احتدام الصراع بين المكونين العسكري والمدني تسبب في أزمة سياسية ألقت بظلالها داخل الشق المدني نفسه مما جعل الأفق السياسي الآن لإيجاد حلول توصل البلاد الى بر الأمان أشبه بالمسدود تماما. سياسيون يرون في حديثهم ل"الراكوبة" أن الحل يكمن في الرجوع للوثيقة الدستورية والتواصل مع كل قوى الثورة بما فيها لجان المقاومة، بالإضافة إلى مخاطبة الجماهير. محاولة من البرهان وحميدتي لسلب الحقوق وابتدر القيادي بالحرية والتغيير جمال ادريس الكنين، الحديث أن ما حدث في قاعة الصداقة والذي وصفه بالمعركة المكشوفة والمرحلة الأخيرة من عرقلة البرهان وحميدتي لمسيرة الثورة وتعطيل أهداف وخطوات الإنتقال المدني الديمقراطي وهو محاولة لسلب حق الحرية والتغيير الشرعي والدستوري في قيادة مجلس السيادة للفترة المتبقية بخلق جسم ضرار ليكون مبرر للقول بأن الحاضنة السياسية غير موحدة وبالتالى عدم قدرتها واهليتها في الاتفاق على رئيس لمجلس السيادة. وأضاف الكنين في حديثه ل"الراكوبة": "لا ننسى أن البرهان صرح قبل مدة أن الحرية والتغيير لا تستطيع تكوين المجلس التشريعي وبهذا المنطق يسعى لخلق مناخ يستطيع فيه أن يجاهر بالقول المباشر أن القوي السياسية لا تستطيع الاتفاق على من يخلفه وهذا يتسق مع قوله "لن يسلموها إلا لقوي منتخبة". وتابع: أقول أنه ليس هنالك مجال "للتهرب والزوغان" من الاستحقاقات المنصوص عليها في الوثيقة الدستوريه، إن كان بالنسبة لاقتسام مدة رئاسة مجلس السيادة أو دمج الدعم السريع في جيش مهني وطني واحد. وأكمل: "لو في أي نية للتمادي في عرقلة مسار الانتقال ورفض الاستحقاقات الدستورية، اؤكد أن جماهير قوي الثورة والتغيير سترجع إلي لحظة تنحي إبن عوف". ويمضي الكنين بالقول أن من ناحية اخرى لن تكون هنالك أي مشكلة دستورية تواجه الحرية والتغيير لأن اغلبية القوى التي كانت في قاعة الصداقة ليس لها علاقة بالتوقيع علي إعلان الحرية والتغيير ولا واحد من الموجودين كان مشارك في فريق التفاوض الذي أنتج الوثيقة الدستورية، فقط بعض منهم كانوا في الجبهة الثورية التي كانت جزء من نداء السودان الذي هو جزء من تحالف قوي الحرية والتغيير مع تحالفات عريضة أخري تكون تحالف الحرية والتغيير. وأضاف أن هذه محاولة بائسة والشعب السوداني تابع المهزلة والمسخرة التي جرت في قاعة الصداقة بالأمس التي خرجوا منها يتلاومون. عدم استكمال هياكل السلطة الانتقالية كان متعمداً من جهته رأى القيادي بالحزب الشيوعي السوداني كمال كرار، أن الأزمة الراهنة ممتدة طوال العامين الماضيين، ووصلت الذروة الان. وقال كرار ل"الراكوبة" إن الوثيقة الدستورية وما سمي بالشراكة ثم اتفاق سلام جوبا الذي صار فوق الوثيقة وتكوين مجلس الشركاء كلها كانت دلالات على ان المنظومة الحاكمة ضربت عرض الحائط حتى بمرجعياتها الدستورية، علاوة علي ذلك فان عدم استكمال هياكل السلطة الانتقالية كان متعمدا وأضاف كرار للراكوبة الفشل الاقتصادي والسياسي هذا هيأ الجو للانقلابات و الملاسنات والاتهامات بين كافة الأطراف كما عجل بانقسامات الحرية والتغيير. وأضاف: "هذا الوضع يبين حقيقة ان كل المتشاكسين الان خلافاتهم حول السلطة والنفوذ وكلهم كانوا ولا زالوا جزءا من الفشل الكبير الذي يحيق بالفترة الانتقالية". فيما يرى كرار أن الحل يبدأ بالعودة لإعلان الحرية والتغيير والبرنامج المتفق عليه للفترة الانتقالية، وتشكيل حكومة ملتزمة بأهداف الثورة ومجلس تشريعي علي ان لا يتجاوز البرنامج الفترة الانتقالية المحددة ونهايتها ينعقد المؤتمر الدستوري. وأكد أن من المؤكد ان الحكومة التي ستشكل يجب ان تكون ثورية بمعنى ألا تضم الجهاز التنفيذي الحالي الذي تسبب في الأزمة. صراع حول التقيد بالوثيقة الدستورية في السياق يقول القيادي بالمجلس المركزي للحرية والتغيير عادل خلف الله ل"الراكوبة" إن الصراع بين المكون العسكري والمدني بدأ منذ وقت ليس بالقصير، بينما