تتسارع وتيرة انهيار الاقتصاد السوداني بسبب دخول الحرب عامها الثاني وفقدان الحكومة للإيرادات الحكومية في الخرطوم وبقية الولايات التي لاتزال تتواصل فيها العمليات العسكرية بين الجيش والدعم السريع ويرى مراقبون أن الحرب انتقلت إلى حرب اقتصادية بالإضافة إلى أن السودان فقد عائدات الصمغ العربي والمحاصيل النقدية الأخرى بجانب توقف عجلة الإنتاج الصناعي ومثل سقوط ولاية الجزيرة قاصمة الظهر فضلا عن استمرار الفساد بكافة أشكاله الإدارية وتهرب التجار من إعادة حصائل الصادر حيث ألقى الأمن الاقتصادي على 200 تاجر في العاصمة الإدارية بورتسودان وأمهلهم فترة محددة لإعادتها وفي حال عدم استجابتهم لذلك فسيقوم بحظرهم من السفر ومنعهم من ممارسة النشاط التجاري وزاد ارتفاع سعر الدولار منذ مطلع مايو الجاري ووصوله إلى 1700جنيه واقترب من ال 2000جنيه مما زاد من وتيرة الانهيار وتسبب ذلك في ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية بصورة غير مسبوقة وقفزت الزيادات الى 250جنيه وقرر تجار الأدوات الكهربائية وأصحاب الوكالات ايقاف تحديد الاسعار إلى حين استقرار الجنيه ونقلت اذاعة بلادي صدور قرار باقالة مدير بنك السودان المركزي و قام الأمن الاقتصادي بحملات مكثفة في مواجهة تجار العملة بورتسودان وعطبرة وشندي . وكان الخبير الاقتصادي بروفيسور ابراهيم أونور من تداعيات الحرب الاقتصادية التي يقوم بها الدعم السريع بالتزامن مع استمرار العمليات العسكرية. ونوه الى دخول أموال مزورة بصورة يومية عبر الجرارات من مصر والميناء والمطارات، وأشار الى أن التوجه للحرب الاقتصادية واضح فبالاضافة الى ضخ العملات المزورة فقدت البلاد تحويلات السودانيين من الخارج، فضلا عن تزايد تهريب الذهب. وقطع بخطورة عدم اتخاذ الحكومة اي خطوات لايقاف تسارع وتيرة الانهيار الاقتصادي في السودان بسبب ذلك، وانتقد عدم تطبيق وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي اقتصاد الحرب، وكشف عن أن من بين كل ثلاثة بنوك بنكين تنطبق عليهما شروط الإفلاس. انعكاس تطاول الحرب وأشار أونور في تصريحات للراكوبة إلى انه منذ بداية غزو امريكا للعراق فى بداية 1990 اصبح الملف الاقتصادى إحدى أدوات الحرب بين الدول و اصبح منذ ذلك الحين يكسب اهمية خاصة لا تقل عن الحرب العسكرية بكل متطلباتها. نسبة لخطورة الوضع الاقتصادى والسياسى الراهن فى السودان واوضح أن أهم الأدوات الاقتصادية التي يمكن استخدامها من الطرف الاخر لتخريب الاقتصاد القومي في إطار حرب اقتصادية تؤدي الي تازيم الوضع المعيشى للمواطن وذلك لتاليب الرأي العام ضد السلطة الحاكمة. وقال اولا (في البداية لا بد من ادراك ان تدهور العملة الوطنية بالصورة التي نراها الان هو انعكاس لتطاول امد الحرب مع غياب فاعلية لمؤسسات الحكومة وغياب سيادة القانون في الدولة. وكذلك لابد من توضيح ان الشرط الأساسي لنجاح سياسة التخريب الاقتصادي هشاشة الوضع السياسي والأمني وانتشار الفساد المالي والاداري في الدولة بجانب صغر حجم الاقتصاد السوداني وضحالة أسواق راس المال ولذلك مع وجود هذه المعطيات وتوقع ان تكون استراتيجية الحرب الاقتصادية الدائرة. اولا ضخ كميات كبيرة من العملة المحلية المزورة داخل البلد واستخدامها لشراء سلع الصادر