أدى الغلاء الكبير وارتفاع أسعار السلع الأساسية إلى قلة القوي الشرائية بالأسواق احجام المواطنين عن الشراء، مما أدى الى ركود بدأ تجار يجأرون بالشكوى من تراجع حجم المبيعات ما أدى أيضا لاستقرار الأسعار بشكل كبير ووفرة في السلع الضرورية. ويبدو أن الركود لم ينحصر على الأسواق فقط، بل طال جميع القطاعات الخدمية خاصة المواصلات التي تأثرت كثيرا بتحرير الوقود وارتفاع تعريفة المواصلات. ويرى الخبير الاقتصادي د. هيثم محمد فتحي، أنّ الكساد أشد بكثير من الركود، وآثاره من الممكن أن تستمر لسنوات، وهو في الحقيقة يكون بمثابة الكابوس بالنسبة للأعمال التجارية والمصرفية والصناعة ،وبين ل"الراكوبة" انه يحدث عندما تجتمع عدة عوامل مع بعضها البعض في نفس الوقت تشمل زيادة في الإنتاج وانخفاض الطلب، وهو ما يخلق حالة من الخوف لدى المستثمرين والشركات. وأوضح ان زيادة العرض والخوف الذي يعاني منه المستثمرون تؤدي إلى تراجع الإنفاق ،ليبدأ الاقتصاد في التباطؤ وترتفع البطالة وتقل الأجور، وتآكل القوة الشرائية للمستهلكين. وأشار فتحي الى ان التضخم الحالي الذي يعاني منه الاقتصاد السوداني له دور في ارتفاع الأسعار التي تشهدها الأسواق السودانية مع محدودية الدخل لدى المواطن بما يتناسب مع هذا الارتفاع، وانخفاض الدخل الحقيقي يقلل من استهلاك المواطن ويؤدي إلى كساد في الاقتصاد ويزيد من نسب التضخم وسيترتب عليه أعباء متعددة على الاقتصاد. والشاهد ان الإقتصاد الكلي حاليا يمر بحالة ركود تضخمي، وهى حالة لا تجتمع كثيرا في الاقتصاد، فإما ركود أو تضخم، لكن الواقع الحالي يعني أن هناك حالة ركود بعدم وجود حالة بيع في السوق، يترافق مع ذلك حالة ارتفاع في الأسعار، باعتبار أن التضخم وصل إلى ما ي أكثر من 400 في المئة. بيد أن رئيس قسم الدراسات الاقتصادية بمركز الراصد د. الفاتح عثمان يقلل من اثر حجم الركود على الاقتصاد، ويؤكد ان الكساد الحالي في الأسواق السودانية لا يؤثر علي الاقتصاد السوداني سلبيا لأنه يمس قطاع السلع المستوردة بشكل أساسي إذ أن الاقتصاد السوداني ظل في تراجع مستمر، وتناقص الناتج المحلي الإجمالي إلى اقل من الثلث في خلال عامين تقريبا وبالتالي تناقصت القدرة الشرائية ومعها مستوى المعيشة. وأضاف الفتاح، ل"الراكوبة" انه بما ان السلع المحلية معاناتها اقل لأنها سلع أساسية فإن الاقتصاد غالبا يستفيد من الركود في حجم المبيعات لانه يؤدي الي تقليل الاستيراد ويقلل الضغط علي العملة الأجنبية وبالتالي يستقر سعر الصرف للجنيه السوداني ويقل التضخم تدريجيا . ونوه الى تأثر الاقتصاد في القطاع الخدمي وربما يفقد عدد كبير من الوظائف لكن قطاع الإنتاج الزراعي والحيواني والتعدين إضافة للمغتربين والمهاجرين ستكون هي قاطرة الاقتصاد السوداني مدعومة بالمنح والقروض ،جازما بأن الركود في الأسواق السودانية يبشر بخير كثير لانه يؤكد نجاح سياسات الحكومة الانكماشية لتقليل التضخم.