السُودان في أشد الحوجة الآن للزعيم السياسِي وليس القائد السياسِي… "لا أعتقد أن الرجل يوصف بالعظمّة والعبقرية في مجال القيادة السياسِية والزعامة الوطنية ما لم يُحقق عملاً نافعاً لبلاده وأمته ، عملاً خالداً يبقي علي مرّ الزّمن" المارشال مونتغمري إلي القائد الرفيق عبدالعزيز الحلو ،،، تحية ثورية ورفاقية… مُنذ فترة وأنا أُفكر في إرسال هذه الرسالة إليك ، وأتمني أن تجدها وتطلع عليها وتصلك تماماً كما أعنيها وأُفكر ، وكما يشغل بالي … الرفيق عبدالعزيز الحلو ، لا يخفي عليك ما يدور في بلادنا اليوم من حروبٍ مُنتشرة ، وصراعات ، وإختلافات ، وإختلالات ، وإنتشار لخطاب الكراهية والعُنصرية والجهوية والمناطقية ، وتمزّق للبلاد ونسيجها الإجتماعِي ، وتدميّر وتخريب وفُقدان وتآكل للدولة وإنهيار شبه كامل لها في كافة المجالات ، وتآمر وطمع إقليمي وخارجي ، ومعاناة غير مسبوقة لجميع شعوبنا فيه ، ومُستقبل مُظلم ينتظر بلادنا إن لم يتم تدارك مايحدث فيها لصالح السُودان وجميع شعوبه فيه… أخاطبك بوصفك أحد الذين أخذوا علي عاتقهم المسؤلية للتغيير في هذه البلاد والعمل المُخلص لها والدفاع عن المظلوميّن والمُهمشيّن والكادحين والضُعفاء وكل ضحايا سياسة الدولة مُنذ إستقلالها وحتي اللحظة. وعلي الرُغم من أنك الآن علي رأس حركة كفاح مُسلح تدافع عن إقليم جبال النوبة ولها جيش ظل يعمل من أجل التغيير والحقوق لمدة 41 عاماً ، إلا أنكم وفي ذات الوقت ظللتم تحمّلون رؤية ومشرّوع السُودان الجديد ، وهي رؤية لكُل السُودانيّن وليست حكراً علي الحركة الشعبية سواء ما قبل إنفصال الجنوب وإلي الوقت الراهن ، وظللت أنت وعدد من قيادات الحركة تأكدون علي ذلك كثيراً ، فأنت إذاً علي رأس حركة ومشروع لكُل السُودانيّن ، لست أنت وحدك من سار ويسير فيه ومن كُل مناطق السُودان وقبايله وإثنياته وأديانه ومُعتقداته ، وتجد داخل الحركة وضمن صفوفها كُل التنوع الموجود بالسُودان وليس فقط بنات وأبناء جبال النوبة بإثنياته وقبايله. ظللت أنت يا الرفيق الحلو تعمل ومع الآخرين داخل الحركة لأجل هذا المشرّوع وتدعم لكل ما يُمكن أن يؤدي إلي تحقيق سُودان موحد ديمُقراطي علّماني لا مركزي ، توجد داخله كُل قيّم المُساواة والعدالة والحريات ، وينعم فيه الجميع بكامل حقوق المواطنة فيه ويمضي فيه الجميّع للبناء والتنمية المُتساوية ولاينحرم فيه الفقراء وتتحقق داخله العدالة الإجتماعية ويكون نموذجاً للدولة الحديثة ، ويخلو من كُل أمراض السُودان القديم المعلومة لك وللجميّع ، ويعمّه السّلام العادل والشامل وتتوقف فيه الصراعات وكافة الحروب. السُودان اليوم و للأسف وفي هذا الظرف المفصلِي يفتقد للزعيّم السياسِي ، القادر علي توحيد هذه البلاد علي أُسس جديدة ، ويعمل لصالح كُل السُودانيين ومن أجل مصالحهم ، زعيّم سياسِي غير مُنطلق من أجندة ذاتية أو مناطقية أو جهوية وأثنية وقبلية ، ولا أجندة حزبية أو لكيانات إما سياسِية أو إجتماعية ، ولا ينتمي لفئة محدودة ، أو يُعبر عن مصالح مُجزأة أو معزولة ، وكل ما ذكرته لك هذا قد تجده في كثير من القادة السياسِين ولكنه لا يوجد بكل يقيّن في الزعيم السياسِي ، الذي له رؤية شاملة