الحياة موقف والموقف كلمة .. وفي البدء كانت الكلمة .. والمناصب الدبلوماسية ليست ألقابا شرفية فقط إنما هي مسؤولية تاريخية تشكل أوسمة شرف لمن يحسن حملها فهو يمثل شعبه وينطق باسمه ويعمل لأجل مصالحه وينحاز له في أوقات الرخاء والشدة. وفي أحلك الظروف تعرف المعادن الثمينة من الرديئة وفي أقسى المواقف تكون التضحيات .. وليس أقسى على السودان اليوم من عودة مجموعة " عسكر وحرامية " للحكم واتحكم في البلد من جديد عبر انقلاب البرهان حميدتي وجيريل مناوي ومن ورائهم فلول النظام البائد .. إنها العودة لعهد الظلم والخراب وتكميم الأفواه .. عودة الحرامية وتجار الدين .. عودة جرذان الأرض للمشهد ..عودة القتلة السفلة .. لكن سرعان ما هبت الخرطوم وثارت أم درمان وانتفضت بحري واشتعلت الثورة من جديد في كل المدن والقرى لاسترداد الثورة من المغتصبين. لم يكن سفراء السودان في أكبر عواصم العالم وأكثرها أهمية بمعزل عن شعبهم فقد كانوا من المبادرين بموقف بطولي سيسجله لهم التاريخ بأحرف من نور .. نعم خسروا وظيفة وكسبوا شعبا .. خسروا منصبا رفيعا وكسبوا منصبا أرفع منه في قلوب شعبهم .. خسروا مقاعدهم في تلك العواصم لكنهم كسبوا احترامها وتقديرها .. وغدا حين تنتصر إرادة الشعب سيعودون تطوق أعناقهم قلائد الشرف الرفيع .. لقد كان لذلك الموقف الشجاع الأثر البالغ المخيف على الانقلابيين حيث دب الرعب في قلوبهم من موقف شرفاء السفراء والدبلوماسيين الذين انضموا وينضمون تباعا لقائمة الشرف وذلك ما دفع النظام الغاشم لإصدار قرار إقالة 6 سفراء تصدروا قائمة الشرف الرفيع وهم السفير نور الدين ساتي / واشنطن / السفير علي بن أبي طالب الجندي ، السفير لدى سويسرا ومكتب الأممالمتحدة بجنيف ، السفير عمر مانيس / فرنسا ، السفير جعفر كرار / الصين ، السفير عبد الرحيم أحمد خليل / بروكسل ، بلجيكا ، السفير : عبد الرحيم الصديق / دولة قطر ) وسوف تتوالى قرارات الانقلابيين معتقدين أن قوائم الإقالات هذه سترهب الدبلوماسيين الشرفاء وتمنع آخرين من زملائهم من الانضمام إليهم لكن هيهات لأن هذا لن يغير من الأمر شيئا فالوطنية الصادقة لا تشترى والمواقف المبدئية لا تباع في أسواق الانقلابيين الذين خانوا العهد وتنكروا للوعد. ونحن نتمنى ألا يتأخر بقية السفراء والدبلوماسيين من الانضمام والانحياز لخيار شعبهم الذي ضحى بدماء غالية وأنفس زكية وأرواح بريئة من أجل أن يعيش الشعب في أمان من سطوة العسكر بعد أن جرب ويلات حكمهم وذاق مرارات عهودهم وها هم بعد ساعات من انقلابهم يعيثون في البلاد فسادا ويقتلون ويضربون بلا رحمة فما بالكم إن استتب لهم الأمر وتحكموا من جديد في البلاد ورقاب العباد ؟؟. التحية والتقدير والتجلة لكل السفراء والدبلوماسيين الذين سجلوا أسماءهم في قوائم الشرف المتداولة فقد أثبتوا أنهم أبناء الثورة وأبناء أرض الخير والوفاء والمواقف النبيلة .. وما زال الوطن بخير بشعبه ومواقفه الشجاعة ضد الطغيان .. وغدا يعود الوطن المختطف لأبناء شعبه . ويا أبناء الوطن الشرفاء .. واصلوا ثورتكم واعتصامكم ورفضكم لسلطة العسكر .. والنصر قريب بمشيئة الله.