تعددت مواقف رئيس الحركة الشعبية شمال القائد عبد العزيز ادم الحلو تجاه الاوضاع السياسية بالبلاد فقد صرح مؤخرا بأن العملية السياسية التي تجري الآن لن تقود الى حل لإنهاء الازمة في البلاد، واعتبرها خطوة يمكن ان تفتح الباب نحو الحل، في حال البناء على مايمكن ان يتحقق من مكاسب في التفاوض، لكنه عاد بعد ايام ليطلق تصريحا يؤكد من خلاله انه جاهز للدخول في مفاوضات سلام حال نجحت العملية السياسية في انهاء الانقلاب وتكوين حكومة بقيادة مدنية، حيث اكد على انه اذا وجد سبيلا للحل عبر طاولة التفاوض فلا داعي للعودة الى مربع الحرب مرة اخرى، وكشف عن ان اتفاقه مع الكتلة الديمقراطية المناوئة للعملية السياسية كان من اجل انهاء المشكلة، وقال ان الدستور القادم يجب ان يقوم على علمانية الدولة والاصلاح الامني والعسكري ودمج قوات الدعم السريع في الجيش، والتحول الديمقراطي الذي يسمح للجميع بممارسة معتقداته. مفترق طرق يرى مراقبون ان تباين مواقف رئيس الحركة الشعبية القائد عبد العزيز الحلو تجاه الوضع السياسي تشير إلى ان الرجل يقف في مفترق طرق بعد الانقلاب، طريق منها يؤدي الى انضامه صراحة الى الكتلة الديمقراطية على خلفية مبادئ الحركة، والطريق الآخر الذي يجعله اكثر تمسكا بمطالباته التي اعلن عنها سابقا، التي تتمثل ابرز بنودها بعلمانية الدولة. وهو الطرح الذي يبعده عن طريق الكتلة الديمقراطية على اعتبار ان الحركات المسلحة المكونة للكتلة الديمقراطية الموقعه على السلام ترفض مطالبة الحلو بعلمانية الدولة خاصة بعد تحالفها مع المكون العسكري والقوى الاسلامية المناوئة لقوى الحرية والتغيير، ويشير مراقبون الى ان هنالك مؤشرات تؤكد اقتراب الحلو من الكتلة الديمقراطية بلقائه بها وتوقيعه على الاعلان المشترك، وايضا قبول دعوة زيارة القاهرة، التي قدمها له رئيس الكتلة الديمقراطية وجعفر الميرغني والتي يتوقع ان تتم في الفترة القادمة وبحسب مراقبين فإن الحلو يواجهه تحديات داخلية ومصيرية، حيث توجد قيادات داخل الجيش الشعبي يرغبون في السلام كما ان "جوبا" التي رعت اتفاقية السلام اصبحت غير داعمة له عسكريا ولوجستيا وايضا نجد ان الحلو الذي اقترب من الثمانين عاما ليس امامه سوى القبول بالسلام بعد مسيرة مرهقة وطويلة من النضال. ويشدد المراقبون ان الضغوط الدولية التي تمارس على الحلو من قبل المجتمع الدولي يمكن ان تأتي أكلها، خاصة وان تصريحات الحلو اتت بعد اعلان الولاياتالمتحدة امس الاول حول تطبيق عقوبات على معرقلي التحول المدني الديمقراطي في السودان، حيث ان القائد ادرك ان الخناق يضيق عليه شيئا فشيئا من حلفائه السابقين. ملف السلام ويرى المحلل السياسي والاكاديمي د. راشد عبدالرحمن ان عبد العزيز الحلو من غير الموقعين على اتفاق سلام جوبا، بالتالي ستكون لديه فرصة في التعامل مع ملف السلام مع كل المكونات الموجودة في الساحة في اطار الدولة التي اصبح الموقعون على اتفاق السلام في جوبا جزءا منها، اضافة الى استخدامه لادوات الفرص السياسية المتاحة سواء أكان يتقارب مابين الحرية والتغيير او يتقارب