تجدد القتال في العاصمة السودانية الخرطوم، الثلاثاء، بين الجيش وقوات الدعم السريع، فيما نشطت قوى محلية وإقليمية ودولية في تحركات دبلوماسية لإنهاء النزاع المسلح في البلاد الذي تجاوز شهره السادس مخلفاً ملايين النازحين وآلاف الضحايا. وقال مواطنون ل«القدس العربي» إن الأحياء المتاخمة لسلاح المهندسين الفتيحاب والمربعات في أم درمان غربي العاصمة، شهدت اشتباكات بين الجيش و«الدعم السريع» بالإضافة إلى تواصل المناوشات في أحياء أم درمان القديمة، والقصف المدفعي من قاعدة وادي سيدنا التابعة للجيش على أهداف وتجمعات للطرف الآخر في مناطق غرب ووسط المدينة. وأفادوا، عن سقوط قذائف مدفعية صادرة من أماكن تمركز قوات حميدتي بالخرطوم بحري على حي «ود البخيت» شمال أم درمان، مما أدى إلى مقتل امرأتين وعدد من الجرحى. أما في مدينة الخرطوم، أشار شهود عيان إلى سماع دوي انفجارات في محيط القيادة العامة وسط الخرطوم، وسلاح المدرعات، ونواحي المدينة الرياضية جنوباً بالتزامن مع تحليق للطيران الحربي. وكذلك، تفيد المتابعات عن استمرار المعارك والقصف الصاروخي المتبادل في مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور، مما أدى إلى مزيد من النازحين وتدمير أعيان المدينة. وإلى ذلك، قال حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، في تغريدة على منصة «إكس»: «يتوالى القصف المتعمد والعشوائي في مدينة نيالا مما أدى لموجات نزوح للمدن والأرياف القريبة والتي تعاني هي الأخرى من الهشاشة». وتابع: «تواصلت مع كل الأطراف المحلية والدولية ولا زلت أحث الجميع لوقف هذا النزيف». وتحاول قوات الدعم السريع، منذ اندلاع الحرب في الخرطوم، توسيع نطاق عملياتها العسكرية والسيطرة على مدينة نيالا وقيادة الفرقة (16) مشاة التي تصدت لموجات هجوم متكررة كان آخرها بقيادة قائد ثاني الدعم السريع وشقيق حميدتي عبدالرحيم دقلو، الأسبوع الماضي. وكان «مناوي» قد أعلن أمس الأول، عن لقاء جمعه مع نائبة المدعي للمحكمة الجنائية الدولية، ناقشا خلاله كيفية تسهيل دور المحكمة لأداء مهامها في التحقيقات بدارفور وفي كل الجرائم السابقة والحالية، بجانب كيفية مثول المتهمين أمام المحكمة. وسبق أن أعلنت المحكمة الجنائية الدولية بدء التحقيق في جرائم حرب جديدة في دارفور بعدما كشفت تقارير عن قتل واغتصاب وتشريد للمدنيين والعثور على مقابر جماعية وتصاعد للأعمال العدائية في الإقليم بالتزامن مع اندلاع الحرب بين طرفي النزاع في السودان. ومنذ منتصف أبريل/ نيسان الماضي، يشهد السودان معارك محتدمة بين الجيش وقوات الدعم السريع على وقع خلافات في قضايا الدمج والإصلاح العسكري والأمني واتهامات متبادلة بالاستيلاء على السلطة بقوة السلاح. وتسببت حرب السودان في حالة من الخوف والقلق لدى المواطنين والانتظار المتواصل للعودة إلى حياتهم الطبيعية، حيث أدى القتال إلى تشريد ونزوح 4.2 ملايين شخص داخلياً إلى ولايات البلاد الآمنة وفقاً لإحصائيات الأممالمتحدة بجانب ترد مريع طال قطاع الخدمات وصعوبات في الحصول على الغذاء والدواء والمأوى. بالموازاة، أجرى وفد الاتحاد الإفريقي برئاسة موسى فكي لقاءات مع قوى سياسية سودانية في القاهرة بحث خلالها إيقاف وإدارة حوار سياسي بين الأطراف كافة. وضم اللقاء، بالإضافة إلى الوفد الإفريقي، كلاً من «الحرية والتغيير- الكتلة الديمقراطية، قوى الحراك الوطني، التراضي الوطني، الإعلان الوطني، تنسيقية العودة لمنصة التأسيس، الجبهة الثورية، بالإضافة إلى ممثلين في الإدارة الأهلية ومراكز دراسات، ومنظمات المجتمع المدني والمرأة». وفقاً لبيان مشتركة من القوى السياسية السودانية، أكد اللقاء على أن المدخل الصحيح لحل الأزمة يبدأ بوقف إطلاق النار مع الالتزام التام بتنفيذ التزامات الأطراف لما تم التوقيع عليه في منبر جدة والعمل على إيصال المساعدات كخطوة أساسية تسبق العملية السياسية. وقال البيان، إن المشاركين، أكدوا على أن يكون الحوار شاملاً دون إقصاء أو عزل لأحد، وأن يكون سودانياً سودانياً دون تدخل أي أطراف خارجية، وأن تتولى لجنة وطنية متوافق عليها مهام إدارة الحوار مع ضرورة على مكان الحوار. شدد اللقاء أيضاً على ضرورة تكوين مظلة لآلية تضم الشركاء الإقليميين والدوليين (الاتحاد الإفريقي، الإيقاد، جامعة الدول العربية والأممالمتحدة). وحسب ما رشح من أنباء، فإن الاتحاد الإفريقي طرح خلال لقائه بتلك القوى السياسية محاور أساسية للنقاش تدور حول مؤتمر تحضيري يسبق العملية السياسية ليناقش كيفية إدارة الحوار، وأبرزها الكتل المشاركة ونسبة مشاركة كل كتلة ومكان وزمان الحوار الوطني وجدول أعماله ودور المجتمع الدولي والإقليمي. وفي سياق متصل، كشفت وسائل إعلام محلية عن انطلاق مشاورات من قبل الحكومة الأمريكية مع الجيش وقوات الدعم السريع بغرض استئناف مفاوضات جدة، والعمل على وضع نهج جديد للعملية التفاوضية بين الجانبين. وقالت نقلاً عن مصادر، إن هناك اقتراحاً سعودياً أمريكياً بضم الاتحاد الإفريقي ومنظمة الإيقاد لمنبر جدة. وقالت سفارة الولاياتالمتحدة في السودان، إن السودان يعاني من أزمة نزوح متصاعدة وتدهور كبير في الوضع الإنساني بعد مرور ستة أشهر على اندلاع «الصراع المأسوي الذي لا معنى له» مبينة أن أكثر من 5.8 ملايين من المدنيين اضطروا للفرار من منازلهم بما في ذلك 1.1 مليون فروا إلى البلدان المجاورة. وشددت في تصريح صحافي لها على صفحتها ب«فيسبوك» على ضرورة قيام الجيش والدعم السريع بوقف القتال على الفور بما يتوافق مع التزاماتها بموجب إعلان مبادئ جدة الصادر في 11 مايو/ أيار بشأن حماية المدنيين ووصول المساعدات الإنسانية.