فليعلم الجميع أن لا للحرب لا تعني أن يظل الأمر كما كان قبل الخامس عشر من مايو . لا للحرب لا تعني عدم الوقوف مع الجيش السوداني كما يروج المرجفون في المدينة، لا للحرب لا تعني دعم قوات الدعم السريع كما يصورونها لعامة الشعب بخبثهم ودهائهم المعهود .لا للحرب لا تعني إزهاق أرواح السودانين الغالية من قوات الشعب المسلحة ومن جميع السودانيين عسكريين ومدنيين . لا للحرب تعني لا للدمار ، لا لانهيار البنية التحتية، لا للحرب تعني لا لإنفلات الأمن والأمان ، لا للحرب تعني لا لإنهاك البلاد والعباد ولا لمزيد من الانفس والارواح. فالحرب لا يشعر بمرارتها الا من ذاق وبالها , الحرب لن يشعر بها الا من فقد عزيز لديه من أب ،اخ، اخت ،زوج، زوجة، أبن ، ابنة. الحرب لا يشعر بها الا من دمرت منازلهم وقراهم ويُتمت أبناءهم ورُملت نسائهم وخربت تجارتهم ودمرت مصانعهم التي بنوها بشق الأنفس على مر السنين ، الحرب يشعر بها من نزح من أرضه التي يعشقها ومنزله الذي يأويه ويعيش في معسكرات النزوح ،الحرب لن يشعر بها الا من أوقفت الحرب مصادر دخلهم فيموتون كل يوم وهم يرون اولادهم جوعى ومرضى وليس لديهم ما يسدون به رمقهم ، والحرب لن يشعر بها من يجلس في منصات التواصل الاجتماعي ويتبجح تحت الهواء البارد النقي ويشعل نارها وياجج فيها، هل سالت نفسك يوماً كم تكلف الحرب في اليوم الواحد؟؟ هل تعلم أن تكلفة الحرب في اليوم الواحد يمكن أن تبني مركز صحي أو مدرسة ؟؟ هل تعلم أن هنالك دراسات اجريت على تكلفة الحرب في دارفور تعادل نحو 24 مليار دولار مصروفات عسكرية مباشرة وخسارات اخرى ،ودعك من حرب الجنوب التي استمرت لاكثر من عشرات السنوات ، وللحرب إفرازات أخلاقية سئية تنتشر كالهشيم فتصيب كثير من المواطنين بسبب الجوع والخوف والطمع , وما يحدث الان من سرقات ونهب لممتلكات الشعب يشعرنا بالغثيان لما اَلت إليه حالة بعض من أبناء شعبنا . والخوف من تفشي هذه الحالات وانتشارها . دعونا ننظر لتاريخنا الحديث منذ إستقلالنا أو قبل إستقلال بلادنا بسنة 1955م والتي شهدت أول تمرد بانشقاق وتمرد فيلق الاستوائية في توريت ، وحتى إندلاع الحرب الدائرة الان مع قوات الدعم السريع ، دعونا ننظر للامور نظرة متأنية دون أن يتخللها إنتماء سياسي وفكر أيدولجي ، دعونا نتأمل دون رياء ودون الانغماس داخل عباءتنا التي تغطي عوراتنا الانتمائية الضيقة "مع و ضد" والتي أفقدتنا الكثير الكثير و التي ستفقدنا بلادنا كما فقدنا الجنوب الحبيبة، فقضية الحروب والتمرد في السودانية هي أمراض مزمنة أصابت جسد بلادنا منذ الإستقلال، ويجب معالجتها بحكمة وروية ،فالشاهد أن كل حالات وظواهر التمرد قد وقفت بهدنة أو إتفاقيات سلام (إتفاقية المائدة المستديرة ،إتفاقية اديس اببا وإعلان كوكا، ثم إتفاق القصر،ثم مؤتمر أسمرا ،وإتفاقية الخرطوم للسلام ،وإعلان طرابلس ،إتفاقية أبشي ،وإتفاقية أبوجا،وغيرها من الإتفاقيات ، الى أن وصلنا الى اتفاقية سلام جوبا 2020م . فهل كان هنالك انتصار تم بالبندقية في كل هذه الحروب ؟؟ حينما ندعوا لوقف الحرب ننظر لهذا التاريخ الذي ننتمي له ..واذا تأملت ونظرت لكل جاراتنا في دول أفريقيا وحالات التمرد التي حدثت بها ،هل انتهت وحُسمت بالحروب؟؟ دعونا نتصالح مع أنفسنا قليلاً ،يجب حسم وأنهاء التمرد وأي إنفلات أمني ،ولكن هل الحسم فقط بالبندقية؟ إن كان كذلك لما لجأت الحكومات المتعاقبة لكل هذه الالتفاقيات سابقة الذكر، لا نريد أن تحسم الحرب في الخرطوم وتشتعل في مكان أخر !! والعاقل يعي معنى هذا جيداً!!! . فما نريده هو اسكات صوت البندقية الى الابد.والفتنة أشد من القتل ، دعونا نتسامى فوق جراحنا لإيقاف نزيف الدم . ونزيف تدهور اقتصادنا بسبب الحروب … لا للحرب مع كامل دعمنا لقوات شعبنا المسلحة ودعواتنا لها بالإنتصار في كل معاركها من أجل بلدنا الحبيبة والحفاظ على أمنها وأمانها ، ونعلم جيداً إن ضعفت القوات أو وهنت ضاعت البلاد .فليس هنالك عاقل لا يريد أن يرى قوات بلاده ضعيفة ومهزومة كما يدعي المرجفون وأنتم تعلمون من هم !!! ،والمتربصون بالبلاد كثر !!! . اللهم احفظ بلادنا حسبنا الله ونعم الوكيل. ولا ثم لا للحرب. [email protected]