أعلم تماما ايها الغالى المغترب انك لم تخرج من الوطن الا (مكرها اخاك لا بطل) وحقيقة "الجمرة بتحرق الواطيها " ، فهناك بيوتا تنتظرك وما ارتضيت لنفسك الخروج من حضن الوطن الا لاهداف نبيلة دفعتك دفعا ، ولما اثرت الاغتراب والابتعاد الا لحاجة فى نفس يعقوب .. اننى اثق ايها الحبيب تماما اننا من اكثر الشعوب تعاطفا مع بعضنا البعض وتعاضدا خاصة عند الشدائد. رغم كل الذى يدور فى اروقة الوطن من تناحر وتنافر واختلافات تتزايد مع الايام. ليظل جرح الوطن بسببها غائرا يطاردنا يتبعنا ويتعبنا حتى ونحن فى ارض الاغتراب فهيهات ان ينفصل الجسد من الروح مادامت هذه القلوب عاشقة للوطن رغم مافيه تظل تنبض باسمه. اسمح لى ان اقبل جبينك ايها المغترب بالطبع ليس لخروجك من الوطن ولكن اعلم يقينا انك تحمل اعباء اهلك هناك ، وتحمل مسؤلية على كاهلك ، فزاد على حزن الوطن جراحات الغربة نحن من وطن كلما ابتعدت عنه رأيت الحقائق المرة فيه وحوله اكثر وضوحا وجلاء. المغترب لا ينتظر ان تكرمه الحكومة فى يوم ما ، وكيف لها ان تكرمنا ونحن لا وجود لنا اصلا فى حساباتها الواقعية ، نحن لا ننتظر ان نتباكى على المثالب فان فتحنا الابواب للاوجاع لتمكن فينا الحزن وانهارت الامال المتبقية ولاثرنا ان نتدثر ونتناثر في الاغتراب أكثر ، حتى لا نواجه الواقع المفجع فى الوطن. ربما في غضون الفترة القادمة قد يستعد البعض للعودة لقضاء الاجازة مع الاحباب تحت شجرة مودتنا السودانية ، ونحن كما عودتنا الايام شعب يعشق الالفة ويتميز بخفض الجناح نحمل الاشواق التى تكدست فى احاسيسنا ... لمدة سنة او تزيد. هكذا نحن نترجم محبتنا لبعضنا البعض لان الواقع يحتم ان نحمى بعضنا ونبحث من بين عشيرتنا واهلنا فى السودان عن اناس فى هامش الاهتمام … فلكم منى الاجلال ايها الاحباب فى كل اراضى المهجر … قد يسألنى احدهم وماعلاقتنا نحن بالمهمشين فى ارضنا ، ولكن أهمس لكم ابحثوا عن الاطفال الذين استلبت منهم الحياة الاباء والامهات جملة واحدة… الايتام وأبناء الملاجيء. نعم ابحثوا عنهم فى دور الايتام مثل دار المايقوما للايتام ... وغيرها من الدور المنتشرة ولاتنسوا أن تبحثوا عن اباء لنا فى دار العجزة نعم ليس بيننا وبينهم صلة قرابة ولاعلاقة دم ، ولكنهم ينتظرون من يعينهم من يربت على اكتافهم من يمسح على رؤوسهم … من يجفف دمعتهم ويخفف وجعتهم ... اجعلوا ذلك من ضمن برنامج اجازاتكم ... زيارة كريمة ،تؤدون بها رسالة عظيمة ... انهم هناك ينتظرون قلوبكم الرحيمة ...ابحثوا عنهم انهم هنا وهناك فى تلك الغرف الخاوية من دفء الانسانية الا من رحمة امثالكم ... ومؤكد وبدون عناء ستجدونهم ينتظرونكم يسكبون دموع العوز... والاحتياج ، هم فى هامش الهامش نعم … ايها الاحباب لكنهم ينتظرونكم . لا اوصيكم مطلقا بان تسلموا المسؤلين عن هذه الدور اموالا نقدية فى ايديهم ستضل قطعا اموالكم طريقها وتدخل جيوب من لا يستحقونها ويكون الامر اكثرعقلانية وايجابية واكثر فاعلية … اذا قمتم بشراء ملابس واحذية ومواد غذائية من هنا او من هناك حتى ولو القليل ، ثم قوموا بزيارتهم وامنحوهم بما تجود به ايديكم من مواد واغراض عينية ... ثم امنحوهم الاهم من المال جرعات من حنانكم وطيبتكم التى اعرفها عنكم ... فانتم تملكون قلوبا حبيبة رحيبة لا يوجد لها مثيل فى كل انحاء العالم ، قد لا تعنى الكثير عندكم فهي أخلاقكم الجميلة ، ولكن قطعا ستحي رؤياكم في هؤلاء روح الابتسامة الميتة والمنسية ... والسلام .