمحافظة على الحد الأدنى من النظافة العامة بقيادة حملات توعية للمواطنين بكيفية التعامل الأمثل مع النفايات. وشدد خبير الصحة العامة على ضرورة دخول عربات نقل النفايات إلى داخل أحياء الخرطوم مرتين أو ثلاثة مرات على الأقل خلال فترة عيد الأضحى، لنقل ما تقدر عليه من مخلفات الذبيح إلى خارج مقرات سكن المواطنين، وأضاف أنه من سوء الحظ أن عيد الأضحى لهذا العام تزامن مع فصل الخريف دون أن تشهد ولاية الخرطوم أعمال صيانة للمصارف وفتحها لتصريف مياه الأمطار، وأشار إلى أن مستوى تلوث البيئة والنظافة العامة وصحة المواطن سيصاب بانتكاسة خطيرة من المياه الراكدة التي ستتسبب في توالد البعوض، ومن ناحية أخرى مخلفات الذبيح التي ستتسبب في توالد وتكاثر الذباب ونقله للأمراض وفي مقدمتها الإسهالات المائية. ويبدو أن التلوث البيئي يرجع في معظمه لآلية التجميع والتخلص من النفايات المنزلية في جميع مدن السودان، بحسب المتابعات، حيث يبين العجز عن التخلص من النفايات بكافة أشكالها، إذ تعتمد معالجة جماعية دون فرز النفايات السائلة وتحليلها على أساس المكون، أو الصلبة على حسب نوعها، أو فلترة الغازية الناتجة عن عملية التخلص، كما لا توجد صناعات لتدوير المخلفات والاستفادة منها. وتعتمد آلية تجميع النفايات الصلبة على ناقلات المصانع وشركات النظافة، حيث تنقل إلى مرادم مخصصة كمردم مدينة أم درمان الذي يعتبر ثالث أكبر مردم في أفريقيا، ويستقبل يومياً (3.600) طن من نفايات ولاية الخرطوم. تواجه هذه الآلية مشكلات قلة آليات النقل وعمال النظافة والإهمال التجميعي المؤدي لتراكم النفايات في الأحياء والأسواق، إضافة إلى الاعتراضات البيئية للمواطنين الذين اقتربت بهم الخطط السكنية من المرادم، وبعض التجاوزات في ردم النفايات في أماكن غير مخصصة. وقام والي ولاية الخرطوم، أيمن خالد نمر أمس، بزيارة لورشة هيئة نظافة ولاية الخرطوم، حيث يجري العمل على إضافة آليات جديدة لتعمل ضمن (63) آلية موجودة، إلى جانب إضافة حاويات جديدة لجمع النفايات بمحلية الخرطوم، ووجه الوالي بتسريع وتيرة العمل وتهيئة بيئة العمل للعاملين. وتعد محلية الخرطوم هي الأصغر مساحة من بين محليات الولاية السبع بمساحة تقدر ب (167) كلم، لكنها الأكثر إفرازاً للنفايات. وقال مكتب إعلام الولاية، إن زيارة الوالي تأتي ضمن مراقبة الجهود الحكومية لدرء الآثار المحتملة لخريف 2021، وتمت بعد أسابيع قليلة من حصول الخرطوم على ضمان سيادي لعطاء عالمي لنظافة العاصمة مداميك