ماذا قال دكتور جبريل إبراهيم عن مشاركته في مؤتمر مجموعة بنك التنمية الإسلامي بالرياض؟    دعم القوات المسلحة عبر المقاومة الشعبية وزيادة معسكرات تدريب المستنفرين.. البرهان يلتقى والى سنار المكلف    الصليب الأحمر الدولي يعلن مقتل اثنين من سائقيه وإصابة ثلاثة من موظفيه في السودان    انجاز حققته السباحة السودانية فى البطولة الافريقية للكبار فى انغولا – صور    والي الخرطوم يصدر أمر طواريء رقم (2) بتكوين الخلية الامنية    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    شاهد بالفيديو.. في مشهد خطف القلوب.. سيارة المواصلات الشهيرة في أم درمان (مريم الشجاعة) تباشر عملها وسط زفة كبيرة واحتفالات من المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء أثيوبية تخطف قلوب جمهور مواقع التواصل بالسودان بعد ظهورها وهي تستعرض جمالها مع إبنها على أنغام أغنية وردي (عمر الزهور عمر الغرام)    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء أثيوبية تخطف قلوب جمهور مواقع التواصل بالسودان بعد ظهورها وهي تستعرض جمالها مع إبنها على أنغام أغنية وردي (عمر الزهور عمر الغرام)    في اليوم العالمي لكلمات المرور.. 5 نصائح لحماية بيانات شركتك    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    جبريل: ملاعبنا تحولت إلى مقابر ومعتقلات    موعد مباراة الهلال والنصر في نهائي كأس الملك !    مسؤول أميركي يدعو بكين وموسكو لسيطرة البشر على السلاح النووي    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الخميس    ستغادر للمغرب من جدة والقاهرة وبورتسودان الخميس والجمع    تحديد زمان ومكان مباراتي صقور الجديان في تصفيات كاس العالم    السوداني هاني مختار يصل لمائة مساهمة تهديفية    الغرب "يضغط" على الإمارات واحتمال فرض عقوبات عليها    وزارة الخارجية تنعي السفير عثمان درار    العقاد والمسيح والحب    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    محمد وداعة يكتب: الروس .. فى السودان    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    «الذكاء الاصطناعي» بصياغة أمريكية إماراتية!    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    السودان..اعتقال"آدم إسحق"    فينيسيوس يقود ريال مدريد لتعادل ثمين أمام البايرن    أول حكم على ترامب في قضية "الممثلة الإباحية"    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    الحراك الطلابي الأمريكي    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المستشارة الجبالى والهلباوي .. نحو فهم أفضل لدراويش حسن البنا في السودان!!

(كتبت المستشارة تهاني الجبالي رئيس "حركة الدفاع عن الجمهورية"ونائب المحكمة الدستورية سابقا عن كمال الهلباوي التالي: "د. كمال الهلباوى صوت للتفكير العاقل في زمن شهوة السلطة التي أضاعت فيها «الجماعة» أي فرصة لبناء التوافق الوطني". ونجزم أن هذا الرأي ليس رأي المستشارة النهائي، فالهلباوي طابور خامس مثله ومثل فهمي هويدي يلعبان أوراقهما بأسلوب "المغالطات المنطقية" والتزين بعقلانية زائفة لتزويق سقطات الإخوان المسلمين الإجرامية. وتفسير ما يحدث الآن من إجرام على يد هذه الجماعة يراه الرجلان اليوم "انحرافا" نسبيا عن تعاليم حسن البنا، ويكثران من الاسترجاع الاعتذاري!! الهلباوي يدين قيادة الإرشاد الحالية بشكل صريح على أنها قطبية!! بينما فهمي هويدي قطبي قلبا وقالبا، وظيفته الأساسية خدمة التنظيم الدولي وتضليل الشعوب العربية. وبما أن المستشارة الجبالي تميل إلى استيعاب الإسلاميين في عمل مفتوح في إطار الدولة المدنية وقوانينها لاحتوائهم، لذا هي بالذكاء كأن لا تحرق كمال الهلباوي ومرجعيته بالجملة، لذا كان عليها ألا تضع حسن البنا في موقعه الصحيح، مثل كونه ليس مصريا بل مغربيا يهوديا ماسونيا، التقطه البريطانيون في عام 1928م وعمره اثنان وعشرين عاما؛ وعلى يد حسن البنا أسست بريطانيا مشروع فتنة سمته حركة الإخوان المسلمين. كيف لم يصل حسن الترابي أو غازي صلاح الدين لهذه الخلاصة؟) شوقي إبراهيم عثمان.
