أعلنت حكومة الفترة الانتقالية أمس، موافقتها على تسليم المطلوبين في ملف دارفور للمحكمة الجنائية الدولية، وذلك من خلال لقاء وزيرة الخارجية بالمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، ورحبت الوزيرة بزيارة المدعي العام ووفده، وقدمت له التهنئة بتسلّمه مهامه بصفته المدّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، خلفًا لفاتو بنسودة، وجددت دعم السودان للمحكمة الجنائية الدولية وحرصه على استقلالية المحكمة للاضطلاع بدورها في إنفاذ القانون الدولي، وأكدت على التعاون مع المحكمة الجنائية لتحقيق العدالة لضحايا حرب دارفور، معربة عن استعداد وزارة الخارجية للعمل على تسهيل مهامها وفقاً لبنود مذكرة التفاهم لتحقيق الأهداف المشتركة، وأشارت وزيرة الخارجية إلى أن مجلس الوزراء قرر تسليم المطلوبين للجنائية الدولية، وأجاز مشروع قانون انضمام السودان لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وسوف يعرض الأمران في اجتماع مشترك بين مجلسي السيادة والوزراء للموافقة على التسليم والمصادقة على القانون. تعاون مشترك: من جانبه، أكد المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية حرصه على التعاون مع السودان في سبيل تحقيق العدالة، وشكر وزارة الخارجية على تعاونها وتسهيل مهام المحكمة في سبيل تنفيذ بنود مذكرة التفاهم الموقعة في فبراير المنصرم لتعزيز التعاون بين السودان والمحكمة. كما دعا خان إلى استمرار العمل المشترك مع وزارة الخارجية لوضع التدابير اللازمة التي تساعد المحكمة الدولية، وأعرب عن تقديره للخطوات الأخيرة للحكومة والتي بلا شك ستعجِّل بعمليات تحقيق العدالة وإنصاف الضحايا، ويشتمل برنامج المدعي العام للمحكمة الجنائية على لقاء بالدبلوماسيين وممثلي منظمات المجتمع المدني، وسيمضي سبعة أيام في السودان يتناول خلالها مسائل تتعلق بالتعاون بين المحكمة والسودان، وسيعقد مؤتمراً صحفياً في ختام زيارته للبلاد يوم الخميس المقبل. فرص المحاكمة: يرى المحلل السياسي كمال كرار أن إجازة مجلس الوزراء مؤخراً للنظام الأساسي لميثاق المحكمة الجنائية هو الخطوة التي تسبق مصادقة المجلس التشريعي المؤقت له. وهذا يعني خطوة متقدمة نحو تطبيق العدالة فيما يختص بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، ولكن يجب إكمال هذا الملف بتسليم المتهمين للمحكمة الجنائية دون إبطاء لأن الكثير من العراقيل وضعت أمام التسليم. وأكد كرار ل( اليوم التالي) أن هناك محاولة التفاف عليه بالقول إن محاكمة المتهمين يمكن أن تتم في داخل السودان على شكل نظام قضائي مشترك مع المحكمة الدولية، وهذا يعتبر واحداً من العراقيل التي قد تعطل تسليم المتهمين. وأيضاً هناك الكثير مما يقال عن العدالة الانتقالية مما يستشف منه البحث عن وسائل للإفلات من العقاب. ويقول متابعون إن زيارة المدعي العام للمحكمة الجنائية خطوة للمضي قُدُماً في سبيل محاكمة المطلوبين لدى المحكمة وكيفية تعامل السودان مع القضية. فشل القضاء: ويقول المحلل السياسي محمود حسن أحمد ل(اليوم التالي) إن من حق أي دولة محاكمة المتهمين أو الجناة، وإن عملية تسليم الجناة تم في حالتين فساد القضاء أو التواطؤ مع الجناة في هاتين الحالتين يتم التسليم، وتساءل محمود عن: هل القضاء فاسد أما واقف مع الجناة؟ وأضاف أن اتفاقية المحكمة الجنائية الدولية أو ميثاق روما من الاتفاقيات الكبيرة وتنص على أكثر من (70) مادة وأن السودان كان حاضراً على الاتفاقية ولكن لم يصادق عليها، وقال إن تسليم هؤلاء الجناة جاء بطلب من مجلس الأمن ولم يأتِ من دولة السودان والمفروض حدوث العكس، وهذا يؤكد أن تدخل الجانب السياسي في هذه القضية أكثر من القانوني، وأن هناك دولاً تتدخل في القضية مثل أمريكا وغيرها، كما أشار محمود أن تسييس هذه القضية أصبح واضحاً وأن الصراع أصبح صراعاً سياسياً أكثر منه قانونياً، وأن موقف الحكومة الانتقالية على تسهيل وتسليم الجناة يتم عن طريق التسليم مباشرة أو الرفض، وليس لديها خيار غير ذلك بسبب أن المحكمة الجنائية لم تنتظر 10 سنوات لاتخاذ قرار حول ذلك، وتابع (من الأفضل أن تتم محاكمتهم داخل البلاد من أجل حضور جميع الجلسات عن قرب) وقال إن الشارع العام يريد محاكمة الجناة عبر المحكمة الجنائية الدولية ولكن هذا يكون في صالح المتهمَين لأن الجنائية أفضل من سجن كوبرمن ناحية (أكل وصحة) وأشار أن هؤلاء المتهمين موجودون عن داخل السجن بدون محاكمات، وهذا خطأ أيضاً على حد قوله. يجدر ذكره أن المطلوبين للجنائية الدولية هم الرئيس المعزول عمر البشير، ووزير دفاعه عبدالرحيم محمد حسين ووزير الدولة بالداخلية آنذاك أحمد هارون، بجانب علي كوشيب الذي سلَّم نفسه وتجري محاكمته في لاهاي حالياً. اليوم التالي