ضحكت كما لم أضحك من قبل عندما طالعت خبر صحيفة "الراكوبة" بتاريخ يوم الإثنين 22/ يناير الحالي تحت عنوان:- (ياسر العطا يطالب البرهان بتقديم شكوى لمجلس الأمن ضد الإمارات.)، مفاده، أن الجنرال ياسر العطا، طالب قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان، بتقديم شكوى رسمية لمجلس الأمن الدولي ضد دولة الإمارات العربية بسبب دعمها لقوات الدعم السريع . قال العطا في تصريحات خلال زيارته لمستشفى النو، يوم الأحد، نقلها إعلام ولاية الخرطوم، إنه "بعد تأكيد تقرير الأممالمتحدة بتورط الإمارات ودولة جنوب السودان بدعم قوات الدعم السريع، سنبدأ في الشكوى من المنظمات الإقليمية حتى نصل لمجلس الأمن الدولي، وأنا أضم صوتي للمواطنين وأطالب القائد العام بتقديم شكوى رسمية ضد الإمارات". وقال العطا إن "تقرير الأممالمتحدة الذي نشر مؤخرًا أكد حقيقة ما ظلننا نقوله تورط دولة الإمارات في دعم التمرد وتوفير الغطاء الدولي لها، كما أكد ضلوع دولة جنوب السودان في دعم التمرد بفتح إمداد الوقود والغذاء.).- إنتهي- يعود سبب الضحك علي تصريح الجنرال/ العطا، إنه استند في طلبه المقدم لرئيسه البرهان (فقط) علي تقرير صدر من الأممالمتحدة بتورط الإمارات ودولة جنوب السودان بدعم "قوات الدعم السريع"، او بمعني أخر أن العطاء لا يملك في يده أي مستندات حقيقة ووثائق تثبت ضلوع الإمارات ودولة السوداني الجنوبي، وكل ما عنده من حجة ضد دولة الامارات تقرير الأممالمتحدة!!… لوكانت عنده مستنات حقيقية لماذا اذا لم يكشفها علنا واحدة وراء الاخرى في لقاءه الذي تم خلال اثناء زيارته لمستشفى النو يوم الأحد 21/ يناير ونقلها إعلام ولاية الخرطوم؟!! كان المفروض علي الجنرال العطا وقبل تقديم طلبه للبرهان وحتي لا يقع في خطأ يحاسب عليه فيما بعد ، أن يقوم باستشارة القانونين في مجلس السيادة، وأن يلتقي بالنائب العام أو بالقانونيين في وزارة الخارجية للتفاكر معهم حول طلبه الذي يزمع تقديمه للبرهان، ولكنه ولجهله باصول مثل هذه المعاملات القانونية التي لا يفهم فيها مثقال ذرة، سارع وأدلي بتصريحات هاجم فيها دولة الإمارات والسودان الجنوبي، لقد نسي الجنرال عطا أو تعمد نسيان حقيقة قانونية هامة، هي أن الدولة المتهمة بارتكاب عمل ينافي القوانين الدولية ، أيضا شانها شأن المتهم بجريمة ما ينطبق عليها (الدولة) مبدأ:- "المتهم بريء حتى تثبت إدانته"، وأن الدولة التي تقدم شكوى الي الاممالمتحدة في أي قضية ما أيا كان نوعها ضد دولة اخري، عليها إثبات حجتها بالأدلة القاطعة الملموسة، والتأكد تماما من صحة الوثائق. كان المفروض علي ياسر العطا بحكم منصبه في مجلس السيادة، أن يطلب رسميا من الأمين العام للأمم المتحدة/ أنطونيو غوتيريش كل ما عنده من وثائق وبراهين دامغة علي ضلوع الإمارات ودولة السوداني الجنوبي في حرب السودان، وبعد أن يتحصل علي ما طلبه من الأممالمتحدة، ويتأكد من صحة ما فيها من معلومات تدين الإمارات والسودان الجنوبي، عندها يمكنه بقلب قوي أن يقلب المائدة علي الدولتين، ويهاجم بضراوة وعنف…. ولكن العطا ليس عنده البراهين القاطعة. الشيء الذي يثير الاستغراب في تصرف الجنرال عطا، إنه صرح باتهام الامارات والسودان الجنوبي دون أن يكون عنده ضباط وجنود أسري من دولة الإماراتوالجنوب السوداني تم اعتقالهم في أرض المعارك!! ولا عنده حطام طائرة حربية تابعة للجيش الإماراتي أو من السودان الجنوبي سقطت في البلاد!! ولا عنده دبابة أماراتية او جنوبية شاركت في القتال مع قوات "الدعم السريع" ووقعت في أسر القوات المسلحة السودانية!! ولا عنده افلام وثائقية وصور التقطت داخل السودان لضباط وجنود إماراتيين وجنوبيين!! كل ما عند العطا من مستمسكات هو تقرير سمعه شفاهة من الأممالمتحدة دون أن يتحصل عليه!!