1- اول محاولة انقلاب عرفها السودان كانت في عام 1957- اي بعد (15) شهر من الاستقلال عام 1956، قاد هذه المحاولة مجموعة من ضباط الجيش والطلاب الحزبيين بقيادة الصاغ/ عبد الرحمن إسماعيل كبيدة ضدّ حكومة الاميرلاي/ عبد الله خليل، كان دافع كبيدة هو حسم الارتباك في إدارة المشهد السياسي والاستيلاء علي الحكم، باءت هذه المحاولة بالفشل، وحكم عليه ورفاقه بالسجن، ولم يخرج إلا مع انقلاب 17/ نوفمبر 1958. 2- عندما تفاقمت الخلافات بين الأحزاب السودانية داخل نفسها، وفيما بينها، لم يكن هناك مفر من انقلاب وقوع انقلاب 1958، وهو أول انقلاب عسكري ناجح في تاريخ السودان، قام بإيعاز من حكومة عبد الله خليل وحزب الأمة، وباركه القادة الدينيون في ذلك الوقت، لأكبر جماعتين دينيتين: السيد/ عبد الرحمن المهدي زعيم الأنصار، والسيد/ علي الميرغني ، زعيم طائفة الختمية، قاد الانقلاب الفريق/ إبراهيم عبود، الذي شكّل حكومة عسكرية برئاسته، حكمت السودان لمدة ستة أعوام، ولكن النظام العسكري الجديد لم يهنآ بالاستقرار بسبب محاولات الانقلاب المتعددة التي تعرض لها من قبل ضباط غضبوا بشدة بسبب عدم حصولهم علي نصيب من كعكة السلطة، اشهر هذه المحاولات محاولة انقلاب قام بها البكباشي/ على حامد ومعه الصاغ/ عبد البديع كرار، واليوزباشي/ صادق محمد حسن، والبكباشي/ يعقوب كبيدة، والصاغ/ عبد الرحمن كبيدة، واليوزباشي/ عبد الحميد عبد الماجد، واليوزباشي/ محمد محجوب عثمان (شقيق عبد الخالق محجوب)، وعبد المنعم محمد عثمان، واليوزباشى/ عبد الله الطاهر بكر، واليوزباشى/ بشير محمد علي ، وملازم أول/ محمد جبارة، بجانب الرشيد الطاهر بكر وكان وقتها من قيادات حركة "الإخوان المسلمين"، وكانوا قد اتفقوا سرآ علي وضع خطة عسكرية للاطاحة بالفريق/ ابراهيم عبود ومجلسه العسكري الحاكم، فشلت المحاولة وتم اعدام: البكباشي/ علي حامد وزملاءه: اليوزباشى/ عبد الحميد عبد الماجد، البكباشى/ يعقوب كبيدة ، الصاغ/ عبد البديع علي كرار ، واليوزباشى/ الصادق محمد الحسن، هذه الاعدامات كانت اول اعدامات تنفذ في ضباط بعد الاستقلال. 3- (أ)- في يوم 25/ مايو عام 1969، نفذت مجموعة "الضباط الأحرار" بقيادة البكباشي/ جعفر النميري انقلابا عسكريا، بعد فترة من الأزمات السياسية والمؤامرات والتحالفات المتهافتة على السلطة، ولكن حكم الجنرال/ النميري لم يسلم من المحاولات الانقلابية، وتعتبر محاولة انقلاب الرائد/ هاشم العطا في 19/ يوليو هي اشهر محاولة انقلابية دخلت تاريخ السودان ، لأن هذه المحاولة انتهت نهاية دامية شنيعة أريقت فيها دماء كثيرة، وشملت الإعدامات بعد فشل المحاولة الانقلابية بعض الضباط الذين كانوا مقربين من النميري واشهرهم الرائد/ هاشم العطا، والرائد/ بابكر النور، والرائد/ فاروق حمدناالله، ومن المدنيين كانوا عبدالخالق محجوب، الشفيع احمد الشيخ، جوزيف قرنق المحامي. (ب)- في عام 1975، قاد ضابط الجيش المقدم/ حسن حسين، محاولة انقلاب لكنها أُحبطت بسبب عدم وجود رضا وقبول بالمحاولة من قبل ضباط في القيادة العامة، تمت محاكمة سريعة لقادة الانقلاب وأُعدم حسن ومن معه من المنفذين. (ج)- في يوليو عام 1976، قاد العميد/ محمد نور سعد بمحاولة انقلاب على نظام النميري – وهي المحاولة التي دخلت تحت اسم "حركة 2/ يوليو 1977"-، وكان الرئيس الليبي/ معمر القذافي هو من مول المحاولة، فشلت عملية الانقلاب بسبب خيانة كبيرة تعرض لها العميد/ محمد نور، الذي وجد نفسه وحيدآ في المعركة بالخرطوم، بعدها استخدم النميري العنف البالغ سحقها وبلغ عدد القتلى نحو (500) قتيل اغلبهم كانوا اجانب من اثيوبيا وارتريا. (د)- عام يوم 6/ ابريل عام 1985، أعلن الجيش عن انتهاء حكم النميري بعد عصيان مدني شامل واحتجاجات على الغلاء، غير أن الفريق/ عبد الرحمن محمد حسن سوار الذهب تصدى لعملية عزل النميري معلنا تشكيل مجلس عسكري أعلى لإدارة المرحلة الانتقالية تحت رئاسته، وحدّد مدة هذه الفترة في سنة واحدة تجرى الانتخابات في نهايتها، بعد لجوء النميري في مصر قام بتوجيه هجوم شديد وضاري ضد سوار الذهب واتهمه بالخيانة وعدم احترام الصداقة وخوة "العيش والملح" التي كانت بينهما. 