دخلت الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، شهرها الثاني، في ظل انتهاكات واسعة النطاق، بينها 8 حالات اغتصاب أعلن عنها حتى الآن. في ظل اتهامات لأطراف القتال بارتكاب جرائم واسعة ضد المدنيين والمرافق الصحية والبعثات الدبلوماسية. ووفق إحصاءات نقابة أطباء السودان، فقد ارتفع عدد القتلى المدنيين خلال المعارك المحتدمة بين الجيش والدعم السريع إلى أكثر من 832 قتيلا، و4 آلاف جريح، مشيرة إلى أن استمرار القتال أدى إلى سقوط مزيد من الضحايا في العاصمة الخرطوم وعدد من الولايات. وحسب الأممالمتحدة فر نحو مليون سوداني جراء القتال في البلاد بينما تقدر الاحتياجات الإنسانية في السودان في أعقاب اندلاع النزاع المسلح بأكثر من ثلاثة مليارات دولار. فيما قال مدير مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في جنيف راميش راجاسينغهام، الأربعاء، أن نصف السودانيين سيكونون في حاجة للحماية والمساعدات الإنسانية. ويأتي حديث المسؤول الأممي في إطار مراجعة لخطة الأممالمتحدة الخاصة بالسودان، بعد تفاقم الأوضاع الإنسانية في البلاد بسبب المعارك بين الجيش والدعم السريع. وتقدر احتياجات السودان الحالية ب 2.6 مليار دولار، مقابل 1.75 مليار دولار في كانون الأول/ديسمبر الماضي، فضلا عن ضرورة توفير مبلغ 470.4 مليون دولار إضافية لمساعدة اللاجئين السودانيين الفارين من الحرب. وفضلا عن النقص الحاد للغذاء، يواجه السودانيون المحاصرون في العاصمة السودانية الخرطوم، انقطاع خدمات الكهرباء والمياه لأسابيع، في مناطق عديدة، وضعف خدمات الاتصالات والإنترنت، فيما أودت المعارك بين الجيش والدعم السريع، داخل الأحياء والمناطق السكنية، بحياة المئات وإصابة الآلاف. وحسب الأممالمتحدة، أدت الأزمة التي بدأت قبل أكثر من شهر إلى نزوح 700 ألف شخص داخليا وتدفق هائل إلى بلدان مجاورة لحوالي 220 ألف لاجئ في تشادوجنوب السودان ومصر وجمهورية أفريقيا الوسطى وإثيوبيا. لافتة إلى أنه لا يزال عدد لا يحصى من الأشخاص عالقين ويشعرون بالذعر داخل السودان، وأنهم ضحايا أبرياء لهذا القتال العشوائي. واندلعت المعارك في العاصمة السودانية الخرطوم ومدن أخرى منتصف نيسان/أبريل الماضي، بعد تصاعد الخلافات بين رئيس المجلس السيادي السوداني، قائد الجيش عبد الفتاح البرهان ونائبه السابق قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو «حميدتي»- الحاكمين الفعليين للسودان- منذ تنفيذهما انقلابا عسكريا على الحكومة الانتقالية في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021 إلا أن خلافات الرجلين هذه المرة، ألقت البلاد في أتون حرب شرسة وأوضاع إنسانية كارثية. والجمعة أعلن البرهان إعفاء حميدتي من منصبه كنائب لرئيس المجلس السيادي قبل أن يعين عضو المجلس مالك عقار نائباً له. ونددت الأممالمتحدة باستخدام طرفي النزاع لتكتيكات، تعرض المدنيين لخطر شديد وتمنع الناس من الوصول إلى الإمدادات والمساعدة والحاجات الحيوية. مشيرة إلى شن الجيش السوداني هجمات في مناطق مأهولة بكثافة من المدنيين، بما