د. نور الدين بريمة يتدثّر الطُغاة الفاشيّون المُستبدّون – بالجُدُر الأسمنتيّة- عندما تأخذهم العزّة بالكُرْباج إثمًا، يسْتأْسدون إدّعاءًا وتماريًا أنّهم زاهدون عن السلطة، بيد أنهم فيها والغُون مُكنْكشون حدّ الثمالة، وعنها وبها يَقْتُلون ولا يُقْتَلُون، يتدافعون ولا يستميتون ، وإلا فما الذي يجعل أبرهه رئيس الإنقلاب ، يترجّى جوغته الإنقلابيّة- الموسومة زورًا بالديمقراطيّة- وهي منها براء ، إلى الترجّل ، مثلما يترجّى الحريّة والتغيير- المجلس المركزي إلى ذلك سبيلا؟!. أمَا كان لأبرهه ومجلسه العسكري ، الخِيَرة من أمرهم الترجّل والإبتعاد عن الكنكشة طواعية ، بدلا عن مطالبتهم للمجلس المركزي بالإنزياح ، طالما أكدوا فشلهم خلال أربعة سنين (عاشم العجف لا الحب)، قالها أبرهه بعظمة لسانه، ثم أضاف إليها : أنهم لم يقدّموا شيئًا للمواطنين ، الذين تحسّروا لبئس ما بُشّروا به ، وبالطبع إنهم لن يقدّموا للوطن إنتقالًا حقيقيًا مثلما إدّعوا ، وتكفي آثار إنقلابهم الكارثيّة التي تسوّرت البلاد من كل جانب. وما زالوا يصطرعون فيها كأعجاز نخل خاوية بلا مبرّر أو منطق ، وبالتالي لا ذنب للحريّة والتغيير- المجلس المركزي ، وهي المُنقلب عليها- وليس لها في الإنقلاب- قرارًا ، فأنّى لها إذًا الترجّل عن حكم البلاد ، وهي لا تملك في فعل الإنقلاب قرط القتادة ، وأبرهه هو الحاكم الأوحد للسّودان ، فإن كان حقًّا صادقًا بقوله (نحن وهم نزح جانبًا ، ونفسح المجال لغيرنا) ، لفعلها وسلّم الأمانة ، ولما خان العهد الدستوري وانقلب على الإنتقال المدني والناس نيام. تحت دواعي واهنة من بيت العنكبوت ، نسجوا خيوطها الإنقلابيّة ، وأقاموا إعتصامهم (الموزي) تحتذرائع: أربعة طويلة ، تصحيح مسار الإنتقال وتوسيع دائرته ، الأمر الذي لم يقنعوا به حتى آل بيتهم ، ولمّا إعتصموا وردّدوا (ما بنرجع إلا البيان يطلع) كان أبرهه شاهرًا سيف الإنقلاب ، رغمًا عن إنتهاء أجل رئاسته للمجلس ، حسب منطوق الوثيقة الدستوريّة ، التي عطّلوا بنودها وإنقضّوا عليها بليل بهيم ، كان ينبغي لهم التسْليم بدلًا عن الإستسلام. ومن هنا يتأكّد للقاصي والدّاني ، أن أبرهه ظلّ ينافق ويراوغ بالعويل والصراخ ، لدرجة طوافه ببكائه ونحيبه كل صيوانات العزاء والزواج والختان يتنفس كذبًا وتضليلًا ، وهو المولعٌ والمُغرم بهما حدّ النّهم والإشْتهاء ، يريد فقط إستكمال إجراءات زواجه الكهنوتي وورثة السلطة الكيزانية- وليّ النعمة- التي أوصلته إلى ما هو عليه من تبجّح وإستنكار لفضل الثورة ، وواهمٌ قلبه من يظن أنه راغب في التنحّي بإرادته طائعًا عن كرسي الحُكم والسيادة. ومن يعتقد أن أبرهه حامي الكيزان ، وسارق قوت الشجعان ، سيفسح المجال لغيره ، فما (عندو شغلة) ولا أي موضوع رغمًا عن إعترافهم الصريح بالفشل ، وأنهم لم يفعلوا شيئًا إلا القتل والدمار ، بل زادوا البلاد تنافرًا إصطراعًا وتباغضًا سياسيًا وعسكريًا ، لم يجد المُشاهدون له مُبّررًا أو منطقًا ، ليأتي أبرهه ثانية مقرًّا، بأنهم سبب تأخير التوقيع على الإتفاق النهائي ، في إشارة إلى التعثّر في ملف الإصلاح الأمني والعسكري (الدمج والقيادة). ومن هنا تساءل بعضنا .. كيف للحريّة والتغيير- المجلس المركزي- أن تكون سببًا في تأخير عمليّة التوقيع بين الفرقاء العسكريين؟ ، وهي ليست جزءًا من خلافاتهم ، أو بالأحرى الخلاف بين أبرهه ودقلو ، حتى عاد الأول مرة ثانية ليلتف ويراوغ ، وهو يقول باقي لينا قريب ونصل لإتفاق سياسي ، يا مهوّن هوّن علينا (سكرات الإنقلاب) ، التي جعلته أفّاكًا آثمًا ، لا يريد الذهاب إلي الإتفاق (برجل فيها عرجة) حسب زعمه الإفْكي. ولكأنّنا في ذكرى حديث سيّده البشير ، أيّام سنيّ حكمهم الأخيرة عندما دفعتهم نشْوة الشبع وتُخْمة الإفطار الرمضاني التي أقامها د.التجاني سيسي رئيس سلطة دارفور الإنتقالية ، في (5/8/2013) ، فلمّا أسكرتهم عصائر الفجور والثبور ، تباروا في كشف المستور في الصدور، شغفًا في حب الكلم ، فأخرجوا ما بدواخلهم -هواءًا ساخنًا- إعترفوا فيه بسفكهم وقتلهم وفعلهم الأفاعيل ، عندما قال البشير : (إننا سفكنا دماء أهل دارفور لأتفه الأسباب). يا أبرهه : إن أسواركم الأسمنتيّة التي أقمتموها حول القيادة ، أو طياراتكم السيّارة التي وعدتم بتوفيرها من قوت الشعب ، أو دباباتكم المُجنزرة التي جعلتم منها سياجًا ، فإنها لن تقيكم من عنفوان الثائرات والثائرون ، مهما كان الإعتراف والإقرار ، مثلما أن كواريككم ودموعكم لن تعيد عقارب الساعة إلى الوراء ، كما أنها لن تعيد الأرواح الزكيّة التي أزهقتموها بآلتكم العسكريّة ، لأن ما قمتم بفعله يا سادة كان بإرادتكم ما للثوار ذنبٌ فيه!!. فمن جعل الكذب والنفاق و(اللولوة) هواه وحبّه وأدمنه ، بالتأكيد لن يسلّم الحكم طائعًا مُختارًا ، إلا بهبّة شعبيّة أو قوّة قاهرة ، تقتلعه وترغمه عُنوة وإقتدارًا إلى التسْليم ، ولنا في (بشّة أسد أفريقيا) أسوة سيّئة الأمر الذي يتطلب وحدة الصف الثوريّ ، خاصة وسط الحالمون المؤمنون بالإنتقال إلى الدولة الدّيمقراطيّة ، وبالوحدة يجتاح الثوار جدران أبرهه مثلما إجتاح ثوار ليبيا عزيزيّة معمّر القذافي ، الذي وصف شعبه بالجُرزان ، فانقلب جرزانًا لا نعرف أين قُبر؟!! اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك!!!.