كنت احد الذين يعتقدون ان للجنجويد حاضنة في دارفور يمكن ان توفر لهم الظهير في حال خسروا المعركة في الخرطوم ، وبقية مدن السودان. الحقيقة هذه المليشيا تم تأسيسها من قُطاع الطرق ، والمرتزقة كنبت شيطاني غريب علي اهل دارفور بكل قبائلهم ، ومكوناتهم. كل عهد آل دقلو بالسودان يرجع الي العام 1997م يعني لجأوا الي السودان من تشاد لأسباب الجوع ، ولم تكن لدي هذه العائلة حيكورة ضمن قائمة الحواكير المعروفة في نظام الإدارة الاهلية في عموم السودان ، ودارفور بشكل خاص. اليوم فقط إنكشف ظهر هذه المليشيا عندما اصبحت دولة تشاد عبارة عن سرادق عزاء بطولها، وعرضها. ما من قرية ، او فريق ، او حارة ، او شارع في مدينة تشادية يخلو من بيت عزاء لأحد الذين هُلكوا وقبروا في الخرطوم، ومدن السودان التي شهدت مواجهات . من ناحية عسكرية عندما تستدعي كل قواتك في ايّ معركة بالضرورة هي معركة بقاء او فناء ، فالهدف ان تحفظ عمقك الإستراتيجي. وهذا ما حدث حيث إستدعت مليشيا الجنجويد قواعدها في النيجر ، و مالي ، وتشاد ، وكل الدول جنوب الصحراء لمعركة الخرطوم. بمعنى ان معركة الخرطوم هي معركة مصيرية للجنجويد ، فالخرطوم لم تكن في يوماً ارضاً تخصهم ليموتوا لأجلها. معركتهم لفرض واقع ، ليس لديهم ما يخسرونه في الخرطوم لا ارض ، لا ممتلكات، لا اهل. ما قاموا به من تدمير ، وتخريب يثبت ما ذهبنا إليه ، فهي سياسة الارض المحروقة ، حيث الحروب غير الاخلاقية التي تفتقر لأبسط قواعد الإشتباك ، وإحترام المبادئ الإنسانية. إن خسرت هذه المليشيا معركة الخرطوم فهذا يعني زوالها من علي الارض نهائياً الي الابد ، بلا رجعة. الذي يجهله الكثير من الناس ان القبائل العربية في دارفور هي اكبر المتضررين من هذا النبت الشيطاني ، فهم اول من يحاربها ، ويقف في وجهها في دارفور. سعت جهات كثيرة ، وتقلب حميدتي كالحرباء ليجد توصيفاً سياسياً لهذه المليشيا بقيادة اسرته ليضعها في قائمة الكيانات السياسية في النادي السياسي السوداني. للمثال وليس الحصر.. تيجاني سيسي ظل ، وسيظل ضمن الكادر السياسي في الدولة السودانية برغم شراكته للنظام البائد ، تحت ايّ إسم، ويرجع ذلك لإستناده علي خلفية تربطه بالارض. موسى هلال ايضاً كمثال سيظل يلعب دوراً سياسياً حتي لو لم يمتلك لقطعة سلاح واحدة. السياسة هي لعبة الاوزان ، والقوة.. حميدتي لا يملك وزناً ، إمتلك قوة في غفلة من الزمان ، ولم يسعفه الوقت ليجد لها وصفاً سياسياً يعطيه بطاقة المرور الي عالم السياسة في الدولة السودانية. هزيمة الجنجويد في معركة الخرطوم تعني اننا لن نسمع في يوماً بحميدتي او آل دقلو ، فهذه ظاهرة ، والظراهر تزول بذات السرعة ، والمنطق الذي اوجدها. كسرة.. اكبر خطأ إستراتيجي علي الإطلاق فكرة الحوار مع حميدتي ، هذا يعني انه سيُمنح بطاقة النادي السياسي السوداني ، وهذا سيكون الاخطر من إمتلاكه للقوة ، والعتاد الحربي. كسرة ، ونص.. نعم الحرب مؤلمة ، والظرف الذي فُرضت فيه بالغ التعقيد ، حيث يعيش الشعب السوداني اسوأ ايام تاريخه علي الإطلاق. علينا بالصبر، ويجب علي كل الشعب السوداني الخروج لمسح آثار هذه المليشيا اللعينة لكي لا تطول المعاناة. كسرة ، وتلاتة ارباع.. دخول فاغنر علي خط الازمة وعرضها الوساطة ، بين شريكيها البرهان ، وحميدتي ، يعني قرب نهاية المعركة ، وعلينا ان نقرأ تاريخ الحروب ، إبتداءً من طلب الهدنة ، مروراً بوقف إطلاق النار ، وصولاً الي التفاوض ، ثم التركيز علي الوسطاء ، من هم ، وما مصلحتهم! . يجب ان نعي تماماً انه لا يوجد ايّ تدخل اجنبي بريئ ، او حميد اثناء المعارك ، فهذا اسهل المداخل لتمرير الاجندة، وكسر الإرادة. اخيراً.. فلتكن هذه معركة الكيزان ، لقد قمنا بنصف ثورة ضدهم ، واسقطنا رأس نظامهم ، فلم يسعفنا ضعفنا ، وتشرذمنا من حفر قبورنا ، فتعفنت جثث الثوار في الحاويات ، والمشارح.. نحن من بعثنا فيهم الروح ليخوضوا معاركهم ، التي فُرضت علينا في عناوينها مُجبرين، لسنا ابطالاً. الآن إن خضنا نصف معركة فسندفن السودان الي الابد. يجب ان تتوقف حملات المزايدة ، والتخوين ، فبوجود الوطن موحداً ارضاً ، وشعباً سنمضي بالثورة الي غاياتها. الكيزان اوهن مما نعتقد ، جميعهم عبارة عن لصوص يتبرأ من وضاعة اشرفهم احقر نشال في ازقة السوق العربي. ديسمبر المجيدة كشفت لنا ظهرهم ، فإن لم نتعلم منها الدرس حيث السقوط بعد اكثر من ثلاثة عقود من التمكين ارضاً ، و بحراً ، وجواً نبقى مواهيم ، وسنحصد الخيبة تلو الخيبة.