في ذلك غارات جوية. واستيلاء قوات الدعم السريع على العديد من المباني في الخرطوم لاستخدامها كقواعد عملياتية، وقيامه بطرد السكان وشن هجمات في المناطق الحضرية المكتظة بالسكان. قصف واحتلال المستشفيات خرجت 70 في المئة من المستشفيات والمراكز الصحية في البلاد، عن الخدمة بسبب المعارك المندلعة بين الجيش وقوات الدعم السريع، منذ أكثر من شهر، والتي تعرضت مبانيها للقصف والإخلاء القسري فضلا عن استخدامها كمناطق عسكرية. ونددت نقابة الأطباء السودانيين في بيان الجمعة، بالاعتداء على 3 عربات إسعاف واعتقال طبيب وسائقين واقتيادهم إلى جهة غير معلومة. وقالت إن قوات الدعم السريع مساء السابع عشر من آيار/مايو الجاري اعتدت على ثلاث سيارات إسعاف واعتقلت طبيبا وسائقي الإسعاف واقتادتهم إلى جهة غير معلومة، وذلك أثناء قيادتهم لسيارة إسعاف تحمل أسطوانات أوكسجين للمرضى والمصابين في مستشفى بشائر التعليمي والمستشفى التركي في الخرطوم. وذلك بعد أيام من قصف الجيش لمستشفى شرق النيل في الخرطوم، واستيلاء قوات الدعم السريع على مستشفى الولادة بمدينة أمدرمان غرب الخرطوم. ووثقت نقابة الأطباء السودانيين حوادث الاعتداء على 20 مستشفى بما جعلها تُخلى قسرياً وحوادث القصف الأرضي والجوي على 17 مستشفى أخرى، بينما تعرضت 6 عربات إسعاف للاعتداء المباشر عليها وعلى الكادر المصاحب لها في أيام سابقة خلال شهر من الحرب. ولفتت إلى أن استباحة المنشآت الصحية والتضييق والاعتداء على الكوادر وعرقلة مسارات عمل الأطباء هي ممارسات مخالفة لكل أعراف الحروب ومواثيقها؛ وتعد جريمة حرب ضد المدنيين العزل الذين لم يكونوا جزءاً من صناعة قرار الحرب ولا خطواتها بأي شكل. عنف جنسي وفي جرائم مروعة أعلنت وحدة مكافحة العنف ضد المرأة الأسبوع قبل الماضي، عن تعرض 5 نساء للاغتصاب في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع. وبينت انه في 12 من الشهر الجاري تم اغتصاب فتاتين في مدينة بحري شمال الخرطوم و3 أخريات في منطقة الديم وسط الخرطوم. والأحد الماضي أعلنت غرفة طوارئ مدينة أمدرمان، اغتصاب امرأتين أجنبيتين بمباني السكن الداخلي لهيئة التدريس بجامعة الأحفاد للبنات والسكن وبينت أن إحداهما وتبلغ من العمر 25 عاما تم اغتصابها بواسطة فردين من قوات الدعم السريع، والأخرى 22 عاما تم اغتصابها بواسطة خمسة أفراد من ذات القوات. والثلاثاء، أكدت لجان مقاومة بحري اغتصاب فتاة قاصر في حي كافوري بمدينة بحري شمال الخرطوم. ونددت بما وصفته بانتهاكات الدعم السريع بمدينة بحري مشيرة إلى أن اغتصاب الطفلة تم في الشارع العام بحي كافوري. احتلال كنيسة واختطاف إمام مسجد وتواجه قوات الدعم السريع اتهامات وشكاوى من المواطنين بالاعتداء على المنازل ودور العبادة واستخدام المستشفيات والأحياء السكنية كدروع بشرية. بالموازاة يُتهم الجيش بقصف مناطق سكنية ومستشفيات. واتهمت لجنة مقاومة حي المغتربين، بمدينة بحري، قوات الدعم السريع باختطاف إمام مسجد المنطقة. وقالت في بيان الثلاثاء أن قوة تابعة للدعم السريع اعتدت على إمام مسجد