الحوار مع مولانا نبيل أديب عبد الله رئيس اللجنة المستقلة للتحقيق في فض الاعتصام ، الخبير القانوني و المدافع عن الحقوق والحريات ، المساند للحقوق النقابية ، الكاتب ، والسياسي له طعم خاص لما يتمتع به من دراية وحصافة قانونية، الأستاذ نيل اديب المحامي يعد من اكثر المحامين الذين دافعوا عن حقوق الانسان ، وساهم بشكل مباشر في عمليات الإصلاح القانوني ! تناول الأستاذ نبيل اديب اهم القضايا القانونية والسياسية . معا الي الحوار اعداد محمد بدوي وجعفر السبكي الجبهة الديمقراطية للمحامين تاريخ الانضمام وتقييم للتجربة في سياق دور المحامين الديمقراطيين فى العمل الدؤوب لتعزيز الحقوق النقابية عبر المشاركات المختلفة فى انتخابات نقابة المحامين خلال ال30 عاما الماضية و ما هو سياق العلاقة الآن ؟ إنضممت للجبهة الديمقراطية للطلاب عند التحاقي بالجامعة وبقيت فيها حتى تم تحويل عضويتي الى الجبهة الديمقراطية للمحاميين، حين بدأت التمرين على المحاماة. كانت الجبهة الديمقراطية للمحامين تفوز بشكل دائم بأغلبية مقاعد مجلس نقابة المحامين منذ الإستقلال و حتى حل نقابة المحامين على يد إنقلاب الانقاذ في 89. وكان نقيب المحامين آنذاك الفقيد عبدالله الحسن، ولكن الإنقاذ عينت لجنة تسيير مكونة من محامين اسلاميين بقيادة الإسلامي الاستاذ فتحي خليل. ولقد كانت النقابة في الفترة الأولى للإنقاذ يتم تشكيلها بالتعيين، ولكن سُمح في منتصف التسعينات بانتخابات صورية سيطرالنظام عن طريقها على النقابة حتى سقوطه. رأس الدكتور سليم عيسى الجبهة الديمقراطية للمحامين في فترة الإنقاذ حتى وفاته في عام 1997 ومن ثم فقد خلفته رئيسا للجبهة الديمقراطية نحواً من عشرين عاماً حتى العام 2018 حيث خلفني على رئاسة الجبهة الفقيد الاستاذ جلال السيد. تحملت الجبهة الديمقراطية للمحامين منفردة العمل القانوني المعارض ضد نظام الانقاذ ونقابته أول الأمر، ولكنها مالبثت أن كونت جبهة عريضة من التنظيمات الحزبية المعارضة وسط المحامين بإسم التحالف الديمقراطي للمحامين بقيادة الفقيد أمين مكي مدني وذلك في عام2005 وقد تكون التحالف آنذاك من الجبهة الديمقراطية والحزب الإتحادي الديمقراطي وحزب الأمة والحركة الشعبية لتحرير السودان ولقد توليت منصب مسؤول الإعلام في التحالف. ولقد توالى إنضمام التنظيمات السياسية المعارضة للمحامين للتحالف بعد ذلك العمل الحقوقي المساهمة في برامج الإصلاح القانوني مع ريدرس تراست هل يمكن إلقاء ضوء على ذلك ؟ قامت منظمة ريدريس البريطانية بتأسيس مشروع لإصلاح القانون الجنائي في السودان بقيادة الألماني لوتز أوته والسوداني عبدالسلام حسن، والذين إستقطبوا له عددا من القانونيين من ضمنهم د أمين مكي مدني وشخصي والدكتورة أسماء عبدالحليم و الدكتور محمد عبدالسلام، حيث عقدنا الكثير من الندوات وورشات العمل في السودان وكينيا وأوغندا. كما تم نشرالعديد من الاوراق التي تناولت التشوهات التي تحملها القوانين العقابية في السودان، كالقانون الجنائي، وقانون الاجراءات الجنائية، وقانون النظام العام، وقانون الامن الوطني وغيرها. كذلك فلقد صدر كتاب باللغتين الانجليزية والعربية عن نشاط المبادرة بعنوان العدالة الانتقالية واصلاح القانون الجنائي قام بنشره دكتور لوتز أوته الذي ساهم مساهمة كبيرة في عمل المبادرة مجلس أمناء مركز الخاتم عدلان للاستنارة ، رئاسة مجلس أمناء المرصد السوداني لحقوق الإنسان الذي أسسه الراحل أمين مكي مدني ، كيف يرى نبيل التجربة ؟ والصعوبات التي ظلت سيفا مسلطا على المجتمع المدني ؟ عملت في مجلس أمناء مركز الخاتم عدلان برئاسة دكتور الباقر العفيف والذي لعب دوراً هاماً في نشر الوعي القانوني والسياسي المؤسس على حقوق الانسان ومحاربة التمييز والاستبداد، مما أكسبه عداء النظام إلى أن تم حله في 31 ديسمبر 2012 وقمت نيابة عن المركز بالطعن في القرار لدى المحاكم المختلفة حسب التراتبية القضائية ولكن لم نفلح في إلغاء القرار حتى سقط النظام وعاد المركز للعمل بأمر الشعب. كذلك عملت في مجلس أمناء المرصد السوداني لحقوق الانسان وخلفت الدكتور أمين مكي مدني في رئاسته في نهاية 2013. وكان المرصد يكشف إنتهاكات حقوق الإنسان ويدرب الناشطين على رصدها، مما أكسبه عداء جهاز الأمن. في 22 ديسمبر 2014 اقتحمت قوة تتبع لجهاز الامن ، مقرالمرصد السوداني لحقوق الانسان بمنطقة الخرطوم (2) ، وأوقفت عمل ورشة حقوقية كانت تدرب ناشطين وصحفيين على كيفية اعداد التقارير حول حقوق الانسان . وشرعت القوة الامنية في تفتيش المقر، وصادرت أجهزة كمبيوتر، وحواسيب شخصية ، وأوراق عمل تخص المركز، و أخضعت القوة المهاجمة العاملين في المرصد لتحقيقات مكثفة ، كما احتجزوا المشاركين في الورشة لبعض الوقت واغلقوا موبايلاتهم قبل أن يسمح لهم بمغادرة المكان . ورغم اغلاق مقر المرصد إلا أنه لم يتوقف عن ممارسة نشاطه حتى سقوط النظام في 2019م. غاب مقال نبيل أديب الراتب بصحيفة الميدان منذ فترة الأسباب، و اين المقال الراتب الان ؟ بالنسبة للميدان فلقد كانت تنشر لي عمود راتب عقب عودتها الى الصدور في 2005 تحت اسم "لاجدوى من الصمت" وكان عموداً صغير الحجم في حدود 600 كلمة وكنت ايضاً في نفس الوقت اكتب مقالاً في حدود الف كلمة لصحيفة السوداني . عقب إنفصال الجنوب وارتداد الهجمة على الحريات العامة، رأيت ضرورة رفع الثقافة القانونية ضد الانتهاكات التي كان يمارسها النظام، وهو أمر يتطلب مساحة أكبر للمادة التي أنشرها فتحولت الى كتابة مقال مطول يناهز الثلاثة ألف كلمة يشمل صفحة كاملة من الحجم العادي في الصحيفة اليومية نتيجة لهذا التغيير في حجم المقال فلقد توقف العمود الذي كنت اكتبه في صحيفة الميدان وتبدل الى مقال إسبوعي وأصبح ينشر في نفس اليوم في صحف التيار والجريدة والميدان والايام . بالنسبة للتوقف عن الكتابة في الميدان فلقد رفضت هيئة التحرير نشر مقال لي في عام 2017 تحت عنوان "في اصلاح العمل المعارض" ورأت أن المقال مخالف لخط الحزب الشيوعي. ورأيت أن استمراري في الكتابة في الميدان بعد ذلك يفقدني استقلاليتي ككاتب، وبالتالي توقفت عن نشر المقال الاسبوعي في الميدان. أما بالنسبة لباقي الصحف فلقد توقفت عن الكتابة عقب سقوط نظام الانقاذ وذلك بالنسبة لإنشغالي بالعمل السياسي. ظهر نبيل اديب على رأس مبادرة قيدت دعوى دستورية ؟ في فترة سريان دستور 2005 قمت برفع العديد من الدعاوي الدستورية ضد نظام الانقاذ وجهاز أمنه، ولقد تم رصدها في كتابي الذي صدر مؤخراً بعنوان معارك الثورة الدستورية. أهمها الدعوى ضد الرقابة المسبقة للنشر، والتي أقمتها نيابة عن صحيفتي أجراس الحرية والميدان ضد جهاز الأمن. ودعوى صحيفة التيار ضد قرار جهاز الأمن بوقف صدور الصحيفة. ودعاوى عديدة خاصة بالإعتقال غير المشروع لعدد من الناشطين أهمها دعوى فاروق أبو عيسى وأمين مكي مدني. ودعوى الحزب الجمهوري. وآخرهذه الدعاوى من حيث الزمان هي دعوى مريم الصادق المهدي وآخرين ضد رئيس الجمهورية بشأن مشروعية تدابير الطوارئ. أجندة المجتمع المدني في الفترة الانتقالية كيف يراها مولانا نبيل ؟ إذا كنا نتحدث هنا عن المنظمات غير الحكومية ، فهذا يعني حسب تعريف الأممالمتحدة، كل التنظيمات الخاصة، المستقلة عن سيطرة الحكومة، والتي لا تهدف لتحقيق الربح، ولا تشكل تنظيم إجرامي، ولا يمكن تصنيفها باعتبارها مجرد تنظيم سياسي معارض. وهذا التعبير كما نرى يضم كل التنظيمات التي تشغل الفضاء بين الدولة والأسرة، بغض النظر عن نوع النشاط الذي تمارسه بعد أن أخرجنا عنها الأحزاب السياسية، والمنظمات الإجرامية، والتجمعات الربحية. تختلف الأنشطة التي تقوم بها المنظمات غير الحكومية بحسب الأغراض التي تسعى لتحقيقها، وهي في الأغلب أغراض بيئية، أو تنموية أو ثقافية، أو تتصل بالحوكمة (حقوق الإنسان والحريات العامة) أو بالأغراض الإنسانية (الإغاثة والمنظمات الخيرية) لابد من التفرقة بين السياسة بشكل عام، وبين العمل الحزبي. فالسياسة تشمل المسائل المتصلة بأصول واشكال الحكم، وعمل السلطات المختلفة في الدولة، وعلاقات الدولة بالدول الاخرى. وهذا يشكل جزء أساسي من إهتام المنظمات غير الحكومية، أو منظمات المجتمع المدني، خاصة تلك التي تعمل في مجال الحوكمة Governance . ولكن العمل الحزبي هو تنفيذ تكاليف لصالح حزب معين، وذلك بسبب الانتماء السياسي له، وهذا لا يجوز لمنظمات المجتمع المدني التورط فيه. ولكن هذه القاعدة كسائر القواعد تحمل استثناءات، كما وأن هنالك بين المنطقتين توجد مناطق ملتبسة، فالمنظمة غير الحكومية أو منظمة المجتمع المدني، قد تتفق أهدافها مع طرح معين لحزب أو آخر في نقطة معينة. ومن ذلك مثلاً إذا تبنت منظمة من المنظمات المعنية بالحوكمة طريقة معينة للانتخابات، أو الوصول الى البرلمان، كالتمثيل النسبي مثلاً أو التمييز الإيجابي، كتبني حد ادنى من العضوية للنساء، أو دعوة لإلغاء تشريع معين، أو تبني أحكام تشريعية محددة، وكان ذلك هو نفس ما يتبناه حزب أو أكثر، يجوز لها المشاركة مع ذلك الحزب أو تلك الأحزاب في حملة مناصرة لذلك المبدأ، ولكن ذلك لا يجب أن يصل لتكوين جبهة سياسية دائمة مع ذلك الحزب. هنالك ضعف بصفة عامة في عمل المجتمع المدني في الفترة الانتقالية رغم أنه كان نشطاً أثناء حكم الانقاذ ولعب الدور الأكبر في مقاومة الحكم الاستبدادي ونشر الثقافة الديمقراطية وربما يكون السبب هو أن الشعور بالانتصار وعودة الديمقراطية جعل المجتمع المدني يشعر بأنه يتوجب عليه أن يترك الأمر للسياسيين. وطبعا هذا لاينفي أن بعض منظمات المجتمع المدني قد نشطت بشكل فعال فقامت بنشاط ملحوظ بالنسبة للاعداد لتأسيس مجتمع ديمقراطي. للأسف فإن المنظمات غير الحكومية يحكمها قانون العمل الطوعي والإنساني السوداني لعام 2006 وهو قانون مخالف للمستوى الدولي، ومقيد لحركة المنظمات الطوعية. صحيح أن المنظمات الطوعية لم تعد تخضع لمضايقات الحكومة بعد سقوط الإنقاذ، إلا أن الضمانة الوحيدة لحرية عمل المنظمات الطوعية تظل في إصلاح القانون ضمانا لذلك. ما هو رأي نبيل اديب فى المشاركة التنفيذية التي تمت تحت مظلة المجتمع المدني في الفترة الانتقالية ..بين تفويض المجتمع المدني الذي يقع بين السلطة الحكومية والقطاع الخاص ؟ إذا تحدثنا عن المجتمع المدني بإعتباره المنظمات التي تملأ الفراغ بين السلطة السياسية والاسرة نجد أن ذلك المجتمع يشمل الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني وأيضاً نقابات العاملين والمهنيين ورغم أن مجتمع المهنيين لعب دوراً مماثلاً في ثورة ديسيمبر إلا أن دوره مالبث أن تراجع بعد الثورة حيث أصبح دوره ثانوياً بالنسبة للاحزاب السياسية فإنها تعاني من ضعف ملحوظ فلم يقم أي حزب بعقد مؤتمر قومي لتجديد قياداته وفقا للمرحلة الجديدة. وبالتالي فلم يتم طرح برنامج حزبي خاص بالفترة الانتقالية ولا متابعة تنفيذه عن طريق العمل السياسي المنظم. ونلاحظ بصفة خاصة غياب ورش العمل وحلقات النقاش والليالي السياسية التي يفترض أن تدعم البرنامج السياسي للحزب . نجم عن هذا غياب تام للقيام بمهام الفترة الانتقالية وحتى النجاح الاقتصادي الذي حققته حكومة حمدوك الاولى بإعادة السودان الى حظيرة المجتمع الدولي وماصاحب ذلك من معونات اقتصادية كانت نتيجة لجهد بذلته الحكومة بمعزل عن الاحزاب. والمتتبع لدور المجتمع المدني في بناء الديمقراطية السودانية يلاحظ أمرين الأول هو التراجع الواضح لدور النقابات العمالية ونقابات المزارعين والتي لعبت دوراً أساسية في ثورة أكتوبر في انتفاضتي ابريل وديسمبر. الأمر الثاني هو ضعف النشاط النقابي وسط نقابات المهنيين والعمال بعد انتصار ثورة ديسمبر، فحتى الآن لم تقم أي نقابة بإجراء إنتخابات لعضويتها، وبالتالي فإن قواعد تلك النقابات لاتشارك بشكل واضح في عملية بناء النظام الديمقراطي الذي تمثل المهمة الرئيسية للفترة الانتقالية ما هي التأثيرات لتلك المشاركة هل تحول المجتمع المدني إلى تحولات سياسية قريبة من الأحزاب؟ نعم أعتقد أن تأثير الاحزاب السياسية على المجتمع المدني واضح وهو أمر يحتاج للبحث خاصة بالنظر لضعف الاحزاب السياسية نفسها وفقدانها للبرامج الخاصة بالفترة الانتقالية . أقول هذا وأنا مدرك لأهمية التفاعل بين الحركة النقابية بشكل عام وبين الاحزاب السياسية، حيث يفترض أن تغترف الاحزاب السياسية برامجها من مطالب العاملين، والتي تتبلور بشكل أساسي في نقاباتهم. عدم التفاعل بين الاحزاب السياسية والنقابات العمالية نجم عنه اهمال الحركة المطلبية تماماً لصالح المطالب السياسية . انتقادات و آراء مؤيدة حين ظهر نبيل مدافعا عن مدير جهاز الأمن السابق صلاح محمد عبدالله ، مع التأكيد بحرية العقيدة القانونية للمحامي كيف ترى الأمر في سياقه الحقوقي ؟ من المهم معرفة دور المحامي فالبعض يعتقد أن المحامي يدافع عن آراء موكله وهذا غير صحيح لأن المحامي يدافع عن حقوق موكله وليس عن آرائه. ولكن المحامي في نفس الوقت هو مواطن له كامل الحق في تبني الافكار السياسية التي يرى صحتها، ولذلك فإنه مع إعترافه الكامل بحقوق موكله في تبني ماشاء من أفكار سياسية، فإنه من حقه وأحياناً يتوجب عليه أن يقبل فقط القضايا التي تتماشى مع أفكاره السياسية، وهذه المسأله لاتتصل بأفكار المتهم بل بموضوع القضية. فالدعوى ضد قوش لم تكن متعلقة لصلاح قوش بشكل عام، بل هي متعلقة بافعال معينة نسبت له، وهي أنه قام بمحاولة إنقلاب عسكري ضد النظام القائم. عندما دافعت عنه لم يكن قوش يتولى أي منصب في النظام، وكان الخلاف بينه وبين عمر البشير معلوم للكافة. كان صلاح قوش يتولى منصب مدير عام جهاز الأمن والمخابرات، منذ عام 2004. ولكن عمر البشير أقاله في 15 أغسطس/ آب 2009، ، وعينه مستشارا أمنيا للرئيس وعين محله نائبه الفريق محمد عطا المولى. في عام 2011 أقاله البشير من هذا المنصب دون إبداء أسباب. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2012 جرى اعتقال "قوش" مع 12 ضابط من الجيش وجهاز الأمن والمخابرات، بتهمة الضلوع في محاولة انقلابية أحبطتها السلطات السودانية. إذا فالمحاكمة أصلا لم تكن متعلقة برجل النظام القوي بل برجل النظام المغضوب عليه الذي تم طرده من حظيرة النظام . كنت من جهة أعتقد أن إتهام صلاح قوش بمحاولة قلب نظام الحكم لا تسنده أي بينات، وإنما هو جزء من الصراع الداخلي في السلطة. وهذا لم يكن يعني تأييد قسم من السلطة في مواجهة قسم آخر بل كنت أعتقد أن توسيع شقة الخلاف سيضعف السلطة بشكل عام . لقد كنت أرى أن الدعوى تشكل تشققا في جدار السلطة نتيجة لخلافات عميقة بين القائمين عليها، مما سيسمح بالإطاحة بها. تمثلت بقول الشاعر والمغني الكندي ليونارد كوهين والذي يقول " هنالك تشققات في كل شئ وهذا ما يسمح بدخول النور" There is a crack in everything that's how the light gets in لذلك فلقد قبل عدد من المحاميين المعارضين الدفاع عن صلاح قوش وكنت من ضمنهم ولكنهم شرفوني بإنتخابي رئيساً لهيئة الدفاع. إذا فالإتهام كان من حيث موضوعه متعلق ببساطة بنشاط ضد نظام استبدادي كنت نفسي معارضاً له. فلم أر في دفاعي عن قوش مخالفة لا لمبادئي القانونية ولا السياسية. ورأيت أن المحاكمة ستكشف الكثير عن ممارسات النظام ومن شأنها أن تضعفه لذلك فلقد قبلت المهمة رغم ما فيها من خطورة يتسبب فيها ما سينجم عنها من كشف ما يدور في جحور السلطة. ولكن النظام تنبه لكل ذلك وأسقط الإتهام عن قوش لمنع محاكمة نتولى نحن المعارضين أختيار ما نقدم من بينات. اذا واجه صلاح محمد عبدالله قوش تهما جنائية في سياق اتهامات مرتبطة بفترة توليه جهاز الأمن هل سيقف نبيل مدافعا عنه ؟. لا لن أدافع عن صلاح قوش إذا ما قدم للمحاكمة عن فترة إدارته للأمن، لسبب بسيط وهو أن مبادئي السياسية تخالف مبادئه، وأنا لم أكن أتعاطف مع موقفه كمدير للأمن. وهذا لا يعني أنه لا حق له في أن يختار محامي للدفاع عنه، بل فقط يعني أنني لا أصلح لكي أكون ذلك المحامي. وذلك لأنني لايمكنني أن أدافع في قضية سياسية، عن أفعال سياسية لا أوافق عليها، حتى ولو كانت تتفق مع القانون. تعرض مكتب نبيل اديب و منال عوض خوجلي للاقتحام في وقت سابق من قبل قوات جهاز الأمن والمخابرات و تم اعتقال عدد من طلاب جامعة الخرطوم وضربهم آنذاك ، وانتهاك خصوصية المكتب وترويع العاملين فيه ، الأسباب و ماذا حدث بعد ذلك ؟ في 5 مايو 2016 وأثناء إجتماع في مكتبي ضم عدد من النشطاء من طلاب جامعة الخرطوم مع هيئة الدفاع عنهم من المحامين تم إقتحام المكتب بواسطة عدد من قوات الامن يرتدون ملابس مدنية عادية . كان الغرض من الاجتماع إعداد الدفاع عن مجموعة من الطلاب والطالبات كانوا قد قادوا إحتجاجات في جامعة الخرطوم. كان الإجتماع يضم الطلاب ومجموعة من المحامين يتولون الدفاع عنهم. قام أعضاء جهاز الامن بإقتحام المكتب ودلفوا إلى قاعة الإجتماعات في شكل همجي وقاموا بإعتقال الطلاب بعنف شديد وفتشوا المكتب واحتجزوا المحامين المشاركين في الاجتماع ومنهم من خارج المكتب الاستاذة نوال أبو قصيصة والاستاذة إنعام عتيق والاستاذ محمود الشيخ دفع الله . وبعد أن تم تفتيش المكتب واعتقال الطلاب ومعهم محاميان وموظفة بالمكتب، إستولوا على اللاب توب الخاص بي، وملفين أحدهما كان خاصا بدعوى دستورية ضد رئيس الجمهورية آنذاك لقيامه بتجاوز سلطاته الدستورية. غادر المقتحمون المكتب بغنائمهم وأسراهم المذكورين بعد أن أطلقوا سراح المحامين المشاركين في الاجتماع. لقد كان الحدث مخالفا للأعراف الدولية . معلوم أن المبادئ الأساسية بشأن دور المحامين الصادرة من الأممالمتحدة تمنع تعريض المحامين أو التهديد بتعريضهم، للملاحقة القانونية أو العقوبات الإدارية والاقتصادية وغيرها نتيجة قيامهم بعمل يتفق مع واجبات ومعايير وآداب المهنة المعترف بها تسبب اقتحام المكتب في إحتجاجات شعبية واسعة شاركت فيها الأحزاب والتنظيمات السياسية المعارضة بقيادة تحالف المحامين الديمقراطيين وقد طالت الاحتجاجات حتى الجهات الرسمية كرئيس القضاء ووزير العدل ونقيب المحامين. اعادة سلطات جهاز الأمن والمخابرات للاعتقال بعد انقلاب اكتوبر 2021. ؟ إعادة سلطات جهاز الامن للاعتقال غير صحيحة، لا من حيث القانون ولا من حيث السياسة. فمن حيث القانون معلوم ان هذه السلطات حتي ولو صدر بها تشريع تظل غير دستورية لمخالفتها الوثيقة الدستورية، فمابالك وكونها صدرت من السلطة التنفيذية التي لا تملك إصدارها. من حيث السياسة فان تجربة السودان الاخيرة توضح ان الاعتقال لا يحمي السلطة التنفيذية ولا قراراتها. اللجنة القانونية للحرية والتغيير علاقة نبيل بها وكيف تمت ؟ لقد كنت عضواً بالقيادة التاريخية لتحالف المحامين الديمقراطيين وهو أحد المكونات الرئيسية للحرية والتغيير ومن هنا جاءت رئاستي للجنة القانونية للحرية والتغيير .
مسودة الوثيقة الدستورية التي تم رفضها من قبل المكون المدني و الوثيقة اللاحقة كيف يقيمها نبيل أديب في سياق الفقه الدستوري وسياق الفترة الانتقالية؟ لا علم لي بمسودة الوثيقة الدستورية التي تم رفضها من قبل المكون المدني ولكن الوثيقة الدستورية التي صدرت كدستور للفترة الانتقالية تمت صياغتها بديلا عن العودة لدستور 1956 المؤقت والذي كان يتم عقب كل انتفاضة رغم أن دستور 1956 لم يكن أكثر من نسخ لقانون الحكم الذاتي لعام 1954 الذي صاغه السكرتير القضائي للحاكم العام لتغطية الفترة الانتقالية التي تلت انتفاقية السودان(إتفاقية تقرير المصير) بين مصر وبريطانيا. والسبب الواضح في ذلك هو أن دستور 1956 والذي أسس لنظام حكم مركزي تجاهل الاعتراف بالتنوع العرقي والجهوي والثقافي والديني الذي يميز السودان مما جعله يشهد في كل مرة يعاد تطبيقه مزيدا من اشتعال للحرب الأهلية فلم يكن مناسبا تبنيه أثر ثورة تهدف للسلام كأحد مرتكزاتها الوثيقة الدستورية وضعت الأساس لفترة إنتقالية يحكمها نظام ديمقراطي برلماني لامركزي وهو ما يمثل اتفاق القوى السياسية الاساسية. أسست الوثيقة الدستورية لإقامة هياكل للحكم ضمت السلطات الثلاثة وتبنت مبدأ الفصل بين السلطات مع الرقابة المتبادلة بينهم. وضمت وثيقة للحقوق لوضع حدود صارمة لسلطة الدولة على الشعب. وأقامت المفوضيات المستقلة للقيام بالعبء الأكبر في تأسيس المجتمع الديمقراطي التالي للفترة الانتقالية. وهي في رأي تلبي تماما مهام مرحلة الفترة الانتقالية ولكن ما أضعفها وأخل بأجهزتها مسؤول عنه الحكام بشقيهم المدني والعسكري الذين نكلوا عن اكمال هياكل السلطة فلم يتم تكوين المجلس التشريعي وأضعفوا الاجهزة العدلية بشكل متعمد. هل يمكن إلقاء الضوء على أعضاء اللجنة القانونية للحرية والتغييروما هي ابرز الانجازات التي قامت بها ؟ أعضاء اللجنة القانونية تم إختيارهم بواسطة الكتل المكونة للحرية والتغيير. ولا بد لنا من أن نعترف بأن اللجنة القانونية للحرية والتغيير لم تقم بما هو مطلوب منها من إصلاح قانوني ودعم للأجهزة العدلية . تراجع دور اللجنة القانونية للحرية والتغيير فى جهد تعديل القوانين بعد أبريل 2020 ماهي الاسباب ؟ بعد ابريل 2020م تم تكوين هياكل الحرية والتغيير وقوي بالتالي عود المركز على حساب الهيئات المتخصصة وتجاهل المجلس المركزي للحرية والتغيير كثيرا مما كانت تطالب به اللجنة القانونية. رغم عدم وجود نص بمنصب لنائب رئيس للمجلس السيادي في الوثيقة الدستورية 2019 لم يصدر أي تصريح قانوني أو سياسي سواء من اللجنة القانونية للحرية والتغيير أو الجسم السياسي ؟ لم تحدد الوثيقة الدستورية سلطات رئيس مجلس السيادة وإنما إكتفت بتحديد اختصاصات المجلس ككل. ورغم أن الوثيقة لم تذكر منصب نائب رئيس مجلس السيادة إلا أنها نصت على سلطة المجلس في اصدار لائحة تنظم أعماله. وبالتالي فإن إنشاء منصب نائب رئيس المجلس دون تخصيص اختصاصات بعينها له، يمكن أن يندرج في سلطة تنظيم أعمال المجلس. إلغاء قانون النظام العام هكذا ورد التصريح فيما هي مجموعة قوانين ولائية ، ما هي التغييرات الأخرى المرتبطة محاكم النظام العام هل تم الغاء منشورات التأسيس ؟ شرطة النظام العام هل ألغيت قرارات التأسيس ام اننا في حالة إلغاء للقوانين دون مساس ببقية البنية ؟ الغاء قانون النظام العام جاء بتصريح من وزير العدل رغم أن التشريعات تُلغى بواسطة الهيئة التشريعية التي أصدرتها. قانون النظام العام الذي تم إلغاءه على هذا النحو هو قانون ولائي، صادر من المجلس التشريعي لولاية الخرطوم، (قانون ولائي رقم (5) سنة 1996م )، وهو قانون صدر في أكتوبر من عام 1996 ولكنه فى الواقع كان إعادة إصدار لقانون النظام العام لعام 1992 بعد أن أضيفت له بعض المخالفات التى كانت متناثرة فى أوامر محلية مختلفة. وهو قانون قصد به المحافظة على القيم التى عيّن نظام الحكم نفسه حامياً لها، فى عاصمة الدولة الرسالية التي كانت قائمة آنذاك، والتي كانت تزعم أن لها مشروع حضاري يقوم على إعادة تشكيل الإنسان السوداني، وفق أحكام الشريعة الإسلامية، التي احتكرت الدولة الحق في تفسيرها . وقانون 96 لا يختلف عن قانون 92 فى الذهنية والأهداف، فكلاهما يقوم على الذهنية الأبوية الرسالية التى تخلط بين التجريم والتحريم، و ينطلق من فكرتين رئيسيتين: الأولى ضبط الشارع العام، والثانية ضبط السلوك الخاص، والقانون فى محاولته لضبط الشارع، يقوم على ذهنية الكشة،وفى محاولته لضبط السلوك الخاص، يقوم على ذهنية الإسترابة فى الأنثى . و هو قانون مشابه لعدد من القوانين في ولايات مختلفة ولم يحدد الوزير ما إذا كان ألغاهم جميعا أم ألغى فقط قانون ولاية الخرطوم. ربما إستند الوزير في قراره إلى عدم وجود سلطات تشريعية ولائية آنذاك، ولكن ذلك لا يمنح الوزير السلطة في القيام بما قام به. كذلك فلقد تركة الأجهزة القمعية المتمثلة في المحاكم وأقسام الشرطة دون إلغاء أو إصلاح. عموما فإن المسألة تم علاجها بإرتباك صاحب عمل وزارة العدل في الفترة الانتقالية وهو الأمر الذي صاحب محاولة إصلاح الاحكام القمعية الموجودة في قوانين أخرى خلاف قانون النظام العام. لم تصدر تدابير من الدولة لضمان إنصاف وإعادة الاعتبار والتأهيل ضحايا محاكم النظام العام ، كما اغفل قانون العدالة الانتقالية الاشارة اليهم ؟ الملاحظة حول إنصاف وإعادة الاعتبار وتأهيل ضحايا محاكم النظام العام صحيحة أما بالنسبة لقانون العدالة الانتقالية فهو لم يصدر بعد ولم تشكل المفوضية حنى الآن وكل ذلك جزء من الارتباك الذي صاحب أداء وزارة العدل. تعديلات في بعض نصوص قانون الأحوال الشخصية للمسلمين ، القانون الجنائي فى مادة الردة وشرب الخمر ، كيف ترى تأثير ذلك وعلاقتها بالإصلاح القانوني و مناهجه ؟ لم تقم الحرية والتغيير ولا أجهزة الدولة في الفترة الانتقالية بدراسة علاقة الدين بالدولة، ولا الصلة بين التجريم ولا التحريم، ومابين عليه من خلط في فترة الانتقال في اثناء الفترة الانتقالية وذلك يعود لغياب المجلس التشريعي وللارتباك الذي أشرت له بالنسبة لأداء وزارة العدل. هذه المسألة محتاجة لأن يتم دراستها ونقاشها بشكل واسع بين مكونات الشعب المختلفة، ومن ثم يتم تعديل القوانين التي نتجت عن ظاهرتي إستخدام الدين في السياسة والخلط بين التجريم والتحريم. لم تطل التعديلات قانون الإثبات 1994 الذي لازال يتيح قبول البينة المعيبة إلى جانب أن الممارسة لا تزال تتعامل مع الحمض النووي كقرينة ؟ قانون الاثبات هو وليد تشريع مستعجل صدر في ظل نظام استبدادي لذلك فلقد ظلت المادة العاشرة منه تشكل منفذاً لبقاء الاحكام القمعية. وكان أهل الإنقاذ حريصون على بقاء ذلك الحكم فحتى حين أجبرتهم نيفاشا على قبول أحكام خاصة للعاصمة القومية حرصوا على أن يكون التنازل في أضيق نطاق. ولعل ما يثير الانتباه المادة 156 (ج) من دستور 2005 ونصها " لا يجوز انتهاك خصوصية الأشخاص ولا تقبل أمام المحاكم البينة المتحصل عليها بانتهاك هذه الخصوصية" وهي كما ترى بمفهوم المخالفة تسمح للمحاكم بقبول البينة التي تنتهك الخصوصية في باقي إجزاء القطر . قرار تشكيل لجنة لتعديل قانون الأحوال الشخصية للمسلمين ، واجهه انتقادات من حيث شكل القرار ومضمونه ، و لم يتمكن من إنجاز مهمته لاستقالة بعض أعضائه وفقا لوسائل الاعلام بأسباب منها عدم علمهم المسبق او الاخطار بالتمثيل فى عضوية اللجنة ؟ القوانين المتخصصة والمتصلة بالعقائد الدينية كقانون الاحوال الشخصية يجب أن تتم دراستها بعمق ولا يجوز التعجل في إصدارها ولكن هذا لايمنع أنه لحين ذلك يجب علاج التورمات التي لحقت به بشكل عاجل بحيث يتم رفع التمببز غير المقبول ضد الفئات الاضعف الخاضعة لأحكامه. ماهي الاستراتيجية التي يمكن ان تقود الى إصلاح قانوني فاعل ؟. الاستراتيجية التي تقود الى اصلاح قانوني فاعل تتمثل في إلزام سلطات الدولة التنفيذية والتشريعية والقضائية بوثيقة الحقوق بإعتبارها تحدد بشكل قاطع تلك السلطات و تخرج من نطاقها تلك الحالات التى يمتنع فيها على الحكومة أن تفعل شيئاً، أو أن تفعل ذلك الشئ فقط بطريقة معينة. كما يذكر ماديسون وهذا يبدأ في الاساس بقبول المبادئ فوق الدستورية والتي تمنع حتى السلطات التأسيسية من تقييد حقوق المواطنين بواسطة نصوص دستورية ليست ضرورية لحماية أمنهم . نبيل اديب اول من انتقد قانون لجنة تفكيك التمكين ومحاربة الفساد 2019 إلى أن تم تعديله في 2020 ما هو وجه النقد القانوني الذي قدمته وقاد إلى ذلك ؟ صحيح أن تعديل القانون في 2020 عالج جزء مما وجهته للقانون من نقد، ولكن للاسف التعديلات لم تعالج إلا جزء يسير من ذلك النقد و مازال القانون في صيغته المعدلة يعاني من تلك العيوب حتي الان. لقد إنتقدت قانون إزالة التمكين لكونه يفتقد تعريفات للالفاظ والمصطلحات التي إستخدمها وفي ذلك مخالفة لما تطلبه قواعد صياغة التشريع من ضبط لمعاني الأحكام. كذلك رأيت أن القانون خالف الوثيقة الدستورية، وقواعد الفصل بين السلطات في السلطات التي منحها للجنة، ولم يلتزم بقواعد العدالة الاجرائية. حسنا فعل التعديل حين أضاف عددا من التعريفات شملت تعبيرات أساسية وعدد من الجرائم المعاقب عليها بالقانون. ولكن التعديل ون كان قد أغلق بعض الثغرات في القانون، إلا أنه فتح ثغرات أخرى قد تكون أكثر خطورة. بالإضافة لأنه تجاهل بعض الأخطاء الجوهرية في القانون. مثلا فقد ترك التعديل الفقرة ي من المادة 7 (1) كما هي وهي تحمل حكما معيباً كونها تمنح لجنة التمكين سلطة إلغاء أي قانون، وإلغاء التشريع هو تشريع، وهي سلطة مقررة للسلطة التشريعية ومنحها لجهة الإدارة مخالف لحكم الدستور في الفصل بين السلطات. طبعاً هنالك نقاش طويل ومتشعب حول التفويض بالتشريع ولكن لا يمكن القول بأي درحة من الخيال القانوني بأنه يشمل هذه الحالة. الفقرة (ن) من نفس المادة تمنح اللجنة سلطة إسترداد أي أموال ناتجة عن أعمال التمكين أو أي فعل من افعال الفساد وهي سلطة قضائية. نحن جميعاً نعلم أن نظام الإنقاذ كان نظاماً فاسداً. ونعلم أنه إستولي على أموال عامة وخاصة، بغير وجه حق، لحزبه ولمنسوبيه.وأننا في حاجة لتشريع يُقنن إستعادة تلك الأموال بشكل ناجز مع التقيد بأحكام الدستور، ودون إخلال بأساسيات النظام القائم. ولكن من يملك سلطة إسترداد تلك الأموال؟ لا شك أنها سلطة قضائية يجب أن تمارس من خلال محاكمة عادلة. مسالة العدالة في الفترة الانتقالية عالجها مؤتمر كمبالا للعام 99 للتجمع والذى كان يضم كل قوى المعارضة الشمالية والجنوبية للإنقاذ. لقد توصل ذلك المؤتمر إلي أنه من الضروري الإلتزام بمعايير العدالة في الفترة الانتقالية وفقا لمفاهيمها التي رسختها الوثائق الدولية لحقوق الانسان. ولقد نبهنا أنذاك رائدنا الفقيد الدكتور امين مكي مدني الي اننا قد نبدو جميعا نحن سياسيين وحقوقيين متفقون الان في رؤانا نحو العدالة، لاننا جميعا نعاني من نظام إستبدادي، الا انه لدى سقوط هذا النظام قد نجد أنفسنا وقد إنقسمنا من حيث نظرتنا لتطبيق العدالة إلى سياسيين وحقوقين. وها نحن الآن نرى بأعيننا ما حذرنا منه رائدنا. دعوني أقول إن خصومتنا مع الإنقاذ لايجب ابدا ان تقودنا إلي إنتهاك اساليبها، فللحرية وجه واحد. كيف يرى نبيل قانون لجنة التفكيك و كيف ينظر إلى الممارسة الي قبل أكتوبر 2021 ؟ للاسف لم تكن ممارسة لجنة التفكيك لسلطاتها علي الوجه الذي كنت ارجوه لهم كرفاق في النضال من اجل الدمقراطية. الا انه ليس من المناسب الهجوم علي الرفاق الآن وهم في وضعهم الحالي متهمون بما لم يقوموا به في تقديري الخاص. نحن نتحدث عن مناضلين لم يكن ديدنهم في قراراتهم اي مصلحة شخصية ولكن ذلك لا يجب ان يقودنا إلي ان نقبل الاخطاء التي صاحبت عملهم. القرارات الصادرة من اللجنة و حجيتها ؟
للاسف لا يبدو لي ان قرارات اللجنة ستبقى اذا ما تم تحديها امام القضاء ليس لأن ما نسبته لمن أصدرت في حقهم من قرارات غير صحيح، ولكن لانه لم يثبت وفق مبادئ المحاكمة العادلة . يعيب قرارات لجنة إزالة التمكين في نظري انها إفتقدت العدالة الاجرائية حيث ان القرارات صدرت دون تحقيق مع الشخص المعني، وصدر القرار دون أن يحمل حيثيات مقبولة توضح أسباب صدوره. اقول قولي هذا وانا اعلم ان بعض من تعرضو القرارات حرمتهم من مركز او مال يستحقون تماما ما اصابهم، ولكن العدالة لاتتحقق ما لم تُرى وهي تتحقق ولا قيمة لما أعتقده أن أو غيري ما لم تتم ادانتهم بواسطة محكمة بعد محاكمة عادلة تقوم على مبدا المواجهة بين الخصوم. وفي غير هذه الاحوال علي أن لا أسمح لحسي السياسي أن يغلب حسي العدلي. تعثرت جهود ترشيح مولانا عبد القادر محمد احمد كرئيس للقضاء ،هل هو خطأ القبول بالوثيقة الدستورية 2019 أم ماذا ؟ لا اعتقد ان لمولانا عبد القادر محمد احمد مع احترامي الكبير لعلمه ونضاله في منصب رئاسة القضاء حق لايجوز منعه عنه بحيث يلحق عدم حصوله على المنصب بالوثيقة الدستورية عيبا واقع الامر انني لا أعتقد أن شخصا واحدا في هذا البلد الولود هو وحده المؤهل لتولي أي منصب وأنه لايجوز لغيره أن يتولى ذلك المنصب. بدون هذه التعميمات فإنني أعتقد ان مولانا نفعمات عبد الله كانت جديرة بالمنصب، وانه لا يعيب فترتها كرئيس للقضاء سوى الطريقة الشائنة والمشينة والمخالفة للوثيقة الدستورية التي تم عزلها بها . تم تكليفكم برئاسة لجنة التحقيق في أحداث 3 يونيو 2019 كم هم أعضاء اللجنة و من هم ؟ أعضاء لجنة التحقيق المسقلة في احداث 3يونيو 2019 كانوا سبع اشخاص ثلاثة محامين وكبير مستشارين بوزارة العدل وعضو بالنيابة العمومية وضابط بالقوات المسلحة وضابط بالشرطة. إستقال منهم محام و كبيرالمستشارين بوزارة العدل بموجب تفويض اللجنة حددت 3 اشهر لعملها ثم استمرت فى التجديد الأسباب ؟ لقد كان تحديد فترة الثلاثة اشهر لعمل اللجنة هو تقدير عشوائي لاصلة له على الاطلاق بالمهام الموكلة الي اللجنة، ولا للإمكانيات المتاحة لها. للذلك فأنه عندما إنتهت فترة الثلاثة أشهر المحددة لم تكن اللجنة بدأت حتى في ممارسة عملها لان الدولة لم توفر لها مقر ولا اي من مكونات الدعم اللوجستي من موظفين وخبراء وأجهزة. وفقا للقرار هل يتيح ذلك لسيادتكم مهمة التصريح نيابة عن اللجنة أم أن رئيس الوزراء هو المفوض بالقيام بذلك ؟ لكل من رئيس الوزاء و رئيس اللجنة السلطة بإدلاء تصريحات كل في حدود إختصاصه. بالنسبة الي فان اي تصريح أدليت به كان مقصوداً منه حماية اللجنة من محاولة خلق جو من عدم الثقة في عملها، بواسطة من لهم مصلحة في ذلك. ولكنني حرصت أن لا يكون في تصريحاتي ما يكشف ايا من أسرار التحقيق. اللجنة قد قامت بالسماع لأكثر من 3000 شاهد هل سبق فى التاريخ السوداني أن قامت لجنة أو محكمة أو أي جهة تحقيق أو قضائية بسماع هذا العدد ؟ لا أستطيع الاجابة بشكل قاطع علي هذا السؤال وان كنت أرجح ان ذلك لم يحدث من قبل. والسبب في تقديري هو العدد الضخم من الناس الذين شاهدو إنتهاكات 3 يونيو في شاشات التلفزيون وارادو ان يشهدو بما عرفوا عنه. اللجنة لم تحدد عدد من تسمع بل اعلنت كل من لديه معلومات تتصل بانتهاكات 3 يونيو أن يتقدم للإدلاء بأقواله أمام اللجنة. ولم يكن جائزاً إتباع اي طريق اخر. اذا انه اصلآ لايجوز لمحقق ان يرفض سماع أقوال شخص يرغب في الادلاء بأقوال، وان جاز له أن لايركن اليها بعد سماعها. بعد سماع كل من يرغب في الإدلاء بشهادته قامت اللجنة بدراسة تلك الأقوال ومراجعة الصحف وأجهزة الاعلام الصادرة قبل وبعد 3 يونيو بشكل يجعل لها صلة بالتحقيق ومن ثم تعرفت اللجنة علي عدد من الاشخاص رأت أن هنالك ما يدو للإعتقاد بأن لديهم معلومات قد تساعد اللجنة في التوصل لما حدث ومن ثم فلقد أعلنتهم لسماع أقوالهم فى ذات السياق فقد قمتم باستجواب أعضاء المجلس العسكري السابق ، هل طال الاستجواب أي من العسكريين خارج المجلس آنذاك ؟
نعم لقد إستمعت اللجنة لأقوال عدد كبير من العسكريين من خارج عضوية المجلس انذاك العسكري الحاكم في تلك الفترة هل شمل الاستجواب أي من الفاعلين السياسيين من المدنيين من الأجسام القيادية لثورة ديسمبر 2018 ؟ نعم شمل الاستجواب عدد من الرسمين والسياسين الفاعلين وكذلك عدد من الاعلامين كيف ترى واقع الطب الشرعي في السودان ؟ يعتقد الخبراء في هذا المجال ان الطب الشرعي في السودان مازال يحتاج الي تطويرنص تفويض اللجنة أوأمر تأسيسها بإمكانية الاستعانة بالاتحاد الافريقي للمساعدات التقنية ، هل تم الأمر ؟ نعم لقد إستعنا بالاتحاد الافريقي وتبادلنا معه الرسائل واوضحنا له مانرغب في الحصول عليه من مساعدات ولكنه إعتذر في أخر ألامر مما ألجأنا بالعودة للسيد رئيس الوزراء الذي تواصل عن طريق مكتبه مع هيئات أجنبية وفرت الدعم الفني. لاحقا هنالك تصريح بأنه تمت الاستعانة بجهات دولية للمساعدة فى فحص مقاطع الفيديو المرتبطة ب3 يونيو 2019 ، لماذا ؟ نعم هنالك تصريح يقول بأنه جاري الاستعانة بخبرات دولية ولكن التصريح يتحدث عن خبرات متعلقة بفحص بعض الادلة المادية التي تعرفت عليها اللجنة وذلك لايقتصر على بعض مقاطع الفديو فحسب بل يشمل ادلة مادية أخري في تصريح لسيادتكم انه في حال استقدام فريق طبي لمساعدة عمل لجنة التحقيق لن تكن لها علاقة بالنيابة العامة ، هل هذا مرتبط بأمر تأسيس اللجنة الارتباط بنتائج زيارة الفريق الطبي الأرجنتيني في أبريل 2021؟ لا أعتقد أن هذا التصريح تم نقله بدقة فعمل اللجنة كله مرتبط بالنيابة العمومية. عموما لقد علمنا بنشاط الفريق الكولومبي في فحص بعض الادلة التي تهم اللجنة من زميلنا الاستاذ الطيب عباسي رئيس لجنة المفقودين. ولقد قابلنا ذلك الفريق عند حضورهم استجابة لدعوة لجنة المفقودين ووافقوا علي مدنا بالتقارير التي نطلبها ولكن للاسف تم طردهم بواسطة النائب العام السابق مبارك محمود وكنا نعمل علي إصلاح الوضع وإعادة الفريق لزيارة المواقع المطلوبة ولكن تغير عمل اللجنة بسبب عدم وجود حكومة تقدم الدعم اللوجستي في الوقت الراهن . هنالك تصريح أخير لنبيل يمارس 2022 حول شغل لجنة تسجيل الأحزاب جزء من المبنى المخصص للجنة التحقيق في أحداث 3 يوليو 2019 ، لكن هناك خلط حدث حيث تداولت وسائل الإعلام البديلة أو الوسائط الاجتماعية بأنالأمر شمل التعدي عل. المستندات وغيرها هذا رغم وضوح تصريح اللجنة حول الأمر ، ما المغزى من هذا الخلط والتزيد ؟ صدر عني تصريحين في مناسبتين مختلفتين في هذا الموضوع. كان الأول يذكرأن قسم إسترداد الأموال بوزرة المالية أصدرت أمرا يقضي بأن تشغل لجنة شؤون الأحزاب الجزء الشاغر من مقر اللجنة، وأن اللجنة رفضت أن تشارك أي جهة في المقر للسرية القصوى المتصلة بعملها وأن مكتب رئيس الوزراء قد ألغى أمر وزارة المالية. تم تطوير الإجراء بعد ذلك ووصل الأمر لاقتحام الموقع فصرحت بذلك وبالخطورة التي يتعرض لها عمل اللجنة نتيجة لذلك. ولقد تم عقب ذلك إخلاء الموقع ولكننا مازلنا في إنتظارأن يتم عمل محضر تسليم وتسلم بواسطة النيابة العمومية تضمن لنا عدم وجود أي أدوات تسمح بالإطلاع غير المأذون به علي مجرى التحقيق. بالنسبة للمستندات وغيرها من اجهزة اللجنة فلم تكن اصلا في موقع يسمح بالتعدي عليها بواسطة من إقتحموا مقر اللجنة. هنالك تصريح لمولانا مبارك محمود النائب العام المكلف السابق بإرسال عينات من الجثث المجهولة للفحص في دولة الامارات ، كيف ترى الأمر ؟ لا أعتقد أن ذلك الفحص قد تم وهذه مسالة في نهاية ألامر يقررها الخبراء بشرط ان تتم بشكل محصن ضد العبث بالبينات. بعد استقالة مولانا الحبر ذكر تصريح لسيادتكم ان هناك قائمة من 18من المرشحين لمنصب النائب العام ، تطاول الامر الي حدث انقلاب أكتوبر 2021 ماهي اسباب ذلك التطاول والمتسبب فيه ؟ لا أذكر عدد المرشحين ولكن كان هنالك عدد من المرشحين بالنسبة لتعدد الكتل المكونة للحرية والتغيير. وقد تم الاتفاق بين عضوين من اللجنة ولجنة مجلس السيادة المختص، علي ان يتم إختيار المرشح في إجتماع مشترك، ولكن ذلك لم يتم بسبب تصاعد الهجوم بين المكونين المدني والعسكري عقب محاولة الانقلاب الفاشلة في سبتمبر2021 . يشهد الواقع العدلي محاكمة لمتهمي انقلاب 1989 أمام محكمة مدنية ، تمت محاكمة مجموعة الفريق هاشم عبد المطلب أمام محكمة عسكرية بناء على ما اعلن إعلاميا بالمحاولة الانقلابية في 2019 يونيو ، تجري محاكمة عسكرية لمجموعة اللواء بكراوي المتهمين بالمشاركة في محاولة انقلابية في سبتمبر 2021 ، ثم جاء انقلاب 25 اكتوبر 2021 و قادته فى السلطة ، كيف تري مناخ التجريم والإباحة ؟ كل هذه المحاكمات هي محاكمات متعلقة بأعمال مخالفة للقانون منسوبة للمتهمين فيها. معلوم أن الإنقلاب هو فعل مخالف للقانون ولكن ما يُمكن من محاكمة مرتكب الإنقلاب ليس الانقلاب بنفسه بل القدرة علي مرتكبه وهذا هو الفرق بين الإنقلابات المشار إليها تداولت وسائل الإعلام في وقت سابق مستند منسوب للسلطة القضائية لم يكن لنبيل أخطار بإيقاف منح سلطة التوثيق ، ماهي حقيقة الأمر ؟ و ماذا حدث بعد ذلك ؟. هذا القرار صدر في شكوى تم شطبها عدة مرات قبل ذلك وقد تم إلغاءه هو نفسه بعد أن تدافع الزملاء في تحالف المحامين مشكورين بالطعن فيه . نبيل اديب اسم ضمن مجموعة الوساطة التي نشطت حتى 21 نوفمبر 2021 بين المكون العسكري ورئيس الوزراء المستقيل د حمدوك ، من هم الآخرين فى اللجنة وكيف ارتبط نبيل بذلك هل مبادرة شخصية ، بحكم موقعه فى اللجنة القانونية للحرية التغيير، او ماذا؟. لقد كنت طرفا في مجموعة حاولت وقف الهجوم المتبادل بين المدنيين والعسكريين وهي مجموعة تضم الاستاذ محجوب محمد صالح والدكتور الديبيلو وشخصي وانضم لنا اخرون منهم بروف حيدر ودكتور يوسف محمد الزين ولكن المجموعة لم تنجح في مسعاها ووقع الانقلاب . عقب إنقلاب 25 اكتوبر كانت هنالك مجموعة من الحرية والتغيير انا ضمنها تري انه لابد من العودة عن طريق الانقلاب حتي تتمكن من انقاذ الفترة الانتقالية وان الخطوة الاولي نحو ذلك تبدا بالسماح لرئيس الوزراء بممارسة مهامه، واطلاق سراح المعتقلين السياسين، وكان للحكومة العسكرية بعض الاعتراضات وفي نهاية الامر تم التوصل لإتفاق نوفمبر2021 بين رئيس الوزراء والمكون العسكري وذلك باعتبار انه إتفاق إطاري يجب ان يكمل بإتفاق مع القوى المدنية وهو الامر الذي لم يتم حتي الان اتفاق سلام السودان 2020 اتفاق جوبا جاء فى 266 صفحة ، كيف يرى نبيل الاتفاق من ناحية النصوص بما يشمل نصوص العدالة وعلاقتها بالوثيقة الدستورية 2019، الصياغة ، طريقة صنع السلام ؟ إتفاق سلام جوبا ينقضه الكثير من حيث أن المسألة لم تتم بين ممثلي الشعب في المناطق المعنية والسلطة الوطنية، بل هوإتفاق بين شرائح من المناطق المعنية والسلطة الوطنية، وبالتالي فإنه مالم يتم إكماله من حيث المشاركين فيه لن يحقق السلام الشامل. اضف للذلك فانه من حيث الموضوع مازال محتاج لأن يشمل الإتفاق كثير من الأحكام التفصيلية . هناك أصوات تنادي بتعديل الاتفاق كيف ترى ذلك و انعكاسه السياسي ايجابا او سلبا ؟ رغم أن إتفاق جوبا كما قلنا لايلبي طموحات الشعب الا ان التمسك به وتطويره هو المطلوب وليس اهماله . كيف يرى نبيل الإلغاء لكافة قرارات لجنة التفكيك بعد انقلاب 2021 أكتوبر؟ اعتقد ان المسألة لا يجب إختصارها في قرارات لجنة إزالة التمكين فإزالة بنية التمكين لنظام الثلاثين من يونيه وهو جزء من مهام الفترة الانتقالية وفقا للوثيقة الدستورية، ولايمكن اصلا بناء دولة القانون والموسسات بدون القيام بتلك الإزالة. اذا فالمسالة لاتتعلق بأن تبقي او تلغى قرارات طالت افراد بل المسالة تتعلق ببناء نهج عدلي يهدم النظام القديم لمخالفته للمبادي الاساسية لحكم القانون، وإستبداله بنظام مؤسس علي المحاسبة والعدالة تتم وقفه إزالة تمكين البنية التي أوجدت نظام فاسد لا يخضع للمحاسبة .