، بل حتي وزارة الخارجية التي يرأسها الكباشي ما عندها تقرير الاممالمتحدة بتفاصيلها الدقيقة، والا كانت نشرته علي الملأ في الصحف الأجنبية. لو قمت باستعراض مجمل الشكاوى التي سبق أن قدمتها بعض الدول للأمم المتحدة ضد دول أخرى متهمة اياها بالتدخل في الشأن الخاص بها، وقامت بتمويل مرتزقة بهدف زعزعة أمن واستقرار بلادها، لكانت اعدادها لا تحصي ولا تعد، بل يمكن القول انها فاقت ال(500) ألف حالة خلال الفترة التي تلت إنشاء الأممالمتحدة عام 1945، والسودان نفسه سبق أن تقدم من قبل بعدة شكاوي للأمم المتحدة، منها علي سبيل المثال شكوي ضد أمريكا عندما قصفت مصنع الشفاء عام 1998، وقصف الطائرات الحربية الاسرائيلية مصنع اليرموك عام 2012، وشكوى ضد الاعتداءات الاثيوبية المتكررة علي منطقة "الفشقة"، وشكوى ضد مصر في نزاعها علي منطقة حلايب السودانية… كل هذه الشكاوي السودانية السابقة كانت مدعومة بالوثائق والادلة الدامغة. الشيء الذي يثير الاستغراب الي حد الدهشة في تصرف البرهان، إنه ومنذ أن اندلعت حرب السبت 15/ أبريل الماضي وحتى اليوم رغم مرور (268) ما نطق بكلمة حول العلاقات السودانية- الاماراتية بعد اندلاع الحرب السودانية!!، ما صدرت منه اي تصريحات سلبا كانت او ايجابية حول الاتهامات التي صدرت من العطاء ووزارة الخارجية ومن الأممالمتحدة ضد الإمارات والسودان الجنوبي وتشاد!!، الشيء الذي (لا يدخل دماغ أي عاقل)، أن رئيس البلد لا يهمه من قريب او بعيد ما يثار حول اتهامات من أجهزته الرسمية علي دول صديقة للسودان!! بعض السياسيين السودانيين علقوا علي سكوت البرهان، بانه لو قام بشن هجوم علي دولة الإمارات واتهمها بالتدخل في الحرب لصالح الدعامة، عندها سيكون رد الامارات قوي للغاية وتفتح ملفات تكشف حقيقة من هو عبدالفتاح البرهان، وسيقوم محمد دحلان، مستشار ولي العهد الشيخ/ محمد بن زايد آل نهيان، الذي زار السودان عدة مرات والتقى بأعضاء المجلس العسكري الانتقالي السابق، وفيما بعد بجنرالات مجلس السيادة، بالكشف عن خفاياهم واسرارهم والكثير عنهم… لهذا لزم البرهان الصمت المطبق ورفض ادانة الامارات والسودان الجنوبي وتشاد. عودة الي خبر قديم له علاقة بالمقال: (السيادي : مقتل قناص روسي من مجموعة فاغنر الروسية- اكد عضو مجلس السيادة السوداني الفريق ياسر العطا في حوار صحفي أن قوات مجموعة "فاغنر" الروسية تقاتل في البلاد وأن لديهم قناصا قتيلا من عناصرها.).- المصدر- "المجرة برس"- 11.05.2023- -أنتهي- تصريح عطا عن مصرع القناص الروسي لم تهتم به جهات اعلامية أجنبية كثيرة، ولم يجد من يروج له سياسيا لصالح النظام الحاكم في السودان وقتها، علي اعتبار أن كل ما يصدر من العطا ما هو الا حب في الظهور وتلميع صورته، ولو كان هناك حقا قناص روسي قتل في أرض لم تقم أجهزة الإعلام الرسمية بالتقاط صور لجثمان لتكون شاهد علي وجود مرتزقة بالبلاد؟!!… عطا كرر نفس الخطأ للمرة الثانية وصرح تصريحات ضد دول معينة دون أن يكون عنده ما يثبت صحة تصريحاته.