ضجت الأسافير و شبكات التلفزة المحلية و الإقليمية و الدولية صباح الحادي و العشرين من الشهر الجاري بخبر عاجل مفاده وقوع محاولة " إنقلابية " في السودان !!. بث التلفزيون القومي صورة "يتيمة " سرعان ما تلقفتها محطات التلفزة العالمية تظهر بعض مدرعات الجيش أمام أحد الجسور في الخرطوم.. لا صور قبلها و لا بعدها.. ساعتئذ توالت تصريحات المسؤولين السودانيين بما فيهم رئيس الوزراء الموقر مؤكدآ وقوع المحاولة الإنقلابية.. ثم إنبري بعدها الجميع يحللون و يفندون، يؤكدون و يتبرعون بإجابات عما حدث و لِم حدث و المآلات و النتائج مع بعض الأمنيات و المقترحات.. ثم، و تلك هي النقطة الأهم.. ظهر رئيس مجلس السيادة الإنتقالي " المؤقت " في أحد المواقع العسكرية يتحدث لجمع من الجنود" بحماسة " و هم يقاطعونه بالتهليل و التكبير.. وقد بدا رابط الجأش.. لا كمن كان قاب قوسين أو أدنى من فقدان سلطة قد " حلم " والده أنه حائزها و مجتبيها!!. ثم و كعادته صب جام غضبه علي المدنيين و حملهم كل سوء حدث و يحدث في الفترة الإنتقالية كأنه محلل سياسي من دولة أجنبية و ليس رئيس السلطة الأعلي في البلاد… و قد تحدث " سيادته " عن الضيق الإقتصادي و المعيشي و بقية إخفاقات الفترة الإنتقالية و تجاهل " تماما " الإنفلات الأمني الذي يضرب أطراف البلاد، بل و عاصمتها، كون ذلك يقع تحت مسؤولية العسكر و ذلك يكشف عوراتهم إن هو أشار إليه. و لم يتأخر نائبه " الأول " كثيرآ، فخرج " أيضآ "مهاجمآ المدنيين و الأحزاب و حملهم مسؤولية القصور و الخراب الحادث في البلاد و أنهم يسعون فقط للسلطة و المناصب.. كأنه هو يسعي للنصر او الشهادة في ميدان الشرف و البطولة !!. و كأنه لم يكن " حارسآ " للنظام الذي ساق البلاد إلي حتفها و كان يدافع عن أسوأ و "أحقر " رجل أنجبته البشرية منذ أن خلق سيدنا آدم عليه السلام !. الكل يعلم أن أجل إنقضاء رئاسة العسكر للسلطة السيادية قد إقترب.. و زمن إفول سلطتهم قد دنا، و يبدو أنهم في خوف و وجل من مآلات ذلك، و يعلمون أن تركهم للسلطة في أيدي المدنيين قد يفتح عليهم طاقات الجحيم و كوة من المجهول لا قبل لهم بها.. ففي أعناقهم ديون و في أيديهم دماء و لهم ملفات تشفق الجبال من حملها .. و نعلم أن الأجل اذا أزف فلخروج الروح حشرجة و للموت سكرات. للإنقلابات العسكرية قواعد و أصول و موجبات للنجاح.. و السودان مبتلي بهذه الآفة، و لذلك فأهله علي دراية بها و يدركون حقائقها و مظاهرها.. لذلك لم تنطلي هذه المسرحية " السمجة" سيئة الإخراج و التمثيل علي معظمهم.. و طفقوا يتسائلون عن "المعتوه" الذي يقوم بإنقلاب عسكري بعد الثلاثين المشؤومة حتي لو كان من زمرة "أنجاس" النظام المقبور و أزلامه.. فإنهم يتصفون بكل صفة قبيحة و عليهم كل رزيلة و رزيئة إلا الغباء و ممارسة الإنتحار… و هم يعلمون بأن العاصمة محاطة بقوات و مليشيات الحركات المسلحة إحاطة السوار بالمعصم، و هم أعداءِهم الألد. كما أنهم يعلمون بأن الشعب سيتفجر بركان غضب في وجوههم إن هم أتوا بهذا المنكر كرة أخري. فلجنة إزالة التمكين لم تترك في وجههم مزعة لحم يواجهون بها هذا الشعب الثائر. و لدي بعض الأسئلة و والتساؤلات. كيف يمكن لإنقلابي يريد نجاح مغامرته ألا يقوم " أولآ " بإعتقال كل القيادة السياسية و العسكرية قبل إذاعة البيان الأول؟؟. كيف ينجح إنقلاب عسكري دون السيطرة " الكاملة " علي القيادة العامة للقوات المسلحة" اولآ "، سواء بالتنسيق او بالقوة.. ثم هل يعقل لقائد إنقلاب أن برسل ضابطين للإذاعة بالبيان الأول دون قوة نارية مرافقة، ثم حينما " يرفض " مهندس البث إذاعة البيان ينسحب الضابطين كأنهم عمال " ديليفري " أخطأوا العنوان؟!. كيف لإنقلاب أن ينجح دون تأمين المرافق الحيوية مثل المطار و التلفزيون و مرافق الاتصال و تأمين بقية الكباري الموجودة بالعاصمة؟؟! أقول، إن ما حدث يشي بأن شئ ما يحاك في ظلام دامس، و إن هناك نية مبيتة لفعل ما. لقد مارس الفلول كل أنواع الضغط علي الشعب السوداني بغية دفعه للكفر بالثورة و إحباط أمله في التغيير.. و قد باءت كل محاولاتهم بالفشل.. و لما لاح أفق إنتهاء أجل رئاسة اللجنة الأمنية لرئاسة السلطة الأعلي في البلاد، تحركوا لدفع البلاد إلي حافة الهاوية أملآ في حدوث معجزة تمدد بقاءهم في سنام السلطة. علي قوي الثورة و محبي الوطن و الحرية و السلام و العدالة رص الصفوف و شحذ الهمم و تناسي المعارك الجانبية "التافهة" والمكاسب الحزبية و الشخصية الضيقة.. فمعركة كسر العظم قد بدأت، و لا يجوز أن تسقط راية ثورة ضمخت بدماء شهداء و مصابين و مفقودين، و عْمدت بدموع يتامي و أرامل و نائحين.. الوطن أمانة في أعناقنا و الدفاع عن الثورة فرض عين.. و كما قال الشهيد عبد العظيم قبل إستشهاده في ميدان الإعتصام( لقد تعبنا يا صديقي لكن لا أحد يستطيع أن يستلقي أثناء المعركة).