شهدت شوارع العاصمة السودانية الخرطوم تبادلاً لإطلاق النار الجمعة، أولى أيام عيد الفطر بعدما بدأت قوات من الجيش في الانتشار سيراً على الأقدام للمرة الأولى منذ اندلاع القتال السبت الماضي، مع قوات الدعم السريع التي أعلنت موافقتها على هدنة لمدة 72 ساعة. وقال شهود لوكالة "رويترز" إن جنوداً وعناصر من الدعم السريع تبادلوا إطلاق النار في مناطق سكنية في شمال المدينة وغربها ووسطها، بما في ذلك خلال صلاة العيد في ساعة مبكرة من صباح الجمعة، لكن الأوضاع عادت إلى الهدوء خلال الساعات الأخيرة. وأكدت لجنة أطباء السودان المركزية في منشور على فيسبوك أنّه "في ليلة عيد الفطر المبارك تعرضت مناطق متعددة من الخرطوم للقصف والاشتباكات المتبادلة بين قوات الجيش والدعم السريع"، مضيفةً أن هذه المواجهات "خلفت دماراً طال المباني والمنشآت والممتلكات العامة". وألحقت عمليات إطلاق النار المستمرة أضراراً جسيمة بمستشفيات جديدة الخميس، وفقاً لنقابة الأطباء. وقد أصيبت 4 مستشفيات في الأبيّض الواقعة على بعد 350 كيلومتراً جنوبالخرطوم. وذكرت نقابة الأطباء أن 70% من المستشفيات المتاخمة لمناطق الاشتباكات متوقفة عن العمل، بواقع 55 مستشفى من أصل 78. ولفتت إلى أنه من بين 78 مستشفى أساسي في العاصمة والولايات، يعمل 23 منها بشكل كامل أو جزئي. وحذرت من أن تلك المستشفيات مهددة بالإغلاق أيضاً، إما بسبب نقص الكوادر الطبية، أو الإمدادات، أو انقطاع المياه والتيار الكهربائي. إجلاء الدبلوماسيين وأودى القتال بحياة المئات، وفي ظل عدم التوصل لوقف لإطلاق النار، لا يتسنى للدول الأجنبية بما في ذلك الولاياتالمتحدة إجلاء مواطنيها من السودان، بحسب وكالة "رويترز". لكن مصادر دبلوماسية ل"الشرق" قالت، الجمعة، إن عمليات إجلاء مرتقبة لعدد من الرعايا والدبلوماسيين الأجانب ستتم عبر مطارات عسكرية من السودان. وقال مسؤول أميركي، الخميس، إن الولاياتالمتحدة تستعد لإرسال عدد كبير من الجنود ضمن قوات إضافية إلى قاعدتها في جيبوتي، تحسباً لعمليات الإجلاء المحتملة من السودان. وذكر وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس في مؤتمر صحافي في برلين الجمعة، أن الطائرات العسكرية الإسبانية في وضع الاستعداد وجاهزة لإجلاء حوالي 60 مواطناً إسبانياً ونحو 20 مدنياً من دول أخرى من العاصمة السودانية الخرطوم. إجلاء عدد من الدول لمواطنيها وبعثاتها الدبلوماسية من السودان والولاياتالمتحدة تضع شرطاً، التفاصيل مع مراسلتنا من أم درمان مها التلب#الشرق #الشرق_للأخبار pic.twitter.com/1R2BFnGqUr — الشرق للأخبار – السودان (@AsharqNewsSUD) April 21, 2023 وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إن الأولوية القصوى لألمانيا في الوقت الحالي في السودان هي أن يتفق الجانبان على وقف إطلاق النار خلال عيد الفطر حتى يمكن إجلاء الناس. وأعلنت كوريا الجنوبية إرسال طائرة عسكرية إلى القاعدة العسكرية الأميركية في جيبوتي وأنها ستكون في حالة تأهب للتوجه إلى السودان وإجلاء رعايا البلاد من هناك عندما يسمح الوضع بذلك. هدنة وتكثفت الاتصالات الدبلوماسية في محاولة لإسكات المدافع، أقلّه خلال عطلة عيد الفطر، ونجحت هذه المحاولات بشكل جزئي بإعلان قوات الدعم السريع قبول هدنة إنسانية لمدة 72 ساعة، اعتباراً