بعد 10 أشهر على خلو كرسي رئيس مجلس الوزراء، تختلف الأوساط في البلاد ما بين مؤيدة ورافضة لعودة رئيس مجلس الوزراء السابق عبد الله حمدوك إلى منصبه برئاسة مجلس الوزراء، حيث يرى الكثيرون أن عودة حمدوك ستجنب البلاد المخاطر ومزالق الانجراف نحو الهاوية وهو المخرج للبلاد من أزمتها الراهنة، فيما يرى البعض الآخر أنه ليس من الصواب أو الحكمة تكرار سيناريو العودة مرة أخرى، لأنه فقد دعمه الجماهيري والشعبي،فعودته ستزيد المر سوءاً . ويقول الدكتور محمد علي تورشين إن عودة حمدوك رئيساً لمجلس الوزراء السوداني أو رئيساً للجمهورية في حالة اعتمادة من النظام الحالي أمر معقد، فهنالك تيارات أو قطاعات واسعة من الشعب السوداني لاسيما لجان المقاومة وتجمع المهنيين وغالبية القوى الثورية الحية الأخرى، يعتقدون أن عودة حمدوك لن تحقق اختراقاً للأزمة السياسية، باعتبار أن حمدوك جاء من أجل تنفيذ بعض البرامج والسياسات المالية والنقدية، المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بسياسات "صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والمؤسسة المالية الدولية "نيو لبرالية"، بالتالي تعتقد هذه الفئة أن عودة حمدوك لن تأتي بجديد خاصة وأنه لم يتم تقديم المتورطين في مقتل المدنيين بدءاً من فض اعتصام القيادة العامة إضافة إلى الذين تساقطوا أثناء الاحتجاجات والذين سقطوا في كثير من المعارك التي دارت أثناء تلك الفترة من ضحايا الاقتتال القبلي في الفترة الماضية . ويشير تورشين إلى أن الكثيرين يعتقدون أن حمدوك تساهل في كثير من القضايا أبرزها قضايا الشهداء وملف العدالة، حيث لم يحقق أي اختراق بالملفين، إضافة إلى الإخفاقات التي شهدها الملف الاقتصادي المتعلقة بتنفيذ سياسات البنك الدولي، لذلك يظنون أن عودته ستشكل تعقيداً للمشهد الاقتصادي والسياسي وستزيد من تفاقم الأزمة الراهنة . وأردف أن المجموعة الأخرى التي تؤيد عودة حمدوك يمكن أن تضم قوى مدنية وأحزاباً سياسية "كل الأحزاب في قوى إعلان الحرية والتغيير "المجلس المركزي"، أو مجموعة "الميثاق الوطني" لم يبدوا أي اعتراض على عودته مرة أخرى في أي موقع من المواقع، لذلك يرجح الكثيرون عودة حمدوك في الفترة القادمة رئيساً للجمهورية بعد أن أعلن الفريق عبد الفتاح البرهان انسحاب المكون العسكري من العملية السياسية. وقال إن الغالبية العظمى من الشعب السوداني ليست لديها أي اعتراض على عودته مرة أخرى، ولكن تبقى عودته مرهونة بالصلاحيات الممنوحة له حتى يستطيع القيام بمهامه بدون قيود من أي مكون من المكونات. وفي الأثناء قال الدكتور راشد محمد علي المحلل السياسي إنه بطبيعة الأشياء فإن لشخصية حمدوك كثيراً من القبول دولياً ومحلياً، عودته ستمثل القاسم المشترك بين كل المجموعات والقوى السياسية والعسكرية، وكان في السابق يمثل واحدة من الارتباطات الرئيسية بالنسبة للثورة والثوار . ويؤكد أن الجهات التي ستدعم عودة حمدوك هي الجهات التي تحرص على انتشال السودان من حالة اللا دولة التي يعيشها الآن، وقال إن