هو صراع حول التقيد بالوثيقة الدستورية وتحقيق مهام الانتقال والدفع بالإتجاه السلمي الديمقراطي بين قوى الردة والفلول التي وجدت الدعم من رئيس مجلس السيادة ونائبه والحرية والتغيير. ويلفت خلف الله، إلى أن ما حدث أمس، في قاعة الصداقة او سمي "بقحت 2" أبلغ صورة للإنقلاب على الثورة، وعدم الالتزام بالوثيقة الدستورية وعدم الحرص على تطلعات جماهير ديسمبر العظيمة وإعاقة امكانية التحول الديمقراطي. ومضى للقول: "في المشهد الذي حدث في قاعة الصداقة ومن اجتمعوا فيها سواءً الأسماء والوجوه من حزب المؤتمر الوطني التي حضرت او الأسلوب الذي اُتبع في حشد الحضور "كأطفال الخلاوى" دون أن يدركوا الى أين يذهبوا أو ما سبب مجيئهم لا يختلف عن عراقيل عمل لجنة التفكيك". يستكمل خلف الله في حديثه "للراكوبة" أن الوثيقة الدستورية كانت واضحة ونصت على مهام وصلاحيات المرحلة لكل من المكونين المدني والعسكري، وأكدت عدم امكانية مشاركة حزب المؤتمر الوطني ومن شاركوه في السلطة الى حين سقوطه في الفترة الانتقالية. البرهان وحميدتي تجاوزا المهام والاختصاصات وأضاف "عادل خلف الله": "وبلا شك ذلك مرفوض من لجان المقاومة وكل الأجسام الثورية وان أحد الأسباب هذا الصراع هو اقتراب أجل الاستحقاق الدستوري بنقل رئاسة مجلس السيادة من المكون العسكري الى مدني يختاره المدنيون من المكون المدني ايضا فعالية لجنة ازالة التمكين". وقال إن ما يفعله رئيس مجلس السيادة ونائبه فيه تجاوزا للمهام والاختصاصات المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية وظهر بشكل جلي ومؤسف في المحاولة الانقلابية الاخيرة في 9 /21 /2021م بعد أن كشفت الحرية والتغيير ومن يقف ورائه سواءً المجموعة التي ظلت على علاقة وثيقة بهما او بجهاز الأمن والنظام البائد، او عناصر لم تجد ما تتطلع اليه من مواقع في السلطة وظلت هي معهما تسايرهم وتتماهى معها مثل التوم هجو، وعناصر أخرى غير مقيدة وأحزابها المنضوية لقوى الحرية والتغيير. ويرى خلف الله، أن الحلول تكمن في معالجة الاسباب التي جعلت الازمة السياسية تصل هذا الحد يقول الرجوع للوثيقة الدستورية والتزام رئيس مجلس السيادة ونائبه بها، وتحويل الإفادات التي ادلى بها رئيس مجلس السيادة الى المبعوث الأمريكي والأمم المتحدة إلى أفعال. ضرورة وحدة قوى الثورة والتغيير وأضاف: "البيان بالعمل كما يقولون.. وان يلتزم رئيس مجلس السيادة كرئيس هيئة وأن يلتزم كمجلس أن ليس له سلطات لأي من أعضائه، وان يلتزم بالمادة" 16" التي تنص في الفصل الثاني فيما يتعلق بالمؤسسة العسكرية ومستقبل الدولة المدنية الديمقراطية والتعددية، وبناء جيش وطني واحد حديث". من جانبه، يرى الكنين، أن تستفيد الحرية والتغيير من هذا الدرس في الفترة الماضية بالمراجعة للأداء وتواصل الحوار مع كل طرف حريص فعلا على وحدة قوى الحرية والتغيير، والهياكل تسع الجميع وكل قضايا الإصلاح مكانها النقاش داخل مؤسسات الحرية والتغيير من دون إقصاء لأي طرف، وكذلك الحوار مع من خرجوا من الحرية والتغيير لأهمية وحدة قوى الثورة والتغيير ومواصلة الانفتاح والتواصل مع كل قوى الثورة في كياناتها المتعددة بما فيها لجان المقاومة، ومخاطبة الجماهير في لقاءات وليالي سياسية مفتوحة في قضيتين مهمتين، أولا: ضرورة وحدة قوى الثورة والتغيير، ثانيا ومراجعة السياسات الاقتصادية للوصول إلى رؤية مشتركة للحفاظ على مسار الانتقال وضمان التحول المدني الديمقراطي بتقوية العلاقة مع جماهير الشعب ووحدة قوي الحرية والتغيير تستطيع أن تفرض إرادة الشعب السوداني في إنجاز كل مهام وأهداف الفترة الإنتقالية، وإلزام الطرف الآخر الذي وقع على الوثيقة الدستورية بتنفيذ كل ماجاء فيها من مهام وأهداف متفق عليها بحضور شهود دوليين ويسبقها بشكل عاجل تكوين المجلس التشريعي والأجهزة العدلية، رئاسة قضاء ونيابة عامة ومحكمة دستورية والمفوضيات المختلفة.