ومواقف وطنية مُخلصة ونزاهة ومقدرات تجعله أهل لثقة جميّع السُودانيّن مع تنوعهم وإختلافاتهم. أصدقك القول أنه وبعد رحيل القائد الزعيم جون قرنق أحد أهم المؤسسين للحركة الشعبية والمُناضلين من أجل التغيير وإنصاف المظلومين والمُهمشيّن في السُودان والمُفكر السياسِي لمشروع السُودان الجديد الذي حملته الحركة لصالح كُل السُودانيّن ، فبعد موته ورحيله لم يظهر زعيّم سياسِي آخر فيه ملامح جميّع السُودانيّن ويعمل من أجلهم جميعاً من خلال رؤية توحدهم وفي ذات الوقت تستعدل هذه البلاد وتخرج بها إلي الطريق والإتجاه الصحيح. الرفيق عبدالعزيز الحلو ، أنت ودون أي مواربة مُرشح إلي الحصول علي هذه المكانة ، من خلال تاريخك النضالي الطويل في السُودان وتضحياتك وعملك وخبراتك ومن خلال الرؤية الواضحة التي ظللت تحملها وتدافع عنها. أنت من أوائل الذين قدموا حلول واضحة لما فيه بلادنا ، ومن المُبكريّن في التحذير من الحرب التي عمّت بلادنا ، ومن أكثر المُحذرين كنت لخطر المليشيات وخاصةً مليشيا الدّعم السريع ومليشيات الجنجويد ، وكنت واضحاً في طرحك لقضية العلمانية وقضية الهوية وقضايا التغيير الأخري في الديمُقراطية والحُكم المدني اللامركزي والفدرالي ، وفي التنمية المتساوية والمساواة والعدالة وقضايا الحقوق والمواطنة ، وفي توحيد الجيوش ، وفي الإصلاح الأمني والعسكري ، وفي مُخاطبة جذور الأزمات في السُودان والتشوهات الإقتصادية ، و غيرها من قضايا التغيير. القائد عبدالعزيز الحلو ، إن بلادنا اليوم وبصدق تحتاجك إلي لعب أدوار تاريخية في هذا التوقيت الهام والحرج ، تحتاجك إلي لملّلمة أطراف جميّع السُودانين وقواه العاملة للتغيير و وقف الحروب فيه ، تحتاجك ووفقاً لمشروع ورؤية الحركة لكُل السُودانيّن وجميع المُهمشيّن أن تكون الصوت القوي لهم جميعاً ، والمُدافع عن حقوقهم جميعاً والمُساعد والعامل علي رفع المُعاناة عنهم جميعاً ، فليس النوبة وحدهم ولا إقليم جبال النوبة الذي يحتاج الوقوف بهمّة وصلابة من أجلهم ، وليس وقف الحرب فقط في جنوب كردفان والنيل الأزرق هي المُراد وإنما في كُل السُودان ، وليس النازحين من مناطق جبال النوبة فقط بسبب الحرب وأنما كُل النازحين بأجلها ، فحرب الأبادة لم تعد مقصورة علي جبال النوبة ، ولا طرد السُكان الأصليّين للإستفراد بموارد المناطق التي يسكنوها ، وإنما تمدد هذا وبفعل الحرب وبفعل ودعم الطامعيّن والمُخربين من الخارج إلي مُعظم أجزاء ومناطق البلاد. أخيراً الرفيق والقائد عبدالعزيز الحلو قد أكون ومن خلال رسالتي هذه قد خاطبتك بصفتي الشخصيّة ولكني علي يقيّن من مُشاركة الكثيرين من بنات وأبناء السُودان والثوريين والديمُقراطيين وأنصار مشروع السُودان الجديد والمُهمشيّن والكادحين والمظلوميّن والضُعفاء والبُسطاء ممن لا حول لهم ولاقوة ومن المكتوين بنيران هذه الحروب في بلادنا جميعهم يُشاركونني هذا ، فأنت الآن في لحظة تاريخية للتحول من مُجرد قائد سياسِي يقود حركة كفاح مُسلح إلي زعيم سياسِي يقود شعوب بأكملها داخل بلادنا الحبيبة السُودان لأجل وقف الحرب والتغيير وتأسيس السُودان الجديد ، كُل التحايا والإحترام والتقدير. [email protected]