1- كنت اتوقع قبل ان يودعنا عام 2022م وحلول العام الجديد ، ان تبادر احدي الصحف السودانية بعمل استفتاء شعبي واسع يشارك فيه القراء وبقية المواطنين باختيار "شخصية عام 2022م" اسوة بالمؤسسات الصحفية الكبيرة في اوروبا وامريكا التي جرت عندها العادة قبل نهاية العام ان تستفتي القراء حول اهم شخصية وطنية يكون صاحبها قد ساهم بقدر كبير ودور بارز ومميز في احدي المجالات (الاقتصاد ، الاداب ، الفنون ، الرياضة ، العلوم ، الطب ، العمل الانساني) ، ولم تكن مفاجأة لي عندما لم اجد هذا الاستفتاء في صحفنا وخلوها من ترشيحات سودانيين يختار المستفتين احد منهم ، فلم تكن هناك اي شخصية وطنية عام 2022م اتفق حولها الناس واعتباره "شخصية العام 2022م" بلا منازع"!! . 2- رغم خلو صحف العام الماضي (2022م) تمامآ من اخبار الشخصيات الوطنية التي لم تبرز بشكل يستحق الاشادة ، ولم نلمس ايضآ عدم وجود اسم شخص ما قد ساهم بشكل واضح في اي انجاز وطني ، الا ان الذي تمعن بدقة وطالع باهتمام شديد اخبار شخصيات عامة مدنية او عسكرية يجد ان الفريق أول/ محمد حمدان دقلو "حميدتي" كان هو الاكثر ظهورآ في الصحف المحلية والاجنبية بصورة ملفتة للنظر متفوفآ بذلك علي كل السياسيين والعسكريين واصحاب المهن المتعددة ودكاترة الجامعات والاطباء بل ومتفوق ايضآ علي اعضاء مجلس السيادة بشقيه العسكري والمدني والوزراء في الحكومة التي اغلب الوزراء فيها غير معروفين حتي اليوم رغم تعيينهم في يناير الماضي 2022م!! . 3- (آ)- هناك ثلاثة عوامل ساعدت "حميدتي" علي الظهور بشكل بارز في الصحف المحلية والاجنبية علي حساب كل الجنرالات والقياديين العسكريين في المؤسسة العسكرية ، اولي هذه العوامل عدم رغبة الجنرالات والضباط الكبار في الظهور بالساحة العسكرية والاكتفاء بالانزواء بعيدآ عن الاضواء وعدم الادلاء باي تصريحات صحفية خوفآ ان تنعكس تصرفاتهم وتصريحاتهم وظهورهم البارز في جلب السخط والغضب من قبل من هم اعلي منهم مكانة ورتبة!!، ومن رصد نشاط الجنرالات خلال فترة شهور العام الماضي يجد ان اشهر شخصيات لزمت الصمت المطبق طوال عام 2022م هم : الفريق أول ركن شمس الدين كباشي إبراهيم الفريق الركن ياسر عبد الرحمن حسن العطا، الفريق مهندس مستشار بحري إبراهيم جابر إبراهيم ، وزير الدفاع ، وزير الداخلية. (ب)- العامل الثاني والهام الذي ساعد علي صعود نجم "حميدتي"، ان الفريق أول/ البرهان التزم بالابتعاد نهائيآ عن السياسة ، واكتفي بقليل من العمل العسكري وتفرغ تمامآ لاعمال ادارية بعد ان ترك كل شيء (الجمل بما حمل) لنائبه الذي صار ما بين غمضة عين وانتباهتها هو الكل في الكل في الدولة بلا منازع ينافسه في السلطة ، "حميدتي" كان بلا جدال في عام 2022م هو الرئيس الفعلي لمجلس السيادة والمؤسسة العسكرية والحكومة وجهاز الخدمة المدنية والسلك الدبلوماسي !!، لم يخفي علي احد ان كل الجنرالات في المؤسسة العسكرية -بلا استثناء-، خافوا خوفآ شديدآ الي حد اصطكاك الركب ان ينافسوا سيد البلد "حميدتي" في صلاحياته الواسعة ، وابتعدوا تمامآ عن الظهور والتصريحات … واكتفوا بالفرجة من بعيد علي شماتة ضباط وجنود قوات "الدعم السريع" فيهم!! . (ج)- العامل الثالث الذي جعل من "حميدتي" اشهر شخصية عسكرية عام 2022م ، ان كل الحكومات الاجنبية ، والسفراء والقناصل والدبلوماسيين الاجانب في الخرطوم تعاملت معه بشكل رسمي متخطين بذلك عن عمد البرهان الذي قبل ورضي لنفسه ان يكون الرجل الثاني في الدولة ، وان يكون نائبه هو المكلف رسميآ بالتعامل مع الحكومات الاجنبية ومقابلة السفراء والوفود الاجنبية ، وبالسفر الي الخارج في مهام رسمية نيابة عنه!! كل هذه الامتيازات الكبيرة المتشابكة كخيوط العنكبوت التي هي بالطبع فوق طاقة "حميدتي" جعلت الكل في السلطة يبتعد عنه، وتركوا له الساحة العسكرية (يجوط) فيها كما يشاء بلا حسيب او رقيب او صوت يرتفع ضده وينتقد تصرفاته!! . 4- من طالع بدقة واهتمام الصحف التي صدرت عام 2022م ، يجد انه ما مر يوم من ايام هذا العام المنصرم الا وكان هناك خبر او عدة اخبار في عدد واحد عن الجنرال/ "حميدتي"، اغلب هذه الاخبار عنه كانت مرفقة بالصور الملونة:("حميدتي" بالزي العسكري، "حميدتي" بالبدلة الزرقاء ، بالجلابية ، هو في استقبال السفراء ، هو يوزع الهدايا والمنح والتبرعات ، هو يغادر مطار الخرطوم ، يخاطب الجماهير ، هو في دارفور محروس ب(50) ضابط وجندي في اجتماعات جلسة صلك مع مشائخ وعمد دارفور.)!!. اخباره وصوره وتصريحاته وتحركاته في زيارات بعض الولايات جعلته اشهر جنرال في المؤسسة العسكرية!!. 5- من منا لا يعرف ، ان نشاط "حميدتي" الدافق ، وتحركاته في كل الاتجاهات ، وزياراته الداخلية والخارجية الي جانب مقابلاته مع شخصيات سياسية وطنية واجانب مكنته ان يصبح بكل سهولة ويسر ان يكون صاحب الرقم واحد من بين كل الجنرالات والعسكريين في مجلس السيادة وبالمؤسسة العسكرية ، لقد استطاع ان يسحب البساط من تحت عشرات الالآف من (رفقاء السلاح) ويطيح بهم بعيدآ عن اي ظهور في الصحف وباقي الاجهزة الاعلامية ، ويبعدهم عن او لمعان في الساحة العسكرية!!. 6- السؤال الخطير والمطروح اليوم بشدة في الساحة العسكرية وخاصة بين ضباط "الدعم السريع" : في ظل كل شيء قد اصبح في يده ، هل يحصل "حميدتي" في القريب العاجل -وتحديدآ في هذا العام 2023م- علي رتبة مشير ، ويعلق نسر وسيفين متقاطعين وغصنان زيتون متقاطعان على اكتافه مثل المشير/ النميري وعبدالرحمن سوار الذهب؟!!… شخصيآ ، اعتقد ان كل شيء ممكن حدوثه طالما البرهان هو صديق "حميدتي" ومستعد ان يمنحه رتبة مشير بعد ان منحه كل السودان ، وبالطبع لن يعترض احد من الجنرالات القابعين في ذل ومسكنة!! .