تواردت الانباء منذ صباح اليوم عن قيام مجموعات عسكرية بالتحفظ على السيد رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك و وضعه تحت الإقامة الجبرية وكذلك اعتقال عدد من الوزراء وأعضاء مجلس السيادة من المكون المدني .وقد توالت الاحداث بسرعة في ما يشير لانقلاب عسكري كامل الدسم يقصد به قطع الطريق على تنفيذ التوافقات التي رشح انه قد تم الالتزام بها من قبل المكون العسكري في وجود المبعوث الأمريكي الذي كان في زيارة الي الخرطوم بغرض تقريب وجهات النظر واحتواء الازمة بين المكونين المدني والعسكري ويلاحظ ان هذا الانقلاب لم يكن وليد الصدفة او كرد فعل لمقترحات المبعوث الأمريكي بل هو امر قد تم التخطيط و الترتيب له من فترة ليست بالقريبة والدليل على ذلك المحاولة الانقلابية الفاشلة والتي قصد بها محاولة جس نبض الشارع والذي لم يشهد أي ادانة تجاهه من المكون العسكري ,بل سارع رئيس مجلس السيادة ونائبه بمهاجمة المكون المدني واتهامه بالتسبب في الازمة السياسية والاقتصادية المتفاقمة في البلاد . وتلا ذلك تصاعد الملاسنات من المكون العسكري ودعوته لتوسيع المشاركة وتغيير الحاضنة السياسية او استبدالها بقوى يعلم الشارع السوداني علاقتها بالنظام السابق او ارتماءها في أحضان النظام الدكتاتوري. وقد اسماهم الشارع السوداني بالفلول و الزواحف وليس هناك شك في ان هذه المجموعة ظلت تحاول منذ نجاح قيام ثورة ديسمبر المجيدة لإجهاض الثورة وارجاع النظام السابق وحاولت مرار لوضع العصي في دواليب الفترة الانتقالية ومحاولة اظهار ضعف المكون المدني وعدم قدرته على إدارة الازمات في البلاد وإيجاد حلول لها . ومثال لذلك الاحداث التي تم افتعالها في شرق السودان واحداث مشكل قبلي تلاه تكوين جسم غير معترف به سعى لخنق الحكومة الانتقالية اقتصاديا بأغلاق الشارع الرئيسي الرابط بين الميناء والعاصمة وبعد ذلك تم اغلاق الميناء الوحيد في البلاد في تحد واضح للسلطة التنفيذية والذي اعقبه تماهي واضح من المكون العسكري مع الاحداث وعدم دخوله في خط الازمة للقيام بدور مسؤول في نزع فتيل الازمة , وقد لوحظ ان كل تصريحات المتظاهرين في شرق السودان كانت تنادي بتسلم الجيش للسلطة وحل الحكومة الانتقالية وقصر مجلس السيادة على العسكريين فقط وهو ما يؤكد وجود خيط يربط هذه الاحداث مع مصالح المكون العسكري . ومن المستغرب ان كل المحللين الذين تم استضافتهم من العسكريين في القنوات التلفزيونية منذ صباح اليوم يرفضون وصف ما يحدث بالانقلاب العسكري بل يسمونه عملية تصحيح للمسار الديمقراطي , والسؤال الذي يطرح نفسه هل يحتاج التصحيح الديمقراطي لأحداثه بوسائل غير ديمقراطية تتمثل في التالي : قطع خدمة الانترنت عن المدن والعاصمة السودانية وضع السيد رئيس الوزراء تحت الإقامة الجبرية اعتقال وزير الاعلام فيصل محمد صالح اعتقال وزير شؤون الرئاسة خالد يوسف اعتقال أعضاء المكون المدني في مجلس السيادة الانتقالي محاولات الضغط على حمدوك لإصدار بيان يدعم الانقلاب اغلاق تام لمطار الخرطوم اعتقال والي الخرطوم ايمن نمر اعتقال والي سنار اغلاق للطرق و الجسور في الخرطوم . ستثبت الأيام القادمة ان هذا التصرف الذي حدث سيكون له كلفة كبيرة في طريق الإصلاح السياسي والاقتصادي في السودان .و أولها العودة الى إجراءات قمع الحريات واطباق القبضة الأمنية على السلطة وعلى الشعب وعملية الانتقال الديمقراطي. والليالي حبالى يلدن كل غريب .