(1) بحفاوة بالغة تلقى ورأى أصحاب عقول رزق اليوم باليوم في السياسة من أنصار النظام البائد وللأسف بجانب المشفقين الخيريين من ابناء وبنات السودان ؛ مشهد إعلان أبرز امراء الحرب الأهلية القذرة في المنطقة والأب الروحي للراحل محمد حمدان دقلو ؛ وشيخ قبيلة المحاميد موسى هلال عن انحيازه المزعوم للقوات المسلحة السودانية واستعداده للقتال ضد مليشيا الدعم السريع التي كان يقودها تلميذه السابق الأخ الراحل حميدتي. المشهد الذي نال تغطية غير مسبوقة من قبل وسائل إعلام كيانات براميل النفط في المنطقة العربية سبقه ترتيبات مكوكية مكثفة امتدت خيوطها من بلاد البيت الإبراهيمي الي قصر أليزيه لتنتهي بعاصمة بلد افريقي شقيق ومجاور ومنخرط بلا وعي في أزمة كلفتها حتما ستكون باهظة عليه طال الزمن أو قصر.
(2) ولأن النظام البائد هو من صنع هلال وحميدتي وغيرهما من القتلة المأجورين فإننا غير معنيين بفرح أنصاره او غضبهم لكن يتعين على المشفقين الخيريين من ابناء وبنات بلادي ان يتذكروا بأن موسى هلال هو من احرق الأخضر واليابس ؛ والاطفال والنساء والعجزة في اقليم دارفور وأرسل من نجا منهم الي معسكرات اللجوء والنزوح وذلك بالاستعانة بجحافل المرتزقة من دول غربي افريقيا والذين ينعتهم اليوم بالأجانب.
(3) قبل أسبوع تقريبا من المشهد الدرامي للإعلان الإستغفالي للشيخ موسى هلال تداول النشطاء مستندات عن اتفاق بين حكومة عبد الفتاح البرهان وشيخ قبيلة المحاميد بموجبه يسمح للأخير تكوين جيش قوامه خمسين ألف مقاتل- به رتبه فريق وعشرة ضباط برتبة اللواء ومائة ضابط برتبة العميد بينما خمسمائة ضابط تتراوح رتبهم بين الملازم والعقيد. هذا بجانب مقعد عضوية بمجلس السيادة وحقيبتين وزاريتين اتحاديتين مع حكم كامل لأقليم دارفور عوضا عن حوافز مالية كبيرة ورواتب شهرية سخية للمليشيا التي ستدمج في الجيش الوطني بعد دحر الدعم السريع. على المستوى الشخصي ؛ فإنني لا أشك في صحة الاتفاق الذي وقعه وزير الدفاع عن الحكومة وشيخ المحاميد عن مليشيا الصحوة الثوري الا ان المستندات المتداولة ليست صور حقيقية عن الاتفاق الموقع لكن المضمون هو المضمون نفسه. اي ان اطراف الاتفاق نشروا مضمون الاتفاق بشكل يوحي بأنه مزور حتى يتمكنوا من التراجع في حال وجود معارضة شعبية وسياسية صلبة. أرأيتم كيف يتلاعب البرهان بآمال السودانيين وأشواقهم بدولة مدنية آمنة مستقرة وديمقراطية ؟؟ وهو ما ينسحب على بطيء عمليات تحرير مصفاة الجيلي وولاية الجزيرة رغم بسالة القوات المشتركة والمستنفرين الاوفياء.
(4) لم أشك لحظة قط بأن البرهان عميل لإمارة أبوظبي(ولا أقول دولة الامارات). وكل يوم تطلع فيه الشمس تتعزز شكوكي. حدث ان كتبت عن ذلك قبل أسبوعين ؛ ناشدت فيه أبناء القوات المسلحة على عزله برغم حساسية المرحلة. فهو مراوغ مخادع ظل يلعب بالبيضة والحجر لأكثر من خمس سنوات لقطع الطريق على اي تحول بالبلاد الي وضع مدني ديمقراطي. كنت قد قلت في المقال المتواضع المذكور رغم حساسية المرحلة الا انه لا مناص غير عزل البرهان حتى نتمكن من هزيمة مليشيا الدعم السريع والمشروع الصهيوظبياني. اعلان الجنجويدي موسى هلال قبل اسبوع وزعم انحيازه للجيش السوداني هو تدشين لمرحلة جديدة من مراحل تفتيت السودان وتحقيق خطة فرنسا وامارة ابوظبي في السودان. الخطة التي فشل الاعلان عنها قبل أسبوعين بمؤتمر باريس. لا خلاف بين حميدتي وموسى هلال غير مناكفة ابناء العمومة لطموحات شخصية بحتة. قبل اقل من شهر كان المجرم موسى هلال في عاصمة بلد افريقي مجاور حيث تم اكمال السيناريو الجديد بإشراف اماراتي- فرنسي وتنفيذ من قبل موسى هلال والبرهان وبموافقة مليشيا الدعم السريع والتي تشوهت صورتها بفعل بشاعة أعمالها في القتل والسلب والنهب والإغتصاب. لذا تم تكليف موسى هلال لمواصلة المشروع الهدام نفسه. إنها إعادة لإنتاج الأزمة السودانية .