وتجنيب اكبر قدر من حصائل الصادر وابقائها خارج المواعين الرسمية للدولة وعلى الرغم من تكرار مطالب تغيير العملة إلا ان إعلان الحكومة عن اعتزامها تغيير فئة الالف جنيه دفع بعض منسوبي الدعم السريع الى الاسراع في تغيير الاموال التي بحوذتهم الى دولار مما ساهم في زيادة الطلب على الدولار في الأسواق بحانب ادخال مبالغ كبيرة من الدولار المزور وبيعه لشراء وسحب الدولار الحقيقي من السوق بغرض تجفيف السوق المحلى من العملات الصعبة الموجودة. طبعا الدولار المزور باعتباره عملة غير معتمدة لا يمكن استخدامه فى معاملات خارجية الأمر الذى يضعف موقف الدولة للاستيراد سلع استراتيجية. واردف ( بما ان معظم او كل معاملات شراء العملات يتم عبر التطبيقات الإلكترونية المصرفية من الممكن استخدامها لتجفيف مصادر تحويلات المغتربين عبر القنوات الرسمية من خارج السودان من خلال شراء تحويلات المغتربين من مصادرهم وتحويل المقابل بالعملة المحلية عبر وكلاء داخل السودان الأمر الذي يخلق ندرة في الدولار داخل السودان . وزاد و مع تحقق ما أشرت البه تهبط قيمة العملة الوطنية مقابل العملات الحرة وفى نفس الوقت تتضاءل قوتها الشرائية بصورة متزايدة الأمر الذى يشجع ادخار العملات الحرة كملاذ أمن للحفاظ علي قيمة الأصول المملوكة للمؤسسات والأفراد وراى أن ذلك يؤدي الي مزيد من الطلب على العملات الحرة والتخلص من العملة الوطنية ويسهم ذلك الي تسارع في انهيار العملة الوطنية كما يحدث حاليا احتكار القلة و لمواجهة مثل هذه التحديات قال أونور اولا بالنظر الي تركيبة السوق الأسود للعملات توضح الشواهد البحثية المتوفرة لدينا ان سوق العملات الغير رسمي او السوق الأسود في السودان يصنف احتكار قلة محكوم من تجار كبار معروفين لدى جهاز الأمن الاقتصادى السابق ولذلك لا تمثل اسعاره اسعار حقيقية لقيمة الجنيه السوداني مقابل العملات الأخرى ولذلك ينبغي محاربة المتعاملين في هذه السوق والتضييق عليهم بتنفيذ عقوبات رادعة لكل من يثبت تورطه. وأشار إلى أن عدد كبار التجار الذين يسيطرون على معاملات السوق كان في السابق لايتجاوز خمس تجار وبقية السريحة من صغار التجار هم مناديب للخمس وذكر وهؤلاء هم من يتحكمون في كل معاملات الشراء والبيع وبعد الحرب منهم من بدأ يعمل بالتنسيق مع شركات الدعم السريع التي تعمل من خارج الحدود. بالإضافة إلى أن فقدان البنوك لأرصدتها جراء الحرب وتدمير كل المحلات التجارية و المناطق الصناعية بولايتي الخرطوم والجزيرة فقدت البنوك بما فيها بنك السودان السيطرة على سعر الصرف و التضخم. وشدد اونور على أن مواجهة التحدي وللخروج من هذه الازمة لا حل له سوى تغيير العملة الوطنية ووضع إجراءات مصرفية جديدة على التحويلات الإلكترونية بين الأفراد. وتابع ربما يتطلب الأمر في هذا الصدد انشاء وحدة في بنك السودان معنية بإدارة ومتابعة وتحليل التحويلات الكبيرة الإلكترونية بين الأفراد وإطلاق يد الأمن الاقتصادي للاستجواب وتتبع حركة الحسابات للمعاملات المشبوهة. واكد ان ذلك يتطلب احتكار البنك المركزي بيع وشراء الذهب المنتج في السودان وذلك بغية استحداث آليات نقدية جديد للتحكم في السيولة النقدية بعد تغيير العملة الوطنية. ونوه إلى أن طباعة البنك المركزي عملات جديدة لشراء