انا ليس بالمتشائم أبدا … لكن قراءة الواقع السياسي السوداني المأزوم … ينبئ بقدوم شئ ، ذلك في ظل الانقسام الحاد بين المكون المدني والعسكري في حكومة الفترة الإنتقالية … لكن ماهو السيناريو المتوقع ؟ وكيف تعاد الخارطة السياسية في السودان؟ أسئلة ملحة ومشروعة في الضبابية التي تعتري المناخ السياسي بشكل عام . من المؤكد أن حدوث انقلاب عسكري ، سيكون في صالح النظام القديم ، نظام الإنقاذ الوطني وقد تعود جحافل المؤتمر الوطني الصف الثاني منه الى المسرح السياسي ، وعليه سيتم إطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين من النظام القديم ، ليمثلوا مجلس شورى للنظام الناتج من الانقلاب العسكري وحاضنة سياسية بديلة للجناح المدني المشارك في الفترة الإنتقالية، قادة الإنقلاب العسكري سيعلنون حالة الطوارئ في ربوع السودان لنتمكن من تصفية القوى الثورية المدنية التي شاركت في الفترة الإنتقالية ، وتحييد القوى المدنية الأخرى غير المشاركة في حكومة الفترة الانتقالية ، ستكون هناك مظاهرات تقاوم الإنقلاب لكن بقوة الطوارئ سيتم إخراسها، ما رشح للتو من أنباء من الجيش والقوات النظامية الأخرى قد صدرت التعليمات برفع حالة الإستعداد الى مئة في المئة ، هذا التطور يؤكد القراءة المتشاءمة . الوفد الذي يترأسه عضو مجلس السيادة الكباشي وحسب الأنباء لم يحقق مكاسب كبيرة يعتد بها لتمترس نظارة البجا خلف مطالبها، وهذا سيضيف الى الأزمة السياسية ثقلا أكبر ولا يترك مساحة للمناورة السياسية لحكومة الفترة الانتقالية وهي منهكة القوى غير قادرة على تلبية متطلبات بقائها. وعلى صعيد آخر ، يجتمع الآن د / عبدالله حمدوك رئيس مجلس الوزراء الى الفريق / عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة وذلك بهدف التخفيف من تبادل الاتهامات بين الجناح العسكري والمدني وذلك توطئة للم الشمل ، وأعتقد أن المهمة ستكون عصية إن لم تكن مستحيلة على ضوء الشرط الذي أعلنه نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو والتي صرح فيها بأنهم لن يجلسوا أي كجناح عسكري مع المدنيين إلا في ظل وفاق وطني وتفسير ذلك أن المطالبة بمصالحة وطنية شاملة أصبح أمرا واقعا وشرطا لخلق توازنات جديدة لن ترضاها أو تقبل بها بعض القوى المشاركة في حكومة الفترة الإنتقالية وبالطبع قحت ستكون في مأزق من القبول أو الرفض . أما جنوح تجمع المهنيين للدعوة لتراب الصفوف لفض الشراكة مع الجناح العسكري ، فلا أعتقد أن الزمن قد يكفي لرص الصفوف أو التمكن من فض الشراكة لانها أصلا لن تكون هناك شراكة قائمة وقتئذ لأن سامر الفترة الإنتقالية قد إنفض تماما . الساعات القادمة ستنبئنا بالأمر الجلل وستقول مصادر القوة كلمتها ، فرفع حالة الإستعداد وسحب القوات التي تقوم بتأمين مقار لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو وسحب الحراسات من أعضاء مجلس السيادة المدنيين منهم هي عبارة عن مقدمة لخطوات لاحقة . اللجنة المركزية للحرية والتغيير تجتمع الآن في مقر لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو واسترداد الأموال ، بهدف مناقشة الوضع الراهن ومآلاته المحتملة وتأمين المقر الذي أعلنت شرطة ولاية الخرطوم القيام بتأمينه بعد سحب القوات المشتركة النظامية الأخرى ، فعليه ، اذا تخندق وتمترس المكون المدني وراء مطلب فض الشراكة فسيكون الخاسر هو الجانب المدني لا محالة ، وستكون المبادرة للجناح العسكري في حل الحكومة وتشكيل حكومة مدنية من التكنوقراط والجانب العسكري هو صاحب الكلمة العليا في الظروف التي يمر بها السودان الان ، إن ضعف أداء الحكومة الإنتقالية وحالة الإحباط الشعبي العام ، يضعف من الرهان على الشارع للوقوف ضد أي تغيير عسكري وشيك . [email protected]