من يعارض عودته كثر وهم الفئة التي تتعارض مصالحهم مع عودته مرة أخرى،فستتضرر مصالح تلك الفئة في ضبط حمدوك لمؤسسات الدولة وتعاملاتها مع المجتمع الدولي، ذلك يشير إلى وجود مصالح ممتدة مع آخرين يمكن أن يكونوا قائمة على الأطماع الشخصية، وتؤثر فيها عودة مؤسسات الدولة إلى وضعها الطبيعي سواء إن كان بشخصية حمدوك أو بغيره . القبول يمكن أن يكون من المكونات الثورية التي تتمثل في قوى إعلان الحرية والتغيير المجلس المركزي ومجموعة الميثاق الوطني ولجان المقاومة،وفيما عدا ذلك يمكن أن تكون التيارات السياسية التي ترى أن وجوده يمكن أن يشكل قاصمة ظهر بالنسبة لها ويمكن أن يضيق عليها الفرص في المستقبل . في الأثناء قال عضو تجمع المهنيين، حسن فاروق، ل(الحراك) إن حمدوك مسنود من دول الاتحاد الأوربي والترويكا لذلك يمكن أن يرجع من أجل تمرير أجندة تلك الدول الخارجية، وأضاف إن حمدوك ينتظر التسوية المرتقبة القادمة ليكون جزءاً منها، لكنه بالنسبة لحسابات الشارع فهو مرفوض، وقال إن الجهات والكيانات التي يمكن أن تقبله وتدعمه هي قوى إعلان الحرية والتغيير المجلس المركزي ومجموعة التوافق الوطني إضافة إلى أحزاب وقوى الهبوط الناعم. وأكد أن القوى الثورية الحية ستكون رافضة لعودته مرة أخرى ولن يجد أي تعاطف من الشارع الذي كان يدعمه قبل انقلاب البرهان 25 أكتوبر، فحمدوك لن يكون جزءاً من المرحلة القادمة لأن الشعب السوداني علم أنه كان أداة من أدوات البنك الدولي في السودان حتى يتمكن من تمرير سياساته في البلاد،السياسات التي أقعدت البلاد وزادت من معاناة الشعب السوداني . بينما يرى عضو لجان مقاومة، أنس الحاج، أن الجهات التي ترفض عودة حمدوك رفضاً قاطعاً هي عدة كيانات أبرزها لجان المقاومة بتنسيقياتها المختلفة في الخرطوم والولايات،لأن الغالبية العظمى بلجان المقاومة هي لجان تغيير جذري بمعنى أنها لن تتعامل مع الانقلاب إلا بالإسقاط. ويشير أنس إلى أن حمدوك أخفق اخفاقاتٍ كبيرة جداً لاتقل عن فض اعتصام القيادة العامة، ومافعله في الثورة لن يفعله الدعم السريع أو الانقلابيون عموماً،التأييد الشعبي الذي وجده حمدوك لن يجده أي رئيس لمجلس وزراء على مدار التاريخ،وبالرغم من ذلك فرط في أهداف الثورة وتماهى مع العسكر والانقلابيين وقتل العدالة، وأتى بسلام ناقص ولم يحقق أي إنجاز على أرض الواقع. ويضيف أن الذين يتحدثون عن إرجاع حمدوك للسودان في المحافل الدولية كان أي شخص يمكن أن يفعله، أي حكومة تشكلت بعد سقوط النظام البائد كان يمكن أن تدخل في النظام الدولي بشكل أفضل .. حمدوك مكانه المناسب هو السجن ففي عهده فقدنا 14 شهيداً فقط في اتفاقية 24 نوفمبر، إضافة إلى عدد كبير من الجرحى والمفقودين في ظل حكومته السابقة .. المؤيدون لعودته هم الجهات الأخرى البعيدة عن قوى الثورة الحية، يمكن أن يكون الإسلاميون من الداعمين الأوائل لعودته، أما أطراف سلام جوبا لن تؤيد عودة حمدوك لأنهم لديهم أجندة خاصة بهم. عودة حمدوك لن تحقق أي مسار ديمقراطي وهي شرعنة للانقلاب الحراك السياسي