أقرأ من فضلك كلمات المستشارة وفي نهايتها سنعلق على ما كتبته!! ولكن ضع في ذهنك مسبقا أن رد المستشارة على الهلباوي يتمحور في أنه لا الهلباوي لا شيخه حسن البنا يؤمنان بالوطنية، أي لا يؤمنان بالوطن الجغرافي والسياسي، ولا بعلمه ولا بنشيده، أو الدفاع عن حدوده وحياضه الخ وكما قال محمد مهدي عاكف: "طظ في مصر"..وهو ما قل ودل!! فخوارج النهروان عام 39ه استنكر عقلهم الصغير أن يحكم بشر غير الله "لا حكم إلا لله"، أما خوارج العصر التافهين يفسرون قوله تعالى "لله ما في السموات والأرض" بنهاية الوطنية!! وعليه التشبث والدفاع عن الأوطان والمواطنة، من الكفريات!! فالسوري أو الليبي العضو في تنظيمهم الدولي له حقوق أكثر منك في السودان حين لا تؤمن أنت بترهاتهم!! وطبقا لهذه الثغرة، أهدى الترابي وتلامذته جنوب السودان بسهولة، ليس للسودانيين الجنوبيين، بل لأمريكا أرضاءً لها وانصياعا لرغبات الدول الغربية كما فعل مرسي بمبادلة سيناء بالأراضي الفلسطينية!! أدخل الآن على مقالة المستشارة:
ولسوف يبقى لهذا الشعب العظيم الحق في محاسبة التنظيم وقياداته أمام دولة القانون والمحاكمة العادلة ولن يقبل تنازلاً ولا مساومة على هذا الحق فمن ارتكب جريمة تحالف مع أعداء وطنه أو خيانة عظمى لشعبه أو فساداً سياسياً أو اقتصادياً أو ثقافياً أو استغل نفوذه في جمع المال الحرام لا يجب أن يفلت من العقاب أما غير هؤلاء ففي الوطن متسع للجميع بل يجب أن نسعى معهم لبناء توافق مجتمعي يعصم الأمة من حالة إفشاء الكراهية والرفض والإقصاء.
هذه المقدمة كانت واجبة قبل أن أحاور القيادي الإخواني د. كمال الهلباوي فيما نشره بمقالين لسيادته على صفحات جريدة «الدستور» الغراء في زاويته «محاولة للفهم» وبعنوان «تمصير الإخوان» وقد تابعت بكل اهتمام من أقوال حسن البنا مؤسس الجماعة استدلالاً على مفاهيم بعينها «الوطنية - القومية العربية - الأمة الإسلامية» في مراجعة تاريخية حاول فيها أن يفصل بين مرحلة التأسيس وما آل إليه الأمر على يد القيادة التي انهارت على يديها الجماعة في هذه المرحلة.
ولأنني ممن يعتقد أن حق الشعب المصري في قراءة نقدية تاريخية لمسار «جماعة الإخوان» التي خرجت منذ ثمانين عاماً بمشروعها وتنظيمها وممارسات قياداتها المتعاقبة، ثم بتحالفاتها في الداخل والخارج، هو استخلاص مهم لمصر شعباً ومستقبلاً، وأن القراءة الدقيقة لأدبياتها المسجلة والمقروءة في توازيها مع الحركة الوطنية المصرية بل وصراعها معها بتنويعاتها المختلفة، ثم تكرار محاولات الاستيعاب، ثم الصدام معها في ظل سلطة حكم الملكية ثم الجمهوريات المتعاقبة وما آل إليه هذا الصراع في هذه المرحلة هو أمر بالغ الأهمية لربط الماضي بالحاضر والمستقبل. خاصة أنها تقف بتنظيمها وتحالفاتها في هذه المرحلة الدقيقة بعد وصولها للسلطة وحكم مصر في مواجهة مع الدولة المصرية والشعب المصري الذي قاوم بسلطاته ومؤسساته مشروع الاجتياح بالتمكين والأخونة طوال عام من حكم الجماعة حتى خرج في موجته الثورية في 30/6/2013 لإسقاط نظام الإخوان ذاته، متطلعاً لنجاح الدولة الوطنية المصرية وطموح شعبها لبناء الجمهورية الثالثة على أسس من ركائز الاستقلال الوطني والدولة الديمقراطية الحديثة ونظام الحكم المحصن ضد الفساد والاستبداد وفي وطن عادل يقف على مسافة واحدة من أبنائه بتعدديتهم السياسية والدينية والثقافية والاجتماعية.