الذهب لا يؤثر في التضخم كما يعتقد الكثير من الاقتصادين باعتبار ان الذهب يعتبر اصل راسمالي جديد يضاف للانتاج القومي وذكر . أيضا نفس المنطق ينطبق على طباعة البنك المركزي عملات محلية لتمويل الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني. صكوك استثمارية ولفت إلى أنه للاستفادة من احتياطى الذهب لدى البنك المركزي يمكن استحداث وطرح صكوك استثمارية جديدة مسنودة بالذهب وذلك لتكون بديلا للدولار او العملات الحرة الأخرى لحماية تأكل الأصول المقيمة بالعملة المحلية وذلك لتقليل الطلب على الدولار للحفاظ على قيمة الأصول المقيمة بالعملة المحلية. . و لتفادي احتكار بنك الخرطوم معظم التحويلات المصرفية عبر بنكك يتطلب إلزام بنك السودان للبنوك التجارية انشاء منصة إلكترونيةواحدة لكل حسابات البنوك في تطبيق إلكتروني وإحد وتخصيص هذه المنصة او التطبيق للتحويلات الخارجية من والى السودان وذلك لتسهيل و متابعة وتنظيم الدفعيات الالكترونية داخل وخارج السودان. تحطيم البنية الاقتصادية من جهته قلل الخبير الاقتصادي د أحمد بابكر من الاجراءات الامنية لايقاف تدهور الجنيه السوداني وحل الازمة الاقتصادية وقال في تصريحات للراكوبة ( التدهور الاقتصادي الحالي له جذوره والتي تمثلت في النهج الاقتصادي والذي برز بعد انقلاب البرهان /حميدتي حيث تم إعادة كل ملامح وسياسات دولة الفساد التي كانت تسيطر على البلاد اكثر من 30 عاما، والتي حولت موارد البلاد لخدمة مجموعة صغيرة مما استلزم تحطيم البنية الاقتصادية المنتجة (الصناعية والزراعية) لمصلحة النشاط الطفيلي، ثم جاءت الحرب لتقضي على ماتبقى من بنية اقتصادية حيث تم الاعتماد تماما على الجبايات كمصدر للصرف على الحرب وشراء الذمم،. وفي رده على سؤال حول ما اذا كانت الاجراءات الامنية التي لجأت اليها الحكومة ستقؤدي الى استمرار انخفاض الدولار قال د بابكر (بحكم سيطرة الاسلاميين على العقل الذي يدير الدولة الآن، كان من الطبيعي أن يتم اللجوء للحل الأمني وهو الحل الوحيد الذي يعرفه الاسلاميين والعسكر لمواجهة كل الأزمات، وهو حل اثبت عدم فاعليته لاكثر من 30 عاما، مع العلم ان دوائر الفساد متداخلة بشكل عميق مع دوائر صنع القرار وهي إحدى سمات تحالف نظام الاستبداد والفساد ، وهذه القرارات سوف تطبق على صغار السريحة الذين يتعاملون بالدولار وهي قرارات وممارسات تم تجريبها ومعروف نتائجهاوخلاصاتها.. وشدد على ان الأزمة الاقتصادية في البلاد يجب أن تعالج عبر إصلاح سياسي وإقتصادي لأن مصدرها إقتصادي وسياسي فاسد وليس أمني… وأردف ( تظل هذه المعالجات الأمنية لمعالجة الأزمة الاقتصادية المتمثلة بزيادة سعر الدولار وانهيار الجنية السوداني، معالجات لذر الرماد علي العيون وهروب للأمام من الاستحقاقات الواجب ان تقوم بها حكومة الأمر الواقع في بورتسودان بالتعامل بجدية مع مطلب إيقاف الحرب .وشدد على أن إيقاف الحرب هو المدخل الأساسي والوحيد لمعالجة كافة الأزمات السياسية والاقتصادية في البلاد .. وخلص الى :ان هذه الحرب اللعينة، قضت على النشاط الاقتصادي وخاصة عمليات الإنتاج الزراعي والصناعي، وتبقى فقط نشاط التعدين الأهلي والذي لاتستفيد منه الخزينة العامة بشئ، إنما يذهب لجيوب المهربين وامراء الحرب من الجانبين..