لا زالت الوفود تتقاطر على د. حمدوك في مقر اقامته الجبرية وعلى برهان في قيادة القوات المسلحة للوصول لحل واخراج الوطن من وحل انقلاب برهان-حميدتي. صدق الخبير الأمني الأمريكي الذي وصف مفاوضات الوسطاء مع البرهان بانها مفاوضات رهائن، حيث يحتفظ البرهان باعضاء الحكومة كرهائن ويساوم بهم المجتمع الدولي من أجل سلامته الشخصية. لكن الحقيقة، ان المفاوضات قد تخطت مفاوضات الرهائن الى مفاوضات عصابات المافيا والدواعش، وهذا غير مستغرب لان معظم مستشاري الجنرال والمدافعين عن انقلابه في قنوات التلفزيون من دواعش الانقاذ المعروفين وان كان بعضهم تحت حجاب. هذه العصابات تختطف الشخص الذي تريد التفاوض معه ثم تقوم بتعذيبه بطرق شتى حتى يبصم على الاجراءات التي تريده ان يوافق عليها. وهي في سبيل ذلك يمكن ان تقتل بدم بارد كل من يعترض تنفيذ خطتها. وهكذا البرهان يفاوض حمدوك وهو محتجز تحت اقامة جبرية وأعضاء حكومته رهائن في زنازين او بيوت اشباح تعذيب مجهولة، ومليشياته المكونة من أمن ودعم سريع وحركات مسلحة تزهق أرواح أعداد كبيرة من شباب الثورة وتتسبب في جرح واعاقة العشرات منهم. وتماماً كما يفعل رؤساء المافيات للانتقام الشخصي من بعض الافراد، وكما يعرف معظم السودانيين فإن خالد عمر يوسف ومحمد الفكي سليمان ووجدي صالح قد يقع عليهم التعذيب الاكبر وتوجه اليهم تهم جنائية كاذبة لان خالد عمر ومحمد الفكي دخلوا في مواجهات كلامية مع البرهان، ووجدي صالح كان راس رمح تفكيك نظام الانقاذ الذي تمثله اللجنة الامنية بشركاتها ومناجم ذهبها في مجلس السيادة. ماذا يكون في التفاوض مع من ارتكب مجازر في دارفور ومجزرة الاعتصام وخان الثورة بالانقلاب واعتدى على الاحياء الآمنة وقتل الشباب الابرياء المعارضين للانقلاب وسحلهم في الطرقات؟ من ارتكب مثل هذه الجرائم لا يفاوض الا من أجل سلامته الشخصية ولا حدود لما يمكن ان يسفك من دماء في سبيل ان يفلت من العقاب. اذن الحقيقة هي ان حمدوك يفاوض لسلامة الوطن وان برهان يفاوض لسلامته الشخصية، اما المفارقة التراجيدية فهي ان شباب يافع وكنداكات يافعات في مقتبل العمر يقدمون ارواحهم فداءً للوطن في الوقت الذي يسعى فيه برهان الجنرال الستيني الى تدمير الوطن وسفك المزيد من دمائهم ليفلت من عقاب جرائمه في دارفور ومجزرة الاعتصام.