وإن النقد الذاتي والنقد المجتمعي «لتاريخ ودور الجماعة» هو خطاب للعقول لا لأصحاب المناورات والمؤامرات ومن يمارسون الزيف والاستلاب العقلي لقواعدهم الشعبية باسم «الشرعية والشريعة» بينما كل ما يطمحون إليه هو الخروج الآمن مع حلفائهم في الخارج حتى لو كان ذلك على حساب حرق الوطن وضياع أمنه القومي وتمزيق شعبه ووحدته.
ربما لهذا كله رأيت أن أحاور القيادي الإخواني الكبير د. كمال الهلباوي فيما ورد بمقاله فقد نقل عن الشيخ حسن البنا قوله «إن دعاة الوطنية لا يعنيهم إلا تلك البقعة المحدودة الضيقة من رقعة الأرض وأن الوطنية قد تقسم الأمة إلى طوائف تتناحر "بالوطنية الحزبية"..، وقد اعتبر حسن البنا حدود الوطنية تتحدد بحدود العقيدة وأن هذا كان مكمن الفتوحات القدسية التي أدهشت الدنيا بالسلف الصالح بما عرف فيها من عدل ونبل وفضل» ثم اختتم د. الهلباوي مقاله من هذا الاستدلال باستدلال آخر من قول حسن البنا في رسالة وجهها للشباب «أنه يرى الوطنية في مصر ثم في حد الإسلام وكان الرئيس ناصر يراها في القومية العربية وأنه اليوم يراها البعض في جزء من مصر فقط».
إن هذه النتيجة الخطيرة هي ما دفعتني لحوار كاتب المقال ربما لأننا بحاجة لأن نذكر بعضنا البعض بأن جزءاً من ضياع هذه الأمة ارتهن بعدم دقة المصطلحات وعدم دقة نقل الوقائع والمعلومات، وعدم شجاعة مراجعة الخطأ والاعتراف به!!
فالمعلوم أنه فارق كبير بين الأمة ب «مفهوم سياسي» والأمة ب «مفهوم عقائدي» فالإسلام بعد سقوط نظام الخلافة العثمانية تحول إلى «أمة عقيدة» تجمع كل مسلم بالمسلم أينما وجدوا وهى في رأيّ «أمة أقوى» من تلك التي قامت سياسياً على التشبث «بالملك العضود» الذي سخر فيه بعض الحكام الدين «حتى باسم الخلافة» من أجل مصالح استمرار الحاكم ولو كان فاسداً أو مستبداً. فبعد عبور الإسلام مراحل تقدم الدولة القائمة على الإسلام الحضاري الذي لم يروع شعباً في خصوصيته وتاريخه وثقافته وتنوعه، وإنما انطلق تعليم الدين الحنيف الذي عانق هذه الشعوب تحريراً للإنسان عقلاً وقلباً وبنى منهجاً للحياة استفادت من تجارب الحضارات والشعوب، لا ملكاً ولا سلطاناً، هذه المراحل الحضارية في التاريخ لم تنف مراحل أخرى من الانحطاط السياسي والحضاري استخدم فيه الدين لمساندة «حكم عضود» لا «خلافة راشدة»، بعضها كان من الضعف والفساد والاستبداد حتى أضاع الأندلس قديماً وأضاع فلسطين حاضراً.
