توجد في إحدى ولايات دولة السودان الشقيقة قرية اسمها (جِعيبات) شأنها شأن بقية عشرات القرى التي تحمل اسماءً غريبة مثل (كضيبات وكريعات ومعصورين) وكان بابكر احد ابناء قريبة جعيبات المخلصين، يحب قريته واهله حبا جما، ولكنه لا يطيق اسمها المثير المخجل. ذات يوم جمع بابكر أهله واقترح عليهم تغيير اسم القرية بآخر يليق بمقامهم ويحفظ تاريخهم وماضيهم التليد، مبينا ان هذا الاسم الغريب يسبب لهم حرجا كبيرا وسط زملائهم الطلاب هنالك في جامعة الخرطوم حيث يدرسون، غير ان الأهل اهملوا المقترح ولم يجد حظه في النقاش الجاد.. فما كان من بابكر بعد هذه الخيبة التي مني بها الا وان اجتمع باسرته فقط واقنعهم بالرحيل من جعيبات الي مكان آخر. وخلال فترة وجيزة بعد تخرجه من الجامعة استطاع بابكر بمجهوده وعلاقاته الممتدة ان يوصل الكهرباء والماء الي قريته الجديدة التي اسسها مع اسرته على بعد مسافة من القرية القديمة. شاءت الظروف وسافر بابكر مغتربا الي بلاد العم سام بحثا عن العمل، قضى هناك اكثر من عشر سنوات متواصلة وعندما عاد! كانت المفاجأة انه وجد كل أهل قريته القديمة قد رحلوا عن بكرة ابيهم الي القرية الجديدة التي اسسها وقد اطلقوا عليها اسم (جعيبات بابكر) تقديرا له ولمجهوداته الجبارة… انتهت القصة. قبل الخوض في حكاية بابكر بلدية جوبا وجماعته الذين يخربون ويدمرون مستخدمين البلدوزرات باسم الاصلاح وينهشون لحوم الضعفاء باسم النظام… اجد نفسي ادين بالاعتذار لبابكر السوداني لان مبدأ التشبيه بينه مع نظيره الجنوبي لم يكن موفقا في الاساس وجانبه الصواب في الكثير من الامور، واعترف انني ظلمته ظلماً فادحاً.. على الاقل بابكر السوداني لم يطارد نساء اهله في معايشهن ولم يشرد فقراء قريته.. لم يقطع لأحد رزقا حلالا، وربما كان كارها لقانون النظام العام الذي يتبجح به شبيهه في جوبا بالمختصر المفيد .. بابكر الشمال لم يحارب أهله على الاطلاق ولم يلحق بهم اي نوع من الضرر رغم معارضته الشديدة التي ابداها تجاه إسم قريته… فله منا كل العتبى حتى يرضى. يزعم "بابكر جوبا" ان منظر الكادحين الذين يفترشون اطراف شوارع المدينة ليمارسوا فيها تجارتهم البسيطة ويقتاتوا منها يسبب له حرجا كبيرا أمام جهة لم يكشف عنها.. وبدلا من ان يرحل كما فعل نظيره السوداني، قرر بان يمتطى ظهر قانون النظام العام المعيب ويطارد به المساكين في الشوارع مستغلا سلطاته وصلاحياته الواسعها التي وظفها للبطش وتشريد الناس. بابكر جوبا لا تهمه اوجاع الغلابة والبسطاء الذين يكسبون قوتهم اليومي بالرزق الحلال عبر مهنة شريفة، ولا يتوقع منه بان يقوم بخدمة أهله كما فعل بابكر الشمال.. انه مجرد كائن منزوع الضمير، خالي الوفاض ،فطرته مصممة خصيصا للمهام التخريبية، وفي سبيل سيعه الدؤوب لبنيان ترسانته المالية باسرع وسيلة وباي شكل، فها هو يدمر الاسواق الشعبية التي يرتادها المساكين حتى تؤول الأمور كليا الي أولياء نعمته المتحكمون باسواق البلاد، (التجار الاجانب) الذين هم مصدر (الحرج) الذي يخفيه. لكم ان تتخيلوا الالاف الاسر التي يعولها هؤلاء الذين يعملون في هذه الاماكن المزالة دونما بدائل، معتمدين على رزق اليوم باليوم، وحالهم كان مستورا. الحملات البابكرية التدميرية حتما ستفضي الى شيء واحد وهو أن يتحول كل مستطيع الى مجرم بعد فقدانه لوسيلة رزقه الحلال، سوف تتنوع وسائل الجرائم في المدينة، من سرقة وخطف وقتل وتجارة مخدرات، ونصب وإحتيال، ربما سيضطر البعض إلى تنظيم عصابات إجرامية محترفة. رسالتي الي (بوكو حرام المدينة)… أعلم ان دوام الحال من المحال، ولو دامت لغيرك لما آلت إليك، وتذكر وانت تنعم برغد الحياة صرخات الجوعى وآهات المرضى والمحرومين الذين قطعت أرزاقهم دونما سبب سوى أنك لا تنظر إلا الى نفسك ومصلحتك الشخصي. ختاما… ان لم يعقل اصحاب القصور العاجية في عليائهم وينتبهوا لافاعيل هذا الكائن المتحور المتهور ويضعوا حدا لتصرفاته الشتراء، فاني اشفق لحال هذه المدينة في مصيبتها الكبرى، واعتقد انه لا أحد يرغب بان تتحول مدينة جوبا الجميلة الي (خراب بابكر). ألقاكم سايمون دينق جوبا/ صحيفة الموقف