لم يخب ظني أو يغيب لحظة في وطنية وكفاءة رئيس مجلس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك . ولا في قيادته للأمة السودانية والعبور بها نحو التحول الديمقراطي عبر الانتخابات الحرة النزيهة بعد تحقيق استحقاقات الفترة الانتقالية كما حددتها الوثيقة الدستورية . ويمثل الخطاب التأريخي الذي بثه رئيس مجلس الوزراء ليلة الجمعة ، إلي جماهير الشعب السوداني العظيم .. والي مدعي الوطنية ومستجدي السياسة ، رسالة دكتوراه بامتياز في السياسة والاقتصاد والاجتماع والوطنية والعلاقات الدولية . فقد جاءت كل عبارة فيه مترعة بالمعاني وفيها من العمق الاستدلالي ما تعجز معه كل (الهرطقات) التي ظللنا نسمعها من بعض السياسيين والمحللين خلال الفترة السابقة وبداية الانشقاقات بين الفرقاء .. فقد كدنا ان ننسي تعابير لغتنا العربية . لقد أعاد الدكتور حمدوك في كلمته للغلة العربية ألقها وجمال كلماتها ورنين حروفها .. كما أعاد للخطاب السياسي جوهر صداه بين الجماهير علي تعدد منابرها وتوجهاتها الفكرية .. لأن الخطاب كان عقلانيا وبعيدا عن المكايد والتبرعات والبعد عن الصغائر لقد كان خطابا شاملا ومحلال للحالة السودانية في شرح سهل وبسيط ولكنه عميق الدلالة مما جعل (قناة الجزيرة لقطرية) ، التي كانت حاضرة في بث الخطاب مباشرة ، ان جعلت من كل عبارة واخري في الخطاب عنوانا موحيا في الشريط الأخبار الذي يبرز عادة أهم ما يرد في الموضوع من حدث للتذكير به ، ولكن الواقع ان كل ما جاء في الخطاب كان تعبيرا موحيا وذا دلالة لما يجري في السودان . خطاب حمدوك للأمة السودانية ، كان باهرا ومشرفا .. كان رسالة سياسية ووطنية ، لم يخاطب فيها قلوبنا فقط ، بل سمي بعقولنا وتفكيرنا وجعلنا نعيش بصدق تلك المخاطر التي تحيط بالوطن .. كما طرح عشرة حلول للخروج من الأزمة .. ولعل أبلغ ما في هذا الخطاب التاريخي للرئيس حمدوك .. ان لخص في كلمات بسيطة ولكنها عميقة عن حقيقة الصراع الدائر حاليا بين شريكي الحكم من المدنيين والعسكريين .. فقال ما لم ولن يستطع أحد من مستجدي السلطة وعشاقها ان يقوله .. فقد قال (لا يوجد صراع بين العسكريين والمدنيين ، ولكنه صراع بين معسكري الانتقال الديمقراطي والانقلاب على الثورة) وقد صدق . [email protected]