فلابد ايقاف تساقط قيمة فئاته الصغيرة كتساقط أوراق الخريف . العملة السودانية تفقد قيمتها يوماً اثر يوم حتي كادت لا تساوي قيمة طباعتها . و لم يعد لهذه العملة من العملات العمدنية من الجنية والخمسين قرش وجود في السوق منذ أمد طويل . لم تكلف الحكومة الانتفالية نفسها جهد جمعها من ايدي المواطنين ، كما لم تقم بواجبها و الاعلان عن فقدانها لصلاحيتها في عمليات التداول بيعاً و شراء . قامت الحكومة من وقت لأخر باصدرت فئات كبيرة من العملة السودانية و بالاحري قامت بطباعة عملات جديدة من الفئات الكبيرة من المئة جنية والمئتين والخمسمائة حتي الالف جنية لمواجهة اثار التضخم وتأكل العملة الوطنية . بينما أهملت هذه الحكومة أمر العملات الورقية شأنها شأن العملات المعدنية ذات الفئات الصغيرة من الجنيهين والخمسة جنيهات والعشرة جنية الي فئة العشرين جنية . فالعملات السودانية دون الخمسين جنية فقدت قيمتها الشرائية ولم تعد مبرئة للذمة في التداول اليومي بين المواطنين بل أضحت سبب من اسباب التشاحن والتشاجر بين الناس في كل مكان . فلا يوجد سلعة ما في السوق السوداني مهما بخس نوعه وقل كميته او وزنه يمكن شرائه او بيعه بأقل من الخمسين جنيه . فعلي سبيل المثال لا الحصر فأصغر كيس لفول المدمس والتسالي ب خمسين جنيه ، كباية الشاي ب 100 جنية القهوة او الجبنة ب 150 جنية . اقل فئه لتعرفة المواصلات و لأقرب مسافة لايقل عن المئة حتي للتلاميذ وطلبة المدارس . اما مسألة الاكل في الاسواق والمطعام فقد أضحت ترف زائد لا يليق الا بالاثرياء والاغنياء وأصحاب المال والجاه . طلب الفول المصري السادة ، والفول السادة يعني فول ساكت برشة قليل من الزيت و عيشتين صغيرتين لا تشبعان ولا تغنيان من الجوع الطلب ب 400 جنية . هذا مع العلم بأن وجبة الفول المصري هو الاكلة الشعبية الرئيسية عند أغلب السودانيين في وجبتا الفطور والعشاء وهو الوحيدة الارخص علي الاطلاق . فأن أرت بأن تأكل وجبة مجيهة من الفول لمصري تحتاج علي الاقل الي مبلغ ال 600 جنية كحد أدني لطلب الفول وملحقاته من الزيت والجبنة والطعمية وزيادة عشتين او ثلاث عيشات قيمة العيشة الواحدة عشرين جنية من المطعم او البوفيه كي تأكل وتشبع . نعود الي مسألة العملات الورقية التي لم تعد مبرئة للذمة . فبالامس القريب ذهبت الي السوق لقضاء غرض ما فمدت للتاجر ربطة من القروش فئة العشرة جنيهات الخضراء بجانب مبالغ اخري من الفئات الكبيرة الخمسن والمئة . نظر لي التاجر بوجه مكفهر مكشراً عن انيابه قائلاً بجزم و حسم تاني ما تجيب القروش دي ! . فقال العشرة جنيهات . قلت له العشرة جنية لغوها و لا شنو ؟ اجاب مافي قروش لغوها لكنها ما بتمشي في السوق و مافي زول بستلمها منك . قلت له طيب انا جبتها من وين ؟ فأجابني دي مشكلتك لكن ما تجيبها لي تاني ! في وقت ما من هذا العام تم الاعلان بتغيير العملة السودانية وفي ما بعد لم يتم نفي الاعلان او تثبيته من أي جهة رسمية في الدولة السودانية . يحدث هذا الامر في كثير من الامور السودانية الملحة و يترك الحبل علي القارب . كما يحدث و لأكثر من السنتين من عمر الحكومة الانتقالية بخصوص المجلس التشريعي و تعيين الولاة و دواليك دواليك . العملة السودانية باتت بحاجة ملحة الي تغييرها واستبدالها لأسباب كثيرة تخص تداولها وتداعيات حملها وشيلها والتحرك بها من مكان لأخر . فهي أضحت شبهة تلفت الانظار هذا ان كنت تحملها في كيس او حقيبة او شوال وكنت راجلاً او راكباً في مركبة عامة او خاصة . فحمل القروش السودانية في ظل الاوضاع الامنية السيئة صار هاجس كبير يأرق الجميع دون فرزر بل بات خطراً يؤدي الي التعرض الي التهديد والنهب وفي جل الحالات ينتهي بجريمة القتل . ودونكم حوادث تسعه طويله وما ادراك بالتسعة الطويلة . العملة السودان في ابسط تقدير تحتاج الي حذف صفر او صفرين من ارقامها علي حتي تكون تستعيد حيويتها وجدواها الاقتصادية والتجارية وقيمتها لشرائية عند المواطن السوداني . في البنوك تحدث دائماً ملاسنات وربما مشاجرات بين العملاء والموظفين بسبب تسليم هذه القروش من الموظف للزبون او العكس من العميل لموظف البنك . ففي كلاتا الحالتين تجد الطرف الذي يريد استلام القروش يحتج لاسيما اذا كان المبلغ كبير و من فئة العملات الصغيرة كأبو خمسين والعشرين والعشرة جنية فهي تحتاج الي اكياس كبيرة او شوالات وعتاله وتكاليف ترحيل بالنسبة للزبون . اما بالنسبة للموظفين فعملية العد والمراجعة ترهقهم وتشل قدراتهم الذهنية والبدنية علي حد سوا . فمتي يتم تغيير هذه العملة السودانية لجبر الضرر من المواطن السوداني المغلوب علي أمره في التعامل مع الجنية السوداني الذي بات ورقاً لا يساوي قيمته . فحتي الشحادين المتسولين والاطفال الصغار اسقطوا من حساباتهم الروقة ابو العشرة والعشرين جنيهاً في تعملاتهم لان لا قيمة لها . [email protected]m