طبيعة الأشياء وضرورياتها تحتم ان الهبوط في اتون ظلامات ودهاليز الهاوية يعقبه صعود عند الاصطدام بالقاع .. هذه هي المرحلة التي خرجت البلاد من بعض شرورها بسقوط نظام الانقاذ الكيزاني المجرم .. والان والسودان وثورته التي يقودها الشباب وتدعمها كل القطاعات والفئات العمرية دخلت بعد الخروج من الهاوية مرحلة مفترق الطرق حيث طريق المستقبل الواعد بالنماء والتعافي الذي تحاول قوى الثورة ارتياده لانتشال البلاد من كبوتها او خيار آخر يمثله الطريق المؤدي الى مرحلة مستنسخة من النظام البائد بقيادة الفلول وشرذمة الموز والمحشي .. ولا شك ان فصيل الثوار هو المنتصر مادامت عناصره متمسكة بحقها وشعاراتها في السلام والحرية والعدالة وتدير الصراع بعقلانية وحنكة لتحسمها سنة الحياة ليذهب الزبد جُفاءً ويبقى في الأرض ما ينفع الناس.. إنها النهاية المحتومة مهما تفرعن الباطل وتنمر وظن أهله – في حيرتهم وأوهامهم – أنهم قادرون على تغيير مسار تيار الثورة الجارف الذي يكتسح كل الطفيليات والأعشاب الضارة ليهيئ الأرض لتنبت الامن والرخاء والسلام .. والذي يستهدي بدروس التاريخ لا بد ان يرى كيف ان مساره ملئ بكثير من الأمثلة والعبر فقد فعلتها أمم اقل إمكانات وموارد مثل اليابان ورواندا وسنغافورة لأنها حظيت بقيادة ذات رؤية استراتيجة وخيال خصب فعال فخلقت جيل النهضة المسلح بالتعليم والمعرفة .. فقد عرفت تلك القيادات في تلك التجارب التاريخية أن التعليم هو العامل المحفز وان ما عداه من عناصر تنقاد طائعة له في مكونات امة تعول علي هذا السلاح الفعال لإحداث التغيير المنشود .. وتقول المرحلة الآن لكل المتشائمين والأصوات الخائرة اخرسوا واجلسوا في مقاعد المتفرجين ودعوا هؤلاء الشباب وكل أبناء الوطن المخلصين القادمين من كل حدب وصوب ان يشمروا السواعد لبناء وطن ظلت كنوزه وامكانياته في داخله زمنا طويلا في سباتها العميق تصرخ الآن تأمل أن يكون ما يحدث الآن من ثورة الوقت المناسب لاستخراجها والاستفادة منها لتحتل مكانتها في مصاف الأمم المتقدمة .. لا شك إنه تحد كبير ولكن هذه أمة عظيمة تستعصي على السقوط والهلاك في حين أنه يدعمها مخزون ضخم من الثقافة والتاريخ المجيد .. وقديما قال حكيم العرب وشكسبيرهم: على قدر أهل العزم تأتي العزائم *** و تأتي على قدر الكرام المكارم و تكبر في عين الصغير صغارها *** و تصغر في عين العظيم العظائم .