يقفز الإعلان السياسي المطوّر لوثيقة "إعلان قوى الحرية والتغيير"، لمنصات الأخبار في الوقت الذي بدأت فيه إرهاصات لانسداد الأفق من جديد، حتى بعد إسقاط نظام "89"، وكحاله من المبادرات السياسية طوال التاريخ، فإن الإعلان السياسي الذي تم التوقيع عليه في نهار الأربعاء الماضي بقاعة الصداقة، وأمّته الأحزاب الموقعة عليه، شهد تحفظات ومقاطعة من أحزاب أخرى، لكن يبدو أن تحفظ بعض القوى السياسية وحركات الكفاح المسلح ربما يضعها أمام محك مغادرة الحاضنة السياسية والحكومة الانتقالية بالطبع، ما لم تلبِ دعوة للتوافق من جديد أطلقها عضو مجلس السيادة الانتقالي رئيس تجمع قوى تحرير السودان، الطاهر حجر، بأن يبدأ الإعلان حواراً جديداً لضم الرافضين ومن لديهم تحفظات عليه. في الإجابة على سؤال ما إذا كان الإعلان السياسي المطور سيحقق وحدة قوى الثورة؟ فإن عضو مجلس السيادة الطاهر حجر يشير إلى أن الوحدة ليس بالضرورة أن تكون في تنظيم واحد، ويرى أن ذلك شبه مستحيل في ظل التباينات التي تحملها قوى الإعلان وقوى الثورة نفسها، لكنه يأمل في حديثه أمس ببرنامج "مؤتمر إذاعي" الذي بثته الإذاعة القومية، لوحدة هدف يتمثل في إزالة وكنس آثار النظام المباد، لكن بالنسبة لمستشار رئيس الوزراء السابق، أمجد فريد، فإن الإعلان السياسي الذي تم التوقيع عليه بغرض توحيد قوى الحرية والتغيير ليس شيئاً على الإطلاق، بيد أن فريد يستدرك بقوله "الإعلان لا يحقق وحدة قوى الحرية والتغيير ولا يحقق هدف وحدة قوى الثورة". وحول ما إذا كان سيحسم الإعلان تحديات الفترة الانتقالية، فإن أمجد فريد يشير في تعليقه على الإعلان إلى أنه لن يخلق الكتلة الانتقالية التي تحدث عن ضرورتها رئيس الوزراء في مبادرته. ويعود عضو مجلس السيادة الطاهر حجر للقول بأن مواقف حركة العدل والمساواة ليست متصلبة ورافضة، لكنهم يتحدثون عن آلية اتخاذ القرار التي يجب أن تكون واضحة، لكن بالنسبة لعضو حركة العدل والمساواة محمد زكريا، فإنهم ينشدون وحدة منتجة تتوافر على استمرارية ولا تقوم على انتقاص للآخرين من الأحزاب والحركات. وحول رأي حركته في الإعلان، فإنه ومع تأكيد أن تبلور فكرة الميثاق نفسها تمت في صالون رئيس الحركة جبريل إبراهيم، إلا أنهم يرون أنه يواجه – الإعلان- نقصاً، رغم تأكيده على تفهم ذلك وحدوث تطور في هيكل وميثاق الحرية والتغيير. ويشدد على ضرورة حسم آلية اتخاذ القرار التي لم ترد صراحة في الإعلان الذي تمت تلاوته في قاعة الصداقة. ورغم أن محمد زكريا يشير إلى أن هنالك تنظيمات ليس لها ثقل في الإعلان واتخاذ القرار في قوى الحرية والتغيير، وأن التفاوت في الأوزان الحقيقية لمكونات الإعلان لديه تأثيره على اتخاذ القرار، إلا أن الطاهر حجر عاد وأبدى اختلافه مع حديث زكريا، بأن الوقت الراهن ليس للحديث عن الأوزان، وأن ذلك مكانه صندوق الانتخابات، وأن الوقت حسب عضو مجلس السيادة، لإزالة الخلافات داخل الحاضنة للفترة الانتقالية، وأن حركة العدل والمساواة، حسب علمه، ليس لديها مثل الرؤية التي طرحها زكريا فيما يتعلق باللجوء، والتعليق على أوزان القوى الموقعة على الميثاق. ويستدل حجر بحرص الموقعين على استصحاب حركة العدل والمساواة عندما كشف عن تأجيل لأربعة أيام لحضور رئيس الحركة جبريل إبراهيم. وطرح عضو مجلس السيادة الطاهر حجر بداية عمل آلية الإعلان المطور لقوى الحرية والتغيير بالدخول في حوار مع الذين أبدوا تحفظاتهم على الإعلان، والرافضين، وقال يجب أن يكون هناك تقديم تنازلات فيما يتعلق بالتمثيل وموقع القرار، وأن نلتفت لقضايا الناس بدلاً من "التناقر". وأضاف "علينا أن نهتم بالمدارس المقفلة يفتحوها كيف، لأننا لم نأتِ للحديث عن أحزابنا وحركاتنا حتى نصل لنتيجة"، وأقترح أن يبدأ الحوار مع الحزب الشيوعي، باعتباره من الرافضين، ومع حركتي العدل والمساواة وحركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي. وأردف حجر "صحيح نكون مختلفين على قضايا، لكننا يجب أن نتفق على كنس آثار النظام السابق"، ورأى أنه لا صعوبة في ذلك، فالذين يمثلون الإعلان والرافضين هم في المقام الأول من يجلسون في البيوت السودانية، ويلتقون في المناسبات الاجتماعية، وأن ما وحّدهم في ذلك يجب أيضاً أن يتوحدوا على حل قضايا الناس. وشدد على أن الإعلان ليس كتاباً مُنزلاً، ويمكن أن يشمل ويضم الجميع من جديد. وشهدت قاعة الصداقة بالخرطوم، الأربعاء، حفل توقيع الإعلان السياسي لقوى الحرية والتغيير بحضور رئيس الوزراء، عبدالله حمدوك، وجاء تحت عنوان (إعلان سياسي بوحدة تحالف قوى الحرية والتغيير). ونص الإعلان على الوحدة في طريق دعم الانتقال، وبناء دولة المواطنة المدنية الديموقراطية، ووقع على الإعلان كل من المجلس المركزي للحرية والتغيير، والجبهة الثورية السودانية، وحزب الأمة القومي. وأكد الموقعون على الإعلان التمسك بوحدة قوى الحرية والتغيير ودعم الحكومة الانتقالية، وإنجاح الانتقال نحو بناء الدولة المدنية الديموقراطية، دولة المواطنة بلا تمييز، التي تسع جميع السودانيات والسودانيين. وأشار الإعلان إلى أن الخطوة جاءت بعد جُهدٍ متصل وحوار تميّز بالوضوح والشفافية، بين الأطراف الموقعة عليه. وأكد الموقعون أن الإعلان السياسي يُعدُّ امتداداً وتطويراً والتزاماً بما أنجزته قوى الحرية والتغيير من مواثيق، وعلى رأسها إعلان الحرية والتغيير والوثيقة الدستورية واتفاقية جوبا لسلام السودان، وقالوا: نُجدِّد التزامنا الكامل بكل ما توافقت عليه قوى الحرية والتغيير من قبل. ونص الإعلان على إنشاء آليات جديدة لقيادة وتوحيد قوى الحرية والتغيير، وتتمثل هذه الآليات في: المؤتمر العام الذي يضم قوى الثورة والتغيير والحراك الثوري المنضوية أو التي ستنضم تحت راية قوى الحرية والتغيير، الهيئة العامة التي تضم وتمثل كافة قوى الثورة والتغيير في الريف والحضر، وهي بمثابة الجمعية العمومية لقوى الثورة والتغيير، ومنظومة الحرية والتغيير، وهي منفتحة على كافة منظومات الثورة والمساهمين في الدفع بقضايا الثورة والتغيير. والمجلس المركزي الذي هو أداة الهيئة العامة وجهازها الذي يضع الخطط والسياسات، ويرسم ويتابع التنفيذ والمسار الاستراتيجي لإنجاح وإنضاج المهام والواجبات المُلقاة على عاتق قوى الثورة والتغيير في عملية الانتقال المعقدة، بجانب المكتب التنفيذي الذي يباشر العمل اليومي، وينفذ الخطط والسياسات التي يدفع بها المجلس المركزي. وحسب الإعلان السياسي، فإن التحالف الجديد سيسعى لتطوير صيغة تمكن قوى الحرية والتغيير من أن تخوض الانتخابات العامة القادمة بصيغةٍ مشتركة لمواصلة الإصلاحات وبناء الدولة المدنية الديموقراطية، دولة المواطنة التي تسع الجميع، بشرعيةٍ انتخابيةٍ ووفق مشروعٍ وطني متفق عليه. وتعهد موقعو الإعلان بالتصدي (لأي محاولةٍ تعمل على قطع الطريق أمام شعبنا في الوصول إلى دولة المواطنة المدنية الديموقراطية، وسنعمل على دعم وإنجاح الانتقال، وتسليم السلطة لمن ينتخبه الشعب في انتخابات حرة ونزيهة، وأن تكون بلادنا أنموذجاً لنجاح الانتقال الديموقراطي إفريقياً وعربياً، وأن تعبر بلادنا إلى بر الأمان، معافاة، وشامخة، وفاعلة في المحيطين الإقليمي والدولي). الحداثة