إن التناقض بين رؤية حسن البنا لحدود الوطنية بأنها حدود العقيدة مع ما نؤمن (به) يستند إلى أن مفهوم الوطنية المصرية لدينا يمتد بالذاكرة الوطنية لدولة حضارة هي الأسبق لأنها ابنة السبعة آلاف عام، وهي المكان الذي اختاره الخالق سبحانه معبراً للحكمة ولكل الأديان والأنبياء في دلالة على أن مصر كل وليست جزءاً.
وكانت الوطنية المصرية هي التي قدمت إسهاماً ذاتياً وحضارياً في ستة قرون سادت فيها المسيحية فأضاءتها بتجليات تحمل خصوصية مصر حتى في ممارسة العقيدة المسيحية، ثم تكرر المشهد إسهاماً في بلورة وبناء منهج الوسطية الإسلامية لتصبح رمانة ميزان في ظل ما بعد الفتح الإسلامي لها حيث خرج هذا الدين الحنيف بعصارة مصر فأضاءت بأزهرها الشريف في رحابة فكرية إسلاماً لا يعرف التصنيف الطائفي بداخله وقدرة على التعبير الأسمى عن وسطية إسلامية حضارية وسط تيارات التشدد حولها يميناً ويساراً.
ولم تكن الوطنية المصرية مقطوعة الصلة بذلك في ظل بناء الدولة الحديثة التي بدأت مع ثورة علمائها الذين سلموا السلطة لقائد عسكري هو محمد على باشا ليبدأ مشروع رد الاعتبار للذاتية المصرية استقلالاً عن سلطة الاحتلال العثماني وما اعترى دولة الخلافة من تحلل وضعف فكان استقلال مصر انطلاقاً لأداء دورها الجغرافي والتاريخي لولا تكالب أعداء هذا الوطن على المشروع وعليها.
ثم كانت الوطنية المصرية في رؤية عبد الناصر وثورة يوليو 1952 وهى حلقة جديدة غير منقطعة الصلة بعمقها التاريخي هي التي أعادت اكتشاف دوائر الهوية وتكامل المرور معها بلا تناقض فلم تقتصر -كما ورد بالمقال- على ربطها «بالقومية العربية» بل أسست وحددت دوائرها الثلاث، «الدائرة العربية» حيث مقومات أمة سياسية «ممكنة» التوحد بمقومات الجغرافيا والتاريخ والثقافة المشتركة والمصالح الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في عالم يتشكل على الكيانات الكبرى لا على شظايا التقسيم الاستعماري، ثم حددت الدائرة الأفريقية انتماء جغرافياً يحتوى على أمن مصر القومي في شريان حياتها «منابع النيل وروافده» فوصفت «مصر الدور في خدمة الهدف» ثم حددت «الدائرة الإسلامية» وفيها انتمت مصر للعالم الإسلامي احتراماً «لأمة العقيدة» لا «أمة السياسة والدولة الواحدة».
وقدمت مصر للمشروع الإسلامي العصري «الموحد والجامع» لشعوب وقبائل ما لم يقدمه أحد حين عكست «عالمية الدعوة وليس خندق الدولة» فأنشأت منظمة المؤتمر الإسلامي في ستينيات القرن الماضي، وبذلت الجهد والمال والرجال ومبعوثي أزهرها وعلمائها وطاقاتها المبدعة إلى كل ربوع الأرض نشراً للقيم فكان للدول الإسلامية بنيان عصري لا يتناقض مع طبيعة التكتلات في العصر الحديث ولا يقوم على غزو أو فتح تجاوزته البشرية، وإنما على تكامل وتراحم وتعاون «أمة عقيدة» وبناء المواقف التي تخدم أهدافها ويليق بمقامها الحضاري في احترام التنوع والمخزون الحضاري لهذه الشعوب ولا يفتعل تناقضاً بين ذاتيتها الوطنية وانتمائها للإسلام كعقيدة.
إن هذا الوضوح للمشروع والهدف هو الذي مكن لمصر الدور بوطنيتها وعروبتها وإفريقيتها وإسلامها لتلعب دوراً رئيسياً في عالمها بالمساهمة في إنشاء ما سمى بكتلة الميزان «دولة عدم الانحياز والحياد الإيجابي والتعايش السلمي».
