بخلاف كل الانقلابات التي مرت على الشعب السوداني تميز انقلاب البرهان هذا بانه الانقلاب الوحيد الذي كانت فيه المواجهة مباشرة بين الانقلابيين والشعب ففي العهود السابقة كان الشعب يجلس متفرجا وكأن الانقلاب شأن خاص ما بين العسكر والسياسيين ولهذا لم يجد الانقلابيون الحرج في الاقدام على هذه الفعلة طالما كانت هناك المسوغات الكافية بالنسبة لهم والمتمثلة في فشل السياسيين مع ان الانقلابي العسكري كان عادة ما يكون واجهة لجهة سياسية، وللسخرية عادة مايتلقى الشارع فعلته هذه بمزيج من الفخر والاعجاب والخوف وهذا ما انتج الارث المعرفي الوجداني لدى الشعب عند تعريفه (للمنقلب ) بانه ود بلد وقلبه عليها وهذا ما جعل العسكر يستمرأون فكرة الانقلابات كدليل على وطنيتهم وخوفهم عليها وحبهم للاصلاح، ولكن سراعا ما تسقط ورقة التوت عنهم عندما يتذوقون لذة الكراسي والسلطة فينقلبون على الشعب وعلى من اتى بهم اولا. من ابرز منافع ثورة ديسمبر المجيدة انها كانت ثورة مفاهيمية جاءت لتصحح كثير من الموروثات الخاطئة على الصعيد الوطني فغيرت كثيرا من المفاهيم الوطنية واسست لقواعد تفاعلية تنطلق من معرفة الحقوق وكيفية اخذها والمطالبة بها والواجبات وكيفية بذلها وتقديمها وقد اسست لوعي جماعي بضرورة المحافظة على المكتسبات مهما كان الثمن، لهذا فهي تمثل محطة مهمة في تاريخ بناء الشخصية السودانية باعتبارها نقلة نوعية في الوعي الوطني والوطنية نفسها. ما لم يحسبه البرهان المحبط وثلة الانتهازيين حوله ان هذا الشعب قادر على ان يتصدى لهم وحيدا عاري الصدر، الذين تصوروا ان الشارع سيفقد بوصلة توجييه اذا ما تم اعتقال قياداته السياسية والتي لا ننكر انه كان لها دور في ثورة ديسمبر، لم يعلمو انه قد تخطى كل التوقعات وقد تعلم من تجاربه السابقة وهو متماسك ومنظم بشكل كبير وسيقف سدا منيعا لكل من يقف ضد تطلعاته وآماله دون الحوجة الى من يقوده او يوجهه. جيد ان يتلقى الانقلابيون هذه الصفعات من المجتمع الدولي بل حتى من حلفاءهم الاقليميين وكفلاءهم ولكن كل هذه العوامل ليست كافية لصدهم عن فعلتهم فالمجتمع الدولي سيمارس ضغطه في اطار مسؤوليته الاخلاقية ولكن سريعا ماستتغلب المصالح والاطماع على هذه الاخلاقيات القشرية وليس افضل من عسكري خائن او مليشي مرتزق ليبيع وطنه لهذا سيتعامل بسياسة الواقع المعاش وسيتماهى مع هذا الانقلاب بعد عدة اجراءات عقابية شكلية وبعدها سيطبع علاقاته معه بالكيفية التي تضمن له الحفاظ على مصالحه هذه. ليس امام الشارع الا الشارع ليواجه هذا الانقلاب وللشارع الذي صار منظما بشكل لافت ادواته وآلياته الثورية التى ستمكنه من دحر هذا الانقلاب المشؤوم. فالان وبعد ان فشلت جل هذه الوساطات الدبلوماسية في وضع خارطة طريق سياسية تخرج بالبلد من هذا المأذق ستنتقل المواجهة مباشرة الى الشارع بعد ان قال كلمته يوم 30 اكتوبر وانتظر ماستسفر عنه الوساطات والحلول الدبلوماسية. ولكن خوفنا ان هذه المواجهة التي ستضع العسكر في وجه الشارع مباشرة ستكون كارثية كون ان التصدي للمحتجين والمتظاهرين ليس من تخصص ( عسكري ) الجيش سوى كان جندي بالقوات المسلحة او ( جنجويدي) فهم ليسو مدربون على العمل المدني وانما كل تدريباتهم ان وجدت فهي قتالية غرست في مفاهيمهم ان العدو الذي امامه لا يمكن معالجته الا عبر الضغط على الزنات وهذه كارثة كبيرة ستخلف كثير من القتلى وهذا مارأيناه في اليوم الاول فان حصيلة ثمانية شهداء حصيلة كبيرة ومتوقع انها سترتفع الان كون الانقلابيون الان يائسون بعد ان وقف لهم المؤسس حجر عثرة امام تمرير شروطهم وفشلو في اقناع المجتمع الدولي كما لم يجدو حاضنة سياسية ومجتمعية تسوق وتتبنى فعلتهم سوى بعض الارجواز والانتهازيين من الحركات المسلحة وبعض فلول الكيزان الذين ومن حسن حظ الشعب السوداني كان دعمهم وبالا على الانقلابيين أذ افقدهم دعم الكفيل، لهذا قد يقودهم هذا اليأس الى الانتقام من هذا الشعب خصوصا وانهم ثلة من المجرمين والقتلة والمنافقين وقد اثبتت افعالهم التى جاءت متناقضة جدا مع تصريحاتهم نيتهم على فرض سياسة الواقع على الداخل والخارج وان التكتيكات التى يستخدمونها ليس الغرض منها سوى كسب الوقت والا ماذا نسمي اطلاق سراح بعض الوزراء وفي نفس الوقت اعتقال قيادات اخرى من الحرية والتغيير ولجان المقاومة والنشطاء. في المقابل ليس في نية الشارع التراجع وهو في محضر تأسيس دولة الديموقراطيات والحريات قد استوثق من خطه الثوري مرجحا ان لا تطلع الى الغايات سواه وان لا نصر الا بتوحيد رؤية مستقبلية مفاداها ان (لن يحكم هذا الشعب الا الشعب). #الردة_مستحيلة #لا_للانقلاب_العسكري #اطلقوا_سراح_المعتقلين #لا_تفاوض #لا_مشاركة #لا_مساومة #قصاص_الشهداء [email protected]