مع الكتلة الديمقراطية، ويزيد مابين الحين والآخر فرصة التحرك السياسي بالنسبة له في الاشارة للتعامل مع الحكومة القادمة في عملية توقيع اتفاق السلام وبالتالي يمكن ان يقرا الامر في صياغ مصالح المجموعة الدولية تجاه السودان، في ان ينعم بالسلام والاستقرار وهذا الامر يعتبر هو الخيط المفصلي الذي يربط بين عملية التوقيع الفعلي على ملف اتفاق السلام ومابين الوجود المتمركز على الضغوط السياسية، يمارس على مستوى الادوات السياسية المتاحة والخارطة السياسية بما فيها الحرية والتغيير والكتلة الديمقراطية اللذان يعتبران طرفي النزاع القائم الآن ولكنه جزم على انه سوف يتعامل بكل وضوح مع الحكومة القادمة . مناورة الحلو ومن جهته يرى الخبير الاستراتجي اللواء "م" د. امين اسماعيل مجذوب ان عبد العزيز الحلو يشعر الآن من الناحية البرتكولية ومن الناحية الاقتصادية بانه لايحتاج الى ان يدخل في اتفاق سلام، وواضح انه الآن يناور مع الجميع وكل من يحضر اليه من الاحزاب او المجموعات المدنية يوقع معه، ووقع مع البرهان وحمدوك السابق ووقع مع عدد من الاحزاب الجديدة لكن في تقديري هو لايريد ان يدخل في السلام لانه سيفقد كثير من الرصيد الذي يستمتع به الآن .لذلك وضع شروط ويعلم انها غير مقبولة مثل العلمانيه وفصل الدين عن الدولة وبعض الشروط الاخرى، فلايوجد تفاوض به شروط محددة مسبقا، وبما انه وضع شروط مسبقة يعني ذلك عن عدم رغبته في التفاوض، وواضح انه هو وعبد الواحد لاتوجد لديهم رغبة في التفاوض ولايريدون ان ينظروا الى مصلحة السودان، بل يريدون ان ينظروا الى وضعهم الموجود الآن ولايريدون فقدانه من الناحية الاقتصادية والسياسية والامنية والاحتفاء الذي ينعمون به. وقال مجذوب: "لن تنفع الضغوط الدولية ولا المحلية في اثناء عبد لعزيز الحلو في الدخول باتفاقية جديدة او الالتحاق باتفاقيه جوبا او الوصول الى منبر منفصل حاص به لان القراءات جميعها تدور حول الفرص التي اتيحت له ولم يستثمرها، وهو يريد ان يذهب في طريق ان يكون قائد الى ان يرث الله الارض ومن عليها، لا اتوقع دخوله في اي اتفاقية سلام وانما سوف يمضي في المناورة في المنابر المختلفة ويأتي في كل المناسبات السياسية للحديث عن انتمائه وحبه للسوان وان يتمنى الوفاق وامنيات طيبة له ولكن دخوله في معترك السلام سيكسب الوطن رجلا سياسيا محنكا وقديرا ولكن حسب رأيي لن يدخل" . رمز نضالي لاشك ان عبد العزيز الحلو رجل مناضل له تاريخ نضالي كبير ويشهد له الاعداء قبل الاصدقاء، الرجل تعاند خلال فتره التفاوض باتفاقية سلام جوبا وذلك بدوافع شخصية نسبة لوجود بعض الخلافات الشخصية بينه وبين الحركة الشعبية، جناح عقار، تلك الخلافات افقدته فرصة التوقيع على اتفاق سلام جوبا، في 2020، رغم توسلات ورجاءات المجتمع الدولي والدول الراعية الضامنة للاتفاقية، وهذا التعنت افقده توازنه وثباته الثوري مابعد اتفاقية سلام جوبا كادت ان تعصف بتاريخه النضالي الا انه مع مرور الزمن اثر فشل تنفيذ اتفاق السلام بصورة ايجابية في موقفه واستعاد الرجل عافيته وتماسكه الثوري، واصبح