وفي عالم ثنائية القطبين المتصارعين «الغرب والاتحاد السوفيتي» في القرن الماضي ومازالت مجموعة ال77 تبحث عمن يبعث فيها روحاً جديدة ودوراً جديداً في عالم يتنازعه الآن المشروع الكوني للولايات المتحدة الأمريكية وشركاؤها وتصارع فيه الجميع لمنع تحول العالم لمتعدد الأقطاب فيما هو قادم.
وربما الحرب التي تمارس على مصر الآن عبر أدوات الجيل الرابع للحروب بالوكالة هو أحد تجليات الصراع القائم للحيلولة دون نهوض هذا البلد مصر بدوره القيادي دولة وشعباً وبمقوماتها الذاتية التي كثيراً ما غيرت معدلات القوى تاريخياً.
إن الخلط بين الهويات والأدوار وافتعال التناقض بينها هو أحد أهم أسباب الخلاف الفكري مع مشروع «جماعة الإخوان» التي ترى بعين تاريخية تناقضاً بين أن نمارس كوننا «وطنيين وعروبيين وإسلاميين وأيضاً أفارقة وأصحاب دور في عالمنا ليس عنوانه «العقيدة الدينية» على قيمتها ورحابتها في ضميرنا الجمعي حضارياً..
إن المحنة هي في «العقل والمفاهيم» التي ظلت على مقولات حسن البنا ومن تلاه من قادة الجماعة ولم تمارس نقداً ذاتياً لفكرها وتنظيمها ومسارها التاريخي بل سمحت باستخدامها أداة في يد أعداء مصر الوطنية والعربية والإسلامية وتآمرت عليها «جغرافياً وتاريخياً» ثم تحولت وهي في موقع السلطة والحكم لعبء حقيقي على الدولة والشعب في محنة تعاملها مع مصر من منطلقات أنها «جزء» وليست «كل» وبعقلية «طظ في مصر»!
وإذا كنا نعيش حتى هذه اللحظة تداعيات آثار المحنة والحريق الذي يحيط الوطن بالخطر ويمارس فيه الضلال والخيانة بزراعة الإرهاب المادي والمعنوي يسعى لزلزلة وطن بتقسيم شعبه وشرذمته وهدم جيشه الوطني ودولته العريقة «لا العميقة» في جريمة تقديمه لمشروع أعدائه ودائماً باسم «المشروع الإسلامي ونصرة الأمة الإسلامية»، فعن أي مشروع وأمة نتحدث؟!
يخطئ من يظن أن مصر قد غادرها وعيها الجمعي فضمير هذا الشعب يختزن «خبرة الزمن» وهو ما يستدعى «حواراً إمامته العقل» يختلف عن إعادة إنتاج مفاهيم حسن البنا وجماعته.
* بقلم: تهاني الجبالي، رئيس حركة الدفاع عن الجمهورية
تعليق شوقي إبراهيم عثمان
نبدأ بما انتهت إليه المستشارة الجبالي عند قولها "يخطئ من يظن أن مصر قد غادرها وعيها الجمعي فضمير هذا الشعب يختزن «خبرة الزمن» وهو ما يستدعى «حواراً إمامته العقل» يختلف عن إعادة إنتاج مفاهيم حسن البنا وجماعته"!! واضح من مجموع مقالها أن الجبالي ترفض أفكار حسن البنا (إذا كان لديه أفكار أصلا ولم يكن سوى طوطم تم تقديسه)، وترفض الجبالي أيضا إعادة أفكار حسن البنا كما يفعل الهلباوي وهويدي وكمشة من الدراويش في السودان وفي بعض الدول العربية – وتطالب الجبالي "الجماعة المارقة" بمراجعة تاريخية وقراءة نقدية لأفكارهم ومصطلحاتهم!!
