مرارتي انفقعت وأنا أقرأ تصريح جبريل ابراهيم حاكم السودان الفعلي حين قال : التحريض لعدم دفع الضرائب جريمة يعاقب عليها القانون. طيب ، والتحريض على غزو الخرطوم واحتلال مساكنها بواسطة منسوبي حركتكم وطرد اهلها إن شاء الله يكون (طرد بس). ده شنو في نظر قانونكم. (مش انت القلت العمارات والفيلل ده حافظوا عليه عشان حتكون ليكم) . إذا لم تدرس تاريخ بالمدارس السودانية اذكرك ، عندما دخل الانجليز السودان وجدوا ترحيبا وتعاونا من بعض القبائل وذلك للطبيعة العنصرية البغيضة لنظام التعايشي وما فعله بأهل الخرطوم من تقتيل للعلماء والشيوخ والوجهاء وجلد الناس في الشوارع. اذكرك بما فعله في المتمة من قتل ومحاولة اغتصاب ادت بالنساء لإلقاء انفسهن في النيل للموت غرقا. وما فعله بأهلنا البطاحين من قتل وشنق العشرات منهم في سوق امدرمان . وهذه امثلة قليلة جدا لأفعال ذلك النظام البغيض ضد من يفترض أنهم رعاياه . لعل بعض القراء يقول لي هذا لا يبرر الوقوف مع الغزو الانجليزي ، لكن عزيزي القارئ السوداني الغيور على وطنك أين ستكون غيرتك إذا قتل أهلك ورمت أخواتك انفسهن في النيل خوف الاغتصاب. (اقلب الصفحة يا جبرين) ، عندما دخلت جيوش الفتح التركي واجهتهم مقاومة من أقصى الشمال تشهد عليها مهيرة بت عبود ويشهد عليها حريق عسكرهم وإسماعيل بن محمد علي باشا في شندي. هؤلاء هم نفس الذين رمت نسائهن انفسهن في النيل . لكن شتان من شعب عاش في كنف نظام ترك هاماتهم مرفوعة وترك لهم النحاس والسيوف والخيول حتى وإن كان نظام السلطنة الزرقاء ضعف وتهاوى لكنه عرف للناس قدرهم فقاوموا الفتح التركي. (اقلب الصفحة الأخيرة تعبتك معاي) ما الذي فعله التعايشي ولم تفعلوه انتم. التعايشي قتل وقتلتم انتم ، اغتصب واغتصبتم انتم ، جبى الضرائب ما له حق فيه وما ليس له حق فيه أما انتم فطقيتوا العضم وشربتو مخو. التعايشي جلب اهله من دارفور وجلبتم انتم اهلكم من تشاد وما جاورها. عين اهله وخاصته في مفاصل الدولة واحتكرتم انتم الدولة حتى هوت ولم تعد لها مفاصل (تشيل الباقي منها). واخيرا أقول إحذروا غضبة هذا الشعب (الروحو في نخرتو. والذي إن تراذلت ضبانة علي نخرتو بقطع نخرتو ويجدعها) حقيفي احذروه ويبدو انكم لا تعرفوه. هذا الشعب سيقبل بالفصل السابع وسيقبل بكل الفصول إذا تماديتم (هذه المرة لن يكون الانجليز ولن يكون الأتراك ولكن سيكون الفصل السابع). مصارعكم قريبة ودنت (وحيصوروكم كوتشينة) كما حدث في العراق رغم سوء ما حدث فاحذروا مقولة هرقل (علي وعلى اعدائي). في ذاكرة هذا الشعب أن الانجليز طوال 58 عاما من الاستعمار لم يمارسوا قتل المواطنين كما فعلتم ولم يطلقوا النار بعد معركة كرري إلا على قوة أو ثورة واجهتهم بالسلاح، لم يفضوا مظاهرة بالسلاح ولم يغتصبوا ولم يهينوا كرامة مواطن ولم يمنعوا احدا من ممارسة شعائر دينه. لذلك عرف الشعب وقتها وبعبقريته مع من يصطف وضد من وهو درس قابل للتكرار جدا، بل اراكم تدفعون هذا الشعب دفعا للخيار بين ذل تحت نظام يدعي الوطنية وذل يخلصه من ظلم ذوي القربى إن جاز لنا أن نسميكم ذوي القربى. والتسوي كريت في القرض تلقاهو في البند السابع. وبذلت لهم نصحى بمنعرج اللوى فلم يستبينوا النصح إلا ضحى الغد. وعندما يكون الخيار امام هذا الشعب (الأبي) بين استعمار رحيم واستحماركم الرجيم (وركوبكم لنا بدون لبدة) فلن تنتظروا ضحى الغد.