* الوفيات التي حدثت بسبب انعدام الأدوية كثيرة ولم نتمكن من إحصائها * القوى السياسية لم تولي أزمة الدواء أهمية بينما انكبت وراء المحاصصة والمناصب * نحتاج شهرياً (55) مليون دولار وسنوياً (600) مليون دولار لاستقرار الدواء تظل أزمة الدواء منذ 2019 الى الآن عقبة أمام حكومة الفترة الانتقالية، وبالرغم من المجهودات التي بذلتها ولكن مازالت الأزمة عالقة ، وأول قرار أصدره رئيس مجلس الوزراء إلغاء حصيلة الصادرات التي تمثل (10)% للدواء وهذا القرار وجد رفضاً وسط الحقل الطبي باعتبار أن القرار وضع بدون خارطة طريق، وحمل تجمع الصيادلة رئيس مجلس الوزراء د. عبد الله حمدوك مسؤولية هذا القرار وأن الدولة وراء خلق أزمة الدواء عبر قرارات غير مدروسة. (اليوم التالي) التقت عضو تجمع الصيادلة دكتور صلاح جعفر للحديث عن تلك القضية. حوار : رفقة عبدالله من أين يتم تمويل الدواء؟ يتم تمويل الدواء في الإمدادات الطبية من وزارة المالية بسعر الدولار الثابت 18 جنيهاً، واستمرت عملية تمويل الدواء حتى بعد الثورة 2018 وكان الدواء عن طريق الدعم المباشر ، وهذا هو سبب الوفرة للدواء، هذا بالنسبة لدعم دواء الإمدادات الطبية، أي القطاع الحكومي ، أما بالنسبة للقطاع الخاص فكان الدولار يأتي عن طريق البنك بسعر 45 جنيهاً بمعنى دعم غير مباشر، عكس شراء الدولار من السوق الأسود، وأيضاً عن طريق 10 % من حاصل الصادر، وتغطي الإمدادات الطبية 35 % من الأدوية، والقطاع الخاص يغطي 65 % وهكذا كانت عملية توفير الدواء بطريقة سهلة وتوفير الدواء بصورة واضحة وخطة مرسومة حتى 2019 ، مما جعل سعر الدواء مناسباً مع الأوضاع الاقتصادية في البلاد، وهنالك وفرة في الدواء، وعدم زيادة تضخم في أسعار الدواء. و كيف حدثت هذه الأزمة التي استمرت مايقارب العامين ؟ بشكل واضح بسبب رئيس مجلس الوزراء دكتور عبدالله حمدوك ! وضح أكثر ؟ بمعنى أوضح بسبب توجه من رئاسة مجلس الوزراء دكتور عبدالله حمدوك بإلغاء تحصيل حاصل الصادر للدواء هو بنسبة 10% كانت مخصصة للدواء الذي يعطى للقطاع الخاص وحمدوك أصدر قراراً بإلغاء هذه النسبة، وأن المشكلة الحقيقية عدم وضع خطة بديلة لهذا القرار غير المدروس الذي تجاوز فيه حمدوك كل المختصين في هذا الشأن، والسؤال الذي يطرح نفسة، من أين يأتي الدولار لهذا الدواء، ولكن للأسف الشديد حمدوك لم يجاوب على هذا السؤال و منذ شهر يناير 2019 م حتى الآن بهذا القرار حمدوك قفل بلف الإمداد للدواء في السودان، بدون خطط بديلة وتسبب في أزمة حقيقية استمرت ما يقارب العامين، وهذا دليل على عدم اهتمام الدولة بالقطاع الصحي . كيف تدخل الأدوية للبلاد ؟ عن طريق ثلاث جهات: الإمدادات الطبية هو قطاع الحكومة والقطاع الخاص بشقيه اذا كان شركات او قطاع التصنيع المحلي و كان يتم تمويل الدواء باعتبار أنه سلعة محكومة بقوانين و ملزمة بتسعيرة محددة وهي السلعة الوحيدة التي كانت محكومة بسعر مضبوط عن طريق تحديد سعر محدد. أين كان تجمع الصيادلة من هذا القرار ؟ تجمع الصيادلة أصدر عدداً من البيانات وعقد عدداً من المؤتمرات الصحفية ضد هذا القرار الذي من سلبياته حدوث الندرة في الدواء، وبالفعل حدث ذلك واستمرت الندرة وانعدام الكثير من الأدوية. كم حجم الفجوة الدوائية التي خلفها إلغاء قرار حصيلة الصادر بالنسبة للقطاع الخاص؟ تم منع استخدام حصائل الصادرات التي تمثل (10%) للدواء بالنسبة للقطاع الخاص، يوم 29/ مارس الماضي ، بعد مرور ثلاثة شهور من القرار الأول ''قرار الإلغاء '' ، وفي تلك الفترة كان يجب ان يتوفر الدواء في المخازن والصيدليات أو الإمدادات الطبية. وصدر من بنك السودان منشور في أواخر ابريل مما يشير إلى أن الفارق الزمني صار خمسة أشهر، ومن ثم قرر عمل محفظة للدواء والتي بدأت في شهر أكتوبر، مما يؤكد أن الأزمة استمرت لفترة عشرة أشهر كاملة، وهذا بالنسبة للقطاع الخاص. ونجد أن الإمدادات الطبية تغطي (35%) والقطاع الخاص يغطي (65%). الإمدادات تعنى بأدوية الأمراض المزمنة والكلى، أما القطاع الخاص فمعني بالمحاليل وبقية الأدوية . وقد حصل تماطل من وزارة المالية في سداد النقد للإمدادات الطبية للشركات التي تتعامل معها مما ساهم في الفجوة الدوائية. للدولة سياسات متخذة وتوجيهات لاستيراد الدواء فهل ذلك يسهل من مهامكم كجهة ذات صلة بهذا الأمر ؟ رئيس الوزراء عبدالله حمدوك تجاوز كل الجهات الفنية، (صندوق الإمدادات ، إدارة الصيدلة والسموم) وخلال 10 شهور جفف الدواء من الإمدادات. وحقيقة تصريحات حمدوك تخديرية، وأن أغلب الدواء يأتي لأجل الأمراض المزمنة، والقطاع الخاص كان يتحصل على الدولار الجمركي ب(45) جنيهاً، أما للإمدادات فكان ب(18) جنيهاً، وهذا ينعكس سلبياً على المواطنين، وبالفعل حدث ذلك. وأن أغلب المواطنين أصبحوا يستخدمون أموالهم الخاصة لجلب الدواء، طالما الدولة لم تقم بتمويل عملية توريد الدواء. كم تحتاج البلاد شهرياً لحدوث وفرة في الدواء؟ لحل ومعالجات تلك الأزمة السودان يحتاج شهرياً 55 مليون دولار 20% للإمدادت الطبية والباقي القطاع الخاص ، وأن الإمدادات الطبية تدعم أدوية الأمراض المزمنة مثل أمراض السكري والضغط والسرطان وغسيل الكلي وبقية الأدوية من القطاع الخاص، واذا لم توفر هذا يصبح هناك ندرة في الدواء مع ارتفاع الأسعار، إضافة للسوق الأسود. أما سنوياً فيحتاج الدواء إلى 600 مليون دولار. كيف تنظر لهذه السياسات ؟ قرارات الحكومة غير مسؤولة، وهي من تخلق الأزمات والندرة وتصريحاتها ليست حكيمة، ولا توجد رقابة من قبل الدولة. هل تكررت هذه الأزمات في السنوات السابقة؟ تكررت هذه الأزمات في 2013 و 2016 ولكن لم تستمر أكثر من ثلاثة أشهر والدولة هي من تخلق الأزمات؛ اذا كان في النظام البائد أو في الحكومة الحالية ، باعتبار أن الحقل الطبي ليس من أولويات الحكومة وهذا ما يفعله حمدوك في الوقت الراهن . هل هنالك جهات خفية ؟ لا أعتقد أن هنالك جهات خفية، وإذا كان هناك أي جهة على الدولة محاسبتها، نحن نحمل الدولة مسؤولية ندرة وانعدام الدواء. هل هناك وفيات بسبب انعدام الدواء؟ هنالك عدد كبير من المرضى ماتوا بسبب عدم توفر الدواء ولكن لم نتحصل على إحصاءات ولم يتم تدوين ذلك لعدم معرفة إحصاءات، وكتابة ذلك في التقرير الطبي، في السودان لا توجد تلك الثقافات ، وهنالك الكثير من المرضى ماتوا داخل المستشفيات بسبب انعدام الدواء ، وعدم وجود دواء سيؤدي إلى انهيار الوضع الصحي في البلاد، و جملة سنعبر وسننتصر هذه ليس حقيقة، وبهذه السياسات استمرت الأزمة طيلة هذه الفترة بسبب السياسات والقرارات الخاطئة . هل تقصد بهذه السياسات الحكومة تشرع في رفع الدعم عن الدواء؟ نعم باعتبار أنها جففت الإمدادات الطبية من كثير من الأدوية، وارتفع سعرها إضافة لذلك تحرير سعر الدولار الذي أصبح 440 جنيهاً، وهذا ينعكس على أسعار الأدوية في الصيدليات. أين وزارة الصحة مما يحدث ؟ في رأيي تلك الأزمة يتحملها حمدوك ووزارة المالية، وزارة الصحة غير مسؤولة من توفير النقد لجلب الدواء فهذه مسؤولية المالية ، أما وزارة الصحة اللوم يقع عليها في المراحل الفنية وتوزيع الأدوية والمراقبة، و لكن المشكلة توفير النقد للدواء وهو من مهام وزارة المالية، ولقد رفعنا مذكرات لمجلس الوزراء؛ لكن لم ينظر في أمرها. وهذا القرار جفف الدواء وحرر نصفه ووزارة المالية لم تلتزم بدفع النقد، وهذا انعكس على المرضى بشكل واضح، ولا يوجد حل؛ غير أن الدولة توفر دواء صحياً وآمناً ومضموناً ، ولا يوجد حماية للوقاية من الأمراض . هل الحكومة أكدت رفع الدعم؟ تحرير سعر الدواء لم تصرح به الدولة حتى الآن، ولكن السياسات تدل على ذلك ، وتصريحات حمدوك عن قضية دعم الدواء للأمراض المزمنة، ليست صحيحة. هل توجد شركات محددة لاستيراد الدواء؟ لا توجد شركات محددة لاستيراد الدواء، ولكن الدواء يأتي باسم شركات مسجلة. ماهي الأدوية المعدومة؟ هنالك الكثير من الأدوية المعدومة من غسيل كلى، والأمراض المزمنة، والأمراض النفسية، والعقلية والسرطان وغيرها من الأدوية و أدوية السرطان في السوق السوداء، ووصلت إلى 600 ألف جنيه، للجرعة الواحدة بسبب عدم دفع المالية للإمدادات الطبية. أين القوى السياسية لحل تلك الأزمات ؟ القوى السياسية تبحث عن المناصب الإدارية والوزارات ولا تهتم بأمر المواطن ، والحكومة شغالة بسياسة (التطنيش)، وهي تسعى لحل المشكلة بعد ما تصل لدرجة معينة ولا تحل الأزمات من جذورها، والآن حكومة الثورة تأكل ابناءها وجزء من انهيار البلد القرارات السياسية وعدم الرغبة الحقيقية لحل الأزمات، وهذا يدل على أن هذه الحكومة ليس لها علاقة بالشعب، وأي شخص يحكم لم يكن له خطط لوضع حلول ، ولا توجد قوى سياسية لحل تلك الأزمات. هل تجمع الصيادلة مع رفع الدعم عن الدواء؟ لا يمكن رفع الدعم دون إصلاح مظلة التأمين الصحي، وتحسين الخدمة الموجودة فيه ، وتوفير الدواء.