"السياسيون فى العالم كالقرود فى الغابة اذا تشاكلوا خربوا الزرع واذا تصالحوا أكلوا المحصول" . جورج أورويل *** أعتقد و لست وحدى … ربما لست وحدك يا حمدك بل أنتم , ولا يهم أن كانت معك شلة المزرعة أم المنشية أم القصر لكن الأهم هو أنكم باتفاقكم مع البرهان أضفتم لانقلابه بعضا من الشرعية الزائفة. و أعلم أيضا لستم أول من فعلوها … فقد فعلها قبلكم عراب الكيزان وزبانيته حين ذهب بعضهم الى السجن والآخر الى القصر و بعد فترة وجيزة خرجوا عن بكرة أبيهم بينما الشعب السودانى ما يزال فى السجن منذ أكثر من ثلاثين سنة , عانى فيها على أيدى الكيزان وارجلهم الذل والمهانة والجوع والعطش والاغتصاب والابادة والتشرد وصنوف اخرى من العذاب لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ما عداهم . لقد كان خطابك بائسا ومثيرا للشفقة وكأنما أردت به فرض اعادة انتاج نفسك ولكن لحسن الحظ فقد تجاوز الثوار كل تهديداتك وأيضا تجاوزوك شخصيا , وكما قال الفيلسوف هراقليطس : " لا يمكن للمرء أن يستحم فى النهر نفسه مرتين". وهل هنالك تهديد أكثر لأمن الشعب من أن تحكمة لجنة البشير الأمنية متمثلة فى الدولة العميقة؟ . وهل هنالك تدمير أكثر للاقتصاد من أن تسيطر على 85 فى المئة منه شركات الجيش والدعم السريع والرأسمالية الطفيلية؟ وأيضا بعد الانقلاب تم الغاء لجنة ازالة التمكين وتم تعين لجنة أعادة التمكين. وهل هنالك تهديد أكثر للعودة الى الديمقراطية من أن يتربع على اتخاذ القرار بعودتها جنرالات مجرمون سوف تقتص منهم الديقراطية حين تعود؟ . وهل يعقل أن من بيده القلم والمدفع والثروة والجبن والخبث وانعدام الانسانية أن يتطوع ويكتب الشقاء لنفسه باجراء انتخابات نزيهة تؤدى به الى التهلكة ؟ فقد أعلن الدكتاتور البرهان أن باب الترشيح فى الانتخابات المزعومة مفتوحا للجميع – هذا يعنى ببساطة اعادة انتاج نظام السيسى بمصر وسيطرة العسكر والكيزان على الحكم فى السودان ثلاثين سنة أخرى . وعليه يجب علينا توخى الحزر والعمل على تكوين جبهة ثورية عريضة تضم كل القوي المدنية الرافضة للدكتاتورية وأيضا تضم قوى الكفاح المسلح التى رفضت اتفاقية جوبا , ولا يجب علينا أن ننسى أيضا دور الضباط الأحرار المؤمنين بالديمقراطية والمنتظمين الآن فى القوات المسلحة . وهل بقيت مثقال ذرة من الثقة فى الجنرلات وفى وعودك الكثيرة يا حمدوك التى ذهبت كلها أدراج الرياح حتى يقتنع الشعب فى أن اتفاقيتك مع البرهان سوف تحفظ دمه, مع العلم أن الشوارع منذ الاستقلال مخضبة بدماء شهداء الجنوب وجبال النوبة والنيل الازرق ودارفور وكجبار والآن العاصمة المثلثة وضواحيها ؟. وهل يعقل أن يثق الشعب فى رئيس وزراء أتى به من المجهول وائتمنه على مصيره ولكن فى اللحظة الحاسمة وبالرغم من مساندة معظم دول العالم له تنكر الرئيس لمطلب الشعب بمدنية الدولة وقذف بطوق النجاة لجنرال انقلابى فى لحظة نبذه فيها كل حلفاؤه وكان على شرف السقوط فى الهاوية الى الابد . ولا أود أن أصفكم بخيانة الثورة كما فعل البعض , فالخيانة تتطلب الايمان بالثورة مسبقا , ولكن تعاملك بازدراء مع لجان المقاومة , وتذبذبك وعدم استطاعتك اتخاذ أى قرار ثورى وتخلصك بكل سهولة من زراء وموظفين أكفاء وثوريين , الذين كان بامكانهم أن يحققوا بعضا من أهداف الثورة أثبتت أنكم لستم ثوريين ولن تستطيعوا أن تتقمصوا مبادئ الثورة. فأنتم كما قال منصور خالد " النخبة التى أدمنت الفشل" – وكما قال الشاعر ناظم حكمت : " أنتم كالعصافير … دائما ترتجفون كالعصافير وقلقون كالعصافير … وكالخرفان أنتم فعندما يرفع تاجر المواشى … فى معطفى الجلدى عصاه (أو ابليس ذو الدبابير اللآمعة حنجرته … مهددا) سريعا تنضمون الى القطيع … و تكادوا … بكبرياء تهرولون الى السلخانة و لا يهم أن يعصرالشعب كالعنب من أجل نبيذكم . أعنى .. أنكم .. أغرب مخلوقات تمشى على الأرض" . وكما سأل الطيب صالح " من أين … أتيتم" … أسأل … الى أية هاوية تتجهون؟ استقيلوا … فورا و بدون مراوغة … فأنتم لا تحتاجون لاذن من البرهان و لن نصدقكم حتى تستقيلوا ، استقيلوا … أرحموا هذا الشعب , فلا يوجد وضع فى الدنيا … أسوأ مما نحن فيه . فالثورة تلد قادتها وأساليب نضالها وحلفاءها كل لحظة … فالشارع الذى لا يخون قال : "لا شراكة ولا تفاوض ولا شرعية" … وكل يوم بدونكم … مهما كان الثمن .. فهو أجمل . المجد للشهداء وللشعب وللشباب وللكندكات وللجان المقاومة . المجد أيضا للساتك.