دعا الفرقاء السودانيون، الأربعاء، إلى التهدئة على إثر دعوات إلى التظاهر اليوم وجهها أنصار الحكم المدني من جهة، ومساندي الحكم العسكري الذين يعتصمون منذ خمسة أيام أمام القصر الجمهوري للمطالبة بحل الحكومة الحالية، من جهة ثانية. وقال أحد قادة المعتصمين، مني ناوي، الذي انشق عن الائتلاف الذي قاد الاحتجاجات التي أطاحت بعمر البشير في نيسان/أبريل 2019، "يوم 21 تشرين الأول/أكتوبر هو يوم للتسامح مع الجميع وليس للتحريض". وطالبت الحكومة السودانية الإثنين المحتجين الموالين للجانب العسكري بوقف التصعيد بعد أن فضت الشرطة تظاهرة تطالب بإسقاط الحكومة انطلقت من اعتصامهم. وقال مجلس الوزراء السوداني، في بيان عقب جلسة طارئة: "شدّد مجلس الوزراء على أهمية أن تنأى جميع الأطراف عن التصعيد والتصعيد المُضاد، وأن يُعلي الجميع المصلحة العُليا لمواطني الشعب السوداني والسودان". وقال ممثل لجان المقاومة المنظمة للاحتجاجات المطالبة بحكم مدني علي عمّار: "موكبنا لن يقترب من القصر الجمهوري أو مجلس الوزراء حتى لا يحدث صدام مع المعتصمين. هذا ما يريده البعض، لكن ثورتنا بدأت سلمية ونريد لها أن تستمر سلمية". وأطاح الجيش في العام 2019 بنظام عمر البشير الذي حكم السودان لأكثر من 30 عاما بقبضة من حديد، بعد انتفاضة شعبية عارمة استمرت شهورا، وتسلم السلطة. لكن الاحتجاجات الشعبية استمرت مطالبة بسلطة مدنية وتخللتها اضطرابات وفض اعتصام بالقوة سقط خلاله قتلى وجرحى. ووقّع العسكريون والمدنيون (ائتلاف قوى الحرية والتغيير) الذين كانوا يقودون الحركة الاحتجاجية في آب/أغسطس 2019 اتفاقًا لتقاسم السلطة نص على فترة انتقالية من 3 سنوات تم تمديدها لاحقا. وبموجب الاتفاق، يتولى الجيش السلطة على المستوى السيادي بينما تقود حكومة مدنية ومجلس تشريعي الفترة الانتقالية. ويفترض أن يتم تسليم الحكم لسلطة مدنية إثر انتخابات حرة في نهاية المرحلة الانتقالية، ولكن منذ فترة تتصاعد الخلافات بين المدنيين الموجودين في السلطة ما يضعف الدعم الذي يحظى به رئيس الوزراء عبد الله حمدوك. ولا زال السودان يعاني من أزمة اقتصادية خانقة. وأقرّت حكومة حمدوك إصلاحات اقتصادية غير شعبية. وقال حمدوك مساء الجمعة في خطاب الى الأمة إن هناك "انقسامات عميقة وسط المدنيين وبين المدنيين والعسكريين"، مؤكدا أن الصراع ليس بين المدنيين والعسكريين بل هو داخل معسكر الانتقال المدني الديموقراطي. وسط كل هذا، برزت مطالب بإقامة حكم عسكري. ويواصل أصحاب هذه المطالبة اعتصاما لليوم الخامس على التوالي أمام القصر الجمهوري في وسط الخرطوم. ودعت سفارة الولاياتالمتحدةبالخرطوم المتظاهرين الى "سلمية" الاحتجاج. وقالت السفارة في بيان: "نشجّع المتظاهرين على السلمية ونذكّرهم بالدعم الأمريكي القوي للانتقال الديمقراطي في السودان". والتقى نائب المبعوث الأمريكي للقرن الأفريقي بيتون نوف عددا من المسؤولين تمهيدا لزيارة المبعوث إلى الخرطوم نهاية الأسبوع. ونقلت وكالة الأنباء السودانية الرسمية "سونا" عن نوف لدى لقائه وزير العدل السوداني، الأربعاء قوله أن واشنطن "كصديقة للانتقال إلى الحكم الديمقراطي المدني الكامل ستبذل جهدها للمساعدة في تجاوز الأزمة الراهنة، وذلك بفعل كل ما بوسعها لحل الخلافات بين الأطراف المختلفة". وأبدى رئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق عبد الفتاح البرهان حرصه على إنهاء الفترة الانتقالية في البلاد بحكومة منتخبة، وذلك لدى لقائه المبعوث البريطاني لدولتي السودان وجنوب السودان وسفير بريطانيابالخرطوم الإثنين. ونقلت سونا عنه تأكيده حرص والتزام الحكومة بمكوناتها المختلفة بالعمل على إنجاح الفترة الانتقالية وصولاَ إلى انتخابات حرة ونزيهة تفضي لحكومة مدنية منتخبة".