تصاعد الاهتمام بالشأن السوداني منذ شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي إذ تم التوقيع على اتفاق إطاري، وتناولت الأنباء ترحيب الأمين العام لمجلس الأممالمتحدة وأعضاء المجلس به؛ وواصل الاهتمام صعوده مع مطلع هذا العام فاستعاد المجلس المركزي للحرية والتغيير صوته بعد أن عقدت القوى المدنية الموقعة على الاتفاق الإطاري اجتماعها الأول نهار يوم 5 كانون الثاني/يناير الجاري، بدار حزب الأمة لمناقشة الراهن السياسي وتدشين المرحلة الثانية للعمليّة السياسية والتي بدأت في الثامن من كانون الثاني/يناير لرسم خريطة طريق تجديد عمليّة تفكيك نظام 30 يونيو1989 والتي عقدت خلال الفترة 9-12 كانون الثاني/يناير بقاعة الصداقة في الخرطوم، ثم إكمال القضايا الأربع المتبقية وفقا لما هو متفق عليه بين الأطراف الموقعة والآلية الثلاثية. ودعا الاجتماع أيضا الأطراف غير الموقعة على الاتفاق الإطاري إلى التوقيع. وتستلزم المرحلة الأخيرة التعهد مجدداّ بفترة انتقالية جديدة. تفكيك نظام 30 يونيو وجاء البيان الختامي الذي خرج به الاجتماع ليلخص جلساته وأورد انه «عقدت في المؤتمر ثمان جلسات عمل عامة ناقشت ثمان أوراق هي: الفساد والتمكين خلال ثلاثة عقود؛ الأبعاد السياسية لعملية تفكيك نظام المؤتمر الوطني؛ تجربة لجنة تفكيك نظام 30 يونبو؛ الإعلام والاتصال ومشاركة المواطنين في عمليّة التفكيك؛ المعايير الدوليّة والمبادئ الحاكمة والخيارات في عمليّة التفكيك؛ التجارب الأفريقيّة؛ التعامل مع الفساد واسترداد الأصول والأموال المنهوبة». وذكر البيان الختامي ان من الأشخاص الذين قدموا الأوراق وعقبوا عليها وترأسوا الجلسات محمد الفكي سليمان، وزحل محمد الأمين، والباقر العفيف، ورشا عوض، وبثينة دينار، والنور حمد، والرشيد سعيد، واديب يوسف، ومنزول عسل، ولمياء متوكل، وشوقي عبدالعظيم، واشرف عبدالعزيز، ويسن عمر يوسف، وكمال محمد الأمين، واسماعيل التاج، وفاروق آدم، وروزلين اوديدي، وغريتا فينر، ومحمد يونس. الحركة الشعبية – شمال كانت مواقف جناحي الحركة الشعبية – شمال (منطقتي جبال النوبة والنيل الأزرق) مختلفة، إذ بينما انضم مالك عقار رئيس الحركة الشعبية في منطقة النيل الأزرق إلى حركات الكفاح المسلّح الموقعة على اتفاق جوبا وصار عضواّ في مجلس السيادة، لم يوقع عبد العزيز الحلو على الاتفاق الإطاري، لكن فولكر بيرتيس كان قد صرح، في وقت سابق، حول هذا الموضوع، قائلا «لا نريد ان نتوصل لاتفاق نوقع عليه لينتكس» وأكد ان دور الحركة الشعبية كبير وهام في إتمام العملية. أما عبد العزيز الحلو فكان قد شدّد على ان تقود العملية السياسية الحالية إلى انهاء الانقلاب، وان المطلوب هو بلورة مفهوم مشترك للسلام وان تعيد الفترة الانتقالية السودان إلى منصة التأسيس. وقد ورد ان هذه المرحلة الجديدة ستشهد مراجعة اتفاق جوبا وبالتالي فإن ذلك قد أدى إلى امتناع مالك عقار، رئيس الحركة الشعبية – شمال (عضو مجلس السيادة) ومني اركو مناوي (حاكم دارفور) عن التوقيع على الاتفاق الإطاري. وكان عقار ومني اركو مناوي قد تقلدا منصبيهما في إطار محاصصة ليست مطروحة في هذه المرحلة. وكانت الخلافات في الحركة الشعبية – شمال، قد