4- (أ)- في شهر يونيوعام 1989، قاد العميد/ عمر حسن البشير انقلابا ضد الحكومة المدنية المنتخبة برئاسة رئيس الوزراء الراحل/ الصادق المهدي آنذاك، نجح الانقلاب بالرغم من ان الصادق المهدي كان قد تلقي تقارير مسبقة عن المحاولة قبل وقوعها. (ب)- في شهر مارس عام 1990جرت أول محاولة انقلابية ضد نظام البشير، الا انها سريعآ ما فشلت، والغريب في الامر، انه هذه المحاولة لم تجد شهرة ولا من تكلم عنها!!، بل حتي الضباط الذين قاموا بالمحاولة غير معروفين حتي اليوم. (ج)- في شهر ابريل عام 1990قاد اللواء/ عبد القادر الكدرو ومعه العميد الركن طيار/ محمدعثمان كرار بمحاولة انقلاب وفشلت ايضآ المحاولة بمنتهي السهولة تمامآ كما انتهت قبلها محاولة انقلاب مارس 1990، تم أعدام (28) ضابطا بمن فيهم قادة الانقلاب. (د)- في شهر سبتمبر عام 1992، قاد العقيد/ أحمد خالد انقلابا نُسب إلى "حزب البعث"، أجهضت المحاولة وسجن قادتها. 5- (أ)- في يوم الخميس 11/ ابريل عام 2019، أطاح الفريق أول/ أحمد عوض بن عوف بنظام المشير/ عمر البشير الذي حكم البلاد لمدة (30) عاما. (ب)- بعد ساعات قليلة في نفس يوم الخميس 11/ ابريل عام 2019 من اطاحة المشير/ البشير، تنحي الفريق أول/ أحمد عوض من منصبه للفريق أول/ عبدالفتاح البرهان. (ج)- في شهر يوليوعام 2021، أعلن الجيش عن إحباط محاولة انقلاب هدفت للإطاحة بالمجلس العسكري الذي تراسه عبدالفتاح البرهان، تم اعتقال (12) ضابطا، وبعد بعد أيام قليلة تم ايضآ اعتقال رئيس أركان الجيش/ هاشم عبد المطلب أحمد، الذي وصف بأنه قائد ومخطط محاولة الانقلاب. (د)- في شهرسبتمبر 2021، أعلنت الحكومة عن إحباط محاولة انقلاب اتهمت فيها ضباطا ومدنيين مرتبطين بنظام الرئيس المخلوع عمر البشير، لكن سرعان ما سيطرت الحكومة على الأمور وقبضت على قادة المحاولة الانقلابية البالغ عددهم (22) ضابطا بقيادة اللواء الركن/ عبد الباقي الحسن عثمان، بالإضافة إلى ضباط صف وجنود ومدنيين، وحققت معهم، وسيطر الجيش على الأوضاع في زمن قصير دون حدوث خسائر في الأرواح والممتلكات. 6- في يوم 25 أكتوبر/ 2021، قاد رئيس مجلس السيادة الفريق أول/ عبد الفتاح البرهان انقلابا عسكريا يعتبر من اغرب الانقلابات في تاريخ العسكرية السودان!!، هو انقلاب لم يكن فيه مارشات عسكرية سبقت الاعلان عن الانقلاب، ولا تم اذاعة البيان العسكري رقم واحد!!، ولا تم الاعلان عن من هم قادة الانقلاب؟!!، بل حتي "حميدتي" نائب الرئيس الذي قام بالانقلاب لم يكن يعلم به قبل وقوعه!! ، لقي الانقلاب إدانات دولية واسعة، تطالب بإعادة الحكم المدني. 7- في يوم السبت 15/ إبريل- رمضان الماضي 2023، انقلب البرهان علي عدوه اللدود "حميدتي" بهدف الانفراد بالسلطة الكاملة بدون وجود قوات "الدعم السريع" التي كانت تشكل عقبة له في الوصول للحكم منفردا بلا منافس او منازع. 8- لا يخفي علي احد، ان تاريخ المؤسسة العسكرية في السودان بدء من عام 1975 وحتى اليوم- اي طوال مدة (66) عام- ملئ بقصص وروايات لا تحصى بعدد الانقلابات والخيانات التي وقعت فيها، والخبيثات والطعن في الظهر، هو جيش مشهور بالمكائد واللؤم، الضابط الصغير فيه يحفر لمن هو أعلى منه رتبة!!، وصراع الجنرالات من اجل السلطة لم يتوقف منذ أول محاولة انقلاب عام 1957 حتي هذا العام الجاري 2023. هي مؤسسة عسكرية لا يعمر فيها الضابط طويلا، فان لم يلحقه العزل لحقته الاحالة للصالح العام أو الطرد من الخدمة، عشرات الألاف من الضباط الذين خدموا باخلاص ونزاهة وكانوا يعتبرون من احسن الكفاءات العسكرية، تركوا الخدمة العسكرية ويعملون الآن في المؤسسات العسكرية بدول الخليج…بنفس الرتب العسكرية التي كانوا عليها قبل ان تتخلص منهم وزارة الدفاع في الخرطوم…ويتقاضون رواتبهم بالعملة الصعبة. [email protected]