قادرا على السيطرة على حركته واصبح رمزا نضاليا وثويا لا يمكن تجاوزه في الفترة الانتقالية، واهمية استكمال السلام في السودان. مع مرور الوقت وايمان الكثير من قيادات حركته بالسلام وخاصة بعد انتفاء اسباب الحروب وقيام ثورة ديسمبر المجيدة التي يعتبر السلام احد ركائزها الاساسية وترك هذا الامر اثرا ايجابيا في نفس القائد عبد العزيز واصبح اكثر مرونة في التفاوض والتعاطي مع السلام، وذلك من خلال تصريحاته الايجابية عن السلام وضرورة استقرار الفترة الانتقالية مع ذلك الرجل ظل محله لاستقطاب كثير من القوى السياسية والاحزاب تارة يمين وتارة شمال، ووسط وهذا الاستقطاب يؤكد اهمية استكمال السلام في السودان لكن الاستقطاب يشكل بعض السلبيات والايجابيات، ومواقفه الايجابية يمكن ان تكون ناتجة ايضا عن الضغوط الدولية من الدول الراعية للاتفاقية ومنظمات المجتمع الدولي المهتمة بالسودان وضرورة استقراره خلال الفترة الانتقالية، ودولة جنوب السودان لعبت دور رئيسا في الضغط وتغيير موقفه الى موقف ايجابي اتجاه عملية السلام جعلت من هذا الرجل ارجوحة في المواقف والضغوطات التي فرضت عليه ومذكرات التفاهم العديدة التي وقعها مع عدد كبير من الجهات، وتؤكد ان الرجل غير قادر على التميز بين القوى السياسية التي يمكن ان تكون ايجابية له او القوى التي يمكن ان تكون خصما عليه وتؤثر سلبا عليه، والدليل على ذلك التوقيع مع عدد كبير من الجهات وجلها كانت تحتوى على ثبات في المواقف والنقاط الخلافية وقضايا الفترة الانتقالية والسلام . الرجل صرح اخيرا ان العملية السياسية القائمة الآن لن تقود الى حل جذري للازمة السودانية ولكنها يمكن ان تفتح الباب للحل البناء الى مايمكن ان يتحقق من خلال التفاوض، ويظهر من ذلك ان الرجل استدرك ورجع الى مذكرات التفاهم التي وقعها مع الاتحادي الديمقراطي والكتلة الديمقراطية في ظل وجود فاعلين سياسين. موقف جيد يؤكد موقفه من العملية السياسية الجارية بشرط ان تكون حكومة مدنية من اجل التفاوض معها. القاش التناقض في مواقف عبد العزيز الحلو نحن في لجان المقاومة لانرى ان هنالك تناقضا في مواقفه بقدر ماهو محافظة على ثوابت الحركة الشعبية التي ردت في توجهها الرئيسي، ولم يتخلى عن مواقفه حول المطالبة بالدولة اللادينية والعلمانية، وكل الاتفاقيات التي وقع عليها كان يتماشى مع واحدة من مواقف الحركة الشعبية حول المبادئ الدستورية، وهنالك قطاع كبير من قوى ثورة ديسمبر المجيدة غير مؤمنة به، خروجه من المطالبة بالاثنين لم تحصل في كل الاتفاقيات التي وقع عليها مع اي قوى سياسية سواء أكان في الكتلة الديمقراطية او مع قوى الحرية والتغيير سابقا او بالنسبة لكل القوى الاخرى. موقفه من اتفاقية سلام جوبا هو حركة مسلحة ويرى ان التناول للسلام يجب ان يتم في اطار مختلف وهنالك كثيرون يتفقون مع ذلك الطرح، فهنالك كثيرون ينتقدون الاتفاقية وكثير من القوى ترى ان الاتفاقية يجب ان تخضع لمراجعة شاملة كاملة لانها تسهم في خلق استقرار كبير على ارض الواقع بل ساهمت في تعقيد الموقف بصورة اكبر . الحراك السياسي