اليقين الشيخ طه، واقتادته إلى مكان غير معلوم، معبرة عن استنكارها الشديد إزاء ما وصفتها ب «انتهاكات ميليشيا الدعم السريع المتواصلة». وحملت اللجان، تلك القوات مسؤولية سلامة الإمام، مطالبة بإطلاق سراحه فوراً. فيما ندد كبير أساقفة ومطران الخرطوم، حزقيال كندو، باقتحام قوات الدعم السريع، مباني الكنيسة الأسقفية الأنغليكانية، بحي العمارات وسط العاصمة السودانية الخرطوم، داعيا إلى خروج تلك القوات فورا واحترام مقدسات العبادة. وقال في بيان الثلاثاء، إن الدعم السريع احتلت الكنيسة وجعلت من مبانيها مقر لقواتها، مشيرا إلى أنها قامت بتحطيم أبواب المكاتب وبيت السلام وقاعة الاجتماعات والسيارات الموجودة في المبنى. كما سرقت سيارة تابعة لمطرانية الخرطوم تحت تهديد السلاح لحارس مباني مطرانية الخرطوم بمدينة امدرمان. وأضاف: «ما نزال لا نعلم ما حدث لبقية ممتلكات الكنيسة». هجوم على بعثات دبلوماسية وتبادل الجيش والدعم السريع الاتهامات بالاعتداء على مقار دبلوماسية، بينها مقر بعثة الاتحاد الأوروبي وسفارات السعودية والأردن وتركيا والهند وجنوب السودان والصومال، والملحقية العسكرية السعودية والكويتية والاعتداء على سيارات وممتلكات تلك البعثات. اعتداء على صحافيين ومقار إعلامية ما يزال مهندس الصوت أحمد رشدي، محتجزا في مقر الإذاعة والتلفزيون القومي السوداني، منذ اليوم الأول للاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع والتي تحولت إلى معارك عنيفة استمرت لأكثر من شهر. فيما استخدمت مباني هيئة البث الرسمي كإحدى ساحاتها المحتدمة، دون مراعاة لحياة المدنيين المحتجزين هناك، فيما يمكن توصيفه بالدروع البشرية في حرب العسكر. وكانت قوات الدعم السريع، قد استولت على مقر الإذاعة والتلفزيون السوداني، في اليوم الأول للقتال، فيما احتجزت رشدي ضمن ثماني صحافيين وفنيين، في 15 نيسان/أبريل الماضي، فر بعضهم لاحقا وأفرج عن آخرين فيما لا يزال رشدي محتجزا حتى الآن. فيما دعت أسرته لإطلاق سراحه مشيرة إلى أنه مواطن مدني يعمل كمهندس تشغيل وكان يؤدي عمله يوم اندلاع القتال، الذي لا ناقة له فيه ولا جمل. ما حدث للإعلاميين في التلفزيون والإذاعة السودانية يأتي ضمن انتهاكات واسعة يتعرض لها الصحافيون في خضم الحرب الدامية الجارية في البلاد. فيما لفتت نقابة الصحافيين السودانيين إلى أن العديد من العاملين والعاملات في مجال الإعلام يعيشون أوضاعا صعبة ويواجهون مخاطر يومية بحثًا عن الحقيقة وسط القتال. ورصدت نقابة الصحافيين السودانيين عددا من الانتهاكات تجاه الصحافيين والصحافيات ما مثل تهديداً لحياتهم وسلامتهم وتضييقا على حرية الإعلام. حيث تم قصف عدد من مكاتب وغرف الأخبار وسط الخرطوم، وظل العشرات من الصحافيين في أماكن عملهم التي كانت تقع في خطوط النار بين الأطراف المتقاتلة، وتعرض بعض الصحافيين لانتهاكات وقمع أثناء تغطيتهم للاشتباكات. وأشارت إلى أنه في ظل عدم رضى الطرفين المتحاربين عن الأخبار والمعلومات التي ينقلها وينشرها صحافيون مستقلون، قد تعرض عدد من الصحافيين لتهديدات