بعد تسعة اشهر من اندلاع هذه الحرب يبدو ان معظم مثقفي البلاد تحولوا من سودانيين الى خواجات يتفنون في طرح الحلول ويصيغون البرامج علما انه يجب على كل سوداني العمل على تحقيق هدف واحد هو وقف الحرب بتشكيل جماعة ضغط كافية دولية واقليمية ومحلية تجبر المتحاربين على ايقاف هذا الدمار لكن اين منها نحن الان ؟ نحن نقبع في المربع صفر ، واذا ما استمرينا بمواكبة هذه الحرب بذات الذهنية لا شك اننا لن نبارح سوق عكاظ بفارق ان هناك كان شعرا اما عندنا فنزيف دماء وتشرد وقتل ونهب ومجاعة قادمة . وما معنى ان نتطرق الى خطاب الملتحي علي كرتي ونتناوله بالتحليل ؟ هذا الذي يذكر لنا سفر التاريخ بعد ان لفظته ثورة ديسمبر الى مزبلة الماضي ، هذا الملتحي يذكرنا بطرفة من علم المنطق : اذا كان كل ذو لحية ذكيا لكان التيس (علي كرتي) أرسطو ، ولا يستحق ان يذكر باكثر من ذلك. علينا ان لا نخدع أنفسنا ونراهن على المبادرات الدولية والاقليمية التي تعتمد حمدوك وزمرته كقوة سياسية وتحاول اعطائهم دورا في البحث عن السلام لان هؤلاء يفتقدون الى اية قاعدة شعبية او وزن داخل السودان هم جماعة مناضلي بلاد المهجر كفاحهم سياحة وضغوطهم سباحة في المنتجعات وهناك من يستنكر انتقادهم علما انهم شركاء البرهان ولجنته الامنية وحميدتي وبرابرته الجنجوديين في اجهاض ثورة ديسمبر . هناك اكثر من سبعة ملايين لاجئ سوداني بفعل هذه الحرب وهؤلاء يشكلون الاستفتاء الحقيقي على ان هذه الحرب ليست حربهم وان هذا الرقم يكفي لتدخل دولي وعربي وافريقي حاسم لانهاء ابشع مأساة في تاريخ العالم الحديث . لكن الحقيقة يجب ان تقال نحن في السودان اليوم نعيش فيلما امريكيا طويلا سبقتنا اليه دولا عربية وافريقية والان هو دورنا . يريد الامريكي تقسيم السودان الى دويلات متناحرة . يريد الاميركي السيطرة على البحر الاحمر . ولتحقيق ذلك لا بد من فرط عقد الجيش السوداني . والدليل ان بضعة نواب في الكونغرس الاميركي انتقدوا تدخل ود زايد السافر في السودان ومن اين لهم هذه المعلومات ؟ طبعا هم على علم بذلك من دوائر رسمية اميركية فلماذا لا يصرح وزير الخارجية الاميركي بذلك بل يتحدث عن جرائم حرب ؟ لماذا لايامر كلبه ود زايد بالتوقف عن دعم برابرة الجنجويد ؟ ببساطة لانهم هم من يريدون ذلك . صحيح ان الجيش السوداني مختطف من الاخونجية بكل قذارتهم ، لكن يجب ان لا ينفرط عقد هذا الجيش حرصا على وحدة السودان . صحيح ان الفلول والكيزان هم بمثابة سرطان منتشر في جسد هذا الجيش ومن الضروري العمل استئصالهم منه لكن لا يجوز قتل الجيش لانه مصاب بالسرطان الاسلامي . اما كيف يكون ذلك ؟ هذا هو السؤال .