هذا الحرص على سحب "الجماعة" إلى العمل المفتوح تحت الضوء يأخذ من عقل المستشارة القانونية الجبالي مساحة كبيرة، لعلمها أن هذه الخطوة هي الكفيلة ليس بإصلاح الشاذ من أفكار حسن البنا وأتباعه الببغاوات فحسب، بل أيضا تقليم أظافر "الجماعة المسلحة" ودفعهم بعيدا عن الوحشية الدموية، أي وحشية الخوارج!! من أجل أمن مصر واستقرارها. فالخوارج تاريخيا استخدموا السيف للتخلص من خصومهم الفكريين. وتثبت التجربة الأخيرة في رابعة العدوية والنهضة أن "الجماعة" تؤمن بالعنف، ويكفي اللبيب أن يفهم بالإشارة فشعارهم الماسوني يحمل سيفين!! وكذلك للمفارقة، يستلفون عبارة "واعدوا" من القرآن الكريم، وهذا الاستعداد والإعداد ليس ضد أعداء الله وأعداء رسوله وأعداء الإنسانية، كما أثبتوا مؤخرا أنهم فعلا صنيعة بريطانية بتحالفهم مع واشنطون وتل أبيب، بل أعدوا العدة ضد المسلمين أبناء جلدتهم أنفسهم، كما فعل الخوارج في كل تاريخهم، وقد أمرنا رسولنا الكريم بقتلهم – وليس محاورتهم. تأمل هذا الأمر النبوي الإستئصالي!! إذن لا تستغرب إنهم مشروع فتنة بريطاني منذ 1928م يجب استئصاله.
إشكالية المسلمين تجاه الجماعة التكفيرية التي أسسها حسن البنا هي أن قوامها التنظيمي تم بناؤه على الطريقة الماسونية التي تعتمد على البيعة الدموية، والسرية، والطاعة التامة العمياء. هل رأيتم عضوا من أعضاء الإخوان أو الإسلاميين برز في الاقتصاد أو الطب أو الطيران؟ لن تجد. فالعضو منهم يخلع عقله حين ينضم للجماعة مثل خلع حذائه وهو داخل لباحة المسجد!! بينما تجد "فكر الجماعة الداخلي" هو نفس فكر بن تيمية التكفيري إضافة إلى فكر القطبين التكفيريين (فكانت ثمرة "نكاح الجهاد" ما بين الخطين الوهابي والقطبي لقيط يسمى: السروريين!). يعطون العوام في تنظيمهم العام بعض الكتب الساذجة التي ألفها بعض الناشطين مثل محمد الغزالي (ربما حرقه أتباع مصطفى مشهور!)، والعقاد، وعبد القادر عودة، وفتحي عثمان، وخالد محمد خالد، وحسن الترابي، والصهيوني القرضاوي.. بينما دخل على خط الجماعة والمستفيدين من أموالهم أدعياء الدين أمثال العوا، وفهمي هويدي (منظرهم الرسمي!) ومحمد عمارة وحسن حنفي الخ..
لقد دمر السودان الرعيل السياسي الأول في فترة العراب الخفي الهادي عبد الرحمن المهدي وربيبه محمد أحمد محجوب، وعثمان الميرغني، والشاب المنافس لعمه وقتها الصادق الصديق المهدي، والشاب السوربوني حسن الترابي، حين تمت رشوتهم من قبل الملك المقبور فيصل بن عبد العزيز عام 1965م، وتعلموا من وقتها كيف يخلطون الدين بالسياسة بالمال الخليجي!!
إسلام!! أي إسلام هذا الذي يتحالف مع أمريكا وتل أبيب لتحطيم الجيش المصري وحرق مصر المؤمنة؟ وإسلام "طظ في مصر"!! وأي إسلام هذا الذي نراه في السودان ولسان حاله – "طظ في الشعب السوداني"؟ نعم، ازداد عدد المآذن ومكبرات الصوت المزعجة، وازدادت كاسيتات محمد سيد حاج صاحب انفرادات بن تيمية، بينما يزداد الشعب فقرا وجوعا، ويزداد نفوره من النظام الحاكم ورموزه، ويزداد عدد المتسولين في السودان والمحتاجين، بينما يزداد إسلاميو حسن الترابي لحما وشحما ومالا وثراء.. لكن الأنكى على نفس المؤمنين الكاظمين الغيظ، ليس نهيق ذلك المؤذن الذي يحاكي صوته نهيق الحمير، بل حين لا يستطيع (الدكتور) الحبر نور الدائم تفسير سورة الأنفال!! وتعتبر حقا إحدى انفراداته العلمية.
آآل إسلام في السودان آآل!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.