بالتصفية في ظل مناخ تسيَّده خطاب الكراهية والتضليل الإعلامي. وأصيب الإذاعي خالد شرف الدين بطلق ناري، خلال المعارك التي تصاعدت يومي الخميس والجمعة الماضية، في مدينة نيالا، عاصمة جنوب دارفور، كما تعرض الصحافي عيسى دفع الله للاعتداء بالضرب والاستيلاء على أدواته وممتلكاته من قبل قوات الدعم السريع خلال تغطيته، لذات الأحداث. وبينت نقابة الصحافيين السودانيين أن مراسل هيئة الإذاعة البريطانية BBC في الخرطوم محمد محمد عثمان تعرض للضرب من جنود يتبعون للجيش أثناء محاولته عبور جسر الفتيحاب الرابط بين مدينتي أمدرمان والخرطوم والوصول إلى مقر عمله يوم السبت 15 نيسان/أبريل الماضي. كما تعرض مقر صحيفة «الجريدة» لإطلاق نار مرتين يومي الأحد والاثنين 16 /17 نيسان/أبريل. واحتجز 15 صحافياً بوكالة السودان للأنباء لمدة 72 ساعة في مقر عملهم بجانب اثنين من العمال بالوكالة. وكذلك احتجز صحافيون يعملون لصالح قناتي الحرة وروسيا اليوم في بناية وسط الاشتباكات لمدة 72 ساعة، و5 آخرين يعملون في وكالة تانا فورميديا لمدة 72 ساعة كما تعرض مكتبهم لإطلاق نار. بالإضافة إلى مراسل قناة الشرق الإخبارية أحمد العربي والمصور، احتجزا في اليوم الأول لإندلاع المعارك بين الجيش والدعم السريع من قبل قوة مسلحة بالقرب من مطار مروي وأطلق سراحهما لاحقا. وتعرض مكتب ذات القناة إلى إطلاق نار يوم الأحد 16 نيسان/أبريل. وتعرض مقر صحيفة الحراك السياسي بالخرطوم لعملية سلب ونهب وتخريب. كما أن قوات الدعم السريع، اقتحمت مقر إذاعة «هلا 96» والتي سبق واحتجز الصحافيين داخلها لمدة 72 ساعة. وأظهر مقطع متداول اثنين من أفراد الدعم السريع داخل استوديو الإذاعة، وهما يلبسان سماعة الراديو، ويحملان لافتة تظهر شعارها، تزامنا مع ذلك ما تزال تواصل قوات الدعم السريع استيلائها على مقر الهيئة السودانية للإذاعة والتلفزيون، والتي تُمثّل إرثًا وتاريخًا للإعلام السوداني، ما زال محفوظًا في مكتباتها الصوتية والمرئية. وطالبت نقابة الصحافيين قوات الدعم السريع بالانسحاب الفوري من هذه المقرات باعتبارها منشآت مدنية، منددة باستمرار اقتحام المقار الصحافية والإعلامية خلال المعارك واستخدام أي مقرات مدنية، كمواقع لعمليات عسكرية. واحتجز 9 من صحافيي التلفزيون العربي بمكاتبهم بأبراج النيلين منذ السبت 15 نيسان/أبريل. لاحقا في الأسبوع الثاني للمعارك تم إجلاء 13 من الإعلاميين المحتجزين في أبراج النيلين عن طريق الهلال الأحمر، بعد أن قضوا تسعة أيام بلياليها في مكاتبهم بالخرطوم في منطقة خطرة ملتهبة بالصراع بلا مؤن غذائية. وأشارت إلى تعرض عدد من الصحافيين والصحفيات ومن بينهم أعضاء في المكتب التنفيذي لنقابة الصحافيين للتهديد بالقتل عبر مكالمات هاتفية ورسائل عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي. وتعرض المصور فائز أبوبكر أثناء تغطيته للمواجهات في شرق العاصمة لإطلاق نار عبر مسدس، قبل أن يتعرض للضرب والتهديد بالقتل من قبل عناصر تتبع للدعم السريع. لاحقا تم إطلاق سراحه دون تقديم أي إسعافات أو مساعدة طبية.