قرأتُ تقريراً قبل سنوات أعدته إحدى المنظمات العالمية العاملة في مجال الصحة، لا اذكر اسمها بالتحديد، قالت ان معدل الاصابة بمرض الملاريا في جنوب السودان مرتفع للغاية، ويضيف التقرير ان الملاريا تودي بحياة 10% من مرضاها اي من جملة (100) مريض يموت عشرة، وهي نسبة مخيفة بكل تأكيد، ولو اخذنا ايضا بالتقرير الذي صدر من منظمة الصحة العالمية لعام 2020م بخصوص الملاريا نجد ان 94% من والفيات تنحصر في القارة الإفريقية، ومن عندى ازعم ان نسبة 50% من هذه الوفيات هي من نصيب جنوب السودان، لانه اذا كانت الملاريا لوحدها تأخذ ما نسبته 10% من ارواح الجنوبيين قبل حرب (رفاق حزب الحركة الشعبية) وقبل الخراب الذي لحق بالاقتصاد والعباد فياترى كيف يكون الحال في الوقت الراهن؟. أعتقد ان الملاريا لن تقبل بأقل من 25% كنصيب ادنى لها في الارواح السائبة وهي نسبة تضاهى حقوق المرأة المفترى عليها في مؤسسات الدولة المختلفة، ولا أذيع سراً ان قلت لكم ان البعوض مؤخرا طور قدراته الهجومية والدفاعية معا.. ، فلم يعد مرض الملاريا الذي يسببه مقاوم للادوية فحسب، بل البعوض نفسه اصبح يقاوم الناموسيات ويخترقها بكل يسر ليصل الي الضحية بأقل مجهود .. كيف يحدث ذلك؟ هذا ما سنحتاج فيه لعلماء الحشرات كي يفتونا بشانه.. ويا حبذا لو ركزت الدراسة حول نوع البعوض الكاتم للصوت الذي يمتص الدماء بهدوء تام ولا يسمع له طنين، انا شخصاً اعترفت بذكاءه وبجميع قدراته العقلية والبدنية، بل وسلمت أمري له، اذ لم أعد أُوذِيْ حتى الذي اضبطه داخل ناموسيتى عند الصباح، عسى ان يكون ذلك عربونا للصداقة بيني وبينه.. من يدري ربما يحن لصديقه يوما ما ويحرم على نفسه هدر دمي! لا ينتطح عنزان حول حقيقة ان مرض الملاريا هو المنافس الرئيسي لرفاق (حزب الشعبية المنشطر) في ارسال ارواح الجنوبيين الي الرفيق الأعلى، ورغم ذلك يحدونا الأمل في ان الحرب ستتوقف كليا يوما ما .. عاجلا ام اجلاً، وسيعم السلام ربوع بلادنا الحبيبة، وسيخوض السياسيون انتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة كوسيلة لبلوغ كرسي السلطة دون سفك دماء، ولكن السؤال هو …؟ من سيخوض الرهان مع البعوض؟ سمعنا قبل فترة نقلا عن مسؤول حكومي في عهد المخلوع بالجارة الشمالية انهم توصلوا الي (حلٍ ما!) .. وهذا الحل يسمح بتواجد ثلاثة بعوضات فقط!! داخل الغرفة الواحدة في كل بيت.. اتمنى تعميم التجربة السودانية على جنوب السودان، وعليه نطالب القائمون بأمر الصحة في بلادنا ان يولوا المسألة اهمية قصوى ويجلبوا لنا سلاماً مع البعوض ويمكننا السماح بتواجد خمسة داخل الناموسية نفسها لا الغرفة، وان لم تستطيعوا ابرام هذا الاتفاق فعليكم بالتنحى … فغيركم اجدر بالمهمة… بالواضح كدا ورونا عرض اكتافكم. ألقاكم.