يخطئ البرهان تماما في قراءة الوضع الراهن ولا يملك أية اوراق قوة تعزز أوهامه في تقلد سلطة ما .. فإذا كان يحركه وهم نظيره عبدالفتاح المصري فالوضع مختلف كثيراً. أولا فالخدعة التي تمت في مصر مررتها جهات كثيرة مدنية من خارج القوات المسلحة ابتداء وعلى خلفية مخاوفهم من بطش الإخوان او قل سذاجتهم في استعداء (طيور ميدان التحرير الحالمة) كما حاولت ان تصورهم وانه بإمكانهم عجنهم في دقائق معدودات. ونكوص الاخوان ومن لف لفهم من الاسلاميين الذين ذهبوا وراء حلم كما البرهان باعتبار أن ساعة حكمهم المسنود أمريكيا قد دنت وأن الضوء الأخضر قد جاءهم من حكومة أوباما. وأخطر من ذلك استعداءهم للكثير من الفئات الاجتماعية، واحتقارهم للطيور التي تحولت الى عقبان والأرانب كما سموهم تحولت الى أفيال في موكب 30 يونيو. التركيبة العسكرية المصرية مختلفة تماما وليس السيسي الا واجهة تقف من خلفها مؤسسة متماسكة الى حد كبير ومدعومة اقليميا ومن دوائر عالمية كثيرة وان لم تفصح عن نفسها لأسباب متعلقة بموقفها المعلن من الدكتاتورية العسكرية وموقفها الداعم وبقوة للحرب على الارهاب. البرهان يستجدي التفويض من خارج المؤسسة العسكرية وهذا حلم بعيد المنال. حاول باستناده المفضوح للإقليم الذي لا يرغب في تجربة ديمقراطية وفق المزاج السوداني الثوري الذي ذهب هذه المرة بعيدا ما وراء التعددية المهيمن عليها طائفيا توقا لتغيير جذري يعيد صياغة المشهد السياسي .. البرهان حاول مرة ثانية معتمدا على السند المصري الرسمي لمحاولاته وهذه وجدت هوى لدى مصر لكن قطعا الحسابات غير مطمئنة بسبب التفاف الشعب وتوحده في رفضه للحكم العسكري مهما كانت المبررات . حاول البرهان هذه المرة واعتقد انها الأخيرة في العثور على أكسير التفويض من الشعب ولم يجده حتى من الاسلاميين وواضح من غياب القيادات الاسلامية المعروفة عن المشهد .. قد يحاول البرهان بلعب كل الأوراق الخطرة في ما تبقى له من وقت بما في ذلك مغازلة سكان سجن كوبر. وهذا أمر وارد لخلط الأوراق ولكنه لا يفضي به الى الحكم وانما الى رقم قياسي من الكراهية وربما النهاية المحزنة كما تذهب أغنية ترباس الشهيرة. إذن البرهان ليس لديه بين يديه الا الحركات المسلحة التي أظهرت سذاجة سياسية غير مسبوقة والحمد لله أنها ظهرت مبكرا لتدلل للجميع أنهم تجار باسم قضية عادلة لأهل دارفور. الرياح التي سوف تهب خلال الأيام القليلة القادمة ستكون مزلزلة ومفصحة عن مدى توق الشعب السوداني للتغيير الجذري الذي لا مهادنة فيه. ولهذا يبقى أمام البرهان فرصة أخيرة أن يعمل على ترتيب البيت العسكري ويعلن قبوله باستفتاء الشعب ويفوق من حلمه المستحيل ويعمل خير في نفسه وفي السودان وربما هذا يشفع له بأن تكون كلمته الاخيرة وداعا للأحلام ويسلم السلطة كاملة للشعب ويتنحى ومن معه لأنهم ليسوا من يمثل الجيش وبالتالي ربما يكون ترك مايشكره عليه الناس .. أتمنى ذلك .. أما حمدوك وجماعة النشطاء كما لازم يتغربلوا ويترجل الوزراء ويأتي من هم أكثر شجاعة ومعرفة وقدرة على قيادة الشعب في هذا الظلام الدامس الذي خلفه الاخوان المسلمين من خلفهم .. البرهان اسمع وبطل عناد ..