تشهد العاصمة السودانية الخرطوم، صباح الإثنين، هدوءا حذرا إثر اشتباكات عنيفة بالأسلحة الثقيلة والخفيفة في أنحاء من العاصمة، قبل يوم من دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ. وتشهد مدن العاصمة الثلاث: الخرطوم، وبحري، وأم درمان، هدوءا حذرا بعد تجدد الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع ليلة الأحد/ الإثنين، قبل دخول وقف إطلاق النار بين الطرفين حيز التنفيذ مساء الإثنين في تمام الساعة (19:45 ت.غ). ومساء الأحد، أفاد شهود عيان بأن اشتباكات "عنيفة" تدور في مدينة أم درمان غربي العاصمة بالأسلحة الثقيلة والخفيفة، فيما ذكر آخرون أن اشتباكات بين الجيش و"الدعم السريع" اندلعت في أحياء جنوبي الخرطوم وشرقها مع تحليق مكثف للطيران الحربي. وتأتي الاشتباكات بعد يوم من التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار قصير الأمد والترتيبات الإنسانية بين الطرفين في مدينة جدة السعودية برعاية أمريكية سعودية والتزام طرفي الصراع بتنفيذ الاتفاق. وليل السبت/ الأحد، أعلنت السعودية والولاياتالمتحدة دخول هدنة جديدة في السودان حيز التنفيذ مساء الاثنين على أن تستمر لمدة أسبوع، فضلا عن استمرار محادثات طرفي النزاع في جدة في محاولة للتوصل إلى وقف دائم للقتال وحل النزاع بالحوار. والجمعة، أعلنت الأممالمتحدة أن عدد ضحايا المعارك في السودان بلغ 705 قتلى و5287 جريحا، بينهم 203 قتلى و3254 جريحا في ولاية العاصمة الخرطوم. "لا نثق" هذا الاتّفاق ليس الأوّل منذ بدء الحرب، إذ اتّفق الطرفان على ما يقرب من 12 هدنة خَرَقاها كلّها بعد دقائق على دخولها حيّز التنفيذ. وقال حسين محمد، المقيم في مدينة بحري شماليّ الخرطوم لفرانس برس "نأمل في أن يُراقب الوسطاء تنفيذ" الاتّفاق، مشيرا إلى أن هذه الهدنة قد تُتيح "فرصة جيّدة حتى تُراجع والدتي المريضة الطبيب". في الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، قال آدم عيسى لفرانس برس عبر الهاتف "نحن لا نثق بالأطراف المتصارعة (...) نريد وقفا نهائيا لإطلاق النار وليس هدنة موقتة". وكان البيان الأمريكي- السعودي المشترك أكّد أنّه "خلافا لوقف إطلاق النار السابق، تمّ التوقيع من قِبَل الطرفين على الاتّفاقيّة التي تمّ التوصّل إليها في جدّة، وستدعمُها آليّة لمراقبة وقف إطلاق النار مدعومة دوليًّا" من المملكة السعودية والولاياتالمتحدة والمجتمع الدولي. وخلّفت الحرب الدائرة خسائر فادحة في البنية التحتيّة، إذ خرج معظم المستشفيات عن الخدمة، سواء في الخرطوم أو إقليم دارفور غربيّ البلاد حيث يشتدّ القتال أيضا. كما أجبِر الذين لم يتمكّنوا من الفرار من سكّان العاصمة البالغ عددهم خمسة ملايين نسمة تقريبا على ملازمة منازلهم بلا ماء أو كهرباء. وتطالب الطواقم الإنسانية منذ أسابيع بتأمين ممرات آمنة لنقل الأدوية والوقود والمواد الغذائية في محاولة لتوفير بعض الخدمات التي تشهد تدهورا منذ عقود. وبعد صلاة التبشير الملائكي الأحد في الفاتيكان، قال البابا فرنسيس "من المحزن أنه بعد شهر على اندلاع العنف في السودان، لا يزال الوضع خطيرا". وأضاف مخاطبا طرفَي النزاع "دعونا من فضلكم لا نعتد على الصراعات والعنف والحرب". والجمعة، أقال قائد الجيش عبد الفتاح البرهان قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو من منصب نائب رئيس مجلس السيادة (أعلى سلطة سياسية حاليا في البلاد) وقرر تعيين مالك عقار في المنصب. كذلك، عيّن ثلاثة من حلفائه في مناصب عسكرية رفيعة. ووقّع مالك عقار عام 2020 ومعه قادة حركات تمرّد، اتفاق سلام مع الخرطوم، وهو عضو في مجلس السيادة منذ شباط/فبراير 2021. وأعلن في بيان أصدره السبت أنه مصمّم على السعي إلى "إيقاف هذه الحرب" والدفع باتّجاه مفاوضات. وتوجّه مباشرة إلى دقلو قالا "لا بديل لاستقرار السودان إلا عبر جيش مهني واحد وموحد، يراعي التعدّدية السودانية". ويعد دمج قوات الدعم السريع في الجيش نقطة الخلاف الأساسيّة بين دقلو والبرهان. مساعدات تحذّر الأممالمتحدة من وضع إنساني سريع التدهور في ثالث أكبر بلد إفريقي مساحةً، علما بأن ثلث السكان كانوا يعتمدون على المساعدات حتى قبل اندلاع الحرب الأخيرة. ورفعت الأممالمتحدة قيمة الأموال التي تحتاج إليها لمساعدة السودان، مؤكدة أنها تسعى إلى جمع 2,6 مليار يورو. ويُتوقّع أن يلقي المبعوث الأممي إلى السودان فولكر بيرتيس كلمة أمام مجلس الأمن الدولي الاثنين. وكان مارتن غريفيث أعلن الجمعة تخصيص 22 مليون دولار من صندوق طوارئ تابع للأمم المتحدة لمساعدة السودانيين الذي فروا إلى البلدان التي لها حدود مع السودان. وأعلنت الولاياتالمتحدة الجمعة مساعدة قيمتها 103 ملايين دولار للسودان ودول الجوار لمواجهة الأزمة الإنسانيّة.