في نهاية الأسبوع الماضي، وصل رئيس مجموعة البنك الدولي، ديفيد مالباس، إلى الخرطوم، في زيارة تعتبر الأولى من نوعها للسودان، منذ أكثر من خمسين عاماً، التقى خلالها بمسؤولي الحكومة الانتقالية، حيث تم بحث الوضع الاقتصادي في البلاد، وكيفية مساعدة البنك لها. ونال السودان، ثقة المجتمع الدولي ومؤسساته الاقتصادية والمالية، عقب رفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب، في ديسمبر الماضي، تبعه ضخ سيولة على شكل منح وقروض. وأكد مالباس، استعداد البنك وصندوق النقد الدوليين والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا، لمساعدة السودان لتخطي الصعوبات الاقتصادية ودعم الانتقال الديمقراطي في البلاد. وقال: "حضرت إلى السودان رفقة وفد على مستوى عالٍ من البنك الدولي، لمساندة البلاد من أجل عبور هذه المرحلة الصعبة". في الأثناء، أعلنت مستشارة وزير المالية للتعاون الدولي، هبة محمد علي، عن اتفاق مع البنك الدولي، لتُمول المؤسسة الدولية للتنمية 17 مشروعاً كبيراً، تشمل الطاقة والري والزراعة، بتكلفة ملياري دولار. وأشارت إلى أن "التمويل سيخصص لمشاريع الطاقة والري والزراعة، إضافة إلى مشاريع أخرى في المناطق المهمشة والمناطق التي شهدت صراعات". وقالت علي "إن المشاريع ستُنفذ في كل مناطق السودان، بالتركيز على إقليم دارفور وجبال النوبة وشرق السودان". من جانبه، أعلن مدير مجموعة البنك الدولي، تخصيص ملياري دولار من البنك الدولي، لدعم الحكومة السودانية للحد من الفقر وتعزيز النمو الاقتصادي العام المقبل. وقال مالباس، لدى إلقائه خطابه السنوي رقم 30 من الخرطوم يوم الخميس، إن التحديات التنموية في السودان، تستدعي وضع أسس اقتصادية قوية، مؤكداً أن السودان قام بمجهودات مقدرة في سبيل تحسين الوضع الاقتصادي. وأضاف "هذه الإجراءات التي تشمل تخفيض قيمة الجنيه السوداني أمام الدولار، وسحب الدعم من المحروقات، ستعمل على تحسين الوضع الاقتصادي بالبلاد". وفي فبراير الماضي، حررت الحكومة الجنيه جزئياً، قبل أن تتبعه بعد عدة أشهر بتحرير سعر الوقود كلياً، في مسعى لتركيز الدعم لمستحقيه. ودعا مالباس، المجتمع الدولي للاهتمام بتحديات الدول الفقيرة، والاستفادة من التجربة السودانية، في إشارة إلى تنفيذ خطط مرتبطة برفع الدعم، وبناء برامج لمساعدة الفئات المهمشة. يُذكر أن البلاد سددت ديونها للبنك الدولي في مارس 2021، بقرض تجسيري من أمريكا، مما جعلها مؤهلة لتلقي تمويل تنموي. ويرى محللون اقتصاديون، أن هناك إيجابيات للزيارة والبعض الآخر، يرى أنها استعراض لدعم البنك الدولي. وقال المحلل الاقتصادي، عبد العظيم المهل، إن هذه الزيارة إيجابية بعد انقطاع استمر لفترة طويلة، بجانب اقترابه مما يمر به بصورة واضحة على أرض الواقع. وتوقع المهل، في حديث ل(الحداثة)، نتائج ملموسة للزيارة في الفترة المقبلة، في الجوانب المختلفة، وقال يجب أن تستفيد الحكومة من الدعم الخارجي في القطاعات الحيوية؛ لأن المواطن لم يستفد منها حتى الآن. وأشار إلى أن الحكومة يمكن أن تطلب دعماً ثابتاً لقطاعي التعليم والصحة، وسوف يتولى البنك الدولي الدعم. من جانبه، رأى عضو اللجنة المركزية بالحزب الشيوعي، كمال كرار، أن زيارة مدير مجموعة البنك الدولي للبلاد، لم تكن سوى استعراض للتحدث عن دعم وإنجازات البنك الدولي، واعتبرها في خدمة البنك وليس اقتصاد السودان. وقال كرار، ل(الحداثة)، إن رئيس البنك الدولي تحدث عن تطور الاقتصاد، في الوقت الذي تشهد فيه البلاد تظاهرات تطالب بمجانية التعليم والصحة وتندد بالسياسات الفاشلة. وأوضح أن دعم المنظومة الدولية يعمل لفائدة الرأسمالية في البلدان، ودعم الطاقة للاستثمارات التي تتبع لهم ولا تهتم بمعيشة المواطن، وأنهم مستمرون في رفع الدعم عن الوقود والطاقة. وأضاف كرار "البنك الدولي جاء للسودان لتفقد أملاكهم وتوجيه السياسات لصالح التبعية، في ظل غياب الرؤية لمجلسي السيادة والوزراء. الحداثة