بدات مبكراً بسبب المواقف حيال انقلاب 25 تشرين الأول/اكتوبر 2021 وتطورت بعد الاتفاق الإطاري. واحتوى بيان من المكتب القيادي للتيار الثوري الديمقراطي للحركة الشعبية على عدة نقاط أهمها: «ان الموافقة على الاتفاق الإطاري تهدف لقطع الطريق أمام عودة إسلاميي النظام السابق للحكم وإعطاء الأولوية لاستكمال الثورة». وذكر البيان أن «انخراطنا في العملية السياسية لن يكون شيكا على بياض، بل مرتبطا بتهيئة المناخ واستكمال مهام الثورة وإلا سنقاطعها». وفي 31 كانون الأول/ديسمبر 2022 نشرت إصدارة «الحراك السياسي» لقاء مع خميس جلاب، قائد فصائل الحركة الشعبية – شمال قال فيه ردا على سؤال للصحافية ايمان الحسين عن أسباب رفضهم للاتفاق الإطاري: «نحن نرفض الاتفاق لأننا لم نشارك في إعداد الاتفاقية، ولم تتم دعوتنا إلى التشاور فيها، ونحن نرى الاتفاق ونعتبره مشروع المجموعات الموقعة عليه، ولكن هناك مبادرات أخرى وهناك إعلان دستوري سياسي لمجموعات أخرى، وبالتالي فإن من الأسلم أن يتم دمج هذه المبادرات». وفي إجابة على سؤال الصحافية حول مدى وجود مبادرة لتوحيد الجبهة الثورية كجبهة واحدة قال خميس «هذه الجزئيّة تعتبر واحدة من أهدافنا وهي توحيد الجبهة الثورية» وأضاف «هم غير معترفين بنا كجبهة ثوريّة». تحذير الرباعية والترويكا وعلى صعيد آخر أوردت «تاق بريس» يوم 8 كانون الثاني/يناير ان «الرباعية الدولية والترويكا قد حذرتا من أي محاولات لتقويض العملية السياسية وإثارة مزيد من عدم الاستقرار داخل السودان، ودعت الترويكا جميع الأطراف للانخراط بحسن نيّة في هذه الحوارات وتركيز الجهود لاستكمال المفاوضات والوصول إلى اتفاق بأقصى سرعة». وأضافت «تاق بريس» في تقريرها ان الرباعية تعتبر «هذه العملية هي الأساس نحو تأسيس حكومة جديدة بقيادة مدنيّة تقود السودان خلال فترة انتقاليّة تتوّج بالانتخابات». وأعلنت ان الاستمرار في دعم هذه العملية بقوة يقودها السودانيون في تنسيق وثيق مع الآلية الثلاثيّة (يونيتاميس، الاتحاد الأوروبي، الإيقاد). إعادة شريط قديم للحياة وكانت بعض وسائط التواصل الاجتماعي قد أعادت إرسال لقاء جرى بين قائد الحركة الشعبية – شمال، عبد العزيز الحلو، مع قائد قوات الدعم السريع حميدتي في جوبا عام 2020 بإدعاء انه قد حدث تحول في موقف الحركة الشعبية – شمال لكن عبد العزيز الحلو رد على ذلك بالقول ان الشريط الذي تداولته مواقع التواصل الاجتماعي يوم الثلاثاء 10 كانون الثاني/يناير «هو شريط قديم». وأكد الحلو في تعميم صحافي تلقته «صوت الهامش لعضوية الحركة الشعبية والرأي العام» أن الفيديو المتداول قديم، وهو خاص بلقاء تم في جوبا نهاية عام 2020 وتحديدا بتاريخ 8 تشرين الأول/اكتوبر، بمبادرة من الرئيس سلفاكير ميارديت بهدف كسر جمود التفاوض بعد انسحاب وفد الحركة الشعبية من المفاوضات على خلفية أحداث خور الورل وانتهاكات قوات الدعم السريع المتواصلة في أجزاء متفرقة من السودان. وسيتواصل خلال الأيام المقبلة تبلور ما بدأت ملامحه تتكشف شيئاّ فشيئا منذ الخامس من كانون الثاني/يناير مستندة إلى قوى داخلية وخارجيّة (الرباعية الدوليّة والترويكا) بينما ترتكز معارضته إلى قوة الشارع المعارض.