تلك هي رحلة المخابرات المصرية للاحتفاظ بالإقليم الجنوبي لمصر، من أجل مصر رقص الصاغ صلاح سالم في العام 1954م عاريا مع بعض الراقصين من أبناء جنوب السودان يومذاك ، الهدف هو استمالة أهل السودان لترجيح خيار انضمام السودان بعد الاستقلال في اتحاد مع مصر، سار الامر شوطا بعيدا ولجذب أحزاب الشمال تسمي الحزب الاتحادي ، تغني محمد نور الدين وغيره من زعامات ذلك الحزب بطعم المن والسلوى حال انضمام السودان كإقليم جنوبي لدولة مصر . كانت اجتماعات قادة فصائل أحزاب الوحدة مع مصر تتم خلال الاعوام 1953م – 1955م في فندق سمير أميس بالقاهرة وتحت رعاية الصاغ صلاح سالم. المبتدئون من ضباط المخابرات المصرية يتبادلون اليوم ذات الملف وتلك المحطات ، مسيرة اختطها الصاغ صلاح سالم بتوجيه مجلس الثورة ، ما زالت المخابرات المصرية تقبض علي ملف الاقليم الجنوبي لمصر، لابد من صنعاء ولو طال السفر يتحول المقال عند المخابرات المصرية الي أهزوجة مماثلة ، لابد من ضم منابع النيل الي هبة النيل وان طال التآمر. بالأمس كانت المخابرات المصرية في ثياب الحزب الوطني الاتحادي ، هي اليوم مع محمد طاهر ايلا ، تتخفى المخابرات المصرية في (صديري) ابن الشرق لتنزل سهلا، ليس بعيدا عن أثيوبيا حيث سد النهضة وحركة تحرير اقليم التيغراي ، تنصب الشباك وتتحول الرقصات العارية عند صلاح سالم الي طائرة تتراقص في الجو تحمل ايلا الي بورتسودان ، عند المخابرات المصرية هو فارس (الحوبة) وحصان الديربي الجديد الذي سيكسب الجولة كما تفعلها الخيول الاصيلة في الديربي الانجليزي ، ليس مهما أن يكون (أخونجي) ، الاهم هو قدرة (الاخوان) علي تدمير الوطن السودان ، التجربة كانت خير برهان ، وخلال حكم الاخوان لثلاثين عاما تحققت العزلة الدولية وخرج السودان من السوق العالمية في ول اسنريت الستي بلندن. الدولة المصرية ليست جمعية خيرية ، بل تقود تحالفاتها مع زعماء الاحزاب في السودان بفقه المصالح ، هوكما عند الفرنجة (Scratch my back and I 'll scratch yours). ، استضافة بعض زعماء (الاخونجية) السودانية ليست عبطا أو دون مقابل ، قائمة المطلوبات تسلم للضيف قبل يوم سفره من أرض الكنانة عائدا لإتمام التكليفات في السودان ، عند باب الطائرة يعيد ضابط المخابرات المصرية المكلف التعليمات علي الضيف ويذكره بالصلوات المفروضة حال وصوله السودان . ما تنسجه المخابرات المصرية بتحالفها مع أخوان السودان لا يخفى علي عاقل ، تهيئة المسرح لبسط الاخوان سيطرتهم علي مقاليد الخدمة العسكرية والمدنية في السودان يصب في صالح الدولة المصرية لمواصلة مسخ دولة السودان، السودان (اللادولة) أو (الدولة الكسيح) أو (رجل أفريقيا المريض) ، هو ما تسعي المخابرات المصرية لتحقيقه . النتيجة مزرعة في الطرف الجنوبي تمد القاهرة بمحصولات زراعية ومنتجات حيوانية للتصدير وجلب عملات صعبة لام الدنيا ، وتضحك مصر علي أمريكا كما ضحكت روسيا وحصلت على ذهب السودان ، معركة سد النهضة تقودها جماعات الاخوان تحت الشعار الدينى الذي سبق استخدامه لفصل جنوب السودان وذلك بموجب التكليفات . المخابرات المصرية تحمل كروت ضغط كثيرة لجلب كبار الملآ من عناصر أخوان السودان الي بيت الطاعة المصرية ، يغلق ضابط المخابرات المصرية ملف السودان أمامه منتشيا لأنهم استعملوا (ايلا) وحركته بديلا عن الصاغ صلاح سالم ، يردد الضابط بنشوة (أما زول عبيط بجد !) ويخرج متأبطا ملف العلاقات المصرية السودانية ليعيده الي الارشيف .