انقلاب البرهان سيدخل التاريخ باعتباره احد اغبي الانقلابات التي شهدها العالم بالتاكيد، وهو لابد سيدرس لاحقا لطلاب العلوم السياسيه في الجامعات كنموذج للفشل ولعدم جداره العسكر بالانخراط في السياسه. اول و اهم عوامل نجاح اي انقلاب عسكري هي وجود قضيه عادله يلتف حولها الشعب وتعطي الانقلابيين ذريعه للتدخل وانتزاع الحكم من السلطه القائمه. مع وجود هذه القضيه يجب ان تتوفر للانقلابيين حاضنه شعبيه او سياسيه توفر الدعم للانقلابيين و تقوم بدور الواجهه التي تعمل علي حشد الدعم الداخلي للانقلاب و تخاطب المجتمع الدولي ليتقبل الانقلاب باعتباره رغبه شعبيه حتي لا يتخذ اي اجراءات عقابيه ضد الانقلابيين. اخيرا لا بد من توحد المؤسسه العسكريه خلف قيادتها دعما للانقلاب، حيث ان هذه المؤسسه ستتحمل عبء السيطره علي مرافق الدوله و تامينها وسيكون عليها مواجه الجماهير اذا خرجت للشوارع رافضة للانقلاب. احد الامثله الناجحه في هذا المجال هو انقلاب السيسي علي الرئيس المنتخب مرسي وحكومة الاخوان المسلمين في مصر، حيث كان هنالك سخط شعبي متزايد ضد مرسي و برلمانه و اداء حكومته، وكانت هناك ضائقه معيشيه وسيوله امنيه، وخوف من توجه الدوله الخارجي في ظل حكم الاخوان ضد ثوابت السياسه الخارجيه المصريه، مما اعطي الجيش المصري مبررا للانقلاب ضد الوضع القائم، وحظي هذا الانقلاب بدعم شعبي واسع مما اجبر العالم علي التعامل مع الامر الواقع والاعتراف بشرعيه السيسي بعد الانتخابات التي اجراها وحصد من خلالها قبول وتفويض الشعب للاستمرار في الحكم. بالعودة الي انقلاب البرهان، اولا لاتوجد قضيه عادله يمكن للبرهان اي يدافع عنها، حيث ان الانقلاب هو اعتداء علي قضيه عادله، وهي المسيره الديمقراطيه التي ضحي الشعب من اجلها. البرهان ايضا يفتقد تماما اي سند شعبي ولا توجد لديه اي حاضنه سياسية مقبوله شعبيا. بالاضافه لذلك الشعب بصفه عامه يري ان البرهان وبقيه المكون العسكري مسؤول عن الضائقه المعيشيه التي يعاني منها، حيث ان الشركات العسكريه ذات العوائد الضخمه خارج ولايه الحكومة المدنيه، كما ان موارد الدوله الحيويه تهرب يوميا تحت سمع وبصر وتواطؤ العسكر. وفوق ذلك يري الشارع ان المحاولات المستمرة لاعاقه عمل مؤسسه ازاله التمكين عباره عن تواطؤ مفضوح بين المكون العسكري وفلول المؤتمر الوطني التي نهبت موارد البلاد علي مدار عقود. ختاما يواجه الانقلاب جبهه دوليه موحده ضده نتج عنها ايقاف اي دعم دولي اقتصادي للسودان تحت الحكم الانقلابي وتعليق عضوية السودان في الاتحاد الافريقي، وهذه في ما يبدوا مجرد مقدمة لعقوبات اقتصاديه و سياسيه مقبله اشد، تجعل من العسير علي الانقلابيين تسيير الدوله في ظل هذه الاوضاع. فوق كل ذلك يبدوا جليا عدم توحد الجيش حول البرهان بالنظر لاعتماده علي الجنجويد والحركات المسلحه في تنفيذ الاعتقالات و مواجهة الشارع. سبب وصفي للانقلاب بالغباء هو ان جميع عوامل فشل الانقلاب المذكوره اعلاه كانت واضحه لاي ذي بصيره ولا تحتاج للكثير من الذكاء لادراكها، كما ان البرهان صرح مراراً انه لا تنازل عن الوثيقه الدستورية ولا تراجع عن المسيره التي بدأها الشعب تجاه الحكم المدني، مما يجعل هذا الانقلاب نموذج للفشل ان لم نقل الجنون، وانا علي ثقه تامه بسرعة سقوط هذا الانقلاب، خصوصا بالنظر الي مظاهرات 30 اكتوبر. السؤال الوحيد المتبقي هو: ما هي تكلفه هذا الانقلاب الفاشل علي البرهان و علي السودان؟