من السادسة من صباح الجمعة (الرابعة بتوقيت جرينتش). وفي هذه الأثناء، بدأت قوات الجيش مرحلة جديدة من المعارك على الأرض إذ أعلنت بدء عملية "تطهير تدريجي" ل"بؤر الدعم السريع" حول العاصمة الخرطوم. "لا خيار إلا الحل العسكري" وقال قائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، الخميس، إنه لا يرى حالياً طرفاً آخر ليفاوضه وأن لا خيار إلا الحل العسكري، مجدداً تأكيده على "ضرورة وجود جيش واحد في السودان". ويمكن سماع دوي إطلاق نيران من أسلحة ثقيلة في أنحاء الخرطوم ومدن أخرى. وأظهرت لقطات نشرتها القوات المسلحة، الجمعة، استقبالاً حافلاً وهتافات لقوات من الجيش تحمل أسلحة نصف آلية. وتحققت وكالة "رويترز" من أن موقع تصوير الفيديو في شمال المدينة لكنها لم تتمكن على الفور من التحقق من تاريخ التقاطه. كما نشر الجيش السوداني مقطع فيديو يقوم فيه عضو المجلس السيادي الفريق أول ركن ياسر العطا بجولة ميدانية تفقدية للجنود في منطقة أم درمان. وأعلنت منظمة الصحة العالمية سقوط 413 شخصاً على الأقل وإصابة الآلاف في الصراع الذي يدفع السودان إلى كارثة إنسانية في ظل تعرض المستشفيات لهجمات وفرار ما يصل إلى 20 ألفاً إلى الجارة تشاد. وكان حوالي ربع سكان السودان يعانون بالفعل من الجوع الشديد قبل اندلاع الصراع، في حين أوقف برنامج الأغذية العالمي واحدة من كبرى عمليات المساعدات العالمية التي يقدمها في السودان، السبت، بعد سقوط 3 من موظفيه. وتقوض المواجهات الدائرة، الجمعة، جهود الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش للتوصل لهدنة، وذلك رغم العدد الكبير من الاتصالات التي تلقاها البرهان، الخميس، من وزراء من كل من الولاياتالمتحدة وقطر والسعودية والرئيس التركي رجب طيب أردوغان وغيرهم من القادة وكبار المسؤولين في العالم. مواجهات في دارفور وخارج العاصمة، يخوض الجانبان مواجهات في دارفور بغرب السودان حيث تم توقيع اتفاق سلام جزئي في عام 2020 يتعلق بصراع استمر لفترة طويلة وأدى لتوجيه اتهامات دولية للرئيس السابق عمر البشير بارتكاب جرائم حرب. وفر آلاف المدنيين من العاصمة الخرطوم وسط إطلاق نار وانفجارات، الخميس، وعبرت أعداد كبيرة الحدود إلى تشاد هرباً من القتال الدائر في منطقة دارفور بغرب السودان. وقال منسق مشاريع منظمة أطباء بلا حدود في الفاشر بشمال دارفور سايرس باي، إن مستشفى ولادة جرى تحويله لعلاج الضحايا امتلأ عن آخره وتنفد الإمدادات منه بسرعة، وتم إغلاق بقية مستشفيات المدينة. وأضاف أن معظم المصابين الذين استقبلهم المستشفى منذ، السبت، والبالغ عددهم 279 كانوا من المدنيين الذين أصيبوا برصاصات طائشة، وكثير منهم من الأطفال. وأشار إلى أن 44 منهم لقوا حتفهم. وذكرت مجموعة أطباء أخرى أن ما لا يقل عن 26 شخصاً لقوا حتفهم وأصيب 33 في مدينة الأبيض غربي الخرطوم، الخميس، فيما تحدث شهود عن اشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع وأعمال نهب واسعة النطاق. وقال جوتيريش للصحافيين بعد اجتماع عبر الإنترنت مع قادة الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية ومنظمات أخرى الخميس، إنه يتعين السماح للمدنيين المحاصرين في مناطق الصراع بالخروج من هذه المناطق والحصول على العلاج الطبي والغذاء والإمدادات الأخرى.