اليوم يخرج السودانيون في كل بقاع السودان في مليونية 13 نوفمبر ليقولوا في وجه الانقلاب ( لا )، اليوم يستعيد السودانيون أمجادا غابرة لشعب عظيم، شعب هزم الاستعمار وحطم الطغاة، اليوم ستمتليء الشوارع بالهتاف الحر والعزم التليد، ستلهم الكنداكات الجموع وتزين اعلام السودان الآفاق، وينحني التاريخ إجلالا واحتراما لهذا الشعب المعلم. مليونية 13 نوفمبر ستؤسس لمرحلة فارقة في تاريخ النضال الجماهيري ضد الشموليات، النضال الذي بدأ منذ 17 نوفمبر 1958 تاريخ اول انقلاب شمولي، ويستمر حتى اليوم، نضال ورثه الأبناء عن الآباء، والاباء عن الاجداد، نضال يسري في الدم والروح ويتسربل الجينات، نضال لا يستطيع السوداني الحر الشريف ان يغالبه، فيخرج في الهتاف والتضحيات، ليحيل نهار الشموليين إلى ليل دامس. هذه المليونية ستؤسس لحوار جاد وعظيم ومهم حول الدور المفقود للقوات المسلحة السودانية في استدامة واستقرار الحكم المدني الديمقراطي، اذ في كل انقلاب تخرج طغمة عسكرية لتستولي على السلطة ولا تواجه اي رفض من بقية القوات المسلحة، وكأن هذه القوات المسلحة منوط بها حماية الانقلابيين وليس حماية الشعب، استمرار هيمنة عقيدة جيوش العالم الثالث الدكتاتورية على منظومة القوات المسلحة تهدد بشكل جدي وخطير مستقبل الديمقراطية في السودان. من المؤسف ان كل انقلاب جاء كان ابشع من سابقه، المخلوع كان ابشع من النميري والنميري اسوا من عبود، وما فعله البرهان وحميدتي ومليشياتهما في الشعب السوداني كان ابشع مما فعله المخلوع، فالمخلوع كان دكتاتورا صريحا، بينما هؤلاء يتحدثون عن حماية الثورة ويقتلون الثوار، يتحدثون عن حماية التحول الديمقراطي ويعتقلون السياسيين ويقطعون الانترنت ويضربون النساء والشيوخ في الطرقات ويحلقون رؤوس الشباب ويقتحمون المنازل، هذه الممارسات التي جاء بها انقلاب البرهان غير مسبوقة، ولا تشبه اخلاق السودانيين ولا طبيعتهم، وكلها ممارسات عنوانها الاذلال وهدفها كسر ارادة وعزيمة الشعب السوداني وقهره ليرضي بالحكم الانقلابي، ولكن هيهات. سيواجه هذا الشعب انقلاب البرهان ببسالته التي لا تعرف الخنوع، وبشجاعته التي لا تعرف الخوف، سيقاومهم بسلميته الباسلة، سيواجه رصاصهم بصدره العاري، ويزلزل سجونهم بالهتاف، فهل هذا شعب يسهل ترويضه؟ هل يظن البرهان وحميدتي ان الشعب السوداني رخيص كجبريل ومناوي واردول، أو إنتهازي كرجاء نيكولا وبرطم؟ لا يعرفون هذا الشعب اذا، والذي رفع السماء بلا عمد، هذا الشعب لو مدت له الموائد من هنا الى السماء على ان يترك انفته وعزته وكبرياءه لركلها جميعا، لو جاءوا له بملء الأرض ذهبا على ان يبيع الرفاق ويخون الشهداء لركلها ومضى في دربهم فقيرا معدما، هذا شعب حر كريم لا يباع ولا يشترى، واليوم سيرون منه مليونية تؤلمهم وتقر عيون الشرفاء، فلينتظروا انا منتظرون. [email protected]